امام غياب الوعي المجتمعي و الاجراءات الصارمة فيروس كورونا يواصل حصده لارواح التونسيين
يواصل فيروس كورونا انتشاره في عدة ولايات تونسية ليحصد أرواح حوالي 5 الاف تونسي منذ شهر فيفري 2020 الى حدود يوم امس الأربعاء 6 جانفي 2021 ، و امام هذا الارتفاع تدرس وزارة الصحة حاليا إمكانية فرض حجر صحي عام لمحاولة السيطرة على سرعة انتشار الجائحة .
تسجل تونس حاليا معدل 450 إصابة يوميا على كل 100 الف ساكن ، ويبلغ عدد المرضى المقيمين في المستشفيات العمومية و الخاصة 1626 ، فيما يقبع 355 مريضا في اقسام العناية المركزة و يبلغ عدد المرضى تحت جهاز التنفس الإصطناعي 113 حالة.
في هذا الاطار قالت مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية في تصريح لإذاعة الديوان اف ام اليوم الخميس 7 جانفي 2021 ان بعض ولايات الجمهورية شهدت عدد من الإصابات فاق ال 100 إصابة على مئة ألف ساكن و تحتل ولاية توزر المرتبة الأولى من حيث عدد الإصابات ثم ولاية قابس و ولاية صفاقس .
حيث بلغ عدد الحالات الحاملة للفيروس حاليا في توزر 360 حالة اما بالنسبة لعدد الوفيات نتيجة الفيروس فقد بلغ 54 حالة و ذلك حسب اخر احصائيات الإدارة الجهوية للصحة بولاية توزر الصادرة يوم الثلاثاء 5 جانفي 2021 ، اما في ولاية قابس فقد تم تسجيل 78 حالة إصابة جدية بالفيروس تتوزع كالتالي : 38 اصابة بمارث و12 اصابة بقابس المدينة و10 اصابات بقابس الجنوبية و6 اصابات بالمطوية و4 اصابات بكل من الحامة ووذرف واصابتين بقابس الغربية واصابة واحدة بكل من غنوش ومطماطة الجديدة و بلغ العدد الجملي للوفيات في ولاية قابس 165 وفاة ، و في ولاية صفاقس تم تسجيل 292 إصابة جديدة بالوباء يوم الثلاثاء 5 جانفي و ذلك من جملة 879 تحليلا تم إنجازه في نفس اليوم و وصل العدد الجملي للوفيات بصفاقس الى حدود يوم الثلاثاء 331 وفاة .
تسارع نسق الإصابات بفيروس كورونا منذ اواخر شهر ديسمبر 2020 ففي الوقت الذي تراوحت فيه اعداد الإصابات خلال شهر نوفمبر بين 1000 و 1500 إصابة جديدة يوميا ارتفع نسق العدوى و أصبحت في حدود ال 1500 و 2000 حالة إصابة جديدة يوميا ، حيث تم تسجيل 2265 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا يوم الاثنين 4 جانفي الجاري و ارتفع العدد يوم الثلاثاء 5 جانفي ليصل الى حدود ال 2820 حالة إصابة جديدة .
اما بالنسبة لعدد الوفيات فقد ارتفع هو اخر خلال الأيام القليلة الماضية فخلال شهر نوفمبر و شهر ديسمبر 2020 بلغ معدل عدد الوفيات في تونس ال 50 وفاة يوميا الا انه و منذ انطلاق السنة الجديدة سنة 2021 ارتفع معدل الوفيات ليصل الى حدود 70 وفاة يوميا فمثلا تم تسجيل 70 حالة وفاة يوم الثلاثاء 5 جانفي و بلغ عدد الوفيات التي تم تسجيلها يوم الاثنين 4 جانفي 72 وفاة .
كذلك تغيرت طبيعة العدوى بفيروس كورونا في تونس ففي مرحلة أولى و خلال اشهر مارس ، افريل و ماي و جوان كانت اغلب حالات الإصابة بفيروس كورونا حالات وافدة و للتذكير تم تسجيل اول حالة إصابة بالفيروس يوم 2 مارس 2020 لتونسي اصيل ولاية قفصة كان عائدا من إيطاليا .
و خلال الفترة الاولى من انتشار الفيروس و هي الموجة الأولى من الجائحة ، تمت السيطرة على الفيروس بفضل إجراءات الحجر الصحي الشامل ومنع التنقل بين المدن وهي إجراءات تم فرضها في جميع ولايات الجمهورية انطلاقا من يوم 20 مارس 2020 الى غاية شهر جوان 2020 ففي يوم 10 ماي 2020 مثلا لم يتم تسجيل أي حالة إصابة بالفيروس .
الا ان فتح الحدود و المطارات يوم 27 جويلية 2020 تسبب بارتفاع عدد الإصابات بالفيروس اذ ان قرار فتح الحدود لم تصحبه إجراءات فعالة لحماية المواطنين فعاد التزاحم في وسائل النقل العمومي و عادت التجمعات التي تسببت بارتفاع منسوب العدوى بالفيروس و تحولت طبيعة العدوى من حالات وافدة الى عدوى محلية .
في نفس السياق لم يلتزم عدد كبير من التونسيين بالبروتوكولات الصحية كارتداء الكمامة و احترام التباعد الجسدي حيث كشف رئيس الحكومة هشام المشيشي في تصريح صحفي يوم 9 نوفمبر 2020 ان 60 بالمائة من التونسيين لا يرتدون الكمامة ، الامر الذي أدى بالتالي الى ارتفاع عدد الإصابات ، فمن جهة لم يتم تطبيق الإجراءات بصرامة خلافا لما صرح به هشام المشيشي في عدة مناسبات و من جهة الأخرى غاب وعي التونسيين و لم يلتزموا بالإجراءات الصحية و خير دليل على ذلك هو تواصل التجمعات و الازدحام في الأماكن العمومية و الخاصة الى يومنا هذا ، و لم تفي العقوبات المالية التي تم إقرارها لمخالفي الإجراءات بالغرض .
فبحسب الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني رصدت الوحدات الأمنية بين يوم 5 أكتوبر إلى غاية 24 ديسمبر 2020 127 ألفا و748 مخالفة لعدم الالتزام بوضع الكمامات و تم تسجيل 13819 مخالفة لحظر الجولان ، و في يوم واحد فقط يوم 24 ديسمبر 2020 تم رصد 2108 مخالفات في عدم الالتزام بوضع الكمامات و481 مخالفة لحظر الجولان و390 مخالفة لمنع التنقل بين الولايات و يوم 30 ديسمبر 2020 سجلت الوحدات الامنية 1240 مخالفة لعدم الالتزام بارتداء الكمامة، 324 مخالفة لحظر الجولان .
هذه الأرقام تكشف غياب الوعي المجتمعي و غياب الصرامة في تنفيذ الإجراءات، لهذا السبب قد تتجه اللجنة العلمية و الحكومة التونسية الى اتخاذ قرار اعلان الحجر الصحي الشامل مرة أخرى ، و هو ما أشار اليه مدير معهد باستور الهاشمي لوزير في تصريح لقناة التاسعة ليلة امس الأربعاء حيث قال :" من الممكن إقرار حجر صحي شامل من جديد ، الحجر ليس خطا أحمرا" .
تطور الوضع الوبائي في تونس من حالات وافدة من الخارج الى حالات محلية مع ظهور بؤر وبائية الى ارتفاع عدد الإصابات اليومية الى معدل 2000 إصابة يوميا ، و مع ظهور سلالة جديدة للفيروس في عدة دول من العالم و في ظل انتظار اللقاح المضاد للفيروس اصبح الوضع الوبائي في تونس حرجا . و رغم تأكيد رئيس الحكومة على وضع استراتيجية وطنية لتوفير اللقاح في بداية 2021 ، الا انه لا يمكن التعويل على اللقاح فقط انما يجب الالتزام بتطبيق القانون و باحترام البروتوكولات الصحية خاصة في هذه الفترة الحرجة .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires