الأمطار تكشف هشاشة البنية التحتية و تنبأ بمزيد من الخطر
أكد المعهد الوطني للرصد الجوي في بلاغ نشره اليوم الأحد 13 سبتمبر 2020، أن الوضع الجوي سيتواصل، اليوم الأحد وغدا الاثنين، ملائما لظهور خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بالشمال والوسط ومحليا الجنوب. وتوقع المعهد، في نشرة متابعة للوضع الجوي، أن تكون هذه الأمطار أحيانا غزيرة آخر الليلة القادمة وغدا الاثنين وبكميات محليا هامة خاصة بولايات نابل وتونس الكبرى وسوسة و المنستير والمهدية و صفاقس ثم لاحقا قابس ومدنين، اين تتراوح الكميات بين 30 و 60 مليمترا وتصل محليا الى 80 مليمترا. وحذّر المعهد من هبوب رياح قوية وظهور الصواعق أثناء السحب الرعدية مع تساقط البرد بأماكن محدودة مطالبا المواطنين بتوخي الحذر و الانتباه من خطر تشكل السيول و الأودية و ارتفاع منسوب المياه في المناطق المنخفضة مؤكدا في نفس الوقت أن اليقظة مطلوبة.
تحذيرات المعهد الوطني للرصد الجوي، لها ما يبررها خاصة بعد ما كشفته أمطار الأسبوع الماضي من ضعف و هشاشة في البنية التحتية و ما شهدناه من وفاة خمسة أشخاص و انهيار لبعض الطرقات و المنشئات المائية و غلق بعض مداخل المدن و استحالة الدخول و الخروج من عدد من الجهات في مختلف أنحاء الجمهورية حيث ظهرت في منطقة قصر سعيد حفر عميقة عطلت حركة السير، وكادت تبتلع عددا من السيارات والمارة، و أخرى في الكبارية ابتلعت بالفعل سيارة و كادت تؤدي الى وفاة سائقها كما عرفت مناطق أريانة والمنيهلة ومنوبة و المنستير و المهدية و صفاقس نفس المشكل بدرجات متفاوتة.
رئيس الحكومة هشام المشيشي ، أكد خلال تصريح إعلامي يوم الخميس الماضي 10 سبتمبر 2020، إنه "ليس من حقنا مستقبلا أن نتفاجأ من تهاطل الأمطار"، معتبرا أن "البنية التحتية في تونس متهرئة ويجب العمل على إصلاحها".
وأضاف المشيشي أنه "من غير المقبول أن تتكرر مثل هذه الأوضاع عند نزول الأمطار"، داعيا الجميع إلى "تحمّل مسؤولياتهم وإلى ضرورة إيجاد حلول عملية وناجعة لتلافي توقف حركة المرور جراء تهاطل الأمطار بغزارة وكل ما ينجر عنها من خسائر مادية ومعنوية.
كما أعطى رئيس الحكومة تعليماته بضرورة الاستعداد الجيد ووضع كل الإمكانيات للتحسب لأي جائحة يمكن أن تمر بها البلاد وللاستجابة الفوريّة لنداءات المواطنين والبقاء في حالة يقظة وانتباه ومواصلة متابعة الأوضاع بكافّة الجهات، معبرا عن أسفه لفقدان خمسة أرواح بشرية في مطلع هذا الأسبوع.
و قال وزير التجهيز، كمال الدوخ إن وزارته ستتدخل بكل حزم إن ثبت أن المشاريع المتضررة خلال الأمطار الأخيرة سببها فساد في الإنجاز، في حين أكد مدير عام المياه العمرانية بوزارة التجهيز نجيب بن شيخة، إن الوزارة كثفت جهودها للتصرف في مياه الأمطار بصيانة وتنظيف المنشآت المائية والسدود في عدد من الجهات للتحكم في مياه السيول وتجنب الفيضانات.
وزارة التجهيز تعرضت إلى موجة كبيرة من الانتقادات التي اتهمتها بفساد عدد من صفقات الطرقات والجسور التي تنهار بسرعة مع كل تهاطل للأمطار و تداولت صورا لبعض المنشئات حديثة البناء انهارت بسبب سيول الأمطار و تندرت بمقارنتها مع بنايات من عهد الرومان حافظت على تماسكها و واجهت ألاف السنوات بأمطارها و رياحها و أعاصيرها.
البلديات أيضا تعرضت إلى موجة كبيرة من الانتقاد رغم انطلاق اللجان المحلية لمجابهة الكوارث في تنظيم اجتماعاتها التي خصصت لمتابعة مختلف التدابير والإجراءات التي اتخذت استعدادا لموسم الأمطار والتوقي من مخاطر التقلبات المناخية خلال فصلي الخريف والشتاء حيث اعتبر عدد كبير من المواطنين أن هذه الاجتماعات دورها لا يتجاوز ذر الرماد على العيون و تغطية الهنات الكبيرة و نقص المعدات و ضعف البنية التحتية حيث أن كل البلديات أصبحت تعاني الغرق مع نزول أول قطرات المطر، لتتسرب المياه للمنازل وتسبب أضرارا للأهالي والفلاحين والمصانع و تعزل المداخل و المخارج.
و اعتبر عدد كبير من المواطنين ان المشكل الكبير هو غياب آليات التصدي ومجابهة الفيضانات و اعتماد مصالح الحماية المدنية و البلدية على وسائل بدائية محدودة النتيجة مثل وضع أكياس الرمل في المناطق السوداء.
إشكالية أخرى أشار إليها عدد كبير من المواطنين تتعلق بتنفيس السدود التي تتسبب في ارتفاع منسوب المياه و تتسبب في غرق المناطق المنخفضة و القريبة من الأودية و تجرف في طريقها كل ما يعترضها من بشر و حيوانات و تجرف الطرقات و تتسبب أيضا في عدم قدرة قنوات تصريف المياه من استيعاب الكميات الهائلة من الأمطار.
وزارة التجهيز أكدت في تقرير نشرته وكالة تونس إفريقيا للإنباء أنها انطلقت منذ بداية شهر سبتمبر في جهر وتنظيف حوالي 420 كلم من القنوات بمختلف أحجامها ومجاري الأودية والمجاري و قامت بصيانة وتدعيم حوالي 80 منشأة وجهر وتنظيف حوالي 7 هكتارات من أحواض تجميع المياه.
وأكدت الوزارة انها قامت إلى موفى شهر اوت المنقضي بجهر و تنظيف حوالي 720 كلم من القنوات بمختلف أحجامها ومجاري الأودية والمجاري الفرعية ذات العلاقة و صيانة وتدعيم 380 منشأة مع جهر و تنظيف 36 هكتار من أحواض تجميع المياه.
وأقرت الوزارة انه نظرا لتعدد المتدخلين في مجال التحكم في مياه السيلان واختلاف أولويات وبرامج المصالح المعنية، فقد تبين عدم نجاعة الإستراتيجية المعتمدة وذلك بتراكم المياه بالأحياء السكنية واضطراب في حركة المرور حتى خلال نزول الأمطار ولو بكميات محدودة.
ويرجع هذا الإشكال إلى تعدد الأطراف التي تتولى إنجاز الشبكة تصريف مياه الأمطار واختلاف البرامج، وارتفاع كلفة إنجاز هذه الشبكات إلى جانب عدم توفر الاعتماد والموارد البشرية اللازمة لدى البلديات.
وبخصوص معالجة النقاط الزرقاء على مستوى الطرقات المرقمة فقد أفادت الوزارة بأنه تمّ إعداد قائمات لمختلف النقاط الزرقاء على مستوى الطرقات المرقمة وذات الصلة تهم 255 نقطة موزعة على مختلف الولايات.
وتبين من خلال التشخيص الأولي أنه بصفة عامة يمكن معالجة أغلبها بالتنسيق مع الإدارات الجهوية وذلك خاصة بجهر وتنظيف منشآت تصريف مياه الأمطار المنجزة في إطار المشاريع الطرقية أو تدعيمها ببالوعات إضافية لتحسين استقبالها للمياه.
وبالمقابل تستدعي بعض الحالات إعداد دراسات لمعالجة النقاط الزرقاء وذلك بتشخيص الوضعية الحالية وإيجاد الحلول الملائمة لهذه الإشكاليات وفقا لبرنامج يعد في الغرض حسب الأولويات.
ومن أهم المسالك التي يمكن الاشتغال عليها، تدعيم البلديات بالموارد البشرية والمادية لتركيز شبكات لتصريف مياه الأمطار وتكثيف أشغال جهر وتنظيف الشبكات المنجزة علاوة على تكثيف الدوريات لرفع الفضلات لتفادي تراكمها فوق بالوعات مياه الأمطار وبمحاذاة الأودية ومجاري المياه مع إعداد خطط لمنع البناء الفوضوي في الملك العمومي للمياه وفي المناطق المهددة بالفيضانات.
حسام بن احمد
تعليقك
Commentaires