الإلتزام بالإجراءات الوقائية هو الحلّ الوحيد لإنقاذ تونس من موجة كورونا ثانية
''الخطر لا يزال قائما كورونا لم تنتهي وفي تونس إنّنا نسجّل في العديد من الحالات الوافدة وكذلك سجّلنا العودة للعدوى المحلية'' بهذه العبارات أكّدت مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجِدّة نصاف بن علية، أنّ فيروس كورونا لم يتمّ القضاء عليه نهائيا في تونس بل بالعكس فإنّ البلاد تشهد موجة ثانية بعد فتح الحدود يوم 27 جوان الفارط.
بعد تحقيق تونس انتصارا واضحا على موجة فيروس كورونا الأولى وخرجت بأقل الخسائر البشرية منها، تمّ فتح الحدود البرية والبحرية والجوية وكان من المتوقّع أن يتمّ تسجيل حالات وافدة من ضمن التونسيّين العائدين من الخارج والسياح على الرّغم من إلزامهم بالبروتوكولات الصحية المعمول بها. بعد مرور شهر تقريبا على فتح الحدود، ارتفع عدد حالات الإصابات الوافدة وتمّ تسجيل أيضا حالات عدوى محليّة وذلك نظرا لعدم احترام الإجراءات الصحية، نصاف بن علية أكّدت أنّه وللأسف لم يتمّ تطبيق الإجراءات الصحية حتى من قبل القطاعات التي كانت ملتزمة بها سابقا ودعت إلى ضرورة مواصلة الإلتزام بطُرق التوقّي التي تمّ اعتمادها في الموجة الأولى من الوباء لحماية البلاد وتحسين اقتصادها وتجنّب حدوث كارثة كبرى.
ديوان الطيران المدني والمطارات، أعلن يوم أمس الإثنين 27 جويلية، عن إصابة أحد الأعوان العاملين بمطار تونس قرطاج بفيروس كورونا، وتولّت مصالح ديوان الطيران المدني بالتنسيق مع مصالح وزارة الصحة عزل المُصاب قبل أن تتولى فرقة صحية مختصة نقله إلى أحد مراكز كوفيد-19 حيث حظي بالرعاية الطبية اللازمة، وتمّ الشروع ابتداء من ليلة الأحد 26 جويلية، في إجراء حملة تعقيم شاملة للمحطّة الجويّة الرئيسيّة والمحطّة 2 على أن تتواصل عمليات التعقيم بشكل منتظم وعلى مدار السّاعة بكامل فضاءات المطار. كما تمّ إبرام اتفاقية مع أحد النّزل قصد تخصيص عدد من الغرف لإيواء الحالات الحاملة للفيروس من الأعوان المباشرين بالمطار من مختلف الاختصاصات والأسلاك لقضاء فترة الحجر الصحي الإجباري.
كما تمّ رفع حالة اليقظة والتقصّي بمطار تونس قرطاج، بالتنسيق مع مصالح وزارة الصّحة، وتمّ تخصيص أربعة فرق صحيّة لإجراء عمليات التّقصي للفيروس وإجراء تحليل (PCR) لجميع الأعوان والإطارات المباشرين بالمطار خلال الأسبوعين الماضيين ومن مختلف الأسلاك والوحدات، (شركة الخطوط التونسية للخدمات الأرضية، شرطة، ديوانة، أعوان الدّيوان)، وذلك حسب قائمات للأعوان تمّ تحديدها بدقّة بالتنسيق مع جميع الأطراف المتداخلة بالمطار. وتمّ تشديد إجراءات المراقبة لضمان احترام البروتوكول الصحّي المعتمد بالمطار وخاصة في ما يتعلق بإجبارية حمل الكمامة الصحيّة خلال كامل فترة التواجد بالمطار.
وبعد ثبوت إصابة ثلاث أعوان بشركة الخطوط لتونسية للخدمات الأرضية بفيروس كورونا وكانوا قد تلقوا العدوى من أحد الوافدين غير الملتزمين بالبروتوكول الصحي وإجراءات الوقاية، حيث تمّ عزلهم وتعقيم كامل المطار وإجراء تحاليل لقرابة 1500 عون على امتداد 3 أيام، أشارت نصاف بن عليّة أنّ مطار تونس قرطاج هو بوابة المسافرين الوافدين على تونس وشدّدت على ضرورة إلتزام كلّ شخص في المطار بتطبيق البروتوكول الصحي الخاصّ، وبيّنت أنّه بمعاينة مدى تطبيق الإجراءات الصحية ثبُتت العديد من الإخلالات سواء من قبل المُسافرين أو من قبل أعوان المطار وكذلك من قبل عائلات المسافرين على غرار عدم ارتداء الكمامات الواقية. وأكّدت بن عليّة أنّ إجراء التحليل المخبري RTPCR، لكلّ الوافدين على تونس مهم جدا وهو إجباري خاصّة للوافدين من الدول بالقائمة الحمراء والبرتقالية.
إرتفع عدد الإصابات بفيروس كورونا إلى 250 حالة إصابة وتمّ تسجيل 5 حالات إصابة محلّية، نظرا لهذا الإرتفاع الذي تسبّبت فيه الحالات الوافدة، قرّرت رئاسة الحكومة يوم أمس الإثنين إعادة فرض الحجر الصحي الإجباري وتقرّر إلزام كلّ فرد من أفراد العائلة القادمة من البلدان غير المصنفة بالقائمة الخضراء أو البرتقالية، بما في ذلك الأطفال دون 12 سنة، بإجراءات الحجر الصحي الإجباري. كما تقرّر إلزام كلّ فرد من أفراد العائلة القادمة من بلد مصنف ضمن القائمة البرتقالية تعذر عليه القيام بتحليل RT-PCR، بما في ذلك الأطفال دون 12 سنة، بحجر صحي إجباري لمدة ثلاثة أيام على الأقل إلى حين قيام مصالح وزارة الصحة بالتحليل المطلوب على نفقة الوافد وفي صورة سلبيته يسمح له بتطبيق إجراءات الحجر الصحي الذاتي.
وخصّصت رئاسة الحكومة اليوم الثلاثاء، مجلس وزاري مُضيّق لتقييم الوضع الصحي بإشراف رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ الذّي أكّد أنّ الوضعية الوبائية في تصاعد على المستويين العالمي والمحلي والمؤشرات المسجّلة تُعدّ مرتفعة خصوصا بعد تصاعد حالات العدوى المحلية وتسجيل حالات وافدة. بدورها، أشارت مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجِدّة نصاف بن علية أنه تمّ التنصيص على ضرورة تطبيق الإجراءات الوقائية بمناطق العبور سواء المطارات أو الموانئ كما تمّ التأكيد على ضرورة تطبيق الإجراءات الوقائية وخاصّة ارتداء الكمامات الواقية واحترام التباعد الجسدي، إضافة إلى الالتزام بمعادلة اليقظة الصحية حتى لا يعود انتشار الفيروس بنسق سريع. وأشارت بن علية أن الوضع الوبائي العالمي يُسجّل عودة انتشار الفيروس في عدة مناطق في العالم ما يُحتّم ملازمة الحذر باستمرار، واعتبرت أنّه بعد تسجيل حالات عدوى محلية في تونس وفي صورة عدم احترام الإجراءات الوقائية يُمكن للفيروس أن يعود للإنتشار.
من جهته، وبهدف مزيد تحسيس العاملين بالمطار بضرورة تطبيق الإجراءات الصحيّة المستوجبة طبقا للبروتوكول الصحّي الصادر عن الإدارة العامّة للطيران المدني، إنعقد اليوم الثلاثاء 28 جويلية، جلسة عمل بإشراف الرئيس المدير العامّ لديوان الطيران المدني والمطارات وبحضور إطارات ممثلين عن مختلف الهياكل العاملة بالمطار، وأكّد الرئيس المدير العامّ على ضرورة اليقظة وتوخي الاحتياطات اللازمة، من أجل سلامة الجميع وهو ما يستوجب تكاتف الجهود والعمل سويّا للحفاظ على صحّة المسافرين والعملة وتقرّر خلال الإجتماع، فرض تباعد زمني في مواعيد نزول الطائرات خاصة بالمحطة الجوية الثانية Terminal 2 ضمانا لإحكام تنفيذ الاجراءات الصحة بكل دقة. كما تقرّر إتخاذ إجراءات ردعيّة وحازمة ضدّ كلّ من لا يحترم الإجراءات الصحيّة المستوجبة خاصّة منها إرتداء الكمّامات والتباعد الجسدي، بالإضافة إلى تعزيز وجود العُنصر البشري بمختلف الهياكل العاملة بالمطار بالمحطّتين الجويّتين الأولى والثانية ودعا الرئيس المدير العام للديوان كافة العاملين بالمطارات التونسية إلى وجوب احترام الإجراءات الصحية والتحلي بروح الوطنية والعمل على التقيّد بتنفيذ الشروط الصحية ضمانا لسلامتهم وسلامة المسافرين مع الحرص على حسن تأمين الرحلات الجوية وعمليات التسجيل داخل المطارات.
المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، أكّدت اليوم الثلاثاء في مؤتمر صحفي افتراضي، أنّ فيروس كورونا يأتي كـ"موجة كبيرة واحدة" ولا يتأثر بفصول السنة بل أنّ ما يزيد في انتشار الوباء هو التجمعات الكبيرة، عندما يتجمع الناس دون ترك الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وعدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية للتأكد من أنهم ليسوا على اتصال قريب مع غيرهم.
فتح الحدود وإعادة عجلة الإقتصاد إلى نشاطها لا يعني أنّ فيروس كورونا قد انتهى وتمكّنت تونس من السيطرة عليه، بل هذا يستدعي المزيد من الحذر واليقظة أكثر من أي وقت مضى ولتتمكّن تونس من تخطّي الموجة الثانية من هذا الوباء المُتغيّر والمتقلّب يجب تطبيق إجراءات الوقاية الصحيّة بكلّ دقّة وصرامة.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires