alexametrics
الأولى

تمسّك النهضة بالحكم زاد من تعمُّق أزمة البلاد

مدّة القراءة : 5 دقيقة
تمسّك النهضة بالحكم زاد من تعمُّق أزمة البلاد


''الدولة القوية والعادلة مسؤولية النهضة''، هذا ما نشرته الحركة الإسلامية اليوم السبت 18 جويلية 2020، في مرحلة انتقالية تعيش على وقعها البلاد التونسية بعد أن استقال رئيس الحكومة المُعيّن من قبل رئيس الجمهوريّة قيس سعيد نظرا لتورّطه في شبهة تضارب مصالح ثبُتت عليه من خلال تقرير هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية. 

 

الحركة الإسلامية المُتحكمة في المشهد السياسي والتي لعبت بالحكومات المتعاقبة في تونس منذ سنة 2011كما أرادت، تدّعي اليوم أنّها أساس الدولة القوية والعادلة. عن أيّ عدل تتحدّث هذه الحركة التي انكسرت بُنيانها من الداخل ثمّ كسرت أعمدة الدولة واستقرارها على امتداد سنوات وتسبّبت في خلق مشهد سياسي متأزّم ورديء، أثار اشمئزاز التونسيّين وأساء إلى الدولة التونسية الديمقراطية على مستوى دولي. 

انفجار النهضة من الداخل 

الحركة الإسلامية التي تدّعي اللّحمة والتضامن بين قياداتها، جعلت سياسة رئيس حركتهم راشد الغنوشي تُفجّر هذه اللّحمة المزعومة، كما أنّ المُتمعّن جيّدا داخل الحركة يجد أنّها منقسمة ومشتّتة من حيث المواقف وطريقة التسيّير وفي كواليسها تتمخّض العديد من التناقضات ولكن أمام الرّأي العام تخرج في حلّة واحدة ورأي موحّد من قبل المكتب التنفيذي الذي يُلزم الهياكل والقواعد بنفس الموقف مهما كان الإختلاف. ومع تتالي السنوات تبيّن للرّأي العام أنّ هذه الوحدة المزعومة بدأت تتفكّك وتُبرز أخطاء الحركة وأسرارها، نبدأ بإستقالة  أمين عام الحركة زياد العذاري من كافة هياكل الحزب وتخليه عن منصبه القيادي وهذه الإستقالة هزّت الحركة الإسلاميّة وأثّرت فيها. تلتها إستقالة القيادي في الحركة الإسلاميّة زبير الشهودي الذي له تجربة 33 سنة داخل الحركة بسبب  سياسة الغنوشي الديكتاتوريّة واستقالة  القيادي الجهوي بالحركة في قفصة علي الشرطاني الذي له تجربة 40 سنة مع الحركة. بالإضافة إلى استقالة القيادي الشاب محمد غراد، يوم الأحد 16 جوان 2019، من الحركة الإسلامية، ثمّ تلتها يوم 25 جويلية 2019، استقالة عضو مجلس شورى حركة النهضة، حاتم بولبيار المنتمي لها منذ ثماني سنوات تزامنا مع استقالة  حافظ الوسلاتي الكاتب العام للمكتب الجهوي لحركة النهضة بالقيروان.

الحديث عن استقالات قيادات الحركة الإسلامية النهضة التي تزعم تحليها بالديمقراطية والعدالة تطول، المستقلين السابق ذكرهم نُضيف لهم استقالة  لطفي زيتون عن صفته كمستشار سياسي لراشد الغنوشي، ورياض الشعيبي الذي قدّم إستقالته في نوفمبر 2013، بالإضافة إلى استقالة رئيس الحكومة الأسبق، حمادي الجبالي في مارس 2014، من الأمانة العامة لحركة، أيضا استقالة عضو مجلس الشورى هشام العريض عن استقالته من الحركة بعد 10 سنوات انخراط صلب هياكلها، لتكون أقوى استقالة للقيادي وعضو مجلس شورى حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي في  4 مارس 2020، بعد 40 سنة تجربة في الحركة الإسلاميّة. تزعزع البيت الداخلي للنهضة وخرج المسكوت عنه والخفي إلى العلن وبان أنّ النهضة تدّعي على مرّ سنوات التماسك والوحدة داخل هياكلها ولكنّ حقيقتها ظهرت نتيجة ما كُشف للرّأي العام في رسائل الإستقالات المتتالية.

 

انهيار حكومة النهضة ''الحبيب الجملي''

هذه الحركة المُتحكّمة في المشهد السياسي، حظيت بالأغلبية المطلقة في الإنتخابات التشريعيّة، الأمر الذي خوّل لها اختيار رئيس الحكومة وكان الحبيب الجملي الشخصيّة المُختارة لذلك. محسوب على الحركة الإسلامية لم يُسعفه الحظ في الحصول على ثقة البرلمان، وصوّت 134 نائب ضدّه شخصيا وضدّ الحركة الإسلامية، النهضة، عامّة. سقطت حكومة الجملي بسبب أنانية النهضة التي أرادت وشدّدت على أن تُقصي الحزب الثاني في البلاد ''قلب تونس'' من حكومتها واعتبرته الحزب العدو اللّدود لها بعد أن قامت بالعديد من حملات التشويه للحزب ورئيسه نبيل القروي واتّهمته بالفساد مؤكّدا أنّها لن تحكم مع حزب فاسد. تدّعي أنّها قادرة على الحكم في البلاد وأن تضمن الإستقرار وتُخرج الدولة من الأزمة التي تعيشها ولكّنها فشلت في استغلال الورقة الرابحة لها التي قدّمها لها أنصارها في الإنتخابات وخسرت فرصتها في تشكيل حكومة تحت إشرافها وتحكّمها. الحركة الإسلامية تمكّنت في المقابل بأن تفرض حكمها في البرلمان بترأّس راشد الغنوشي مجلس نواب الشعب وهذا المكسب زاد من توتّر الأزمة السياسية في تونس وساهم في عجز البرلمان عن تمرير قوانين لمصلحة البلاد بعد أن وجدت النهضة رفض كبير  لها من قبل الكتل النيابة على غرار الحزب الدستوري الحرّ الذي يمقت الحركة الإسلامية ويلقبّها بحركة الإخوان وعملت رئيسته عبير موسي على الإطاحة بالغنوشي بكلّ الوسائل المنطقية والقانونية المتمكّنة منها، واليوم هي رافضة السماح للغنوشي بترأس الجلسات العامة في البرلمان وتقدّمت بلائحة لسحب الثقة منه. 

 

النهضة تنقلب على حكومة الفخفاخ المُستقيلة

بعد أن منحت ثقتها لحكومة إلياس الفخفاخ، اعتقدت الحركة الإسلامية أنّها ستقدر على فرض سيطرتها على الفخفاخ ولكنّ ما أرادته لم يكن سهل التنفيذ. حركة النهضة المتقلبة في المواقف تمسّكت بتوسيع الحزام السياسي لحكومة الفخفاخ مطالبة بتشريك الحزب المُعارض قلب تونس في الحكومة وهذا ما رفضه قطعيا رئيس الحكومة المستقيل. النهضة التي لا يهدأ لها بال إلاّ بإزالة كلّ من يقف أمام مطالبها وتحقيق أهدافها في الحكم والسيطرة وفرض قراراتها، استغلّت شُبهة تضارب المصالح المتعلّقة برئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وانقلبت عليه وطالبت بحلّ حكومته والتحضير لحكومة جديدة تحت إشرافها.  رئيس الجمهوريّة قيس سعيد رفض ذلك في البداية، وحين قرّرت النهضة جمع الإمضاءات لسحب الثقة من الفخفاخ رفقة كتلة قلب تونس وائتلاف الكرامة وكتلة المستقبل، أكّد سعيد على الفخفاخ أن يقدّم استقالته وكان أمره مقضيا. بعد استقالته، قام الفخفاخ بإقالة كافّة وزراء النهضة من الحكومة لتكون تلك صفعة قويّة لها وردّ على التشويه الذي ألحقوه به، استنكرت الحركة الإسلامية إقالة وزرائها  واعتبرت أنّ ما أقدم عليه الفخفاخ هو بمثابة  عبث بالمؤسسات وردة فعل متشنجة منه وصرّح الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري أنّ الأزمة التي أصابت البلاد مرتبطة أساسا بشُبهة تضارب المصالح المتعلّقة برئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ مؤكّدا على ضرورة عدم نقل المشاكل من القصبة إلى باردو وشدّد على أنّه لا يُمكن أن تتشكّل أي حكومة دون حركة النهضة. 

فشلت الحركة الإسلامية، النهضة، في تمرير حكومتها ''حكومة الحبيب الجملي'' ثمّ تنكّرت لموقفها ضدّ حزب قلب تونس الذي كانت تعتبره عدوّها اللّدود وعمدت الضغط على إلياس الفخفاخ لتشريك قلب تونس في حكومته ولكنّها فشلت كذلك وأدارت الظهر له وعملت على إسقاط حكومته. النهضة لا تعترف بالمبادئ والمواقف ولا حتى بمصلحة البلاد أمام مصالحها وأحقيّة تموقِعها في الحُكم وبعد أن أنهكت البلاد على امتداد تسع سنوات بسياستها الأنانية، تزعم اليوم أنّ الدولة القوية والعادلة هي مسؤوليتها. 

يسرى رياحي

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter