على خطى الكامور .. إضراب عام بالجهات وغلق للفانات وإيقاف الإنتاج

تعيش العديد من الجهات الداخلية بولايات الجمهورية حالة من الإحتقان والغليان في صفوف المُتساكنين وصلت إلى إعلان الدخول في إضراب عام جهوي احتجاجا منهم على غياب التنمية وانعدام مواطن الشغل وتدهور المقدرة الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار وتفاقم حالة الفقر وغياب آليات النهوض بالمنوال التنموي في الجهات أمام صمت يُخيّم على حكومة هشام المشيشي. 

قرّر المكتب التنفيذي الموسع بدار الإتحاد الجهوي للشغل بالقيروان الدخول في إضراب عام يوم 3 ديسمبر المقبل بعد سلسلة من الوقفات الإحتجاجية بالجهة وسيشمل الإضراب كلّ القطاعات بمختلف المعتمديات مع إمكانية تنفيذ تحركات احتجاجية أخرى تصعيدية واعتبر  الكاتب العام الجهوي  لإتحاد الشغل السيد السبوعي أنّ هذا الشتاء سيكون ساخنا في القيروان مؤكّدا أنّ الإتحاد سيقف كالشوكة ضدّ كلّ من يسعى إلى مزيد تهميش القيروان ''المنكوبة'' كما وصفها. ووفقا للسيّد السبوعي فإنّ التحركّات الإحتجاجية بالقيروان هي انتفاضة على الواقع معتبرا أنّ حكومة هشام المشيشي غير قادرة على التواصل مع شعبها والدولة عاجزة على تلبية انتظارات شعبها،  مشيرا إلى أنّ إدارة الدولة تتطلّب حلول. واعتبر السيّد السبوعي التحركات الإحتجاجية والإضراب العام بجهة القيروان بمثابة المعركة مع الحكومة للدفاع عن حق الجهة في التنمية.

ولاية باجة تدخل غدا الأربعاء 25 نوفمبر في إضراب عام وفقا لقرار الإتحاد الجهوي بالجهة، وكان عبد الحميد الشريف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بباجة قد أكّد أنّ كلّ متساكني باجة سيتّحدون لإنجاح الإضراب العام والذي الغاية منه تخصيص مجلس وزاري للجهة التي باتت تستغيث في ظلّ غياب التنمية والتشغيل وتفاقم البطالة معتبرا أنّ الإضراب ستليه تحركات أخرى. وعلى الرّغم من انتهاء ملف الكامور بمصادقة الحكومة على الإتفاقية، فإنّ الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين دعا يوم 20 نوفمبر الحالي منظوريه في حقلي نوارة والواحة التابعِين لشركة OMV البترولية إلى الدخول في إضراب عن العمل لمدة 3 أيام مع وقف الإنتاج ابتداء من 30 نوفمبر الجاري وجاءت هذه الدعوة على إثر فشل المفاوضات مع الشركة على المستوى المركزي ومع الجامعة العامة للنفط والمواد الكيمياوية بعد طرد كافة أعضاء النقابة الأساسية وعدد من الأعوان والإطارات بصفة غير قانونية ومخالفة لمجلّة الشغل والاتفاقيات الدولية. 

على وقع خطى إعتصام الكامور تعمّدت العديد من الجهات الدخول في تحرّكات احتجاجية والاعتصام في مواقع حساسة وإيقاف الإنتاج على غرار اعتصام الدولاب بالقصرين الذي قام فيه شباب الجهة بإغلاق فانة البترول بشركة بترولية أجنبية بالجهة وإخراج العمال ونصب الخيام للاعتصام، بعد أن فشلت الحكومة في التفاوض الجدي مع المعتصمين على إثر منحهم مهلة أسبوع وتتعلّق أهم المطالب بالتنمية والتشغيل وتفعيل مشاريع التنمية المعطلة منذ سنوات وتحسين البنية التحتية للولاية ومنها مد بعض المناطق الريفية بالماء الصالح للشراب ويقع حقل الدولاب بين سبيطلة و العيون. إعتصام الصمود 2 بولاية قابس في يومه 13 الذي يُنفّذه شباب الجهة ومنهم شباب منطقة غنوش الذين أغلقوا المدخل الجنوبي للمجمع الكيميائي التونسي على مستوى معامل تعبئة قوارير الغاز المنزلي مُعبّرين عن غضبهم من الوضعية التي أصبحت عليها ولاية قابس بسبب التلوّث الصناعي الذي أضرّ حسب قولهم بالبحر وبالهواء وبالفلاحة واستنزف الموارد المائية للجهة بالإضافة إلى عدم تفعيل الحكومة للقرارات التي تم اتخاذها لفائدة الجهة في العديد من المجالس الوزارية وفي مقدمتها القرارات المتعلقة بالتنمية والاستثمار والتشغيل.

إعتصام الصمود بقابس وغلق معامل الغاز خلق حالة الغليان والسخط من قبل الولايات الأخرى التي باتت تُعاني من نقص تامّ في قوارير الغاز وقد تعمّد متساكني منطقة الصخيرة من ولاية صفاقس في حركة احتجاجية على ذلك بالإمتناع عن توزيع المحروقات المتمركزة بالجهة وغلق المستودعات لتشهد ولاية صفاقس حالة من الإكتظاظ أمام محطات توزيع الوقود. أمام تواصل أزمة الغاز والبنزين بولاية صفاقس، توجهت صباح اليوم الثلاثاء شاحنات الشركة الوطنية لتوزيع البترول "عجيل" بالجهة إلى مخازن المحروقات ببنزرت وجرجيس (ولاية مدنين) وحلق الوادي (بالعاصمة) لجلب البنزين وتزويد محطات التزود بهذه المادة الحيوية، وتوقع رئيس مستودع الشركة الوطنية لتوزيع البترول "عجيل" في الصخيرة سمير مطيبع في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن تساهم عملية جلب المحروقات من مصفاة "ستير" ومستودع "عجيل" لخزن المحروقات بتونس العاصمة ومستودع خاص لخزن المحروقات بجرجيس في العودة التدريجية لنسق التزود في محطات الخدمات بالجهة بداية من مساء اليوم الثلاثاء ودعا المواطنين وأصحاب السيارات إلى عدم اللهفة لتمكين المخزون من المحروقات في المحطات من التشكل من جديد بما يُيسر عملية الاستجابة لحاجياتهم من المحروقات.

أمام هذا الكم الهائل من التحركات الإحتجاجية من أجل التنمية والتشغيل، لم تُبادر حكومة هشام المشيشي بفتح باب الحوار مع المعتصمين بل خيّر المشيشي بعث رسائل طمأنة عند إشرافه على افتتاح الندوة الدورية الثالثة للولاة مؤكّدا أنّ ملف التنمية الجهوية هو من أولويات حكومته التي صنّفها كحكومة انجاز وحلول وليست حكومة تسويف. وأعلن أنّ الحكومة قرّرت تغيّير حوكمة ملف التنمية الجهوية في إطار رؤية شاملة ومتناسقة ومتكاملة للجهات تعتمد على مقاربة تشاركية تكون قاطرتها الدولة ومحورها المواطن. ''المواطن يجب أن تكون له كلمته في التصوّرات والحلول التنموية لجهته ولكامل جهات البلاد'' وأعلن أنّ الحكومة  انطلقت عمليا في تركيز فرق عمل تساهم فيها كل الوزارات وتكون فيها تمثيلية فعلية بالجهات من أجل ضمان التشاركية في التخطيط والفعالية في الإنجاز، وبيّن أنّ تلك الفرق ستقوم بالعمل في كلّ الولايات على دفع المشاريع عبر كسر البيروقراطية وإيجاد الحلول العملية لرفع التعقيدات التي عطّلت لسنوات عجلة التنمية. وأضاف أنّ تلك الفرق ستقوم بالشراكة مع كافة القوى الحية على المستوى الجهوي بإرساء التصوّرات التنموية عبر إعداد قرارات ومشاريع نابعة من الواقع الإقتصادي والإجتماعي الجهوي وذلك تكريسا لمبدأ التنمية المتضامنة والتميّيز الإيجابي.

على خطى إعتصام الكامور خيّرت العديد من الولايات خوض تحرّكات احتجاجية والإعتصام في مناطق الإنتاج وغلقها والدخول في إضراب عام إلى حين أن تلتف الحكومة لمطالبهم وتُخصّص لهم مجالس وزارية للنهوض بالتنمية وتعمل على توفير مواطن الشغل وإن لم تقم حكومة المشيشي بإيجاد حلّ عملي وسريع لتلك الولايات فإنّ تونس مُقبلة على حالة من الإحتقان الجهوي اللامتناهي.