آليات وتفاصيل إتمام السنة الدراسية في المعاهد والجامعات في زمن كورونا
بعد أن انخفض نسق ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في تونس، دخلت البلاد تدريجيا في مراحل رفع الحجر الصحي العام لينطلق بداية من يوم الإثنين 4 ماي بداية العمل بالحجر الصحي الموجّه الذي أعلنت رئاسة الحكومة عن كافّة تفاصيله وهو عبارة عن عودة حذرة للحياة الطبيعيّة والمهنيّة بنسبة 50 بالمائة في كلّ المجالات.
فيروس كورونا جعل من الدولة تتخذ قرارات موجعة في حقّ مؤسّساتها ومواطنيها للخفاظ على سلامتهم، ولكن في المقابل هذا الوباء ألحق الأذى بالإقتصاد التونسي وبالعديد من المؤسسات الكبرى والمتوسّطة والعاملين بها. هذه الجائحة لم تؤثّر فقط على المؤسّسات الإقتصاديّة وإنّما طالت السنة الدراسية 2019/2020 لكافّة التلاميذ والطلبة وتغيّرت الروزنامة وباتت هذه السنة شبه بيضاء للبعض منهم وبيضاء للبعض الآخر. تمّ إيقاف الدروس بكافّة المؤسّسات التربويّة يوم 12 مارس، وأعلن نبيل هواشي كاتب عام الجامعة العامة للتعليم الأساسي، أنّ السنة الدراسيّة منتهية ولا مجال للعودة لمقاعد الدراسة بالنسبة للتعليم الابتدائي والأساسي والثانوي وستستأنف السنة الدراسية المقبلة يوم 01 سبتمبر، أما بالنسبة لاحتساب المعدلات فسيتم إحتساب معدل الثلاثي الأول والثاني بالنسبة للسنوات الأولى حتى السنة الخامسة ابتدائي. كما أنّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أعلنت يوم ثلاثاء 10 مارس، أنّه قد تقرّر تقديم بداية عطلة الربيع بكافّة المؤسّسات الجامعيّة العموميّة والخاصّة ابتداء من يوم الخميس 12 مارس، وأنّ العودة ستكون يوم 30 مارس، وذلك في إطار التدابير التي تمّ اتّخاذها بخصوص فيروس كورونا بالتنسيق مع وزارة الصحة. ولدعم مكتسبات التلاميذ وتعزيز معارفهم العلميّة أعلنت وزارة التربية يوم الثلاثاء 14 أفريل ،عن إطلاق قناة تلفزية خاصّة للتعليم عن بعد في مسعى لإنجاح السنة الدراسية للعام الحالي بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، واستعرض وزير التربية محمد الحامدي في مؤتمر صحفي مشترك مع مدير مؤسسة التلفزة التونسية لسعد الداهش، مشروع القناة التي ستتخصص في تقديم دروس ومواد تربوية موجهة للناشئة، كما ستساعد القناة الطلبة على التدرب والإعداد للاختبارات الوطنية، وقال الوزير "المدرسة الافتراضية ستضم منصّات تربوية بها عدة موارد تعليمية"، مضيفا "هذه الدروس التلفزية والرقمية ستدعم مكتسبات التلميذ وهي لا تعوض الدروس النظامية الحضورية".
أسماء السحيري وزيرة شؤون المرأة والأسرة والأطفال وكبار السن والناطقة الرسمية باسم الحكومة، أعلنت يوم الأربعاء 22 أفريل، أنّه لا يمكن العودة الى الدراسة بصفة عادية خلال الأشهر المقبلة وسيتم الاقتصار على إجراء الامتحانات الوطنية في شهر جويلية وقبل إجراء هذه الامتحانات سيتمّ تخصيص حوالي الشهر لإستكمال الدروس مؤكدة أن العودة ستشمل فقط بعض الامتحانات الوطنية لا غير مثل الامتحانات الخاصة بسنوات السادسة ابتدائي، التاسعة أساسي، البكالوريا والامتحانات الوطنية المتعلقة بالتعليم العالي. كما بيّنت أنّ إجراءات خاصّة سيتم الإعلان عنها بداية شهر ماي ستُحدد عدد التلاميذ وعدد المدرّسين خلال الشهر الذي سيسبق إجراء الامتحانات. أثارت هذا الإعلان الريبة داخل صفوف أولياء الطلبة والتلاميذ في انتظار أكثر توضيح من وزارة التربية للتعرّف على طريقة مباشرة أبنائهم للإمتحانات الوطنية.
تزامنا مع انطلاق العمل بالحجر الصحّي الموجّه يوم 4 ماي المقبل، عقدت رئاسة الحكومة ندوة صحفية يوم 29 أفريل، بيّنت فيها لبنى الجريبي الوزيرة لدى رئاسة الحكومة المكلفة بالمشاريع الكبرى، لمحة عن الاستراتيجية المعتمدة، مؤكدة أن العملية بأسرها رهينة مسؤولية المواطنين والمؤسسات في الانخراط في الخطة الوطنية عبر احترام الإجراءات داعية المجموعة الوطنية الى التوعية والالتزام. كما تولّى محمد الحامدي وزير التربية تقديم كافّة التفاصيل المتعلّقة بالسنة الدراسية الحالية،حيث أعلن انهاء السنة الدراسية بالنسبة لجميع الأقسام باستثناء قسم البكالوريا، وأشار أنّ المناظرات الاختيارية بالنسبة لسنتي السادسة ابتدائي والتاسعة ثانوي، ستتم دون العودة للدراسة حيث ينطلق امتحان ختم المرحلة الابتدائية (السادسة ابتدائي) يوم 29 جوان، فيما ينطلق امتحان ختم المرحلة الأساسية (التاسعة ثانوي) يوم 2 جويلية. وأفاد الحامدي أنّ استكمال البرامج بالنسبة للسنوات التي أنهت سنتها الدراسية سيكون في بداية السنة القادمة، كما سيتمّ اصدار منشور يفسّر طريقة احتساب المعدلات عبر جمع معدل الثلاثية الأولى والثانية. بالنسبة لتلاميذ البكالوريا، بيّن أنّهم سيعودون لمقاعد الدراسة يوم 28 ماي لإستكمال بقية البرنامج وتدارك نقائصه لمدة ثلاثة أسابيع إلى غاية 23 جوان، كما أنّ الاساتذة المعنيّون بتدريس هذه الاقسام يعودون يوم 27 ماي للمعاهد. بعد انقطاع الدروس، يأخذ التلاميذ فترة مراجعة بأسبوعين، وستُجرى الدورة الرئيسية لإمتحان البكالوريا من 8 جويلية إلى 15 جويلية، ودورة المراقبة من 27 إلى 30 جويلية، وأبيّن أنّه سيتمّ الإعلان عن نتائج الدورة الأولى يوم 26 جويلية، وسيتمّ الإعلان عن نتائج دورة المراقبة يوم 9 أوت.
وزير التربية محمد الحامدي، أفاد اليوم غرة ماي 2020، أنّ تلاميذ البكالوريا سيعودون للدراسة لاستكمال البرنامج الدراسي لمدة 4 أسابيع، معتبرا أنّ المدّة كافية وقد تمّ تحديدها بعد النقاش في الوزارة ومع تقديرات المتصرفين البيداغوجيين. وأوضح أنّه في إطار الحفاظ على سلامة التلاميذ، سيتم تقسيم التلاميذ إلى أفواج بمعدل فوج يتكوّن من 12 الى 15 تلميذ في كل قاعة و يُقسم كل قسم بكالوريا الى فوجيْن بأوقات مختلفة. ويمكن أن يدرّس بعض الأقسام لدى اساتذة اخرين وفقا لتقسيم الجداول في مواد كالفلسفة بسبب طول عدد ساعات الحصة الواحدة، وأكّد الحامدي أنه يوجد العدد الكافي من الأساتذة الذين عبروا عن رغبتهم في إنجاح السنة الدراسية والإمتحانات الوطنيّة. الحامدي أكّد أنّ كافّة القرارات ورزنامة العودة المدرسيّة أتّخذت من قبل وزارة التربية، بالتشاور مع النقابات الذين ليسوا موافقين على بعض النقاط خوفا من عدم توفّر آليات الوقاية الصحيّة للتلاميذ. في هذا الإطار، اكّد وزير التربية أنّه إلى غاية يوم 27 ماي ستكون كلّ آليات وطرق الوقاية الصحيّة متوفّرة في كافّة المؤسسات التربوية ضمانا لحماية التلاميذ والأساتذة والإطارات التربوية. الحامدي شدّد على ضرورة إنجاح السنة الدراسيّة في ظلّ جائحة كورونا مؤكّدا أنّ وزارة التربية تجنّدت لضمان حاجياتها من الوقاية وكوّنت لجنة في الغرض لتحديد كميات الكمامات اللازمة وكميات الجل المعقّم وآليات قيس الحرارة للمؤسسات التربوية والتلاميذ والأساتذة.
كما أوضح وزير التربية أنّ وسائل النقل ستعود بكلّ الجهات والولايات، وانّ وزارة التربية لها اتفاقات مع النقل الريفي وديوان الخدمات المدرسيّة يؤمّن كافة وسائل النقل للتلاميذ مشيرا أنّه سيتمّ فتح بعض المبيتات وفق بروتوكول صحي دقيق لإيواء التلاميذ مؤكّدا أنّ وزارة التربية بصدد إعداد دليل إجراءات يتضمّن كافة الآليات اللازمة. بالنسبة لإمتحان البكالوريا، أكّد الحامدي أنّه تمّ إلغاء البكالوريا التجريبية وإلغاء الثلاثية الثالثة التي ستقتصر على درس وفترة مراجعة لمدّة 15 يوم، وبالتالي سيتم احتساب الثلاثية الأولى والثانية فقط في المعدل السنوي. وأعلن الحامدي أنه بالنسبة لمناظرة السيزيام، سيكون اليوم الأول يوم 29 جوان فيه اختبار العربية والايقاظ العلمي والانقليزية واليوم الثاني 30 جوان ستجرى فيه اختبار الرياضيات والفرنسية، وهو نفس المبدأ بالنسبة لمناظرة السنة تاسعة (النوفيام). وبين أنه بالنسبة لبقية الأقسام سيتم احتساب المعدل الافضل بين الثلاثيتين الأولى والثانية ضارب 2 والمعدل الأسوأ ضارب 1 وسيتم التساهل في الارتقاء بالإسعاف نظرا للوضع الحالي وسيتم تدارك الفجوة التي حصلت هذه السنة في البرنامج في بداية السنة الدراسية القادمة.
سليم شورى وزير التعليم العالي خلال الندوة الصحفية المعدة لتفسير إجراءات الحجر الصحي الموجه يوم الأربعاء 29 أفريل 2020، أعلن أنّ يوم 1 جوان سيكون تاريخ العودة التدريجية بكافة المؤسسات الجامعية منها العموميّة والخاصّة باستثناء مؤسسات التعليم الطبي التي ستكون عودتهم بداية من 11 ماي لارتباطهم بمناظرة القبول في الاختصاص مع العمل على ختم الدروس قبل موفى جويلية بالنسبة للدورة الرئيسة و إن أمكن دورة التدارس وختم الدروس مع إعطاء المرونة اللازمة للجامعات، وأشار شورى أنّ الطلبة المعنيين بالعودة للدروس في حدود 216 ألف منهم 170 معنّيين بالدراسة و 46 ألف طالب معنيّين بختم مشاريع الدروس دون اعتبار طلبة الدكتوراه. وأفاد أن الوزارة اعتمدت مبادئ عامة لحماية الأسرة الجامعية من طلبة ومدرسين وإداريّين لإنجاح السنة الجامعية وضمان تكافئ الفرص بين الطلبة والأساتذة بعد استشارة كلّ الأطراف في تحديد روزنامة العودة الجامعية في 13 جامعة مع احترام خصوصية كل واحدة ومكان وجودها واحترام البروتوكول الصحي المدقق الذي ستعلن عنه الوزارة. وبيّن وزير التعليم العالي أنّه سيتمّ اعتماد بروتوكول صحي بالتنسيق مع وزارة الصحّة لعودة الطلبة، وأشار أنّه تمّ الإتفاق على الاستمرار في التواصل البيداغوجي عن بعد معتبرا أنّ ذلك مكسب نجحت فيها الجامعة التونسية بنسبة أكثر من 80 في المائة مع العمل على تجاوز الصعوبات. بالنسبة للسكن الجامعي والإطعام، بيّن شورى أنّه تقرّر تأمينهم للطلبة الذين تتوفر فيهم شروط المسافة أي الطلبة الذين يبتعد مقرّ سكناهم مسافة أكثر من 30 كيلومتر عن المؤسسات الجامعيّة، وأوضح أن الامتحان سيشمل الدروس التي تم تقديمها حيث لن تكون هناك امتحانات على دروس لم يتلقاها الطالب مؤكّدا أنّه تمّ انهاء أغلبيّة الدروس عن بعد. وأعلن أنّه سيتمّ العمل على أن يكون شهر أوت فترة عطلة سنوية لكل الطلبة والإطارات والعملة بالمطاعم الجامعية والسكن وذلك نظرا لإرتفاع درجات الحرارة، مع العمل على انتهاء دورات التدارك قبل موفى سبتمبر أو في حدوده على أقصى تقدير ليكون 1 أكتوبر موعد العودة الدراسية للسنة الجامعية القادمة. كما بيّن شورى أنّ المناظرات الوطنية سيتمّ تأمينها خلال شهريْ جويلية وسبتمبر موضحا أنّ مناظرة الإلتحاق بالمدرسة الوطنيّة للطب البيطري سيتمّ تأمينها من 20 إلى 22 جويلية 2020، بالنسبة لمناظرات الدخول إلى مدارس المهندسين ستكون من 13 إلى 17 جويلية، وبالنسبة لإختصاص البيولوجيا سيكون من 11 إلى 17 جويلية، أما المناظرات الخصوصيّة للإلتحاق بمؤسسات التكوين الهندسي سيتمّ تأمينها خلال شهر سبتمبر وأيضا بالنسبة لإعادة التوجيه ستكون خلال سبتمبر، وأضاف أنّ مناظرة التبريز وامتحان الخبرة في المحاسبة سيكون كذلك في شهر سبتمبر 2020.
يوم الإثنين 4 ماي، تعود حياة التونسيّين مع الحجر الصحي الموجّه، بصفة تدريجيّة لسابق عهدها وتعود مختلف المؤسسات والمهن إلى سالف نشاطها، كما أنّ وزارة التربية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد قاما بجميع التدابير اللازمة لإنجاح السنة الدراسيّة الحاليّة على الرّغم من تداعيات فيروس كورونا الذي تمكّنت بلادنا على الرغم من مختلف الإنفلاتات على تجاوزه بصفة ناجحة مقارنة بباقي الدول الأجنبية.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires