الفخفاخ في مواجهة النهضة: حكومة ضعيفة قد لا تنجح حتى و ان مرت
كان من المنتظر أن يكون اليوم الجمعة 14 فيفري 2020، حاسما في ما يخص حكومة الفخفاخ، الذي عود الرأي العام و الصحافة على الدقة في المواعيد بإعلانه عن تاريخ اليوم و تحديدا الساعة السادسة مساء للكشف عن تركيبة حكومته بعد لقائه لرئيس الجمهورية و إعلامه بحصيلة المشاورات و التركيبة التي اختارها لتشكل الحكومة، خاصة بعد أن أطلع رئيس الحكومة المكلف مساء أمس الخميس الأحزاب السياسية على مسودة التركيبة الحكومية التي تضمنت 5 حقائب وزارية لحركة النهضة و3 حقائب للتيار الديمقراطي واثنتان لحركة الشعب ومثلها لتحيا تونس.
لكن الأمور لم تجر كما برمج لها رئيس الحكومة المكلف، حيث صرح الفخفاخ عقب اللقاء الذي جمعه برئيس الجمهورية أنه، وحرصا على استكمال مسار تشكيل الحكومة في أفضل الظروف، قرر إرجاء الإعلان عن التركيبة إلى يوم غد السبت على الساعة السادسة مساء وذلك لمزيد التشاور والتدقيق في بعض المسائل المتعلقة بالحكومة المرتقبة، كما علمنا أنه سيلتقي ببعض الأحزاب المشكلة لحزامه السياسي.
و حسب بعض المصادر التي نثق في جديتها ساد جو من التوتر في محيط رئيس الحكومة المكلف و فريقه الاستشاري مند أمس و تحديدا بعد اللقاء مع رئيس مجلس نواب الشعب، توتر زاد بعد تصريح القيادي في حركة النهضة عبد الكريم الهاروني صباح اليوم خلال ندوة صحفية حيث أعتبر أن حكومة الفخفاخ لا يمكن أن تمر بالشكل الذي تحدث عنه رئيس الحكومة المكلف و ان حركة النهضة لن تصوت الا لحكومة توافق تجمع أكبر عدد ممكن من الكتل و تملك حزاما سياسيا قويا يسمح لها بالعمل في أريحية ناصحا الفخفاخ بالتريث و عدم الإعلان عن تركيبة الحكومة اليوم.
الفخفاخ التقى راشد الغنوشي اليوم بمجلس نواب الشعب في محاولة أخيرة للاتفاق و اقتلاع موافقة الحركة و ربما القيام بتعديلات صغيرة لا تمس بتوافقه الحاصل مع التيار الديمقراطي و حركة الشعب و تحيا تونس و دلك بإضافة وزارة سادسة للحركة التي رأت أن خمسة وزارات لا تنسجم مع حجم النهضة البرلماني مقارنة بما حصلت عليه بقية الأحزاب.
الشيء الوحيد الثابت إلى حدود الآن هو أن الياس الفخفاخ لن يكون له أي فرصة للنجاح في تمرير حكومته و نيلها ثقة مجلس نواب الشعب دون موافقة حركة النهضة و تصويتها، فنواب قلب تونس لن يثقوا فيه و لن يمنحوه التصويت المطلوب بعد أن قرر إقصائهم و اعتبر حزبهم غير مرغوب فيه في الحزام السياسي للحكومة بالإضافة إلى الحزب الدستوري الحر الذي حسم موقفه قبل تعين الفخفاخ أصلا و اعتبر نفسه في المعارضة، موقف أكدته عبير موسي حين رفضت استدعاء الفخفاخ للحضور في مشاوراته و طلبت منه اعتبار عدد النواب في المجلس 200 نائب فقط و اعتبار 17 نائبا في المعارضة قبل أي مشاورات .
لكن حتى و إن نجح الياس الفخفاخ في تجاوز عقبة مجلس نواب الشعب و تمرير حكومته بعد أن تتراجع حركة النهضة عن تهديدها،و إن كان أمرا صعبا خاصة بعد فشل اللقاء الذي جمع أمس الخميس رئيس الحكومة المكلف و رئيس مجلس نواب الشعب و ما عقبه من تهديد على لسان الهاروني، لن يكون دلك في حد ذاته انجازا مقارنة ما ينتظر الحكومة من صعوبات في مواجهة معارضة ،وان لم تكن منسجمة، قوية تضم ائتلاف الكرامة الذي اعتبر الياس الفخفاخ يسير في نفس طريق الحبيب الجملي و لن يكون قادرا على النجاح في الحكم حتى ان نجح في تمرير حكومته و اعتبر نفسه طرفا في المعارضة بعد رفض كل طلباته تقريبا بما فيها ترشيحه ليسري الدالي لوزارة الداخلية، و قلب تونس الذي يعتبر الفخفاخ عدوا خاصة بعد إصراره على إقصاء الحزب و اعتباره خارج حسابات الحكومة و بالتالي سيحاول إبراز فشله و كذلك الحزب الدستوري الحر الذي يعتبر منظومة الحكم الحالية فاشلة و سببا من أسباب الانهيار الذي تعيشه تونس و يعتبرا الياس الفخفاخ جزءا منها.
معارضة تقريبا ستشكل الثلث المعطل القادر على إزعاج التحالف الحكومي الضعيف أصلا، فحركة النهضة ان قبلت فعلا التراجع عن موقفها و منح الثقة لحكومة الفخفاخ ستجد نفسها في تحالف حكومي لا تتفق مع جزء كبير من مكوناته فالتيار الديمقراطي يختلف معه في العديد من النقاط شابت علاقتهما في الأيام القليلة الماضية العديد من الشوائب، فالنهضة حاولت قطع الطريق أمام التيار الديمقراطي و منع القيادي فيه محمد الحامدي من الحصول على وزارة التربية و طالبت تحييدها، كما أن التيار طالب بضمان عدم حصول النهضة على وزارتي الداخلية أو وزارة العدل بل رفضت أي شخص قريب منها حتى و إن لم يكن من قيادييها.
حركة تحيا تونس أيضا علاقتها غير جيدة في المدة الأخيرة مع حركة النهضة و تبادل قيادييهما التهم في ما بينهم وحاولت النهضة قطع الطريق أما أمينها العام سليم العزابي في الحصول على وزارة التنمية و طالبت بالحصول عليها في إطار المفاوضات و هو ما رد عليه حزب تحيا تونس برفض بعض قيادي حركة النهضة.
حكومة الفخفاخ التي يحاول تمريرها ليست متفقة في ما بينها و يشهد حزامها السياسي اختلافا كبيرا و هو ما سيسهل عمل المعارضة و سيمكنها من الإطاحة بالحكومة في مدة قريبة و بالتالي فان الفخفاخ الذي ما زال يملك الوقت دستوريا عليه عدم التسرع و اعادة التفاوض للوصول إلى حكومة وحدة وطنية كما يريدها و لن يكون دلك الا بفتح الباب أمام كل المكونات السياسية الراغبة في التواجد ضمن الحزام السياسي لها و قطع الطريق أما حجة النهضة و قلب تونس في عدم التصويت إلا لحكومة وحدة وطنية.
حسام بن أحمد
تعليقك
Commentaires