حقوق الصحفيين تُنصفها المحكمة الإدارية وتتجاهلها الحكومة !
''نقابة الصحفيين التونسيين قويّة ومتضامنة ولن تتوانى في الدّفاع عن حقوق الصحفيين'' هكذا صرّح نقيب الصحفيين التونسيّين محمد ياسين الجلاصي مُعلنا أنّ المحكمة الإدارية أصدرت اليوم الأربعاء حُكما يقضي بالنشر الإستعجالي للإتفاقية الإطارية المشتركة بالرائد الرسمي على خلفية القضية التي رفعتها نقابة الصحفيين التونسيين.
بعد أن أنصفت المحكمة الإدارية السلطة الرابعة، تُرى ما هو موقف رئيس الحكومة هشام المشيشي الذي امتنع عن الإستجابة لمطالب قطاع الإعلام على الرغم من الجلسات الحوارية التي عقدها المكتب التنفيذي مع رئاسة الحكومة. هشام المشيشي لم يستجب لدعوة النقابة الوطنية للصحفيين بنشر الإتفاقية الإطارية المشتركة بالرائد الرسمي على الرّغم من أنّ هذه الإتفاقية تمّ الإمضاء عليها في عهد حكومة يوسف الشاهد بتاريخ 9 جانفي 2019. حكومة المشيشي اعتمدت سياسة المماطلة والإستهزاء في التفاوض مع الوفد الممثل للمكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين وهو ما دفع بالنقابة إلى الإعلان عن تعليق المفاوضات مع الحكومة في أكتوبر الفارط خاصّة بعد أن اشترطت المكلفة بالإعلام والاتصال سماح مفتاح عدم حضور أحد ممثلي الوفد النقابي، وليد بورويس ، في الإجتماع المبرمج مع مدير ديوان هشام المشيشي والمكلف بالشؤون الإجتماعية في رئاسة الحكومة بتعلّة أنّ بورويس نشر تدوينات على حسابه بالفيسبوك أساء فيها لرئيس الحكومة هشام المشيشي. سماح مفتاح التي من المفترض أن تُدافع على القطاع الذي تنتمي له خيّرت الوقوف في صفّ رئاسة الحكومة حتى أنّها اعتبرت أنّ مشروع قانون تعديل الاتصال السمعي البصري غير دستوري مدافعة بذلك على هشام المشيشي الذي قام بسحب ذلك القانون من البرلمان يوم 19 أكتوبر الفارط وخاصّة قبل يوم من انعقاد الجلسة العامة المقررة للنظر في المبادرة التشريعية الخاصة بتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والتي تقدّم بها الإئتلاف الإسلامي الكرامة المُعادي لقطاع الإعلام وللصحفيين.
نقابة الصحفيين بعد تعليقها للمفاوضات لمدّة أسبوع مع رئاسة الحكومة، قامت يوم الجمعة الفارط بنشر بيان دعت فيه الحكومة إلى نشر الإتفاقية المشتركة بالرائد الرسمي دون مساومة أو ابتزاز وطالبتها بالإسراع في تنفيذ قرار إلحاق إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم بالإعلام العمومي ووضع استراتيجية واضحة في التعامل مع المؤسسات الإعلامية المصادرة التي تعاني من تدهور ومديونية وصفها نقيب الصحفيين محمد ياسين الجلاصي ''بالمفزعة''. أيضا دعت نقابة الصحفيين الحكومة إلى الشروع في إصلاح شامل وعميق لمؤسسات الإعلام العمومي وتسوية الوضعيات الهشة في كل من الإذاعة والتلفزة ووكالة تونس إفريقيا للأنباء، وتمتيع الصحفيين بحقهم في الترقيات الآلية بداية من جانفي 2020 وفتح باب الترشحات لخطة رئيس مدير عام لمؤسسة الإذاعة التونسية وضرورة الإسراع في تنفيذ الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة لدعم المؤسسات الاعلامية المتضررة من أزمة كوفيد-19. بالإضافة إلى الشروع في معالجة ملف خريجي معهد الصحافة العاطلين عن العمل عبر إدماجهم في مكاتب الإعلام بالبلديات والإدارات والوزارات التي تفتقر إلى ملحقين صحفيين، والانطلاق في مسار إدراج مادة التربية على وسائل الإعلام في المناهج التربوية وانتداب الصحفيين خريجي معهد الصحافة. المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين طالب الحكومة بالعمل على وقف التضيّيقات التي تمارس على الصحفيين في عديد الجهات خاصة من الإدارات العمومية وعدد من الولايات والتي تصل حد منعهم من ممارسة عملهم، ووضع آلية واضحة لتسهيل عمل مراسلي الإعلام الأجنبي لإنهاء معاناتهم التي تعمقت مع ممارسات الحكومة الحالية.
رئاسة الحكومة لم تتفاعل مع مطالب نقابة الصحفيين التونسيين ولم تردّ لا بالقبول و لا حتى بالرفض، هذا التجاهل عجّل في اجتماع المكتب التنفيذي الموسّع لنقابة الصحفيين يوم أمس الثلاثاء والذي عاين سياسية الإستهداف التي يستعملها رئيس الحكومة هشام المشيشي إزاء قطاع الإعلام وحرية التعبير والصحافة وحق الجمهور في إعلام حر ومستقل يخدم المواطن وذلك عبر الابتزاز والمقايضة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين ومحاولات وضع اليد على الإعلام العمومي والمصادر، بالإضافة إلى الإنتهاك المتكرّر لحقّ النفاذ إلى المعلومة والاعتداءات على الصحفيين أثناء تأدية مهامهم، والتضييق على عمل مراسلي الصحافة الأجنبية في تونس وأمام هذا الكمّ من التجاوزات الخطيرة على قطاع الإعلام واعتماد سياسة التسويف، قرّر المكتب التنفيذي الموسّع تنفيذ يوم غضب وطني تتخلله وقفات احتجاجية بساحة الحكومة بالقصبة ومختلف جهات الجمهورية، يليه تنفيذ إضراب عام في قطاع الإعلام والاعتصام بمقر رئاسة الحكومة بالقصبة.
''نقابة الصحفيين التونسيين قويّة ومتضامنة ولن تتوانى في الدّفاع عن حقوق الصحفيين'' كانت هذه رسالة نقيب الصحفيين محمد ياسين الجلاصي لرئيس الحكومة هشام المشيشي مؤكّدا له أنّ حقوق الصحفيين هي من أولويات النقابة ولا مجال للمساومة في ذلك. وبعد إعلان نقيب الصحفيين عن إصدار المحكمة الإدارية حُكما يقضي بالنشر الإستعجالي للإتفاقية الإطارية المشتركة بالرائد الرسمي لم يبقى للمشيشي سوى القيام بتطبيق قرار المحكمة الإدارية الذي أنصف السلطة الرابعة ثمّ يحاول أن يجلس مع المكتب التنفيذي على طاولة الحوار للإيجاد حلول لكلّ المطالب. كانت رسالة نقيب الصحفيين واضحة حيث أكّد أنّ الحقوق تُفتك ولا تُهدى ولم يُحمّل هشام المشيشي مسؤولية تقاعس الحكومات السابقة في الإستجابة لمطالب الصحفيين ولكن حمّله مسؤولية عدم إيجاده لحلول لتطبيق الإتفاقيات الخاصّة بالقطاع.
الحقوق تُفتك ولا تُهدى ونقابة الصحفيين التونسيين لن تتوانى في الدّفاع عن حقوق الصحفيين وما على رئيس الحكومة هشام المشيشي سوى الإستجابة لقرار المحكمة الإدارية بالنشر العاجل للإتفاقية الإطارية المشتركة بالرائد الرسمي، وعلليه أيضا أن يعِي أنّ قطاع الإعلام لا يقلّ أهميّة عن بقية القطاعات وإنّ مساهمة الحكومة في حلّ مشاكل هذا القطاع والإستجابة لمطالب نقابة الصحفيين ستساهم في ضمان حقوق الصحفيين وتنظيم قطاع الإعلام.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires