alexametrics
الأولى

حكومة المشيشي: بين التسريبات و بالونات الاختبار و رفض الأحزاب للكفاءات المستقلة

مدّة القراءة : 4 دقيقة
حكومة المشيشي: بين التسريبات و بالونات الاختبار و رفض الأحزاب للكفاءات المستقلة

 

حكومة هشام المشيشي و تركيبتها و الشخصيات المشاركة فيها كان الموضوع الطاغي على الساحة السياسية خلال الأسبوع الماضي، حيث انتظر الجميع أن يعلن المشيشي عن حكومته يوم الخميس أو الجمعة الماضيين، و هو ما أكدته مصادر مقربة من قصر الضيافة لبزنس نيوز، قبل أن يتم يسرب الإعلامي برهان بسيس قائمة اسمية قيل إنّها التشكيلة الوزارية المرتقبة لهشام المشيشي، تسريب أشعل مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اختلفت التعاليق و التحاليل  بين مساند و رافض و مرحب و تم النبش في تواريخ المعلن عن أسمائهم رغم أن الموضوع لم يتجاوز التسريب و وقع تكذيبه فيما بعد من قبل المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة المكلّف، بعدها بمدة غير طويلة سرب الإعلامي سمير الوافي قائمة ثانية أقل من حيث العدد قيل انها أيضا أسماء تم الاتفاق حولها و ستكون موجودة بصفة نهائية في حكومة المشيشي.

 

بين التسريب و الآخر، تباينت ردود أفعال الأحزاب حيث عبرت عن رفضها فكرة حكومة الكفاءات الغير منتمية لأحزاب و أكدت أن مرور الحكومة أن تم سيكون تحت عنوان الخوف من سيناريو أسوء لا يخدم مصلحة البلاد في إشارة إلى إعادة الانتخابات و ذهبت الى القول بأن المهم ليس مرور الحكومة من عدمه (لأنها في الغالب ستمر مهما كانت تركيبتها) بل المهم و الأهم كيف ستعمل الحكومة دون غطاء سياسي يحميها و كيف ستنجح في تحقيق استقرار سياسي دون دعم من الأحزاب.

  • بالونات اختبار

بعد إعلان هشام المشيشي عن نيته في تشكيل حكومة من الكفاءات المستقلة أو بالأحرى غير المنتمية إلى أحزاب، من الطبيعي أن لا ننتظر أسماء معروفة على الساحة أو ذات صيت في المشهد السياسي بقدر ما سننتظر أبناء المدرسة الوطنية للإدارة فالمشيشي سيبحث عن التوازن و التجانس في حكومته و سيعول على أبناء دفعته من المدرسة لأنه يعرف إمكانياتهم و لن يستحق مدة من الزمن لاختبارهم أو اكتشافهم  و بالتالي فمن الطبيعي جدا أن نجد صعوبة في التعرف إلى عدد كبير من الوزراء و سننجد صعوبة أكثر في العثور على سيرهم الذاتية و من الطبيعي أيضا أن يحتاج المكلف بتشكيل الحكومة إلى إتباع ما يعرف بسياسة بالونات الاختبار و تسريب قائمة من الأسماء فيها على الأقل نصف الأسماء الحقيقية مع تطعيمها ببعض الأسماء التي من المنتظر أن تقابل برفض الأحزاب أولا لتشتيت الانتباه عن الأسماء المراد اختبار ردة الفعل تجاهها و ثانيا لتقليل الضغط على المكلف بتشكيل الحكومة و ربح الوقت و الهاء الرأي العام و تصبيره سياسيا الى حين الموعد المنتظر للكشف عن التركيبة النهائية.

التركيبة التي تم الكشف عنها خلال التسريب الأول الذي قام به برهان بسيس أثارت انتباه المشيشي إلى رفض بعض الأسماء منها وزير العدل و وزير الشؤون الدينية و وزيرة الثقافة و وزير الشباب و الرياضة و وزير التربية و دفعت البعض الى الحديث عن غواصات و أحصنة طروادة و هو ما يبحث عنه المشيشي فرفض بعض الأسماء بحجة قربها لبعض الأحزاب سيعزز تمشيه في الإعلان عن حكومة كفاءات حيث كان بالون الاختبار الأول هدفه مدى تقبل بعض شبه المتحزبين داخل الحكومة في حين كان بالون الاختبار الثاني لاكتشاف مدى تقبل الأحزاب و المتلقين لوجود أسماء محسوبة على رئيس الجمهورية صلب الحكومة فتم تسريب أسم المسؤول عن الحملة الانتخابية لسعيد في سوسة توفيق شرف الدين و هو ما تم رفضه من قبل العديد من الأحزاب و الكتل البرلمانية و هو ما يؤكد أننا سنرى بعض المقربين من الدرجة الثانية لقيس سعيد و لن نرى مقربين من الأحزاب في حكومة المشيشي أو ما يصطلح بتسميتها حكومة سعيد 2 من قبل الأحزاب.

  • مواقف الأحزاب من حكومة دون أحزاب

من شبه المؤكد حسابيا و سياسيا و من تصريحات الأحزاب السياسية أن يتم الموافقة على حكومة  المشيشي التي من المنتظر أن يعلن عنها خلال الساعات القادمة ، تجنبا للمسؤولية السياسية و هربا من شبهة التورط في إحداث أزمة حادة  قد تقود البلاد  إلى انتخابات مبكرة في وقت تعيش فيه تونس وضعا اقتصاديا صعبا و موجة ثانية تبدو أشد قوة لفيروس كورونا، و هي مسؤولية قد تضع الأحزاب السياسية في مواجهة مباشرة مع الشعب الذي سيحمله المسؤولية السياسية لذلك.

مصدر مطلع داخل حركة النهضة أكد لبزنس نيوز أن الرأي الغالب صلب الحركة هو التصويت لفائدة الحكومة ليس هربا من انتخابات سابقة لأوانها و ليس لعدم الثقة في قدرة  الحزب على الفوز بل بالعكس، أكد مصدرنا أن الحركة واثقة من قدرتها على الفوز بنتيجة أفضل من نتيجة انتخابات 2019 لكن الوضع العام في البلاد لا يسمح بالمجازفة و بالتطويل في مرحلة الفراغ السياسي رغم أن النهضة لا تتحمل المسؤولية فيه لكنها تراعي المصلحة العامة و لا ترغب في ان تكون واحد من الأسباب في أي انتكاسة قد تحصل للبلاد لا قدر الله، إضافة إلى أن النهضة تتجنب قد الإمكان الدخول في صراع مباشر مع قيس سعيد لن تكون نتائجه مقتصرة فقط على إعادة الانتخابات.

و في هذا السياق أكد القيادي بالنهضة سمير ديلو في تصريح إعلامي إن “عدم التصويت لحكومة المشيشي في هذا الظرف قرار شديد الخطورة”، رغم مؤاخذاته و رفضه حكومة التكنوقراط معتبرا في نفس الوقت "ان ترذيل الأحزاب السياسية لن يساهم مطلقا لا في تحسين أوضاع البلاد ولا في دفع الانتقال الديمقراطي”.

التيار الديمقراطي الذي لم يعلن بعد عن موقفه النهائي من حكومة المشيشي أكد على لسان رئيس كتلته السابق و وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية في حكومة تصريف الأعمال، إن “حكومة التكنوقراط مهما كانت الخلفيات التي تقودها في ظل الوضع المتردي الحالي  ستزيد من تعميق الأزمات التي تمر بها البلاد وستواجه معارضة الجميع”.

وأضاف الشواشي، “هذه الحكومة قد تتسبب في انفجار اجتماعي وإفلاس اقتصادي وانفلات أمني يأتي على الأخضر واليابس وينسف مسار الانتقال الديمقراطي برمته”.

من جهته أعلن ائتلاف الكرامة من خلال تصريح اعلامي لعضو مجلس النواب عنه يسري الدالي أنه لن يمنح الثقة لحكومة هشام المشيشي المنتظرة و''سيقف صدا منيعا ضدها من أجل حماية الديمقراطية'' على حد قوله.

و أضاف الدالي أن ائتلاف الكرامة لا يخشى سيناريو إعادة الانتخابات عكس بعض النواب من كتل أخرى، وان كانوا لا يريدون ان يكون الائتلاف مساهما و لو بقدر ضئيل في خلق أزمة سياسية في البلاد.

واعتبر الدالي أن حكومة المشيشي هي ''حكومة الرئيس 2 ''، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية هو من أملى عليه الفريق الحكومي الذي سيقود البلاد في المرحلة القادمة.

الحزب الأكثر وضوحا إلى حد الآن هو الدستوري الحر الذي أعلن صراحة موقفه منذ البداية فهو لن يصوت لحكومة تضم حركة النهضة أو مقربين منها و سيمنح ثقته لأي حكومة تستبعدها و شارك في المشاورات مع المشيشي لمجرد إعلانه عن تشكيل حكومة من الكفاءات الإدارية الغير متحزبة و ينتظر الإعلان الرسمي عن الحكومة للتثبت في تركيبتها و إعلان موقفه النهائي.

باقي الأحزاب لم تعلن موقفها بعد من التصويت لحكومة المشيشي من عدمه لكنها أكدت موقفها الرافض لحكومة الكفاءات التي تصادر صوت الناخب الذي منحه لحزب معين كي يحكم و لم يمنحه للمستقلين.

 

نفس الأحزاب تتساءل عن الجدوى من انتخابات و إضاعة وقت و جهد و أموال من الخزينة العامة للدولة طالما كانت نتائج هذه الانتخابات لا تعني شيء و لا تقرر من سيحكم البلاد مطالبة في نفس الوقت بسن قانون خاص يمنع السياحة الحزبية التي تغير من حجم الأحزاب و تفقدها رصيدها السياسي و تساهم في تغيير إرادة الناخب الذي منح صوته لحزب معين كي يحكم.

حسام بن أحمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter