لا رئاسة مدى الحياة للغنوشي - أبناء النهضة ينتفضون ضدّه، فهل هي النهاية
قياديون من حركة النهضة يطالبون الغنوشي بعدم الترشح لرئاسة المؤتمر
النصّ الكامل للعريضة الداخلية المطالبة بعدم ترشح العنوشي
أهي ارهاصاتُ الحكم، أم رجع الصدى من المؤتمر العاشر الذي فُصل فيها الدعوي عن السياسي وسبب أزمة هوية داخل الحزب اسلاميّ المرجعية، هل يجرؤ الاسلاميون على اغتيال السلط الرمزيّة داخل حركة النهضة لكسر وهم الرئاسة مدى الحياة - أم هل انطلقت المناورات الداخلية واستعراضُ القوى وأوراق الضغط مع الترويج لها خارجيا على أساس أنّها دعوة لدمقرطة الحزب الذي ظلّ يروج لسنوات أنّه أكثر الفاعلين السياسيين ديمقراطية في المشهد التونسي، لا أحد يعلم بعدُ، اثر مضيّ ساعات قليلة على تسريب عريضة داخلية تحمل 100 توقيع من قيادات الحزب الاسلامي المُطالبين بمنع راشد الغنوشي من الترشح لرئاسة الحزب بعد أكثر من أربعة عقود قضاها في القيادة.
وثيقة مُفاجئة، فبعد سبر اراء ايمرود الذي يؤكد أن 68 بالمائة من التونسيين لا يثقون براشد الغنوشي- تبين أيضا أن أبناء حركة النهضة نفسهم لا يثقون بالغنوشي او على الأقل 100 منهم ممن يعتبرون أنه أضر بالحركة في السنة الأخيرة وخلق حولها وهما بأنها تقدّس الزعامات و تشرع للرئاسة مدى الحياة. وثيقة تؤكد أن ترشح راشد الغنوشي في المؤتمر القادم أو التمديد له هو ترجمة للاستبداد والديكتاتورية وتشبّه بالأنظمة الظالمة التي تتلاعب التشريعات لصالح زعمائها. قياديو الحركة الموقعون على العريضة يشددون على أنه يوجد تناقض بين ماضي الحركة التي ناضلت ضد الاستبداد وبين حاضرها الذي يمهد للرئيس الأوحد، كما يصرون على أن ترشح الغنوشي أو التمديد له لن يجلب سوى التنازع ووافقاد الثقة واضعاف الهياكل ويشجع على استهداف المنظومة الحزبية ونسف ماتبقى من ثقة المواطنين في الأحزاب. تؤكد الوثيقة على ان التمديد يعطي مثالا سيئا عن الحركة ويمثل فشل ذريع في امتحان الديمقراطية. من أبرز الموقعين على هذه العريضة سمير ديلو ونورالدين العرباوي وآمال عزوز وفتحي العيّادي وعماد الحمامي ومنية إبراهيم ومحمد النوري وجميلة الكسيكسي وعبداللطيف المكّي ومحسن النويشي وعبد المجيد النجار ومحمد بن سالم وأسامة الصغير ومعز الحاج سالم ومحسن السوداني وصالح بن عبدالله و بن عيسى الدمني وجلال الورغي وجوهرة التيس.
بعُنوان " مستقبل النهضة بين مخاطر التمديد وفرص التداول"، جاءت العريضة التي تهدف للمطالبة بعدم التمديد لراشد الغنوشي لولاية ثالثة. استنكر الموقعون على هذه الوثيقة عدم احترام الغنوشي القانون الداخلي للنهضة الذي ينص في فصله 31 على أنه "لا يحق لأي عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين". واعتبر الموقعون على القضية أن النهضة تراجعت انتخابيا وسياسيا بسبب تراكم أخطاء قياداتها التاريخية مما قد يؤدي الى عدم تماسكها مستقبلا.
وانتقد القياديون الذي طالبوا بعدم التمديد للغنوشي عدم التداول على السلطة في الحزب طارحين ايجابيات التداول في نص العريضة من تجديد ودمقرطة و نموذج تواقف حزبي. واستعرض الموقعون رفضهم للتمديد وتغيير القانون الداخلي للحزب من أجل السماح لراشد الغنوشي بالترشح مرة أخرى، مؤكدين أن التمديد ينسف المصداقية الأخلاقية للحركة الاسلامية، ويضرب صورة الحزب ناقدين مقولة "الرئاسة مدى الحياة" التي قد تلتصق بصورة الحزب بسبب الغنوشي. وحذروا من بداية الانقسام والتشذرم والضعف في هياكل الحزب والاستقالات المتكررة مؤكدين أن عدم التمديد هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة الحركة.
بعد ورقة داخلية أكدت فيها مجموعة الوحدة والتجديد المساندة لراشد الغنوشي أنّ النهضة تعيش على وقع خلافٍ داخلي ظلّ يتفاقم منذ المؤتمر العاشر سنة 2016 ممّا أنتج مناخات سلبية ساهمت في إرباك الحركة وإهدار الكثير من الجهود والطاقات، يخشى الشقّ المساند لرئيس الحركة أنّ ازاحة الغنوشي عن القيادة وهو الشخصية الجامعة- سيسبب مزيدا من التصدّع في صفوف الحزب الاسلامي. هذه المجموعة تسعى لتغيير النظام الداخلي في الحركة من أجل التمديد لولاية أخرى للمرشد الاسلامي حتى تتجاوز النهضة أزماتها وتكون متمامسكة لاختيار شخصية ثانية يلتف حولها القياديون والقواعد. بعد استقالة عامر العريض، زياد العذاري وعبد الحميد الجلاصي، زادت أزمات المشروع السياسي النهضوي بسبب طريقة التسيير الداخلي الذي يسيطر عليه الغنوشي.
من الممكن أن الحركة تعيش آخر أيام تماسكها. بعض الأخبار من مونبليزير تشير الى أن عبد اللطيف المكي وعبد الكريم الهاروني ونورالدين البحيري من أشد الرافضين لترؤس الغنوشي حاليا للحركة والبرلمان في الوقت ذاته مما يطرح فراغا على مستوى القيادة السياسية في الحركة وتعارضا مع حياد المؤسسة الدستورية. الاستقالات لن تشكل مشهدا جديدا في هياكل الحركة ولن تطلق تموضعات جديدة، لكنها ساهمت في كشف جزء من البيت الداخلي للحزب الاسلامي المتفاخر بـ"حركة المؤسسات والديمقراطية". كل المؤشرات تبين أن مرد الاحتجاج هو الأخطاء التسييرية لراشد الغنوشي وحاشيته.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires