متى تنتهي صبيانية نواب البرلمان التي مسّت من سيادة البلاد ؟

''منذ بداية أشغال مجلس نواب الشعب سيف الدين مخلوف يسُب في اتحاد الشغل وفي التجمّع وعبير موسي تشتم في النهضة وائتلاف الكرامة وعندما قمنا بصياغة النظام الداخلي للبرلمان اعتقدنا أنّ للنواب مستوى عالٍ وراقٍ.. اليوم خصومات البرلمان قائمة على السب والشتم والتدوينات بين النواب والمستوى الأخلاقي أصبح متدني لأبعد الحدود لا يليق بنائب شعب وهذا سيبقى للتاريخ ..اليوم هناك ضغينة كبيرة بين أنصار الأحزاب السياسية'' كانت هذه شهادة  النائب الثاني لرئيس مجلس نواب الشعب طارق الفتيتي على حالة البرلمان الكارثية بسبب العلاقة العدائية بين النواب. 

في الوقت الذي تعيش فيه بلادنا أزمة حادّة على المستوى الإقتصادي والإجتماعي وأزمة صحية بسبب انتشار فيروس كورونا الذي أطاح بآلاف الأرواح البريئة، يبقى البرلمان التونسي في حالة شلل تام وعاجز على تقديم الإفادة لهذا الشعب ولتونس. مجلس نواب الشعب المنتخب 2019 سيبقى مهزلة يذكرها التاريخ ورواية يقصّها الجيل الحالي على الأجيال المقبلة لأنّه وببساطة لم يُقدّم للشعب التونسي شيئا ينفعه به ولم يُحقق نجاحات في صالح البلاد يُشهد له بها، بل إنّ هذا البرلمان قدّم للتونسيين حقيقة النواب الذين تعهّدوا أن يكونوا صوتا ناطقا باسم مطالب واحتياجات الشعب وأن يعملوا على تحقيقها، في حين أنّهم قاموا بالعمل على تحقيق مصالحهم لا مصالح الشعب ولا مصلحة البلاد. 

وكما صرّح النائب الثاني لرئيس البرلمان طارق الفتيتي، فإنّ نواب البرلمان الحالي  باستثناء البعض منهم، جعلوا من قبة مجلس نواب الشعب حلبة مصارعة في ما بينهم وقدّموا صورة بشعة لتونس أمام دول العالم وذلك من خلال المناوشات والسب والشتم التي يتبادلونها في الجلسات العامة المخصّصة لفتح مشاكل البلاد. ولعلّ من أبرز هؤلاء النواب الذين لم يقدّروا هيبة البرلمان وتحيّلوا على الشعب الذي انتخبه ليمثّله في البرلمان نذكر النائب الإسلامي رئيس ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف الذي لم يسلم أي قطاع من سبّه وشتمه على غرار اتحاد الشغل وقطاع الإعلام والذي جعل من قاعة الجلسات العامة مجالا ليصبّ فيه غضبه وكراهيته إزاء زملائه النواب وخاصّة رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي. 

في هذا البرلمان تمّ انتهاك السيادة الوطنية والتعدي عليها وذلك يعود للسياسة المعتمدة في مجلس نواب الشعب الذي تعمّد غضّ النظر على كلّ أساليب العنف المُتبادلة بين النواب وهو ما جعل البرلمان الدولي يتدخّل في شؤون البرلمان التونسي والذي اقترح بعث لجنة تحقيق وتدقيق في العنف المتبادل بين  النواب في مجلس نواب الشعب التونسي. ويعود هذا التدخلّ إلى المراسلة التي وجّهتها رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي للبرلمان الدولي للنظر في العنف الذي مارسه ضدّها النائب الإسلامي سيف الدين مخلوف بعد أن لم يقم برلماننا الموقّر بإنصافها وإدانة العنف ضدّها. 

تجاوز النائب الإسلامي ذو التصرفات وردود الفعل العدوانية سيف الدين مخلوف كلّ الخطوط الحمراء في البرلمان، وتعمّد سب وشتم عبير موسي بأبشع النعوت ''العرة، مهبولة المجلس، يقطع فراناتها، قداشها رخيصة ومريضة وهي كاراكوز المجلس التشريعي'' ذلك أنّها طالبت بحقّها في الدفاع عن نفسها واستنجدت بالبرلمان الدولي واستنكر اجتماع مكتب البرلمان يوم الأربعاء الفارط للبتّ في المراسلة التي وجّهها البرلمان الدولي للبرلمان التونسي حول العنف الذي مارسه مخلوف ضدّ عبير موسي. لم يقف السب والشتم على مستوى عبير موسي فقط، بل سمح مخلوف لنفسه بسب وشتم مكتب البرلمان وزملائه النواب بأبشع النعوت على خلفية إصدار مكتب المجلس بيان إدانة ضدّ العنف المسلّط على عبير موسي من قبل مخلوف وضدّ كلّ نائب بصفة عامة ونشر سيف الدين مخلوف تديونة  تهجّم فيها على زملائه النواب الذين حضروا اجتماع مكتب المجلس ووصف عبير موسي '' بزبلة بن علي'' ووصف النواب الذين أدانوا تصرّفه ''بصنّاع عبير موسي'' على غرار مبروك كورشيد وسامية عبو وخالد الكريشي وحافظ الزواري، كما وصف النائب الثاني لرئيس البرلمان، طارق الفتيتي ''بالصانع'' لدى عبير موسي ووصف اجتماع مكتب المجلس ''بالانحراف والتآمر والخِسّة والنذالة''.

كتلة الإصلاح الوطني ندّدت بما نشره النائب العدائي سيف الدين مخلوف وعبّرت عن رفضها القاطع لما صدر عن هذا النائب والذي يعدّ تحريضا على نواب الشعب ومسّا من اعتبارهم وقذفا لهم واعتبرت أنّ ذلك تهجّم غير أخلاقي ينمّ عن درجة الحقد المبطّنة لدى صاحبها وإمعانه المتواصل في ترذيل أساليب العمل النيابي المسؤول، كما اعتبرت أيضا أنّ أقوال النائب الإسلامي وتصرفاته لا يمكن إلا أن تساهم في تشنّج الأجواء داخل البرلمان وخارجه لما فيها من اعتماد على العنف والتحريض في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى حالة وعي حقيقية بخطورة المرحلة وانعكاساتها وضرورة أن تلعب كل الأطراف الدور المناط بعهدتها في كنف الاحترام والمسؤولية ودعت رئاسة مجلس نواب الشعب ومكتبه لإتّخاذ موقف حاسم من هذه التجاوزات الخطيرة وتحميل صاحبها وكل من يتعمد التغطية عليها مسؤولية تبعاتها وما تمثله من خطر على المسار الديمقراطي وما تنذر به من عنف سياسي.

ردود أفعال صبيانية قائمة على السب والشتم وهتك الأعراض بين نواب البرلمان الحالي الذين تركوا الغاية الأساسية من وجودهم في المجلس وهي الدفاع عن حقوق ومصلحة الشعب التونسي وجعلوا من خلافاتهم الشخصية والسياسية محور أغلب الجلسات العامة وهو ما أدى إلى المسّ من هيبة الدولة والحطّ من السيادة الوطنية وذلك بتدخّل اتحاد البرلمان الدولي لفضّ العنف والنزاعات داخل البرلمان التونسي. 

يسرى رياحي