أسبوعان فقط تفصلنا عن الإعلان عن نتائج التحقيق المتعلق بشبهة تضارب المصالح بالنسبة لرئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، و إن كانت مخلفاتها قد حدثت بالفعل و جعلت من المستحيل أخلاقيا مواصلة الفخفاخ لعمله بأريحية و سلاسة حتى و إن كشفت نتائج التحقيق براءته من الشبه المتعلقة به.

هيئة مكافحة الفساد سبقت الهيئة العامة لمصالح رقابة الدولة و اللجنة البرلمانية للتحقيق في شبهات الفساد لرئيس الحكومة في الحكم، و أقرت بوجود تضارب مصالح حقيقي لرئيس الحكومة تتعلق بامتلاكه أسهما في شركات تتعامل تجاريا مع الدولة، وأبرمت معها صفقات وهو ما يمنعه القانون.

تقرير هيئة شوقي الطبيب عقد مهمة الفخفاخ و صعب عليه مواصلة العمل على رأس الحكومة من الناحية الأخلاقية على الأقل، رغم نجاح الحكومة النسبي في التعامل مع أزمة كورونا التي طغت على المائة يوم الأولى من عمل الحكومة.

• مجلس شورى النهضة قد يحسم الأمر

تعقد حركة النهضة، اليوم الأحد 12 جويلية 2020، دورة استثنائية لمجلس الشورى مخصّصة لتناول نقطة وحيدة هي ملف شبهات تضارب المصالح لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وموقف الحركة من الحكومة في ظل الحديث عن احتمال متصاعد بالانسحاب منها.

و أكد المكتب التنفيذي للحزب، خلال اجتماعه الأحد الماضي، أن ملف شبهة تضارب المصالح "أضر بصورة الائتلاف الحكومي عمومًا بما يستوجب إعادة تقدير الموقف من الحكومة والائتلاف المكون لها وعرضه على أنظار مجلس الشورى في دورته القادمة لاتخاذ القرار المناسب".

اجتماع مجلس شورى حركة النهضة اليوم يأتي في مناخ سياسي متوتر جدا خاصة بعد ما حدث في جلسة أمس من اعتداء على الأمن الرئاسي ارتكبه رئيس كتلة الكرامة الجناح – العسكري- الجديد لحركة النهضة، سيف الدين مخلوف، و هو اعتداء اعتبره رئيس كتلة الإصلاح حسونة الناصفي تحت غطاء رئاسة المجلس و مباركتها و تعهد بأن  الساعات القادمة ستحمل معها منعرجا حاسما تسقط فيه الأقنعة و تنكشف معه النوايا و يتحمل فيه كل طرف مسؤوليته.

مصادر مطلعة في حركة النهضة أكدت لبزنس نيوز أن مجلس الشورى قد حسم أمره فعلا بخصوص الياس الفخفاخ و قرر القطع مع مرحلته و التفكير جديا في ما بعد الفخفاخ بالتنسيق مع كل الجهات السياسية الحريص علة مصلحة تونس بما فيها رئيس الجمهورية حيث جرت محادثات بين الحركة و قيس سعيد حول الموضوع دون الكشف عن موقف سعيد أو رده بخصوص الموضوع، و أضاف مصدرنا أن الخلاف الحاصل الآن صلب الحركة بخصوص الآليات الممكنة لتنفيذ هذا القرار مضيفا ان الحركة مستعدة لكل الاحتمالات بما فيها التوجه نحو انتخابات سابقة لأوانها ان استحال التوصل إلى اتفاق يرضي كل الأطراف.

• توازن الرعب

أكد محمد عمار الناطق الرسمي باسم التيار الديمقراطي خلال تصريح إعلامي نقلته وكالة تونس إفريقيا للأنباء اليوم الأحد 12 جويلية 2020، أن 4 كتل برلمانية اتفقت على الشروع في إجراءات سحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي اثر لقاء عقد أمس السبت بين ممثليها.

و أكد عمار أن الكتل النيابية ضمت كل من الكتلة الديمقراطية وكتلة الإصلاح الوطني و كتلة تحيا تونس والكتلة الوطنية، معلنا، أنه سيتم غدا الاثنين إصدار بيان إعلامي حول البدء في إجراءات سحب الثقة من رئيس المجلس في إطار التصدي لجملة من الخروقات التي اتهم بارتكابها مؤخرا.

وأكد، أن الاتفاق بين الكتل النيابية حول البدء في إجراءات سحب الثقة من رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي لا علاقة له بنتائج اجتماع مجلس شورى حركة النهضة المنعقد اليوم الأحد لاتخاذ قرار حاسم بشأن البقاء في الحكومة أو الخروج منها.

حسونة الناصفي رئيس كتلة الإصلاح الوطني أكد أيضا في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بالفايسبوك أمس السبت أن رئاسة البرلمان متواطئة في ما شهدته الجلسة العامة من أحداث تسبب فيها رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف و أكد أن الساعات القليلة القادمة ستحسم العديد من النقاط الخلافية، و أكد ضمنيا ان كل مخطئ سيتحمل مسؤوليته في إشارة إلى إجراءات سحب الثقة من الغنوشي.

الكتل الأربعة التي أعلنت عن بدأها في إجراءات سحب الثقة من الغنوشي هي الكتلة الديمقراطية (38 نائبا) وكتلة الإصلاح الوطني (16 نائبا) و كتلة تحيا تونس (11 نائبا) والكتلة الوطنية (11 نائبا) سيضاف إليها و بصفة آلية كتلة الحزب الدستوري الحر (16 نائبا) أي 92 نائبا في المجمل و هو ما يعني أنه ينقص لسحب الثقة من رئيس المجلس 15 نائبا و هو رقم غير صعب المنال في ظل وجود انتماءات أخرى قريبة من العائلة الوسطية و قادرة على الالتحاق بالركب مثل كتلة المستقبل التي تضم 9 نواب و بعض المستقلين المعروفين بتوجههم السياسي المعادي لحركة النهضة و رئيسها راشد الغنوشي و يعتبر تصويتها مع سحب الثقة من التحصيل الحاصل تقريبا.

الضفة الأخرى التي تحتوي كتلة حركة النهضة (54 نائبا) و قلب تونس (27 نائبا) و ائتلاف الكرامة (19 نائبا) أي مائة نائب وهو رقم غير قادر على تثبيت الغنوشي في مكانه كرئيس للمجلس لان تحالف المائة و سبعة عشر نائب الباقين يمكن أن يغير ملامح المشهد السياسي.

تقارب عدد النواب في الضفتين يجعل الأمر دقيقا للغاية و يلعب على تفاصيل صغيرة فحتى المستقلون أنفسهم مقسومون إلى مجموعة قريبة من حركة النهضة على الأقل إيديولوجيا و من المستحيل تصويتهم مع الشق المعارض لها و مجموعة أخرى متقاربة في العدد قريبة من العالة الوسطية التقدمية و من المستحيل تصويتهم مع حركة النهضة.

• التحركات الاحتجاجية عقدت موقف الفخفاخ

ساهم تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تعميق الأزمة السياسية في البلاد، و تعقيد مهمة الفخفاخ حيث ان الوضع بعد الكورونا ازداد تعقدا و صعوبة،  وبحسب تقديرات رسمية ينتظر أن تكون نسبة النمو في حدود الستة بالمائة سلبي وستخسر تونس أكثر من 130 ألف موطن شغل و هذا ما من شأنه أن يزيد في منسوب الاحتقان لدى الشباب العاطل عن العمل في عدد من المناطق الداخلية و يزيد في وتيرة الاحتجاجات وتهديد السلم الاجتماعية، على غرار ما يحدث في تطاوين وقفصة و البرمة وغيرها من الجهات الداخلية.

ملف الكامور بتطاوين شهد توترا كبيرا و مشاحنات بين الشباب المحتج و قوات الأمن و زاد من تعقيد موقف رئيس الحكومة الذي لم يتحول الى تطاوين لامتصاص غضب المحتجين و لم يأمر بعقد مجلس وزاري ضيق بالولاية بإشرافه و بحضور والي الجهة و نوابها بل اكتفى بمجلس وزاري بالعاصمة حول جهة تطاوين و كانت مخرجاته مخيبة للآمال بالنسبة لمحتدي المنطقة.

 غدا سيكون مختلفا عن اليوم سياسيا و سيحمل معه تطورات أخرى اما في مصلحة الفخفاخ و ضد رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي أو العكس، فاحتمال تكرر سيناريو الشاهد و انقلابه على رئيس الجمهورية لكن مع تغير في العناوين ممكن الحدوث حيث يستطيع الفخفاخ بدعم من قيس سعيد تحصيل الأغلبية البرلمانية التي تسمح له بالاستمرار في عمله و قلب المعادلة السياسية تماما.

كما أن سيناريو تغليب كفة بالترويكا الجديدة بقيادة حركة النهضة ممكن الحدوث أيضا حينها سنتحدث عن رئيس جديد للحكومة و تحالف جديد قد يغير أيضا المشهد السياسي أكثر من 360 درجة.

حسام بن أحمد