alexametrics
الأولى

هل تمرر الأحزاب الحكومة ثم تتخلى عنها في أول منعرج ؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
هل تمرر الأحزاب الحكومة ثم تتخلى عنها في أول منعرج ؟

يمّر الأسبوع ثقيلا قبل الاعلان المتوقع في نهايته على تركيبة الفريق الحكومي لهشام المشيشي تتخللّه بعض اللائحات "المسربة" والتي يحملُ أغلبها تسميات غير منطقيّة نظرا للتمشي العام الخالي من الأحزاب من ومن المحتمل أنها مجرد قائمات مغلوطة لغرض الضغط السياسيّ. ضغط لا يبدو أنه يؤثر على رئيس الحكومة المكلّف قليل الظهور. سيقدم المشيشي تركيبة حكومته قبل 24 من الاعلان عنها لكلّ من رئيس الجمهورية قيس سعيد والأحزاب المشاركة في المشاورات.

 


في فلسفة المشيشي، تقوم الحكومة على العنصر الاقتصادي، مرد فكرة الأقطاب الوزارية التي تجمع بين وزارت القطاع الواحد (كالمالية والاقتصاد والاستثمار الدولي). من الملامح القليلة للحكومة أنها من المحتمل ان تتضمن أسماء الوزراء المستقلين في حكومة الفخفاخ وحذف بعض الوزارات ودمج وزارات اخرى حتى لا يتجاوز عدد الوزارات 23 حقيبة بمعنى أنها ستكون حكومة لا حزبية مُصغرّة ذات افاق اقتصادية. مع اقتراب اجال المهلة الدستورية والمشاورات تدخل أسبوعها الرابع، تطور سلوك الأحزاب تجاه هشام المشيشي ولمسنا ليونة في التعامل مع الرجل وتباينا مع المواقف الأوليّة التي تلت اعلان قرار حكومة التكنوقراط. يضمنُ المشيشي الى غاية اليوم كتلة تحيا تونس (16 نائبا)، وكتلة الاصلاح الوطني(11 نائبا)،  اللتان أعلنتا مسبقا دعمهما للحكومة.

حركة الشعب تبنت سلوكا ايجابيا أخرجها من ساحة التعامل السياسي مع المشيشي الى تعامل وطني قد ينتهي به الأمر الى اعلان الدعم كذلك. الدستوري الحرّ(16 نائبا)، ، دخل لأول مرة مشاورات رسمية لم يبد خلالها رفضا مُسبقا لمقاربة رئيس الحكومة المكلف. توالت الاجتماعات بين الطرفين، ولئن لم يصرح الحزب بموقفه الرسمي الا أن غياب الرفض المبدئي وتصريح رئيسة الحزب عبير موسي التي ثمّنت عبرهُ توجه المشيشي ينبأ بأن تصويت الدستوري الحر يوم منح الثقة قد يكون بـ "نعم" في حال خلو الحكومة من ممثلي الاسلام السياسي حتى وان كانوا مستقلين ظاهريا.

 النهضة(54 نائبا)  وائتلاف الكرامة (19 نائبا)،  لم يظهرا خلال المشاورات الا بوجوه سلبيّة وتنّدر من "اقصاء الأحزاب ومعاداة الديمقراطية" هو في الواقع ليس الا استعارة عن قول "معاداة حكومة الرئيس 2 ومعاداة رئيس الجمهورية". قيس سعيد، الذي قسّم الشرعية لشرعية البرلمان (شرعية الأحزاب) وشرعية الرئيس (شرعية الشعب، باعتبار عنصر الدعم الشعبي لسعيد) وبذلك فان الحزب الاسلامي لا يخشى المشيشي نفسه، بل كونه على خُطى قيس سعيد وعلى نهج ذات المقاربة، كما أنه يستمد منه الشرعية.

 

لا أحد يعلم  الأسماء النهائية وسيرها الذاتية، أو تقسيم التسميات على الوزرات، حتى من حضر المشاورات من كفاءات مستقلة في مختلف المجالات وسياسيين وممثلي كتل برلمانية. حرص المشيشي أن تدور النقاشات في قصر الضيافة حول الاستراتجيات والخطوط الكبرى وتقييم المقاربة الاقتصادية والتأسيس لخطة انتقاذ تتلائم مع المرحلة القادمة مستئنسا بأراء الأحزاب وتصوراتهم. سيمضي الرجل دون شكّ في خيار الكاءات المستقلة الان وأكثر من أي وقت مضى، لأنو وجد دعما من بعض الأطراف قد يليه رضوخ بقية الكتل الكبيرة.من الاليات التي يمكن أن يستغلها الميشيش، تكون تنسقية دعم حزبية لحكومتهن تتضمن الداعمين له وحلفاءهم، التي سيكون دورها أولا ضمان مرور الحكومة ثم اسنادها برلمانيا. من المحامل أن يقود الاصلاح الوطني هذه التنسقية. على عكس ماقد يذهب اليه البعض، فان المشيشي يتمتع بأريحية اختيار المستقلين دون ضغط حزبي وتسميات مسقطة وجاهزة ومفاوضات اللحظة الأخيرة والتهديد بالانسحابات، وهي عثرات واجهها من قبله الجملي والفخفاخ. رفاهية مناقشة التسميات المستقلة في هدوء وبعيدا عن ضجيج المجالس الوطنية والمكاتب السياسية.

 

الوضع الصحي في قابس، الموجة الثانية من فيروس كورونا، عثرات المالية العمومية وانخرامها، عجز تونس عن تسديد ديونها ارتفاع البطالة، قضية الكامور، وعشرات المسائل المعلقة العاجلة ستكون على ملف رئيس الحكومة المكلف في حال مرور حكومته بالاضافة الى الغليان الاجتماعي والصراعات السياسية واتجاه المنظمة الشغيلة الى مؤتمر استثنائي ستسبقه بالتأكيد اضرابات لتسجيل النقاط.اذا لم تمر الحكومة، فسينضاف الى ذلك تنظيم تشريعيات مبكرة واضافة ذلك.

 

ربما نكون ازاء حكومة قيس سعيد وليس حكومة هشام المشيشي ولكن ذلك لا يعني أن نجرد المشيشي من أعليته للمنصب أو أن نن أنه مجرد منفذ لأموامر قرطاج. من خلال أعين ممثلي الأحزاب الذي أعطوا توصيفاتهم له، ليس الرجل مجرد عقل اداري أو عقل أمني بحث خال من التحليل السياسي، بل له طريقته في تحليل الواقع السياسي ولاتعامل مع الأحزاب والتفاوض بسلاسة. تواجد المشيشي في قلب دائرة السلطة متذ نعيينه في حقيبة الداخلية جعله يعايش التقلبات السياسية وتغيير مواز القورى من الداخلـ بالضافة الى مساندة قيس سعيد الذي لن يتردد في تقديم التوجيه والنصائح. أحيانا، قد يكون لوبي الادراة المنتشر في كافة المياديين والوزارت ومؤسسات الدولة أقوى من لوبي الأحزاب الذي قد يسعفه الصندوق والتسميات في الوصول وقد يمضي سنوات في محاولة التسرب للدولة دون جدوى.

 

لن تكون التحالفات البرلمانية والسياسية وحتى علاقة المشيشي بالأحزاب نهائية بل ستكون ككل العلاقات المتغيرة وقتية وظرفية مما يحيل الى أن حكومة المشيشي حتى وان مرت فانها لن تصمد لخمس سنوات أخرى لا نعرف ماذا سكون المتغير السياسي فيها. قد يبدي البعض الود للمشيشي الان لكن من الخطأ أن نظن أن هذا الود لن يتحول يوما ما الى منافسة أو عداء فربما يتخلى الداعمون عن المشيشي في أول صعوبة تواجهها حكومته مثلما تخلوا عن الياس الفخفاخ. وحتى لا يعيد التاريخ نفسه على المشيشي أن يتعلم من تجارب من سبقوه ويتحول من اداري متسيسي الى سياسي يفكّر بعقل الادارة. اذا واصل المشيشي تنبي مقاربة رئيس الجمهوري الذي يؤمن أن الشعب والأحزاب شيئان مختلفان فانه سيعزل نفسه ويظهر للأحزاب أنه يستغلهم فقط من أجل تمرير الحكومة بينما يضمر لهم الاقصاء والترذيل. عليه اذن ان يعمل على التوحيد والتوازن بدل تبني الخطاب الهدومي والعقلية المؤامرات التي يتمسك بها سعيد.

 

 

الأحزاب ستجد نفسها مضطرة للتصويت لحكومة المشيشي  مخافة اضاعة توازناتها البرلمانية لكن في الحالتين سنجد أنفسنا أمام مشهد جديد. حكومة المشيشي ستمر من سيناريو اعادة الانتخابات وضبابية دستور 2014 الذي ترك مجالا يقيس سعيد للتصرف حيث بالامكان الابقاء على حكومة تصريف الأعمال  وعدم الذهاب لانتخابات مبكرة. عبر خطواته السياسية، يسعى قيس سعيد أن يتحول الى فاعل في المشهد السياسي ولا يكتفي بممارسة دوره الدستوري المحدود. عبر الحفاظ على علاقة تعامل وانسجام مع المشيشي، سيضمن رئيس الجمهورية اصدقاء جدد في الحكومة القادمة من خارج دائرة الأحزاب التي تتعامل معه بحذر.

 

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter