alexametrics
الأولى

لهذه الأسباب قد لا يسقط راشد الغنوشي

مدّة القراءة : 5 دقيقة
لهذه الأسباب قد لا يسقط راشد الغنوشي

 

ساعات قليلة تفصلنا على موعد جلسة سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي المبرمجة غدا الخميس 30 جويلية 2020، و هو الحدث الذي طغى على المشهد السياسي منذ أيام حيث تتالت الأخبار و التسريبات و التسريبات المضادة و كل طرف يحاول التلاعب بمجرى الأحداث و تطويع المشهد لصالحه.


قياديون من التيار الديمقراطي اتهموا حركة النهضة بمحاولة شراء أصوات النواب و قياديون من النهضة اتهموا حلف الإمارات بضخ مبالغ طائلة للضغط على النواب و اقتلاع أصواتهم و طرد الغنوشي من كرسي رئاسة البرلمان و قياديون من الحزب الدستوري الحر اتهموا الكتلة الديمقراطية بعدم الجدية و الرغبة في وضع مشروع اللائحة ككل موضع شك و إسقاطها شكلا في حين عبرت الكتلة الديمقراطية عن رفضها استعمال إمضاءات التجمعيين الذين يمثلون امتدادا للنظام السابق في مشروعهم التقدمي الحداثي المتمثل في إسقاط النهضة و رئيسها من رئاسة مجلس نواب الشعب و إعادة تشكيل المشهد السياسي البرلماني.

 

  • هكذا فعلت النهضة لإنقاذ الغنوشي

حركة النهضة تعتبر من خلال تصريحات قيادتها التاريخية أن جلسة سحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب، رئيس حركة النهضة، و نائب رئيس اتحاد الإخوان المسلمين السابق راشد الغنوشي مسألة حياة او موت و لا يجب ان تنتهي بأي شكل من الأشكال و مهما كان الثمن الذي ستدفعه (سياسيا أو ماديا) بسحب الثقة من رئيسها و اتهمت كل الأطراف المعادية لها بمحاولة التلاعب بالنواب و إغرائهم بالمال، لوضع من سيصوت ضد الغنوشي أمام شبهة المال الفاسد و شبهة التخابر مع دول أجنبية .

حيث أكد رئيس كتلة حركة النهضة بمجلس النواب ، نور الدين البحيري، وجود ضغوط تمارس من داخل البلاد وخارجها بأموال إماراتية توزع على النواب من أجل سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

واتهم البحيري، الإمارات بمحاولة إرباك عمل البرلمان وتعطيل جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، مشيراً إلى أن "أخطر ما في سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي هو دفع مجلس النواب نحو الفراغ".

و أشار البحيري إلى " إمكانية سحب الثقة من نائبي الرئيس أيضاً إثر سحب الثقة من الغنوشي، مما سيدخل البرلمان في حالة فراغ ويكون غير قادر على تزكية الحكومة، وتتحقق بذلك الخطة الإماراتية بدفع البلاد إلى التحارب الأهلي وصراع الأحزاب والكتل".

المهم بالنسبة لحركة النهضة ليس إنقاذ الغنوشي من العزل فقط بل و إنقاذه أيضا من  سيناريو الجلسة الماضية الذي بقي أكثر من 20 ساعة يستمع إلى نقد و انتقاد و حتى إهانة العديد من النواب له و هو ما اعتبرته الحركة  خطا أحمر و لا سبل لتكراره و "تشليك "رئيس الحركة سياسيا فقامت بالعديد من الحركات و الخطط  لضمان فشل جلسة الغد و مرورها بأخف الأضرار على الغنوشي و على الحزب ككل فحرصت أولا على ان تكون جلسة الغد دون نقاش عام و دون مداخلات للنواب بتعلة ربح الوقت أولا و توازي الصيغ القانونية ثانيا و بالتالي لن يكون الغنوشي في مواجهة خصومه التقليديين و لن يستمع إلى خطبهم النارية و تهمهم في شأنه و هو في حد ذاته انجاز سياسي .

الخطوة الثانية لتمييع جلسة الغد جعلها سرية من أجل السماح للنواب المنتمين لكتل و أحزاب موالية لسحب الثقة من التخفي و عدم الانضباط حزبيا لتعليمات أحزابهم و التصويت ضد سحب الثقة بكل حرية دون التعرض لهجمات ناخبيهم و دون تعرضهم للتشكيك و التخوين  و للتمتع بهامش أكبر من الحرية في التصويت و لتسهيل التأثير عليهم سواء بالوعود أو بالورود أو حتى بالأموال.

الخطوة الثالثة للنهضة هي موعد الجلسة نفسها، يوم واحد قبل يوم عيد الأضحى، و كان بإمكانها اختيار أي موعد أخر و قد ذكر النائب عن التيار الديمقراطي نبيل حجي أن حركة النهضة رفضت في السابق برمجة عدة مواضيع جاهزة للتصويت في جلسة قبل العيد بحجة استحالة الحضور بالنسبة للعديد من النواب، و هو ما تبحث عنه في جلسة سحب الثقة أي عدم حضور النواب و خصوصا نواب الجهات الداخلية البعيدة عن العاصمة.

الخطوة الرابعة وهي الأذكى و الأكثر خبثا و تعتمد فيها حركة النهضة على – الباراشوك – الخاص بها أي ائتلاف الكرامة الذي ينفذ دون نقاش كل التعليمات التي تأتيه من المعبد الأزرق و أخرها مقاطعة جلسة سحب الثقة من الغنوشي، و لن يحضر أيضا نواب حركة النهضة، و سمح قلب تونس لنوابه بحرية التصويت و لن يحضر أيضا عدد مهم منهم و لن يحضر إلا النواب المعنيون بالتصويت لسحب الثقة و هذا في حد ذاته تخطيط محكم لمعرفة من هم النواب الخونة للثورة و الموالون للحلف الإماراتي المصري و الذين تسلموا أموالا لإسقاط الغنوشي حيث كانت كلمة السر لحركة النهضة حسب وصف الزميلة ببزنس نيوز عبير القاسمي هي - إذا كنت  قادما من أجل إقالة الغنوشي، فستأتي، و إذا كنت ضد، فالبقاء في المنزل ومقاطعة الجلسة لإفشالها هو كلمة السر لدى مختلف نواب النهضة والكرامة وقلب تونس، أما المساندون فمجرد حضورهم في الجلسة العامة سيعتبر مريبًا- و هو ما قامت به النهضة لإنقاذ زعيمها من الإهانة و الإقالة.

  • شكر الله سعيكم... ما هكذا يسقط الغنوشي

نجاة الغنوشي من جلسة سحب الثقة المبرمجة ليوم الغد، إن نجى، لن تكون بسبب قوة حركة النهضة أو شعبية راشد الغنوشي أو تشبث النواب به، بل ستكون لضعف المنافس و تشتته و عدم تنسيقه، فعريضة سحب الثقة كادت تسقط أصلا منذ البداية شكلا حيث برر رئيس البرلمان  رضوخه للضغط من الكتل المعارضة له في تصريح إعلامي، عقب اجتماع للمكتب بمقر البرلمان، إنه "واثق من أنها ستكون لحظة لتجديد الثقة بي رئيسا للبرلمان وإعادة تزكيتي".

وحاول الغنوشي التشكيك في قانونية اللائحة قائلا " تجاوزت الاعتراضات الشكلية التي تحتوي عليها اللائحة وهي كثيرة، وكان من الممكن إسقاطها شكلا في اجتماع المكتب، ولنا الأغلبية لذلك"،  كما كادت أيضا أن تسقط بسبب رفض الكتلة الديمقراطية ضم أصوات عبير موسي و حزبها لأنهم يمثلون النظام السابق و لا يشرف التيار و الشعب التنسيق مع جلادي النظام السابق ( على أساس أن بعض التجمعيين الذين في أحزابهم أتوا من كوكب أخر) .

حسابيا من الممكن إسقاط الغنوشي من كرسي الرئاسة فالكتل الرافضة هي حركة النهضة التي تملك (54) مقعدا ( لا يمكن التنبؤ بموقف زياد العذاري)  و ائتلاف الكرامة الذي يملك (19) مقعدا و سيصوت حسب أهواء النهضة دون شك و قلب تونس الذي يملك (27) مقعدا لكنه لم يعبر عن موقف واضح و ترك حرية التصويت لناخبيه و هذه المقاعد مجتمعة لو اعتبرنا أن قلب تونس سيكون ضد السحب بكامل نوابه لا تتجاوز المائة صوت لو أضفنا اليها 5 مستقلين لقربهم الواضح من العائلة الإسلامية لا يتجاوز المائة و خمسة صوتا في أفضل الأحوال يعني أن الباقي من الأصوات ال217 هو 112 صوتا قادرا على ترجيح الكفة و سحب الثقة من الغنوشي.

الأصوات الباقية هي الديمقراطية (38 مقعدا)، وتحيا تونس (10 مقاعد)، والإصلاح (16 مقعدا)، و الكتلة الوطنية (11 مقعدا) و الدستوري الحر ( 16مقعدا) و كتلة المستقبل (9 مقاعد) و أكثر من 11 مستقلا من المؤكد أنه ضد التوجه الإسلامي مثل الرحوي و التبيني و الصافي سعيد و غيرهم حيث أن تجميع هذه الأصوات و اتفاقها كان يعني مباشرة سحب الثقة من الغنوشي و رسم ملامح جديدة للمشهد البرلماني و السياسي في تونس.

  • تفاءل كبير في انتظار النتيجة

أكدت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر خلال تدخل إعلامي صباح اليوم الأربعاء في إذاعة شمس اف أم  أن 109 صوت متوفرة لسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي وأنهم يعملون من أجل جمع أكثر أصوات.

وأقرت موسي أنه حسب الكواليس والحديث والاتصالات توجد 109 أصوات، لافتة النظر إلى أن اغلب النواب ملتزمون بالحضور ومصرين على التصويت و أضافت أن يوم الغد سيكون يوم فرحة لكل التونسيين وسيكون يوم تصحيح مسار المؤسسة الدستورية والانطلاق في مرحلة جديدة”.

من جهته أكد زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب أن راشد الغنوشي أراد التحايل على التونسيين و إقناعهم أنها جلسة تجديد ثقة، في حين انها ستكون جلسة سحب ثقة حقيقة في ظل رغبة عدد كبير من النواب يتجاوز النصاب القانوني المطلوب في إنهاء مرحلة رئاسة النهضة للمجلس و بداية مرحلة سياسية جديدة، و ذهب المغزازي أبعد من ذلك حيث أكد أنه نصح المشيشي رئيس الحكومة المكلف بأن يستثني حركة النهضة من مشاوراته و تشكيل حكومة دون لون أزرق.

القيادي بالتيار الديمقراطي أيضا هشام العجبوني أكد في تصريح إعلامي أن  حركة النهضة الحزب الإسلامي سيدفع ثمن محاولات ضرب الاستقرار ودفع البلاد للفوضى، بداية، بسحب الثقة من راشد الغنوشي في جلسة 30 جويلية، حيث بدا واثقا إلى أبعد الحدود.

 

كل المؤشرات تدل على أن جلسة سحب الثقة من الغنوشي ستكون صعبة و غير واضحة المعالم لتقارب الحجم بين الكتل المتصارعة فالعدد الذي يقرر النتيجة سيكون محدودا جدا و أي غياب قد يصنع الفارق و يقلب المعادلة، خصوصا بين تباين تصريحات الإسلاميين المستبشرة و الواثقة من تجاوز هذه - الغصرة- و تصريحات التقدميين المستبشرة ايضا و المبشرة بعيد خالي من النهضة و من الكولسترول السياسي الزائد، على كل حال الوقت الذي سيفصلنا عن معرفة النتيجة ليس طويلا و سنرى.

حسام بن احمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter