فيروس كورونا - الوضع خطير وهذه إستراتيجية وزارة الصحة للتصدي للجائحة
تفاقم انتشار فيروس كورونا بطريقة سريعة في تونس منذ فتح الحدود يوم 27 جوان الفارط، ولبلغ عدد الإصابات المؤكّدة بهذا الوباء منذ شهر فيفري إلى حدود 30 سبتمبر الفارط 19721 حالة إصابة. يوميا أصبحت البلاد تسجّل آلاف الحالات حيث بلغ عدد المصابين بالفيروس يوم 30 سبتمبر الفارط 1308 حالة في حين ارتفع عدد الوفيات وباتت تونس تسجّل يوميا على الأقل خمس حالات وفاة ليُصبح العدد الجملي للوفيات إلى حدود 30 سبتمبر الفارط 271.
أصبحت تونس اليوم تعيش في حالة استنفار وحيرة بسبب وباء كورونا، هذا الفيروس الخبيث الذي باتت أعراضه غير محدّدة والذي تغيّرت تركيبته وراح جرّاءه الكثيرون في بلادنا دون أن تظهر عليهم أعراض الإصابة. لم تعُد طاقة استيعاب مستشفيات البلاد قادرة على إيواء المصابين في ظلّ غياب آليات الوقاية داخلهم وهو ما تسبّب في إصابة العديد من الإطارات الطبية وشبه الطبية بالوباء حتى أنّ البعض منهم فقدوا حياتهم على غرار الدكتور محمد كمون المختصّ في طب العيون وطبيب الإنعاش والتخدير هيثم شمشيق.
كلّ المستشفيات في كامل ولايات الجمهوريّة تعاني نقصا فادحا في أسرّة الإنعاش وآلات العلاج ومخابر التحاليل والأشعة، على غرار مستشفى ابن الجزار بالقيروان وفطومة بورقيبة في المنستير الذي غابت فيه كلّ آليات الوقاية للإطارات الطبية والشبه طبية من العدوى. فيصل بن صالح مدير عام الصحة، أفاد في 30 سبتمبر الفارط، أنّ عدد أسرّة الإنعاش المخصّصة للكوفيد-19 هو 110 سريرا منهم 87 سريرا مشغولا أغلبها موجودة في تونس العاصمة والساحل ومن بين الأسِرة المتوفرة هنالك 43 لا يحتاجون لجهاز تنفس اصطناعي، كما أكّد أنّ وزارة الصحة خلال الفترة الثالثة أي بين 16 أكتوبر و 30 نوفمبر 2020، ستعمل على توفير 300 سرير إنعاش وذلك لسدّ النقص الموجود في بعض المستشفيات خاصّة الموجود في تونس العاصمة والمناطق الساحلية موضحا أنّ وزارة الصحة وضعت خطة من أجل توفير 115 سرير في 30 سبتمبر 2020 و 150 سريرا في حدود 15 أكتوبر 2020.
مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية أكّدت أنّ احترام الإجراءات الصحية هو الحلّ الوحيد لتفادي انتشار كورونا وتفاقم العدوى، واعتبرت أنّ تونس وصلت إلى هذه المرحلة الخطيرة من تفشي الوباء وذلك جرّاء عدم احترام إجراءات الوقاية من ارتداء للكمامات واحترام مسافة التباعد الجسدي وغسل الأيدي بالماء والصابون والتطّهير والتّعقيم والنّظافة العامّة وتطبيق البروتوكولات الصحّية القطاعيّة المعدّة للغرض مشيرة إلى أنّ هناك أقل من 10 بالمائة فقط يطبقون البروتوكولات الصحية الوقائية. نتيجة لخطورة الوضع الصحّي، أشرف وزير الصحة الدكتور فوزي مهدي مساء يوم الخميس 1 أكتوبر الجاري، على جلسة عمل ضمّت ممثلين عن مختلف الوزارات خصّصت لتدارس أهمّ التدابير الإستعجالية العامّة والحرص على التطبيق الصّارم للبروتوكولات الصحيّة القطاعيّة وذلك للحدّ من الإنتشار المتسارع لفيروس كورونا المستجدّ في تونس. والي تونس الشاذلي بوعلاق صرّح غرّة أكتوبر الجاري، أنّ ولاية تونس تتجه نحو اقرار خطية بستين دينارا للمواطنين الذي لا يرتدون كمامة في الفضاءات المغلقة والعمومية المشتركة ووسائل النقل مشيرا أنّ الولاية تعدّ من أكثر الولايات تسجيلا للعدوى ومصنفة منطقة حمراء في بيانات وزارة الصحة.
ونظرا لتفاقم حالات العدوى في ولاية المنستير، قرّر والي المنستير أكرم صبري فرض حظر التجول من الثامنة مساء إلى السادسة صباحا، وذلك بداية من ليلة أمس الخميس غرة أكتوبر 2020، ولمدة أسبوعين. كما منع الأسواق الأسبوعية في الجهة مع إغلاق بعض المساحات العمومية على غرار النوادي الليلية وقاعات الألعاب الرياضية والمراكز الاستشفائية وأمر بتشديد الرقابة على الالتزام بالبروتوكول الصحي خصوصا في وسائل النقل العمومية مؤكّدا أنّ كلّ شخص لا يطبق إجراءات الوقاية لن يُسمح له باستخدام وسيلة النقل. كما أصدرت لجنة مجابهة الكوارث بسوسة قرارا بفرض حظر التجول من الثامنة مساء إلى الخامسة صباحا، وذلك بداية من اليوم الخميس غرة أكتوبر، ولمدة 15 يوما. بالإضافة إلى المنستير وسوسة، فإنّ اللجنة الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة بسيدي بوزيد اتّخذت جملة من القرارات الجديدة في إطار الحدّ من انتشار فيروس كورونا بالجهة ليتم عرضها على الوزارات المعنية وهي إقرار حظر التجول بمدينة سيدي بوزيد والسبالة من الساعة الثامنة ليلا إلى حدود الخامسة صباحا وتعليق انتصاب الأسواق الأسبوعية بمختلف معتمديات الولاية أيضا تعليق صلاة الجمعة بمعتمديات سيدي بوزيد الغربية والشرقية وأولاد حفوز، بالإضافة إى غلق قاعات الافراح والقاعات الرياضية وتعليق العمل بمؤسستين صناعيتين خاصتين بعد اصابة العديد من العاملين بها بفيروس كورونا.
العديد من المواطنين نادوا وزارة الصحة بضرورة تطبيق الحجر الصحي الشامل لمدّة محدودة لتطويق الوباء، النائب عن حركة الشعب خالد الكريشي أشار الى حساسية الوضع الصحي الذي تعيشه تونس بسبب الانتشار السريع لفيروس كورونا في عدة ولايات ودعا إلى اتخاذ قرارات جريئة من خلال إقرار الحجر الصحي الشامل لمدة 15 يوميا للحد من انتشار الوباء معتبرا أنّ تونس في حالة حرب وتحتاج إلى قرارات حرب واقتصاد حرب هذه القرارات التي تتخذها السلطة التنفيذية يجب أن تكون قرارات جريئة وأن تعلن عن إقرار حجر صحي شامل مؤقت لمدة 15 يوما لكسر حلقات العدوى قائلا :"هل نحتاج الى صدمة حتى نتخذ قرارات صارمة ؟ ". في حين أنّ وزير الصحة فوزي مهدي أكّد عند حضوره صبيحة اليوم 2 أكتوبر 2020، في مجلس النواب في جلسة حوار مع أعضاء الحكومة، أنّ العودة للحجر الصحي الشامل أمر غير مطروح وهو قرار مستبعد وغير ممكن مشيرا أنّه يمكن اعتماد الحجر الصحي الجزئي في الولايات والمعتمديات المعتبرة مناطق حمراء خطرة، مع الاستمرار في قرار حظر التجول في المدن التي تشهد العديد من بؤر تفشي الوباء.
وزير الصحة أكّد أنّ وزارة الصحة تقوم بتوزيع أجهزة الوقاية على كافة الاطارات الطبية والشبه طبيّة بصفة منتظمة ومتواصلة في حين أنّ الكثير من المستشفيات أطلقت صيحة فزع نظرا لغياب آليات الوقاية، كما أفاد أنّ الوزارة قامت بالترفيع في عدد المخابر التي تقوم بالتحاليل ليبلغ عددها 19 مخبرا بالقطاع العمومي و33 مخبرا بالقطاع الخاص، كما تمّت إعادت تنظيم الأنشطة الطبية وتوظيف كل الموارد الموجودة بالمستشفيات والرفع من جاهزيتهم للإحاطة بالمرضى. وأكّد وزير الصحّة أنّ الوزارة ساهرة على مراقبة الوضع في كامل تراب الجمهورية وجاهزة لاتخاذ الإجراءات الاستعجالية والإستثنائية اللازمة في المناطق ذات خطورة انتشار مرتفعة جدا وأوضح أنّ الوزارة تعمل وفقا لمقاربة قائمة على 3 محاور أساسية في التعاطي مع انتشار فيروس الكوفيد-19 وهي الجاهزية، أي جاهزية الدولة والصرامة في تطبيق البروتوكولات الوقائية والتعايش الحذر مع الفيروس. في ما يتعلّق بجاهزية الدولة، أكّد وزير الحة أنّ وزارة الصحة قامت بتجنيد كلّ إمكانياتها الصحية لمقاومة انتشار الفيروس من خلال ترشيد المعدات المخصصة في إطار مكافحة فيروس كورونا وإعادة تنظيم الأنشطة الطبية وإعادة توظيف كل الموارد الموجودة بالمستشفيات والرفع من جاهزيتهم للإحاطة بالمرضى مع تركيز مستشفى ميداني بالمنزه وهي بصدد تركيز مستشفيات ميدانية بالمنستير ومنزل نور وسيتمّ تركيز مستشفيات أخرى بمناطق أخرى في البلاد، كما تمّ الترفيع من عدد المخابر التي تقوم بالتحاليل وأصبح في أسابيع هناك 19 مخبرا عموميا و33 مخبرا بالقطاع الخاص وسيتمّ تركيز مخابر تحاليل إضافية في كل من جندوبة، قبلي وسيدي بوزيد، وتوزر والكاف.
بالنسبة لإستراتيجية الوزارة في الصرامة في تطبيق البروتوكولات الصحية، أشار وزير الصحة أنّه وبالتنسيق مع وزارة الداخلية وكل المتدخّلين في مجال حفظ الأمن، ستسهر على تطبيق كل الإجراءات بمختلف البروتوكولات الصحية لا سيما في الأماكن العامة وفي المقاهي والمطاعم ودور العبادة وسيتمّ اتخاذ إجراءات ردعيّة في حق كل من يتساهل مع تطبيق الإجراءات الوقائية، واعتبر أنّ دور المواطن وروح المسؤولية هي أعلى وأنجع من كلّ الاجراءات،ولابد من التحلّي بالجدية والمسؤولية اللازمة خاصة مع تزامن الموجة الثانية لانتشار الفيروس مع موسم الخريف ودعا كل المواطنين خاصة كبار السن وذوي الأمراض المزمنة للتلقيح ضد النزلة الوافدة أو ما يعرف بالڤريپ وذلك قصد تيسير عملية التشخيص لدى المصابين، وبدورها وزارة الصحة بدأت بتوفير اللقاح على المستوى الوطني وستتخّذ اجراءات قصد وصول هذا اللقاح لاكبر عدد ممكن من المواطنين. بالنسبة للمقاربة المعتمدة من قبل وزارة الصحة ومن الحكومة ككلّ وهي التعايش الحذر مع الفيروس، بين وزير الصحّة أنّ أغلب بلدان العالم أصبحت تعتمد منطق التعايش مع الفيروس كمنهج حياتي جديد، إلى حد التوصّل إلى تلقيح ضد الكوفيد، قائلا ''لابد أن نتعايش مع الفيروس خاصة وأننا أصبحنا نعلم عنه العديد من المعطيات التي لم تكن متوفّرة لدينا خلال الموجة الاولى مما اضطرّنا إلى اللجوء إلى فرض الحجر الصحي الشامل على المواطنين ولكن التعايش الحذر لا يعني عدم اليقظة'' وأكّد على ضرورة الإلتزام بارتداء الكمامة والتباعد الجسدي وغسل اليدين بانتظام وكل الاجراءات الوقائية التي اصبحت معلومة عند الجميع مشيرا أنّ ارتداء الكمامة يقلّص عدد الاصابات بأكثر من ستين بالمائة، أي من أصل عشرة إصابات محتملة، بارتداء الكمامة يصبح العدد المحتمل أربعة إصابات فقط.
الوضع الوبائي لفيروس كورونا في تونس دقيق جدا ويحتاج المزيد من اليقظة وإحكام تنفيذ الإجراءات الوقائيّة للسّيطرة على انتشار الجائحة وهذا الوضع يتطلّب من كلّ المواطنين إدراك خطورة المرحلة الوبائية واحترام الاجراءات الوقائية خاصّة ارتداء الكمامات الواقية والعمل على مساعدة الإطارات الطبية وشبه طبية لتخطّي هذه الموجة.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires