كوفيد-19: تقرير مُفصّل حول انتشاره وإستراتيجيّة السيطرة عليه
خصّص البرلمان اليوم الأربعاء 8 أفريل جلسة عمل خاصّة لمتابعة أشغال لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية باعتماد وسائل التواصل عن بعد وذلك للتداول حول الإجراءات الحكومية المتعلقة بمجابهة تفشي فيروس كورونا، بحضور كلّ من وزير الصحّة عبد اللّطيف المكّي ومديرة المعهد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية.
سنتطرّق في هذا التقرير إلى جانبيْن، الجانب الأوّل هو مراحل تفشي فيروس كورونا في تونس والطُرق العلميّة للسيطرة عليه وفي الجانب الثاني سيُخصّص لتقيّيم الإجراءات التي اتخذتها الدّولة ووزارة الصحّة للحدّ من انتشار هذا الوباء.
مراحل تفشي فيروس كورونا في تونس
قامت نصاف بن عليّة بتقديم الوضع الوبائي وفقا لعدّة معطيات علميّة، وبيّنت أنّ فيروس كورونا المستجدّ هو فيروس متغيّر في طريقة انتقاله، ''انتشار هذا الفيروس حصل بسرعة كبيرة وحاليا العديد من الدّول عاجزة أمامه على غرار الولايات المتحّدة الأمريكيّة التي أخطأت في طريقة التعامل مع هذا الوباء''.
بشأن الأسئلة التي وجّهت للجنة الصحّة من قبل المشاركين في الإجتماع من نواب والتي تتعلّق بغلق الحدود مع باقي الدّول، أكّدت بن عليّة أنّ تونس مُلتزمة باللّوائح الصحيّة الدوليّة وبتوصيات منظمّة الصحّة العالميّة التي لم تُوصي بغلق الحدود عندما انتشر الفيروس في دولة الصين. إنّ عدم اتّخاذ هذا الإجراء '' كانت له تداعيات كبيرة على العالم أجمع'' حيث وصلت عدد الإصابات على مستوى دولي مليون و432 ألف و140 إصابة، وتجاوز عدد الوفيات عالميا أكثر من 82 ألف حالة وفاة فيما تماثل 302 ألف مصاب للشّفاء وهذا عدد قليل مقارنة بالعدد الجملي للمصابين دوليا.
''ليس لدينا حلّ لهذا الفيروس، ليس لدينا لقاح أو علاج خاصّ به'' أفادت بن عليّة مشيرة أنّ الحلول الوحيدة تتضمّن عدّة تحدّيات لتطبيقها نظرا لتفشي الفيروس في بلادنا على النّحو التالي:
تُبرز هذه الخارطة توزّع الإصابات على 100 ألف ساكن، هناك ولايات سجّلت أكثر من 7 حالات وأصبحت العدوى بها متفاقمة، سجّلت تونس إلى حدود يوم أمس الثلاثاء 623 إصابة بفيروس كورونا من بينهم 193 هم حالات مستوردة و405 هم حالات عدوى محلّية، كما أنّه يتمّ التقصّي حول طبيعة إصابة 25 حالة أخرى.
-
تمّ وضع 73 مصاب بالفيروس في المستشفيات، وتمّ تسجيل 23 حالة وفاة وشفاء 25 مُصاب.
-
بالنّسبة لأعوان الصحّة، تمّ تسجيل إصابة 55 شخص، منهم 8 حالات مستوردة و47 حالات محلّية لم تتمّ عدوتهم في المستشفيات بل من محيطهم العائلي فقط حالتيْن تمّت عدوتهم من مريض بإحدى المستشفيات.
-
حالات العدوى المستوردة وفقا للترتيب التنازلي للدّول الأجنبيّة، كانت أكبر توافدا من فرنسا ثمّ من مصر التي استوردت منها تونس حالتيْن وكانت هذه الدولة قد أعلنت عن تسجيل إصابة واحدة، ثمّ حلّت إيطاليا في المرتبة الثالثة تليها كلّ من بلجيكا، الولايات المتحدة الأمريكيّة، المغرب، بوركينا فاسو، الإمارات وبولونيا وتوزّعت الإصابات المستوردة حسب الجنس 50 بالمائة إناث و50 بالمائة ذكور.
في هذا الإطار ندّدت بن عليّة بالتعتيم الذي قامت به الدول الأجنبيّة موكّدة أنّ الوضع الوبائي في تونس مرتبط بمدى تطبيق الإجراءات في جميع البلدان الأخرى.
-
الوضع الوبائي في تونس
منذ بداية تسجيل أوّل الإصابات في تونس في أوائل شهر مارس، كانت الحالات مستوردة، ''اللّون الأخضر''، هذه الحالات متزامنة مع عدوى أفقيّة لحالات تمّ تسجيلها على مستوى محلّي ''اللّون الأحمر الباهت''.
هذه العدوى الأفقيّة سرعان ما تكاثرت من العائلات إلى الأوساط الإجتماعيّة وشهدت إرتفاعا حسب الرسم البياني في 24 مارس 2020، وبعد تشديد الحرص على الإلتزام بالحجر الصحّي العام شهد هذا الإرتفاع تراجعا نسبيا إلى حدود أواخر شهر مارس ليعود نسق الإرتفاع من جديد خلال شهر أفريل الجاري خاصّة يوم 3 أفريل نتيجة خرق الحجر الصحي بسبب تجمّع الناس أمام مراكز البريد لأخذ المساعدات والمنح الإجتماعيّة.
-
توزّع عدد الوفيات حسب الولايات
بلغ عدد الوفيات بفيروس كورونا المستجدّ 23 حالة وفاة، وفقا للرسم البياني فإنّ المعدّل العمري للوفيات 45 سنة ونسبة 83 بالمائة منهم ذكور. توزّعت حالات الوفاة على 13 ولاية، وكانت كلّ من ولاية صفاقس وولاية سوسة قد سجّلا أعلى نسبة بـ 4 وفيات، ثمّ ولاية أريانة بـ 3 وفيات ثمّ كلّ من ولاية تونس ومدنين قد سجّلا 2 حالة وفاة، وسجّلت كلّ من ولاية بن عروس، بنزرت، الكاف، المهديّة، منوبة، نابل، سيدي بوزيد وتطاوين حالة وفاة واحدة.
-
تحليل شبكة العدوى المحلّية
وفقا لمديرة المعهد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة نصاف بن علية، لم يتمّ تسجيل أيّ حالة عدوى داخل مراكز الإيواء كما انّ المصابين بالفيروس احترموا تطبيق الحجر الصحّي الذاتي. بالنسبة للأشخاص الذين اختلطوا بهم، تمّ أخذ عيّنات منهم مع الإبقاء عليهم داخل مراكز الإيواء في انتظار نتائج التحاليل. هناك 40 شخص لم يمتثلوا للحجر الصحّي الذاتي، وتمّ إلزامهم بالبقاء في مراكز الإيواء لمدّة 15 يوما لإعادة القيام بالتحاليل.
هذا الرّسم دفع بوزير الصحّة عبد اللّطيف المكّي لإطلاق صيحة فزع يوم أمس الثلاثاء بسبب عدم إلتزام النّاس بالحجر الصحّي العام. بن عليّة أكّدت أنّ وزارة الصحّة دعت منذ بداية توافد العديد من التونسيّين بالخارج إلى تونس إلى القيام بالجر الصحّي الذاتي لأنّه لم يكُن بقدرة الوزارة إحتواء الكثيرين بالمستشفيات ومراكز الإيواء التي خصّصتها فقط للّذين كانت نتائجهم إيجابيّة.
ونظرا لعدم إحترام الحجر الصحي الذاتي، سجّلت الوزارة العديد من سلاسل العدوى وتكاثرت بعد أن تمّ خرق الحجر الصحّي العام أيضا. على سبيل المثال، ذكرت بن عليّة أنّ هناك مصاب بفيروس كورونا انتقل من مكانه إلى مكان آخر وهناك أشخاص يتعمّدون نقل المرضى بين الولايات.
-
الخمس القواعد الأوّليّة للإنذار المُبكّر للحدّ من انتشار كورونا
-
الكشف المبكّر
-
الإبلاغ عن الحالات المبكّرة (تأكيد المختبر)
-
التحقيق الأوّلي المبكّر مع تتبّع المخالطين
-
العزل المبكّر لجميع الحالات
-
العلاج والرعاية المبكّر
تلك النقاط تبقى غير ناجعة وغير فعّالة للسيطرة على الفيروس في صورة عدم إحترام العزل الصحّي الذاتي والحجر الصحّي الذاتي والحجر الصحّي العام.
إذا تمّ في الأيام القادمة تطبيق الخمس نقاط السالف ذكرهم وتطبيق الحجر والعزل بكلّ حذافيره فهناك فرصة للوقاية والسيطرة على الوباء وفق ما يُبيّنه الرّسم التالي:
وفي صورة كانت الإستجابة متأخّرة لذلك يكون الآوان قد فات للسيطرة على هذا الوباء.
تقيّيم إجراءات وزارة الصحّة والحكومة للحدّ من انتشار الوباء
''نحن نتحرّك باستراتيجيّة في واقع صحّي تنقصه العديد من الأشياء الضروريّة'' صرّح وزير الصحّة عبد اللّطيف المكّي، مبيّنا أنّ هناك نُقص في المستشفيات ونقص في كميّات عدد الأسِرّة للمرضى خاصّة أسِرّة الإنعاش مفقودة التي لم يتمّ توفيرها منذ عشرات السنين.
''أطبّاء الإنعاش في القطاع الخاصّ أكثر من أطبّاء الإنعاش في القطاع العمومي وعدد أطبّاء الإنعاش التونسيّين في باريس يُساوي عدد أطباء الإنعاش في القطاع الخاصّ''، وزير الصحّة بيّن أنّ هناك صعوبات عمليّة تعرّضت لها وزارة الصحّة مع القطاع الخاصّ من حيث تقاسم الأعباء مشيرا أنّ القطاع الخاصّ يوفّر غرف للمرضى بكلّ تجهيزاتها اللاّزمة والوزارة تدفع أجرة أعوان المؤسّسة الصحيّة وهذا بصدد التفاوض.
وزير الصحّة أكّد أنّ وزارة الصحّة تعيش في ''مناوشات'' مع الفيروس الذي يقوم بالتموقُع في العديد من الأماكن وبمجرّد أن يُعلم المُصاب بالمحيط الذي اختلط به فإنّه يُسهّل على أعوان الصحّة احتواء الفيروس.
''التّوقّي التوقّي ثمّ التوقّي'' هذه الإستراتيجية تسمح في الحدّ من العدوى خاصّة بإلتزام الأشخاص الواثقين من عدم إصابتهم بالوباء بالحجر في منازلهم.
هناك نُقص أيضا في القوانين والتقاليد في تونس والمرتبط بأداء قادّة الرّأي في المجتمع،النُخبة، ''كيف تؤدّي؟''، أفاد ذلك المكّي مشيرا إلى قيمة وعيّ التونسيّين بخطورة الوضع وإنّ تظافر كلّ الجهود في احترام وتطبيق القوانين بكلّ رضاء وعقلانيّة وحسّ وطني يُمكن ان يُنقذ البلاد من الأزمة التي تعيشها.
''الحجر الذاتي هو مبدأ عالمي وهذا الفيروس مُدمّر''، وإنّ وزارة الصحّة تعمل بطريقة الإستخبار أيّ احتواء الوباء وفقا للبؤر التي تفشّى بها وهذا الإستخبار قائم على مدى كشف المُصاب بالفيروس عن الأشخاص أو المحيط الذي اختلط به.
هناك ثلاثة أنواع من التحاليل، تحليل الدم يستهدف الكشف عن وجود الفيروس من عدمه، وهناك تحاليل سريعة خاصّة بالمُخاط الموجود في الأنف للكشف عن وجود التركيبة البروتينيّة للفيروس من عدمها، والتحليل الثالث خاصّ بالمضدّات التي يصنعها الجسم لمقاومة فعاليّة الفيروس وله ثلاث أنواع A، M، G.
عاد الدكتور عبد اللّطيف المكّي على موضوع كيفيّة توزيع الإعانات مؤكّدا أنّ هذا الإجراء لا يُمكن أن تهتمّ به فقط وزارة الشؤون الإجتماعيّة، قائلا ''هو قرار جماعي أتُخذ'' يجب أن يتمّ التنسيق بين كلّ هياكل الدولة مع وعي المواطنين وتقسيمهم لتلقي الإعانات.
تنظيم الحجر في المراكز تُشرف عليه رئاسة الحكومة من خلال لجنة يُشرف عليها مستشار برئاسة الحكومة وبها أعضاء من وزارة الصحّة كما أنّ كلّ وزارة تقوم بدورها ووزارة الداخليّة تؤمّن سير ذلك ووزارة الصحّة تقوم بخدماتها الصحيّة العامّة أو المرتبطة بالفيروس، كما أنّ الوُلاة وُضعت على ذمّتهم مبالغ ماليّة لتوفير التغذية للمواطنين، وهم متدخّلين في مراكز الحجر ليؤمّنوا كلّ الوظائف التي لا يقدروا الوزارات على تأمينها.
الدولة بالتنسيق مع وزارة الصحّة في تمشّي لصناعة كميّات كبيرة من الكمامات ''انطلاقة لصناعة وطنيّة قويّة''، كما أنّه تمّ تخصيص عدد هام من الأطبّاء النفسيّين لرعاية مرضى الفيروس ''هناك نقص فادح في هؤلاء الأطباء'' وفق تصريح وزير الصحّة.
المكّي أكّد أنّ وزارة الصحّة تعمل على توفير التوازن مبيّنا أنّ قطاع الإعلام هو وسيلة من وسائل إنجاح الخطّة التي تعتمد على التحسيس والإلتزام بالحجر الصّحي الذاتي ولكن لا يمكن لمسؤولي قطاع الصحّة الظهور بتواتر في البرامج الإعلاميّة لتفادي السقوط في التكرار وإعادة نفس المعطيات وفق تصريحه. ''تمّ مدّ وسائل الإعلام بقائمة تتكوّن من اكثر من 20 خبير لتأثيث برامجهم الإعلاميّة''.
بالنسبة لمبالغ التبرّعات، أكّد وزير الصحّة أنّه إلى حدود اليوم مازالت وزارة الصحّة تعتمد على ميزانيّة الدولة وعلى المنح التي قدّمتها المنظّمات الدوليّة عن طريق وزارة التنمية والتعاون الدولي، وسيتمّ صرف أموال صندوق التبرّعات 1818 بطريقة إستراتيجيّة.
''تمّ تحضير المُستشفيات الميدانيّة لكي نتحضّر للأسوء''، وسيتمّ الإنطلاق بأربعة مستشفيات للسيطرة على الفيروس إن انتشر بسرعة. كما تمّ إيواء الكثيرين من المرضى بالفيروس في الآونة الأخيرة ''إنشالله بلادنا تمنع من هذا الوباء ونعتبر خبرائنا ناجحين إلى حدّ الآن''، ويجب تفعيل المبادئ الأساسيّة لتطبيق الحجر.
في عودة على عدد الوفيات، أفادت نصاف بن عليّة أنّه تمّ تسجيل 14 حالة وفاة الأسبوع الفارط، وتمّ تسجيل اليوم حالة وفاة تخصّ إمرأة تبلغ من العمر 85 سنة من ولاية تونس ظهرت عليها أعراض الإصابة بداية من 28 مارس، وتعكّرت حالتها وهي مقيمة في مستشفى عبد الرحمان مامي. بالنسبة للمريض الذي توفي ليلة البارحة في مستشفى محمود الماطري لازلت نتائج تحاليله لم تظهر بعد للتثبّت من إصابته.
ووفقا لآخر تحيّين من قبل وزارة الصحّة، فإنّ تونس سجّلت بتاريخ 6 أفريل 2020، 27 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا من مجموع 549 تحليلا مخبريا ليصبح العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس 623 حالة مؤكدة من بين 8274 تحليلا جمليا، وتمّ تسجيل 23 حالة وفاة.
بالنّسبة للإجراءات الجديدة للحدّ من انتشار فيروس كورونا، التي اتّخذها رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ في مجلس وزاري مضيّق تتمثّل في مزيد تنظيم عملية إسناد تراخيص الجولان مع إقرار عقوبات مالية للمواطنين الذين لا يحترمون الحجر الصحي. أيضا، منع التنقلات بين الولايات وعزل المناطق التي تُعلنها وزارة الصحة مناطق موبوءة، وتقرّر إعلان يوم الجمعة 10 أفريل عطلة إستثنائية للحدّ من حركة الجولان والإقتصار على الضرورة القصوى بما يُمكّن من التحكم في انتشار الفيروس. وتمّ تكوين فريق عمل في مستوى وزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة يضمّ مُمثلين عن مختلف الوزارات المتدخلة والديوانة التونسية لتصنيع الكمامات الطبية الواقية وترويجها بالسوق الداخلية وتحديد أسعارها.
وشدّد رئيس الحكومة في هذا الإطار على أهمية التقيـّد بضوابط الحجر الصحي العام والحجر الإجباري ومقتضيات حظر التجوّل مؤكدا في هذا المجال حرص الدولة على تطبيق القانون على كلّ المخالفين. ودعا رئيس الحكومة إلى توظيف جهود كل مؤسسات الدولة في مكافحة الوباء وإلى الصرامة في تطبيق الإجراءات وإلزام الجميع بتطبيق الحجر الصحي الشامل وكل القرارات المعلنة في إطار مجابهة فيروس الكورونا.
كانت هذه آخر مُستجدّات الوضع الوبائي في بلادنا والتي تعتبر مقارنة بباقي الدول الأخرى تحت السيطرة، بقي على المواطنين التعاون مع الدّولة ووزارة الصحّة في تطبيق كلّ الإجراءات خاصّة على مستوى تطبيق الحجر الصحّي العام الذي له دور كبير في الحدّ من انتشار فيروس كورونا والذي يُمكّن أعوان الصحّة من السيطرة على الوباء تدريجيا.
كل مقالاتنا عن فيروس كورونا على هذا الرابط.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires