alexametrics
أفكار

الإنقلاب على مهل.. الإرتباك..

مدّة القراءة : 2 دقيقة
الإنقلاب على مهل.. الإرتباك..
 
لم تكن وثيقة الإنقلاب التي "سرّبتها" الأذرع الإعلامية لجماعة الإخوان المسلمين لتصدر من فراغ دون قصد أو مقصد، بل إن هذه الوثيقة كانت محطة مفصلية وأخيرة للحفاظ على آخر معاقل الإخوان في تونس بعد تغيّر الموازين الإقليمية الداعمة لجماعة الإخوان في المربع/الثنائي المتهافت: قطر- تركيا/مصر- السعودية.
 
جاء التسريب ضربة إستباقية من حركة النهضة لتسريبات حقيقية عن مخطط قصر قرطاج نحو تفعيل بعضا من فصول الدستور بتأويل مخصوص لإستعادة المبادرة الرئاسية في السيطرة على مقاليد الحكم وإرباك الخديعة التي تعرض لها الرئيس قيس سعيد من طرف رئيس الحكومة الذي إختاره بنفسه..
 
تسعى وثيقة الإنقلاب المزعوم إلى تجييش المواطنين وأفراد الجماعة لمخطط إنقلابي سيجر بمعارضي قيس سعيد إلى السجون في محنة جديدة تشبه محنة الإخوان في مصر، وليس أدل على ذلك من البيان الصادر عن حركة النهضة اليوم بما فيه من تثبيت لمزاعم الوثيقة والدعوة لتعبئة المواطنين ضد المشاريع الإنقلابية..
 
تسعى حركة النهضة أيضا إلى إرباك رئيس الجمهورية قيس سعيد تجاه كل مبادرة أو فعل سياسي ضد البرلمان وحكومة الحزام السياسي بقيادة النهضة، ولذلك أكثرت الحركة وأقلامها المبرراتية وأذرعها الإعلامية الحديث عن تفاصيل هذه الوثيقة المزعومة والصادرة عن أجنحة الحركة، بما يثبت فاعلية الجهاز الخاص للجماعة.
 
هل يحمل قيس سعيد نفسا إنقلابيا؟ يصرّ الرئيس على يمين إحترام الدستور في كل المناسبات، ولكن الدستور الذي سيحترمه قيس سعيد هو الدستور الفاقد للمحكمة الدستورية المخوّلة لتأويله وتفسيره، وبالتالي يرى نفسه مؤهلا لتأويل الدستور كما كتبه الأغبياء وتركوا فيه "هيفوف" من التأويل، وبالتالي يكون الفصل 80 الذي خطته حركة النهضة ومقررها الجهبذ الحبيب خذر بوابة لفعل الأفاعيل في الحزام السياسي: تجميع كل السلطات في يد رئيس الجمهورية وتسيير الدولة بالمراسيم وتعيين وزراء بالنيابة... والمهم أنه يمكن للرئيس تعطيل العمل بالدستور لمدة ثلاثة اشهر وبالتالي رفع الحصانة عن القضاة المشبوهين وعن النواب الفاسدين والمحكومين.. ويمكن لرئيس الدولة تسيير الشأن العام بمجلس أمن مصغر (رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، رئيس البرلمان، وزير الدفاع) وتتخذ القرارات بالتصويت مع تغليب صوت الرئيس عند التساوي...
 
من المشروع أن تخشى النهضة الفصل 80، لأنها عندما صاغته كانت تفكر دوما في التوافق والعصفور النادر، فكان لها قيس سعيد الرخ الخاسر.. لكن الغموض الذي يلف قصر قرطاج وتفكير قيس سعيد يخلق الرعب عند حركة النهضة، خاصة بعد لقاءاته المتكررة مع ماكرون وعبد الفتاح السيسي، ولكنها أيضا وضعية غير مريحة للشعب الذي فقد الأمل في المنظومة الحاكمة برمتها وينتظر زوالها..
 
إن الحديث عن "الإنتقال الديمقراطي" اليوم لم يعد له مغزى أو معنى بعد عشر سنوات من الثورة، فخلال عشرية كاملة كان يفترض أنها عشرية الإصلاح والإنتقال الديمقراطي في ثلاثة ملفات: القضاء، والأمن، والإعلام، لكنها كانت عشرية التمكين الإخواني بمقاييس الإفلاس والتطويع وشراء الذمم، هناك في المجلس الأعلى للقضاء بلغ الفساد منتهاه في ملفي الطيب راشد والبشير العكرمي، وفي الأمن اثبتت عصا البوليس أنها الوحيدة القادرة على الإفلات من العقاب، وفي الإعلام بعد مأزق التعيينات في المؤسسات المصادرة والعمومية مع ما يصاحبها من شراء الذمم.. ومن كل ذلك صارت بارونات التهريب والفساد تتحكم في المشهد السياسي بما تدفعه من خراج للأحزاب الحاكمة...

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter