alexametrics
أفكار

الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب: المشهد يكاد يكون سرياليا

مدّة القراءة : 2 دقيقة
الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب: المشهد يكاد يكون سرياليا

 

الجلسة الأولى للبرلمان المنتخب
المشهد يكاد يكون سرياليا. تركيبة مشتتة لا غالب فيها وكلها مغلوبة.
تركيبة المجلس التشريعي كانت تقريبا معروفة منذ 20 أكتوبر 2019 ومنذ هذا التاريخ إلى حدود يوم الجلسة لم تفلح الكتل في تحضير جلسة تليق بمجلس جديد يتسلم عهدته من مجلس متخلي.

تحت سماوات أخرى تسبق جلسة من هذا النوع ترتيبات وتنتهي المشاورات من أجل إنجاح الجلسة الأولى وضمان إنجاز ما بعهدة هذه الجلسة الأولى من إنتخاب لرئيس مجلس النواب الجديد ومساعديه.
لكن الإستثناء التونسي يأبى علينا ذلك ويدخل نواب الأحزاب دون ترتيب مسبق ودون أن يعرف أحد منهم ماذا ينتظرهم وتترك الأمور بيد الأقدار لتمضي إلى حيث لا أحد يعرف أين.
هذا من علامات العبث وفي أحسن الأحوال من علامات الهواية أو أقل منها في منهجية إدارة جلسة عامة بجدول أعمال معروف ويالعلم المسبق لكل الحاضرين. وهي صورة سيئة ومحبطة للداخل والخارج تعطي انطباعا أننا أقرب إلى دولة ومؤسسات الفوضى وإنعدام المسؤولية.

المصالحة الوطنية المقتولة:

أخطر المهمات التي فشلت فيها هيئة الحقيقة والكرامة هي إنجاز المصالحة الوطنية كما نص عليها القانون المنظم لعملها وكما أقسم عليه الأعضاء في عهدتهم حيث فوتت هذه الهيئة على الشعب فرصة الارتقاء إلى بناء وطن واحد وأضاعت البوصلة. بل إنها سارت تماما على عكس ما عهد إليها بإنجاز وعوض أن تساهم في رتف الجروح زادت في تعميقها واصطفت إلى جانب التفريق عوض أن تبني الوحدة.
وأضاف التوافق السياسي بين الشيخين وهما موازيا للمصالحة حتى أصبح تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية هدفا بعيد المنال بإعتباره قام على ميكيافيلية سياسية خاصة بالإستثناء التونسي.
بعد إتفاق أن باريس وبعد إنتخابات 2014 لم يكف السياسيون عن التغني والتباهي صباحا مساء ويوم الاحد أن المصالحة أصبحت واقعا وأنها الإستثناء التونسي والتجربة التي يجب على بقية تجارب الإنتقال الديمقراطي أن يستلهموها ويتبعوا خطاها.
لكن في الحقيقة كانت المصالحة عنوانا لتقاسم أجهزة الدولة ومحاصصة السلطة وتقسيم المنابات وكذلك ورشة تربصات لممارسة المسؤولية وإدارة الشأن العام أفضت إلى الهاوية الإقتصادية والإجتماعية التي تقف على مشارفها بلادنا اليوم.

 

لكن بمجرد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي وبمجرد الإعلان عن نتائج الإنتخابات التشريعية لا2019 حتى انقلبت النغمة وعاد الدر إلى معدنه واسترجعت أحزاب التوافق الثورة التي كانت مسلوبة منها وتنصل عراب التوافق من التوافق وعدنا إلى خطاب 2011-2013 ويا دار ما دخلك شر.
هذا الفشل الذريع والخطأ الفادح في تحقيق المصالحة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد وبين المواطن والدولة تحول إلى غول وميكروب يهدد وحدة البلاد وأمنها واستقرارها كما تحول إلى وباء يغذي الفرقة ويعشش بين ثنايا الحياة السياسة وفي أزقتها ويعطي انطباعا أن بناء نظام ديمقراطي يضمن التعدد ويساوي بين المواطنين لا يزال بعيد المنال إن لم يكن يتباعد بشكل مخيف.
وربما تكون الجلسة العامة لمجلس نواب الأحزاب ليوم 13 نوفمبر 2019 فرصة للمراجعة أو هروبا للأمام ودفعا للزمن لإبعاد المصالحة الوطنية وتاحيل أو إعدام فرصة قيام دولة مواطنية قوية.

ما نشاهده ويتابعه معنا العالم ينذر بمشهد سياسي قابل للانهيار والتفجر في أي لحظة ولا يعطي إشارات طمأنة في مستقبل الخمس سنوات القادمة وأخطر من ذلك لا يضمن إستكمال بناء الهيئات الدستورية ولا حتى حيازة ثقة الأطراف الداعمة أو الممولة لتحصيل 10 آلاف مليار دينار لغلق مشروع ميزانية 2020.

ننتظر لنرى

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter