alexametrics
الأولى

الحوار الوطني يُشعل الحرب بين الطبوبي والرئيس قيس سعيد

مدّة القراءة : 5 دقيقة
الحوار الوطني يُشعل الحرب بين الطبوبي والرئيس قيس سعيد

'' يتحدّثون عن حوار وطني ، مع من الحوار الوطني ؟ مع المساكين أم مع الذين استولوا على قوتهم ولا يزالون ينكّلون بهم في كلّ آنٍ وحين وفي كلّ يوم، .. حتى من يُنادون بما يُسمى بالحوار متورّطون في قضايا فساد ، كيف يمكن أن نتحاور مع هؤلاء الذين أخذوا الرشاوى وأعطوا الأموال واستولوا على مؤسسات الدولة ثمّ يقولون حوار وطني ، الحوار الحقيقي سننظمه مع الشعب التونسي وليس مع من نهب مقدّرات الشعب التونسي ". 


كان هذا تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد اليوم الإثنين 25 أكتوبر 2021، خلال لقائه  بوزير أملاك الدولة والشؤون العقارية، محمد الرقيق. قيس سعيد شدّد على تشبثه بإجراء الحوار مع الشعب التونسي والشباب بعيدا عن الفاسدين وعن المارقين فوق القانون والمتورطين في قضايا فساد. 


من المهمّ أن يكون رئيس الدولة على دراية بالفاسدين وأن يكون مطلعا على ملفات الفساد الضالعين فيها وأن يعمل على محاسبتهم ولكن من غير المنصف أن يتعمّد قيس سعيد عدم الإفصاح عن الفاسدين الذين ينعتهم دائما بـ '' هؤلاء'' وأن يجعل منهم حجّة لتتوقف مصالح البلاد وأن يرفض إجراء حوار وطني بتعلّة أنّه لا يُريد أن يُشارك الفاسدين في هذا الحوار. 


منذ إجراءات 25 جويلية الفارط، نادت الكثير من الشخصيات والمنظمات الوطنية بضرورة إطلاق حوار وطني تُشارك فيه كلّ الأطياف المتدخلة في الشأن العام بالبلاد من سياسيين وشركات ومنظمات وطنية ويتمّ من خلال هذا الحوار إيجاد حلول منطقية وبشكل ديمقراطي تُخرج تونس من الأزمة التي تمرّ بها والتي طالت على امتداد أشهر خاصّة الوضع الإقتصادي والإجتماعي.


قيس سعيد تجاهل مبادرة اتحاد الشغل في إطلاق الحوار الوطني كما تجاهل أيضا خارطة الطريق التي قدّمها اتحاد الشغل لإنجاز الحوار ولم يُجب أحدا عن موعد الحوار وعن من سيشارك فيه مثلما فعل حين تأخّر في تعيّين رئيس للحكومة. 


بعد أربعة أشهر من إجراءات 25 جويلية، أفصح أخيرا قيس سعيد عن أبعاده وخياراته في إنجاز هذا الحوار الذي تأخّر كثيرا. بتاريخ  22 أكتوبر 2021، استقبل قيس سعيد بقصر قرطاج وزير  تكنولوجيات الاتصال، نزار بن ناجي، وأعلمه أنّ الحوار القادم سيكون حوارا وطنيا حقيقيا ولن يكون حوارا مكذوبا كالذي وقع في السابق. 


ووفقا لرؤية الرئيس قيس سعيد، فإنّ هذا الحوار يقتضي إحداث منصّات للتواصل مع الشباب ومع الشعب التونسي في كلّ معتمدية من الولايات 24 في تونس. هذه المنصات سيستمع قيس سعيد من خلالها لكلّ المقترحات وكلّ التصوّرات التي سيقدّمها التونسيين والتونسيات في كلّ مكان ليكون الحوار الوطني وفق تصريحه '' حوارا وطنيا حقيقيا وليس حوارا لإضفاء مشروعية كاذبة على شرعية كاذبة بدورها''.


'' هو نوع جديد من الإستفتاء ولن يكون استفتاء بالمعنى التقليدي، هو نوع جديد من الإستفتاء للإستماع لمقترحات الشعب التونسي في كلّ المجالات'' هذا ما صرّح به قيس سعيد في لقائه بوزير تكنولوجيات الإتصال. وأبرز أنّ هناك أيضا اجتماعات في كلّ المعتمديات ستدور بين كلّ الأطراف ليقع العمل على تأليف المقترحات الصادرة عن الشعب التونسي. 


هذا الإستفتاء الإلكتروني الذي سيكون في شكل استمارة تعمّر وتدرج فيها المقترحات ستشمل النظام السياسي والدستور والقانون الإنتخابي وفقا لما أعلنه قيس سعيد مؤكّدا أنّه سيأخذ مقترحات الشعب التونسي عامة بعين الإعتبار. 


وبخصوص السقف الزمني لهذا الحوار الوطني، كان رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال ترأسه مجلس الوزراء الثاني الخميس الفارط، قد أعلن أنّ  هذا الحوار سيتم في إطار سقف زمني متفق عليه وضمن آليات وصيغ وتصورات جديدة تُفضي إلى بلورة مقترحات تأليفية في إطار مؤتمر وطني و هذا الحوار وفق تعبيره لن يشمل كلّ من استولى على أموال الشعب أو من باع ذمّته إلى الخارج.

 

اتّحاد الشغل بعد أن نادى في العديد من المرات بإجراء الحوار الوطني وحتى أنّه رسم أبعاد وآليات هذا الحوار في حين أنّ قيس سعيد تجاهل ما قام به اتحاد الشغل ، خرج الأمين العام لإتّحاد الشغل نور الدين الطبوبي عن صمته وأطلق يوم السبت 23 أكتوبر الجاري ، شرارة غضب الإتحاد من تصرّفات قيس سعيد الذي يعتبر نفسه على دراية بكلّ الأمور وأنّه القادر الأوحد على حلّ مشاكل البلاد. 

 

 ''لا أحد يُزايد في الإتحاد، لا في وطنيته ولا في رؤيته وخياراته ونحن ننقد الناس في إطار الخيارات في كنف الاحترام ونحترم القضاء والمؤسسات.. من لا يحب كلام الإتحاد، هو حرّ وإلي شاد علينا السماء إسيبها خليها الطيح ، حتى حد ما هو شاد علينا السماء ''.

كان هذا جزء من خطاب الطبوبي خلال إشرافه على افتتاح المؤتمر العادي العاشر للاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس، تحت شعار '' ملتزمون بالثوابت ، عازمون على التطوير ،منتصرون للوطن''.

 

الطبوبي انتقد بنبرة غاضبة، تصرّفات وقرارات رئيس الجمهورية قيس سعيد الأحادية وأكّد أنّ لا مُشكل شخصي بينه وبين الرئيس سعيد وصرّح قائلا '' البعض يقول أنّ الأمين العام له مشكلة مع الرئيس، لا ، بيننا حرث أو إرث ؟ إذا هناك اختلافات فهي تعبر بالمواقف ..  ليس لي مشكل مع الرئيس ولكن نختلف في بعض التوجهات''.


أمين عام اتحاد الشغل دعا قيس سعيد إلى مخاطبة الشعب والإفصاح عن توجّهاته وخطوطه العريضة لإجراء الحوار الوطني وعلى ضوء ذلك سيُقرّر الإتحاد الدعم من عدمه. الطبوبي بطريقة غير مباشرة هدّد الرئيس قيس سعيد أنّه وفي صورة تمسّكه بعدم تشريك اتحاد الشغل في الحوار وفي العمل المشترك لإنقاذ البلاد وإيجاد الحلول فإنّ مصيره سيكون الزوال والسقوط كما حصُل مع الرؤساء الذين سبقوه. 

'' نحن وطنيون دما ولحما ونقابيون كذلك وقدّمنا فاتورة لهذه البلاد وقدمنا شهداء لهذا الوطن ونحن أصحاب ''باي'' في هذه البلاد وقلتها وأعيدها ، من يريد أن يحكم تونس،  أوّل ما يقرأ، عليه أن يقرأ تاريخها وكلّ من تنمّر على الإتحاد أين هو الآن ، ذهب في سلة المهملات ''. 


وأوضح نورالدين الطبوبي للرئيس قيس سعيد أنّ الشباب الذي يتحدّث عنه والذي يريد أن يجري الحوار الوطني معه هو ذاته الشباب الموجود في كلّ المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية وفي المجتمع المدني وحتى في فروع اتحاد الشغل. 


كما لمّح الطبوبي لمشروع قيس سعيد الإنتخابي الذي يسعى من خلاله إلى تركيز الحكم المحلي وتوجّه له قائلا '' ما هو  الخيار السياسي الذي ستسير فيه البلاد؟'' و '' ما هو دور الأحزاب ؟''، وشدّد على أنّ أيّ ديمقراطية في العالم تُبنى فقط بالأحزاب، وأكّد له قائلا '' نحن لن نعمل باللجان الشعبية ولن نقبلها في الإتحاد العام التونسي للشغل''. 


وكان نور الدين الطبوبي بتاريخ 7 أكتوبر الجاري قد أكّد أنّ اللقاءات يجب أن تكون حول خيارات وحول مضامين للخروج من المأزق الذي تعيشه تونس  وتوجّه للرئيس قيس سعيد قائلا '' تونس قبل الأشخاص ويجب أن توحّد التونسيين حول مشروع وطني حقيقي ، يجب أن تُنصت لمن يختلف معك ولمن يؤيّدك وأنت رئيس جمهورية كلّ التونسيات والتونسيين ومسؤوليتك التاريخية هو توجيههم نحو مشروع وطني تلتقي فيه كلّ القوى الوطنية''. 


اتحاد الشغل لم يُعارض إجراءات 25 جويلية الفارط، واعتبرها خطوة إيجابية لتصحيح المسار وذلك عن طريق إطلاق حوار وطني يُساهم في إعادة صياغة القانون الإنتخابي وتغيّير النظام السياسي وإنقاذ الإقتصاد وإيجاد حلول عاجلة للوضع الصحي والإجتماعي، في المقابل قيس سعيد واصل تفرّده بالقرار وتعمّد تجاوز اتحاد الشغل ولم يكترث لمقترحاته. 



يسرى رياحي 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter