alexametrics
أفكار

الدولة الظالمة والدولة العادلة

مدّة القراءة : 3 دقيقة
الدولة الظالمة والدولة العادلة
 
الرأسمالية أفصل نظام عرفته البشرية لخلق الثروة وتحسين حياة البشر والدفع بقدرات الإنسان الخلاقة إلى الأقصى وهو ما تترجمه الإختراعات والإبتكارات العلمية والتكنولوجية في كل المجالات.
لكن الرأسمالية هي اسوأ نظام في توزيع الثروة بين الناس، حيث تستقر الثروة في نهاية الأمر بين أيدي من مولوا وأدارو نظام الإنتاج الذي خلق الثروة. وهذه الأيدي لا تتحارب فيما بينها حول نصيب كل واحد منها من الثروة باعتبار أنهم غالبا ما يشكلون عائلة واحدة، ولا أقصد عائلة بمعنى علاقات الدم والمصاهرة وغيرها، بل أقصد العائلة القائمة على علاقات النفعية والربح والاحتكار
مثلا نجد الشركات الكبرى التي تسيطر على الصناعة وعلى الأسواق في حلف دائم مع البنوك وأسواق المال وشركات التأمين، وهذا الأخطبوط أسميه عائلة.
 
لكن ما هو دور الدولة في إدارة الصراع بين من يحتكر الثروة - وهي الاقلية من أصحاب الشركات الكبرى وكبار موظفي القطاع البنكي والمالي- وبين من يخلق الثروة بالعمل والفكر والابحاث والتطوير ؟؟؟؟
دور الدولة الحقيقي هو في فرض قوانين توزيع الثروة والحفاظ على التوازنات الكبرى لحماية تماسك المجتمع وتأمين كل ما يحتاجه للدفاع عن مصالحه وسيادته. ولهذا تسن الدول تشاريع تتعلق بالجباية لأنها الوسيلة الوحيدة التي عرفتها البشرية لاعادة توزيع الثروة بين المواطنين.
 
الجباية التي تؤمن تمويل الخدمات العامة تعوض الناس من خلال تأمين النقل والصحة والتعليم والبنية الأساسية والثقافة والفضاءات العامة على نصيبهم النقدي الذي أخذه ارباب العمل طبقا لقوانين الشغل والتأجير الجاري بها العمل.
إذا كانت الدولة قادرة على تأمين الجيش وقوات الامن وبناء الجامعات والمستشفيات والطرقات والإنارة العامة والحدائق والمركبات الرياضية والمحميات وخاصة دور رعاية لائقة لذوي الإحتياجات الخاصة في كل الأعمار وتأمين اجور كل الموظفين القائمين بالخدمة العامة والحرص على تقديم خدمات نوعية وفي ضروف لائقة مثل ما هو الحال في كل بالبلدان المتقدمة، قلت إذا نجحت الدولة في ذلك فهذا يعني أنها نجحت ولو جزئيا في إعادة توزيع الثروة.
 
لكن إذا كانت مظاهر الثراء تتعايش مع مظاهر الفقر والخصاصة وتتدهور الخدمات العامة وإهتراء أو غياب للبنية التحتية فهذا دليل لا يقبل الرد على ظلم الدولة وفشلها في إعادة توزيع الثروة بين مواطنيها كما أنه دليل على فسادها لأنها إنحازت لمن يملك الثروة ووسائل الإنتاج ومصادر التمويل على حساب الشعب وعموم الناس
هل هناك دول نجحت في تحقيق هذا التوازن ؟
 
نعم هناك دول على قلتها نجحت في تحقيق التوازن بين أصحاب المال وبين بقية مواطنيها من خلال نسبة الجباية المرتفعة على الثروات أو الدخول - جمع دخل - وكذلك وخاصة من خلال حسن إستعمال هذه المداخيل للرفع من نوعية الخدمات العامة والعناية بمصالح المواطنين والقدرة على الدفاع عن السيادة الوطنية وإستقلالية القرار الوطني.
وتعتبر البلدان الإسكندينافية هي المثال على هذه الدول التي تقدم خدمات راقية لمواطنيها ربما تتجاوز نوعية الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص في المجال وكذلك المحافظة على الرأسمال الوطني باعتبار قوة الضغط الجبائي المسلط عليه مقارنة بمحيطه الاقليمي والدولي ، حيث تصل نسبة الأداء على الدخول إلى 60 %
 
ومع ذلك يبقى الرأس المال الوطني في هذه البلدان لأنه يتمتع ببنية تحتية إستثنائية ويقاسم العمال والموظفين مزايا تكفل الدولة بالعديد من الخدمات التي تخفف عنهم الضغط الإجتماعي وتساهم في تحسين الإنتاج والانتاجية الذي يستفيد منه صاحب رأس المال بشكل مباشر وغير مباشر ولكنه محسوس ويترجم عبر نسب النمو المرتفعة وتحسين مستوى عيش الناس ورفاهيتهم وكذلك تأمين تقاعدهم والرفع من مستوى التغطية الإجتماعية والتكفل خاصة بالرعاية الطبية بعد الإحالة على المعاش لفترة طويلة في أعمار متقدمة.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter