alexametrics
آراء

الصعلوك صعلوك سواء كان نقابيا أو غيره

مدّة القراءة : 4 دقيقة
الصعلوك صعلوك سواء كان نقابيا أو غيره

 

اليوم تدخل تونس في عطلة جماعية مطوَّلة قد تتواصل إلى غاية سبتمبر أو أكتوبر لتعود بعد ذلك عجلة الإنتاج للدوران ولئن يصعب الحديث في حالنا عن إنتاجية حقيقية .. فانطلاقا من اليوم سنكون على موعد من جديد مع ظاهرة التأخر في مباشرة العمل صباحا وقضاء بعض الشؤون منتصف النهار قبل أن يستسلم الكثيرون السبات خفيف أو ما يعرف عندنا بالقيلولة في انتظار موعد الإفطار والذي يتناول فيه الصائم ما لذ وطاب من الشهوات ثم يجلس أمام التلفاز لمتابعة المسلسل الرمضاني ليشغل ما تبقى من السهرة في لعب الورق بأنواعه هذا البرنامج اليومي للرجال ..

 

أما النساء فيكاد لا يختلف هذا البرنامج كثيرا باستثناء أنهن ينشغلن في العشرية بمشاهدة حلقة الليلة السابقة من المسلسل الرمضاني ثم ينكببن على تحضير المأكولات لساعة الإفطار ويعدن في السهرة لمتابعة المسلسلات .. سيقول البعض إنك تظلم التونسيين وتتجنى عليهم .. لكن يكفي أن تنظروا من حولكم لتعاينوا دون عناء كيف أن شهر رمضان عندنا لا يخرج عن دائرة هذه الأنشطة الروتينية.. أما الإنتاجية الحقيقية فموعدنا معها لن يكون قبل شهر سبتمبر أو أكتوبر .. ومن هنا إلى ذلك الحين علينا التحلي بالصبر اللامتناهي حتى نتجاوز عن انفلات الأعصاب بداعي "حشيشة رمضان" واكتظاظ حركة المرور وبعض الروائح الآدمية الكريهة وظاهرة التدين والتقوى الظرفيين التي تنتاب بعض التونسيين في مثل هذا الشهر...

 

الأسبوع الأخير من نسق "الإنتاجية" العادي تميَّز بإضراب كبير شنه سائقو شاحنات نقل المحروقات والذي انجر عنه فقدان شبه كلي لهذه المادة من نقاط بيع البنزين من الأربعاء الى الأحد مع طوابير مهولة أما بعض النقاط التي بقيت لديها بعض القطارات لا تغني ولا تسمن من جوع .

 

قبل الوصول الى هذا الوضع تفاوضت وزارة الإشراف والطرف النقابي مطولا وتوصلت الى حل أو شبه حل رفضه معظم سائقي الشاحنات الذين أبقوا عرباتهم في المستودعات .. المركزية النقابية دعت إلى احترام القانون والاتفاق المبرم بين الطرفين لكن دون جدوى مما شل حركة البلاد ودفع بالحكومة إلى تسخير المؤسسة العسكرية لتؤدي محطات بيع البنزين بالمحروقات.

خلاصة القول أن المواطن كان كالعادة هو الضحية والرهينة وأن قرارات اتحاد الشغل لم تُحترم وأن القانون لم يُطبق .. فمن تحدَّى القانون هذه المرة ؟ النقابيون المتمردون .. هل ستتخذ في شأنهم العقوبات اللازمة ؟ بالطبع لا أو في أسوا الحالات سيغلق الملف مثل غيره من القضايا التي تركت بعد جلسات صلحية ..

 

مرة أخرى لا يُحترم القانون في بلادنا ويُهان المواطن وتُستضعف الدولة .. ذلك أصبح خبزنا اليومي منذ الثورة .. فقد تم انتخاب الباجي قايد السبسي ونداء تونس على أساس تعهداتها باستعادة هيبة الدولة .. لكن بعد أربع سنوات ونصف أمامكم كيف هي النتيجة وهذا ليس بغرب على رجال السياسة الذين اعتادوا تقديم وعود لا يلتزمون بها البتة...

 

مع ذلك فإن التاريخ سيذكر لبعض الوزراء وقوفهم بشجاعة في وجه النقابات وخاصة العصابات النقابية لكنهم لم يجدوا المساندة من رئيس حكوماتهم .، وهنا نذكر ناجي جلول حين كان على رأس وزارة التربية أو سعيد العايدي حين كان وزيرا للصحة .، كلاهما دفع ثمن مواقفه وقيل من منصبه لا لشيء إلا لأنه حاول ما تعهد به في حملة انتخابية مع السهر على احترام علوية القانون ...

 

السؤال المطروح لم يعد ما ذا علينا فعله ؟ بل ما يجب القيام به لمواجهة نقابيين يدوسون القانون ويتخذون المواطنين رهائن لهم؟ .. في الفريق الحكومي الحالي هناك ثلاثة وزراء متميزون في هذا الشأن من خلال وقوفهم بشجاعة في وجه النقابات وهم سليم خلبوص وحاتم بن سالم وهشام بن أحمد .. رغم اختلافهم في الأسلوب فإنهم يلتقون في شيء واحد وهو الصرامة والقضاء على العربدة والصعلكة النقابية.

 

هشام بن أحمد وزير النقل اختار منهج التفاوض والحوار في الكواليس بعيدا عن الأضواء .. فالتفاوض معه يعني الاقناع أحيانا والتهديد أحيانا أخرى والابتزاز إذا اقتضى الأمر فهو ابن الوزارة ويعلم جيدا طبيعة الطرف المقابل وهذا أمر ضروري قبل الدخول في أي عملية تفاوض.

 

وزير التربية حاتم بن سالم اختار هو أيضا أسلوب التفاوض لكنه يرفض كل أشكال الابتزاز .. فقد رفض أن يبتز خصومه أو أن يبتزوه .. فردا على الإضرابات وارتهان التلاميذ بحرمانهم من الامتحانات، اكتفى باقتصاص أيام الإضراب من رواتب المربين دون مزيد من التصعيد.

 

من جهته اختار سليم خلبوص أسلوبا مغايرا تماما قد يبدو راديكالي بالنسبة الى البعض لكن من ميزاته انه أعاد للدولة هيبتها لكن ما يؤسف له هو أن الطرف المقابل هم أساتذة جامعيون وباحثون أي ينتمون إلى نخبة البلاد .. امام اتحاد "إجابة" الذي حرم الطلبة من إجراء الامتحانات، قرر الوزير حرمان الأساتذة من رواتبهم بل أكثر من ذلك فقد حرمه حتى من التغطية الاجتماعية .. قد يعتبر البعض أنه أسلوب راديكالي وظالم ؟ ولكن القرار النهائي يعود للمحكمة الإدارية .. صحيح أن خلبوص لم يكن محقا تماما بخصوص ملف اتحاد "إجابة" بما أن وزارته لم تحترم اتفاقا سابقا لكن أسلوبه ناجع جدا ويجب تعميمه على باقي القطاعات.

 

إذن ما الذي حصل امام هذه الأساليب الثلاثة المختلفة والناجعة ؟ .. اذا كان الوزراء الثلاثة لقوا مساندة قوية من رئيس الحكومة يوسف الشاهد وهو ما لم يحظ به ناجي جلول وسعيد العايدي فإنه يجدر الملاحظة أن هؤلاء الوزراء لم يلقوا الدعم اللازم من باقي الوسط السياسي وبقي شرائح المجتمع .، بل أسوا من ذلك فقد تمت اهانتهم وكلنا يتذكر الأسلوب الوقح الذي ردا به النائبة سامية عبو على حاتم بن سالم.

 

بدوره عانى سليم خلبوص جراء مواقفه وقرارته الجريئة والتي كلفته تقديم عديد القضايا ضده .. لكن الأدهى والأمر أن أحد المتعاونين مع قناة الوطنية والذي يعتبر نفسه صحفيا محللا توجه بالحديث نحو الوزير ليقول له من أنت حتى تطبق القانون بهذه الصرامة ؟ أي ان قناة عمودية تتعامل مع شخص لضرب احد أعضاء الحكومة ولومه على تطبيقه القانون.. لكن امام الصمت المدوي للهايكا التي لا تجرأ على مهاجمة القنوات العمومية، ها هي القناة الأولى تتعاون مع عضو سابق في حزب الحراك وحزب المؤتمر سابقا وتقدمه على انه محلل مستقل ليتهجم على الدولة.

 

بسبب مثل هذه التصرفات من قبل سياسيين وقضاتنا وإعلاميين، تحول العديد من نقابيينا الى صعاليك وخارجي عن القانون.. بسببهم تحدى سائقو الشاحنات الدولة والقانون والمركزية النقابية. ما يلزم فعله امام هذه العربدة النقابية هو التحلي بالصرامة وتطبيق القانون .. عندما يرتهن نقابي مصير التلاميذ ويرفض العودة الى طاولة المفاوضات يجب حرمانه من جرايته حتى يخضع ويلين.. حين يحرم نقابي الشعب باسره من مادة البنزين ويرفض تطبيق القانون وتعليمات النقابة فلا بد من طرده .. فلا يمكننا في هذه الحال الحديث عن نضال نقابي بل عن صعلكة .. فليتوجهوا للمحكمة الإدارية فنرى منها من كان على حق .. لكن والى ذلك الحين عليهم ان يلتحقوا بدفة العاطلين عن العمل غير الراغبين في العمل ..

 

يجب ان تكون الدولة صارمة في فرض احترام القانون مهما كلفها ذلك .. كما انه يجب مساندة الوزراء الذين يتحلون بالصرامة حين يحاول البعض عبثا الاستقواء على الدولة .. هذا التضامن وهذه المساندة يجب ان تأتي من الطبقة السياسية والإعلامية .. وفي المقابل يجب تحييد النقابيين وبعض المنتمين لحزب المؤتمر الذين يسعون الى الإضرار بمصالح الدولة والنقابات وحتى المواطن العادي.

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0