alexametrics
الأولى

النهضة أمام فرصتها الأخيرة لتشكيل الحكومة..

مدّة القراءة : 5 دقيقة
النهضة أمام فرصتها الأخيرة لتشكيل الحكومة..


مع بداية العدّ التنازلي للحزب الفائز في الانتخابات التشريعية والمخوّل له تشكيل الحكومة، ما تزال حركة النهضة إلى اليوم بين أخذ وردّ وتعيش تجاذبات داخلية لم تخرج إلى العلن حيث ما تزال ظاهريا متمسكة بترشيح شخصية من داخلها، قرار قد تضطرّ للتنازل عنه أمام ما ستواجهه من صعوبات من مختلف الأطياف السياسية.


أنهت حركة النّهضة إعداد مشروع ''وثيقة تعاقد لحكومة ائتلافية''، التي تتضمّن برنامجا متكاملا ستُلزم به النهضة الأحزاب التي ستتحاور معها وسيكون تعاقدا مكتوبا يُلزم الأطراف الموقّعة عليه بتنفيذه. 

وحسب ما أوضحه الناطق الرسمي للحركة عماد الخميري، فإن هذه الوثيقة تتكوّن من خمسة محاور أساسية تتمثل في استكمال وضع مؤسسات الدولة وتركيز الحكم المحلي ومكافحة الفساد وتعزيز الأمن وتطوير الحوكمة إلى جانب محور مقاومة الفقر ودعم الفئات المهمشة ومتوسطة الدخل ومحور دفع نسق الاستثمار والنمو والتشغيل فضلا عن مسالة تطوير قطاعات التعليم والصحة والمرافق العمومية. وقد تمّ إعداد إجراءات واضحة وعمليّة تتعلق بكل محور من هذه المحاور لتنفيذها على أرض الواقع، وحسب ما أكده الخميري فالهدف من هذه الوثيقة هو اعتمادها من قبل ''حكومة مقاومة للفساد'' تتميّز بالنّجاعة والقدرة على الانجاز واختيار أعضاء الحكومة على أساس مبادئها.

سيتمّ عرض هذه الوثيقة خلال الأيام القليلة القادمة على مختلف الأحزاب الفائزة في البرلمان وكذلك المستقلين، فضلا عن فتح الحوار مع المنظمات الوطنية، باستثناء الأحزاب التي وصفها بـ ''اللاّديمقراطية والفاشية'' وهما الحزب الدستوري الحرّ وحزب قلب تونس، وشدد على أن النهضة تتحمل مسؤوليتها في تشكيل الحكومة باعتبارها الحزب الأول في الانتخابات التشريعية، وأنها ستكون برئاستها.

 

انعقد مجلس شورى حركة النهضة يوم السبت وكان من المفترض أن يتواصل إلى يوم الأحد لكن سرعان ما تمّ الإعلان عن مخرجاته، نظرا لأن الحركة لم يبقى أمامها إلا خيارات محدودة، فهي رافضة لمشاركة الحزب الثاني في الانتخابات التشريعية قلب تونس والحزب الدستوري الحر، صاحب المرتبة الرابعة، وتعثرت مفاوضاتها بخصوص تشكيل الحكومة مع شركائها الطبيعيين حركة الشعب وحزب التيار الديمقراطي.

في ساعة متأخرة من ليلة السبت أعلنت الحركة عن مخرجات مجلس الشورى في ما يتعلق برئاستي الحكومة والبرلمان، الناطق الرسمي عماد الخميري نشر تدوينة على صفحته الرسمية فايسبوك أكّد فيها أن مجلس الشورى قرّر ترشيح رئيس الحركة راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان مع تواصل تمسّك الحركة بتعيين رئيسا للحكومة من داخلها.

فبعد ماراطون من المفاوضات التي قامت بها حركة النهضة مع كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة وحركة تحيا تونس، بدأت الحركة مجبرة على إعادة خلط الأوراق، فحركة تحيا تونس دعت جميع الأحزاب والقوى الوطنية إلى تشكيل ''حكومة مصلحة وطنية'' ترتكز على برنامج إصلاح وطني، يشارك فيها طيْف سياسي وطني واسع وتُحظى بدعم المنظّمات الوطنية، توفيرًا لأكثر أسباب النجاح والقدرة على مجابهة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة وذكّرت بأنها غير معنيّة بالمشاركة في حكومة تشكلها النهضة وذلك احترامًا لنتائج الانتخابات التشريعية وانسجامًا مع مُقتضيات الدستور.

وأشارت الحركة إلى أنّ تعطّل مسار تشكيل الحكومة ستكون له انعكاسات سلبيّة على سير دواليب الدولة ورعاية مصالح المواطنين وستُؤثّر على التزامات تونس مع شُركائها الدّوليّين ومصالحها، ودعت كلّ الأحزاب إلى تحمّل مسؤولياتها التاريخية بالتخلي عن المنطق الحزبي الضيق والمحاصصة، حِمايةً لمسار الانتقال الديمقراطي والاستقرار السياسي في البلاد. 

 

التيار الديمقراطي في لقاءه مع الغنوشي تمسك برفض ترؤس حركة النهضة للحكومة، وتمسك كذلك بالوزارات الثلاث العدل والداخلية والاصلاح الإداري. بدورها حركة الشعب عقدت لقاء مع النهضة في اطار مواصلة المشاورات حول تشكيل الحكومة الجديدة ومتابعة للقاءات السابقة، وأكّد وفد حركة الشعب أنّهم بصدد دراسة وثيقة التعاقد الحكومي التي عرضتها عليهم حركة النهضة في اللقاء السابق إلاّ أنّهم عبّروا عن تمسّكهم بموقفهم الرافض لتشكيل حركة النهضة للحكومة وترأسها لها. وقد اقتربا التيار وحركة الشعب من الاتفاق نحو تكوين كتلة برلمانية تجمع نواب الحزبين.

 

من جهته حزب قلب تونس أصدر اليوم الاثنين 11 نوفمبر بيانا، دعا كل الأطراف للتشاور والتمسك بوحدة مناقشة المسارين البرلماني والحكومي بما يضمن التوازن السياسي ويبعد كل أشكال الهيمنة والتغول. واعتبر أن المصلحة الوطنية تقتضي أن يكون رئيس الحكومة المقترح شخصية مستقلة ذات كفاءة اقتصادية وحولها إجماع أغلبية الأحزاب وبالتشاور مع المنظمات الوطنية، كما تمّ تكليف لجنة تفاوض برئاسة نبيل القروي بمواصلة المشاورات مع بقية الأحزاب والكتل، إضافة إلى أنه قرر ترشيح رضا شرف الدين لرئاسة البرلمان.

القيادي في حركة النهضة لطفي زيتون، صرّح بأنّه ضدّ استثناء حزب قلب تونس والحزب الدستوري الحرّ من تشكيل الحكومة. مؤكدا أنّ استثناء أي حزب سياسي في تشكيل الحكومة هو استثناء لإرادة الناخبين الذين صوّتوا لذلك الحزب. ودعا زيتون كلّ الأحزاب إلى الابتعاد عن المشاكل والتنابز وإلى العمل من أجل مصلحة الشعب والبلاد، مشيرا إلى أنّ حركة النهضة جزء من المجتمع التونسي وبيّن أنّ مقترح حركة تحيا تونس في تشكيل حكومة مصلحة وطنيّة هو حلّ لتجاوز كلّ العراقيل والشروط التي تعيق النهضة في تشكيل الحكومة. 

 

اثر انتهاء أشغال شورى الحركة الإسلامية، قال عبد الكريم الهاروني الناطق الرسمي باسم حركة النهضة أن المفاوضات الحقيقة حول الحكومة لم تبدأ بعد، وستنطلق بعد تعيين رئيس حكومة ومنحه الثقة ومن ثم يتجه لاختيار اعضاء حكومته، رافضا ان تتعامل النهضة مع "الفاسدين أو غير المؤمنين بالثورة او دعاة التعدي على الدستور التونسي." في احالة الى الاطراف التي لن تكون في الحكومة القادمة. وبين الهاروني ان حزبه متمسك برئيس حكومة من داخل حركة النهضة، وأن قرار مجلس الشورى، لا مجال للتراجع عنه داعيا من وصفهم بأصدقاء الحركة الى التشاور الجاد من اجل احترام الآجال الدستورية.

وأعلن الهاروني ان قرار الحركة بترشيح راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان جاء لأن الفترة القادمة ستكون مساهمة الحزب مساهمة من داخل الدولة، وتابع أن النهضة تعطي اولوية للعمل النيابي حيث تصنع التوافقات والقوانين والاصلاحات.

 

نشر القيادي عبد اللطيف المكي كذلك بعد انعقاد مجلس الشورى حول الشخصية التي ستقترحها النهضة لترأس الحكومة، تدوينة مفادها أن ممارسة السياسة تقتضي أن تتحمل أخطاء غيرك من أعضاء الحزب، معلقا "تُحاسب على قرارات لم تكن موافقا عليها". ولمّح المكي، أنه لم يكن موافقا على بعض سياسات الحركة الاسلامية، لكنه يُحاسب لأن "الناس لا تعرف كل الحقائق" محيلا الى خفايا قرار النهضة، المسؤولة على تعيين رئيس للحكومة واقتراح أعضائها.

 خلافا لذلك، فقد أوضح القيادي بحركة النّهضة، عبد اللطيف المكي، أنّ النهضة من واجبها أن ترشّح رئيس حكومة من داخلها مؤكّدا أنّ اختيار شخصيّة من داخل الحركة قادرة على جمع 109 من الأصوات، وأنّ كلّ قيادي في السياسة مُجبر على تحمّل كلّ السياسات بما فيها سياسة حزبه وقراراته حتّى ولو لم يكن هذا الأخير موافق على ذلك. وأكّد أنّ هناك بعض القرارات داخل حركة النهضة، هو ليس موافق عنها وهو حال بعض الأعضاء الآخرين أيضا. 

وبيّن أنّه من البديهي أن يترشّح الغنوشي لرئاسة البرلمان نتيجة لعدم وجود توافقات مع الأحزاب الأخرى.  وأنّ قرار مجلس شورى النهضة، في اختيار راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان جاء بعد عمليّة التصويت داخل المجلس، موضّحا أنّ هناك أشخاص لم يصوّتوا. وأتبع المكّي أنّ قرابة 74 عضوا بمجلس الشورى صوّت بإيجاب لترأس الغنوشي للبرلمان، بينما صوّت 18 عضوا بالرفض، أمّا قرار تولّي رئاسة الحكومة من قبل أحد قيادات الحركة فقد تحصّل على نسبة إجماع بلغت 95 بالمائة من جملة 103 شاركوا في عمليّة التصويت. 

عبد اللطيف المكّي يرى كذلك أنّ ترأّس الحكومة والبرلمان من قبل النهضة، واجب عليها، لأنه حسب رأيه، في حالة اختيار النهضة لشخصيّة مستقلّة لتشغل منصب رئيس الحكومة، سيعرضها ذلك للعديد من الاتّهامات من ضمنها أنّها متهرّبة من المسؤوليّة وأنّها تريد أن تُخفي فشلها وراء أشخاص مستقلّة وفي حال فشله ستُحمّله النهضة مسؤوليّة ذلك. 

 

بعد إصرار كل حزب على موقفه، أصبحت مسألة اختيار رئيس الحكومة المقبلة أكثر تعقيدا الأمر الذي صعّب المهمة أمام حركة النهضة التي مطالبة اليوم بالإسراع في تحديد شخصية للحكومة تكون جامعة لكل الأطراف وتحظى بموافقة ورضا الشركاء الفاعلين في الساحة.

 على حركة النهضة ربح ما تبقى لها من وقت حتى تتمكن من تشكيل الحكومة في الآجال المحددة لكن تطرح العديد من الفرضيات اليوم حول إمكانية تنازلها عن "حقها" في رئاسة الحكومة أمام ما تواجهه من ضغوطات، ومدى توفيقها في اختيارها، مع الشروط التي يفرضها حلفائها.

 

مروى يوسف  

 

 

 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter