alexametrics
الأولى

بعد نيلها ثقة البرلمان..أيّ مُستقبل ينتظر حكومة الفخفاخ؟

مدّة القراءة : 6 دقيقة
بعد نيلها ثقة البرلمان..أيّ مُستقبل ينتظر حكومة الفخفاخ؟

انتهى الصراع من أجل الكراسي، انتهى السباق من أجل قصر قرطاج وانتهى ماراطون مشاورات تشكيل الحكومة بعد أن تمكّن إلياس الفخفاخ من العبور بأعضاء حكومته أمام البرلمان ونيْل ثقة النواب يوم الخميس 27 فيفري، بأغلبية  129 صوتا ومحتفظ وحيد و77 رافضين، لتنتهي بذلك رسميا عُهدة حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد.


الإستراتيجيّة التي اعتمدها الفخفاخ لتكوين حكومته


لا مجال لمقارنة أسلوب إلياس الفخفاخ في تشكيل الحكومة بالطريقة التي اعتمدها مرشّح النهضة الحبيب الجملي والذي باء بالفشل وبسببه تمّ إسقاط حكومة الكفاءات المستقلّة التي تحمل في طياتها انتماء حزبي واضح. بعد تكليفه يوم 20 جانفي من قبل رئيس الجمهوريّة قيس سعيد لتكوين الحكومة، قام الفخفاخ يوم 22 فيفري بتقديم إستقالته من حزب التكتّل ليتفرّغ كليّا لمهامه وكلّه اعتزاز بالإنتماء للتكتّل وكان قرار استقالته من كلّ المسؤوليات الحزبية بالحزب مردّه العمل والتفرغ كليًا لمهمة تشكيل الحكومة بما يوفّر مناخا مناسبا للعمل. هذه الخطوة رفع بها الفخفاخ عن نفسه أيّ اتّهام بانتماء حزبي أو استغلال مركزه لصالح حزبه على عكس الجملي الذي ادّعى انّه مستقلّ ولكنّ ماضيه ومساره يكشف أنّه ابن الحزب الإسلامي. ونظرا لخبرته في الحياة السياسيّة التي خاض غمارها بتوليه العديد من المناصب الوزاريّة خلال مسيرته ، أكّد الفخفاخ بعد تعيّينه مباشرة لتكوين الحكومة أنّه  سيعمل على تشكيل حكومة ''متناغمة'' متكوّنة من فريق مصغّر منسجم وجدّي يجمع بين الكفاءة والإرادة السياسية القويّة والوفاء للثوابت الوطنيّة ولأهداف الثورة المجيدة، وأنّه سيعمل على فتح المجال لأوسع حزام سياسي ممكن بعيدا عن أيّ إقصاء أو محاصصة حزبيّة.

قام إلياس الفخفاخ بمصافحة أولى مع الأحزاب المعنيّة بالمشاركة في الحكم واطّلع على نواياهم وتوجّهاتهم ونظرتهم لتكوين الحكومة من كلّ الجوانب، ثمّ أعلن في ندوة صحفيّة له يوم الجمعة 24 جانفي عن الإستراتيجيّة التي سيعتمدها لتكوين حكومته من الحزام السياسي مرورا بالبرنامج الحكومي. وعلى عكس ما صرّح به يوم تكليفه، فقد خيّر الفخفاخ تقسيم حزام حكومته السياسي بين مساندين له ومعارضين حين أعلن أنّه سيقصي قلب تونس من الحكومة ويتركه في المعارضة إلى جانب الحزب الذي قرّر أن يكون في المعارضة منذ فوزه في البرلمان وهو الحزب الدستوري الحرّ. كما قدّم وثيقة مرجعية للبرنامج الحكومي للأحزاب ثمّ اجتمع معهم وقاموا بتعديل الوثيقة التي تحمل اسم «حكومة الوضوح وإعادة الثقة»، وتتضمن خمس محاور أساسية تتعلق بأسس ومبادئ العمل الحكومي وآليات التنفيذ والأولويات الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة بالإضافة إلى هندسة تركيبة الحكومة.

الحزام السياسي لحكومة الفخفاخ

 

بعد عشرة أيام من النقاش مع الأحزاب، أعلن الفخفاخ عن تركيبة حكومته الأوليّة التي واجهت رفضا وليّ ذراع من طرف النهضة التي أكّدت أنّها لن تصوّت لها ولن تمنح الثقة لأنّ الفخفاخ واصل في إقصاء قلب تونس من الحكومة، ولكنّ رئيس الحكومة المكلّف كان واعيا بكلّ خطوة اتخذها حين أشار أنّه سيواصل المشاورات مع الأحزاب لتعديل القائمة الوزاريّة والتقى مع رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي ولكنّ القروي أكّد انّ حزبه غير معني بالحكومة. حركة النهضة التي لها دور أساسي في كلّ الحكومات المتعاقبة فهي كالملح الذي لا يغيب عن الطعام،  بعد تمسّكها بقلب تونس وادّعائها عقد الصلح مع الحرب التي كانت قائمة بين الحزبيْن، سحبت البساط من حزب القروي وصرّح قيادات النهضة أنّ هدفهم تشكيل حكومة وحدة وطنيّة ولكنّهم سيصوّتون على حكومة الفخفاخ حتى وإن لم يكن بها قلب تونس. هذه المجاملات الحزبية والأخذ والردّ والمواقف المتشنّجة كشفت الكواليس التي تُحاك تحت الطاولة كما يقولون وكيف يمكن أن تُغيّر المواقف والقرارات من أجل المصالح. وبعد إعلان النهضة موافقتها على منح الثقة لحكومة الفخفاخ بعد قيامه بتعديلات في تركيبة الحقائب الوزاريّة ترضي الحركة،  تمكّن يوم الأربعاء 19 فيفري 2020، من الوصول إلى تركيبة نهائية لحكومته وقدّمها لرئيس الجمهوريّة قيس سعيد وأعلن عن توزّع الحقائب الوزاريّة داخلها.

فعاليات جلسة منح الثقة لحكومة الفخفاخ

 

كشفت جلسة منح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ يوم الأربعاء 26 فيفري، نوايا النواب وموقفهم من الفخفاخ وحكومته. وجّه الفخفاخ خطاب للنوّاب أكّد فيه أنّه رفقة حكومته بالتعاون مع البرلمان وكامل المنظمات الوطنيّة والمؤسّسات يريد خدمة تونس وتحسين الوضع الإقتصادي والإجتماعي والتنموي. معتمدا لهجة عاميّة في خطابه دعا الفخفاخ كلّ الأحزاب إلى أن يكونوا قدوة بالصدق في القول والإخلاص في العمل قائلا ''أمامنا منعرج تاريخي لا يجب أن نضيّعه وهو منعرج لإرجاع سلطة الدولة ونحن في مشروع عميق لبناء تونس المستقبل''، وعدّد أولويات العمل الحكومي مذكّرا بالقضايا العاجلة والملفّات الحارقة التي يجب أن تعمل الحكومة على حلّها. وعلى امتداد يوم كامل استمع الفخفاخ بانتباه لمداخلات كلّ النواب الذين حوّلوا جلسة منح الثقة للحكومة لمساءلة ومحاسبة للفخفاخ، عاد البعض منهم على تركيبة الوزراء واتّهموا رئيس الحكومة بالتميّيز الجهوي وتعمّده تغيّيب بعض الولايات في تركيبة الحكومة واتّهمه البعض الآخر بالعمالة لدى فرنسا نظرا لحمله الجنسيّة الفرنسيّة على غرار النائب عن ائتلاف الكرامة محمد العفاس وياسين العياري والنائب الصافي سعيد الذي اعتبر أنّ حمل الجنسيات الأجنبيّة عار في كل دساتير العالم، وتطرّق النواب إلى بعض النقاط في البرنامج الحكومي وطالبوه بتعديلها. أيضا لم تخلو جلسة منح الثقة من الصراعات والتلاسن والتنابز بين النواب على غرار ممثلي كتلة حركة النهضة ورئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي.  بعد انتهاء مداخلات النواب، قام الفخفاخ بالإجابة عن كلّ أسئلتهم واتّهماتهم بكلّ ثقة وكان خطابه مقنعا لا غبار عليه جاعلا من مصلحة تونس وتفاني وزراء حكومته في العمل سلاحه في الإجابة وأوضح لهم أنّ تونس في حاجة إلى توحّد الصفوف لإنقاذ الوضع الإقتصادي والإجتماعي ولإرجاع ثقة الشعب في الدولة ومؤسّساتها.

 

انتهت الجلسة بتصويت البرلمان على منح الثقة للحكومة ومنح 129 نائبا صوتهم للحكومة في حين رفض 77 نائب الحكومة و احتفظ نائب وحيد، حركة النهضة منحت الثقة باستثناء نائب وحيد، كما منحت الكتلة الديمقراطية الثقة للحكومة باستثناء ثلاثة نواب هم منجي الرحوي وعدنان الحاجي وفيصل التبيني وكتلة الإصلاح الوطني منحت ثقتها باستثناء النائب عن آفاق تونس هيثم براهم وصوّت كل نواب حزب تحيا تونس للحكومة. كما صوّت النواب الأربعة المستقيلون من ائتلاف الكرامة راشد الخياري، رضا الجوادي، فاكر الشويخي، ميلاد بن الدالي لحكومة الفخفاخ في حين صوّت ياسين العياري وايمان بالطيب  والصافي سعيد وبن عائشة عن حزب الرحمة ضد منح الثقة للحكومة، أما كتلة قلب تونس وكتلة الحزب الدستوري الحر وكتلة ائتلاف الكرامة صوّتت ضد الحكومة.

بعد أن نجح الفخفاخ في تمرير حكومته أمام البرلمان، قام اليوم الخميس لرفقة أعضاء فريقه الحكومي المتكون من 30 وزيرا بأداء اليمين الدستورية بقصر قرطاج أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد. هذا الماراطون من المشاورات من أجل تكوين حكومة لا يُضاهي شيئا أمام التحدّيات التي تنتظر الفخفاخ وفريقه الحكومي فهو على امتداد مئة يوم بعد مباشرة مهامهم سيخضعون لرقابة الشعب وتقيّيمه لمدى التزامهم بتطبيق كلّ الوعود المتعلّقة ببرنامج الحكم الذي أعلن عنه الفخفاخ في ظلّ برلمان غير متجانس. 


 يسرى رياحي 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter