alexametrics
الأولى

حادثة عنصرية ضد مهاجر تونسي - سالفيني لا يعرف قرطاج ..

مدّة القراءة : 3 دقيقة
حادثة عنصرية ضد مهاجر تونسي - سالفيني لا يعرف قرطاج ..

لم تُثبت الحركة الاستفزازية المهينة التي قام بها السياسي الايطالي زعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني ضد عائلة تونسية مهاجرة خلال حملته الانتخابية، سوى أن المزاج السياسي الأروبي يتجّهُ الى تطرّف وتقوقع رافض للاختلاف القادم من وراء البحار،  ذلك "الخطر" الذي يُهدد "العالم الحر".

 

 الكراهية الناعمة التي تُعمم بوقاحة صورة نمطية مغلوطة عن المهاجر الخارج عن القانون الذي يهدد أمن واقتصاد بلد ما، أضحت عُملة انتخابيّة يستثمر فيها اليمين المتطرف الايطاليّ الاقصائي الذيّ يريد اغلاق بحر ايطاليا وسمائها، وعزلها عن محيطها الأروبيّ والمتوسطي مخافة "المجرمين" الذين قد يتسللون الى شوارع رُوما مُشهرين  سكاكينهم يُصفرون لحنا عربيا. العربيّة، ذلك الكابوس ! 

 

 

جرّ الصحفيون الكاميرات في شوارع بولونيا التي تشهد انتخابات اقليمية، ساروا وراء سالفيني الى منزل مهاجر تونسيّ ونقلوا العنصرية واضحة حيّة دون تلطيف وتجميل على الشاشات، الى أن وصلت الى الضفة الجنوبية من المتوسط، الى بلد صغير كان يدعى قرطاجنّة - تعرفه روما جيدا- لكنّ سالفيني لا يعرفه- فالرجل يظن أنه بلد كل سكانه تُجار مخدرات. بنبرة احتقار ودونية يتوارثها الفاشيون جيلا بعد جيل، سأله عبر جرس الهاتف اذا كان تاجر مخدرات .. وضحك "الصحفيون" بينما حاول عضو مجلس الشيوخ "تبسيط" السؤال للتونسيّ الذي -طبعا وفق الأفكار المسبقة لسالفيني- لا يتكلم الايطالية بطلاقة.

 

 

بعد أن  دقّ سالفيني باب مُواطننا التونسي بساعات قليلة، دقت السفارة التونسية في ايطاليا باب مجلس الشيوخ في شخص رئيسته ماريا إليزابيت ألبرتي كازيلاتي بلهجة شديدة تستنكر  وفق نص الاحتجاج البولسة "التي تمت بطريقة غير قانونية وأمام وسائل الإعلام دون احترام حرمة منزل العائلة مما يمثل تشويها لسمعة الجالية التونسية لدى الرأي العام الإيطالي". وبعد أقل من 24 ساعة أعلن معز السيناوي، السفير التونسي في إيطاليا، عن رفضه المطلق "لهذا السلوك المشين" مطالبا عضو مجلس الشيوخ بالاعتذار لكل من العائلة التي هاجمها لفظيا  والى الجالية التونسية في ايطاليا عموما مؤكدا انه لا يمكن المسّ من كرامة التونسيين وحرمتهم.

 

لا يملك سالفيني أيّ حق لهذه الممارسات البوليسيّة التي يُغلفها برداء الحمائية والقومية ضد "همجية" المهاجرين بأي حال من الأحوال، حتى لو كان المهاجر فعلا قد وصل لايطاليا بطريقة غير نظامية. لكن في الواقع، "الهمجيّ" الذي اعتدى عليه وزير الداخلية السابق كان عاملا مسنا، مُتزوجا من سيدة ايطالية يدعى "فوزي" سافر الى ايطاليا منذ 1982 بطريقة قانونية ويعمل سائق شاحنة لحساب شركة خاصة وقد اتجه للقضاء فور تعرضه للحركة العنصرية أمس الاربعاء.

 

 

سالفيني يحارب الجميع، افريقيا التي يعتبرها مُصدّرة للاجرام وأروبا التي  يتهمها بالتخطيط لجعل إيطاليا "معسكرا لللاجئين" في أوروبا. الرجل يصف نفسه بأنه "ترامب الايطالي" الذي سيخلص ايطاليا من ثقل المهاجرين من دول العالم الثالث. تبدو فكرة مُحاججته ومحاولة تغيير فكرته النمطية عن المهاجرين التونسيين والأفارقة فكرة عبيثة، لسالفيني مسيرة قرابة 20 سنة من العمل السياسي الذي ظل خلالها وفيا لذات الفاشيّة، رغم أنه يتحرك في فضاء "حُماة حقوق الانسان". يبدو أن الرجل لا يعرف قرطاج / تونس القديمة، التي يعود أول دساتريها الى القرن السادس قبل الميلاد، لا يعرف أن  تونس الاصلاحية في القرن 19 التي ألغت العبودية قبل معظم دول "العالم الحر" منذ 173 عاما، ولا يعرف تونس الثورة التي حظيت بجائزة نوبل للسلام منذ 5 سنوات.

 

بعد التنديد أمام أنظار العالم بعنصرية قائد حزب الرابطة، سجلت الديبلوماسية التونسية موقفها الصريح بأنها تضمن بموجب انفتاحها على منظومة حقوق الانسان الكونية  وترسانتها الحقوقية وأعرافها الديبلوماسيةـ حقوق مواطنيها بالخارج. ولنذكر، أن هذه ليس المرة الأولى التي يهاجم فيها سالفيني التونسيين،  وليست المرة الأولى التي تذودُ فيها تونس عن مواطنينا في الخارج  فوق أي أرض وتحت اي سماء. قد لا يتلقى سالفيني معارضة شديدة من داخل ايطاليا ومن خارجها بشأن سياسته مع المهاجرين وتسببه في حوادث ديبلوماسية وحوادث انسانية أمام موجة الشعبوية وصعود اليمين المتطرف والتطبيع مع الكراهية.  لذلك ربما تكون  تونس  سعيدة –من باب التعريف بحقوق الانسان للمبتدئين- بتظيم نقاش بشأن الهجرة  وحقوق المهاجرين والحديث عن تجربتها في استقبال اللاجئين الليبيين، ولكن فقط بعد اعتذار رسمي لا نأمل– على أية حال- في أن يكون مكتوبا بالعربية.

 

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter