في كلمة بلا مُحتوى وخطاب أجوف لم يرتق لمستوى الأزمة الاجتماعية الحالية، لخّص رئيس الحكومة هشام المشيشي الاحتقان الذي تعيشه البلاد بأنه احتجاجات "مشروعة" - ساعات، بعد أن كانت قوات الأمن تواجه هذه التحركات بالقنابل المسلية للدموع منتهية الصلوحية قبالة وزارة الداخلية!

خطاب بعربية ركيكة وتوصيفات منمقة للوضع الاجتماعي المتوتر، وباستعلاء لا يمكن أن يتقبله الشباب المحتج في الأحياء الشعبية الا أنه استهزاء منهم. بعباراته التقنية والجافة التي قرأها من ورقة امامه، لم يصل المشيشي للاستجابة الشعبية التي ربما كان يتوقعها وتواصلت المواجهات بين الشباب والأمنيين لليلة السادسة، لحقتها منذ صبيحة اليوم مجموعة من الاحتجاجات امام محكمة باب بنات، بساحة القصبة وبشارع الحبيب بورقيبة. فشل المشيشي في امتصاص غضب المحتجين واحتواء الأزمة.

ماعدا اللوبي الاسلامي رضوان المصمودي الذي وصف خطاب المشيشي بالرائع، وأسامة الخليفي رئيس كتلة قلب تونس الذي يبدو أنه أعجبه الخطاب، لا يوجد من أرضاه خطاب رئيس الحكومة.
النائب المستقل ياسين العياري سخر من الخطاب الذي وصفه بأنه مزيج بين "أنا فهمتكم" و "بكل حزم"، معلقا "ضاع بن علي نهار 13، حين لم يعلن إلقاء القبض على الطرابلسية..ضيّع المشيشي الفرصة، حين لم يعلن عن سياسة جزائية للدولة، تعطي الأولوية لكل القضايا الجزائية، الي ضد أحزاب و نواب و مسؤولين".
النائب عن الشعب هيكل المكي علق أن كلمة المشيشي "خشبية" و"دون روح" و"مضمون"و"لم تعبّر عن فهم حقيقي لما يحصل".
أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي في تدوينة على صفحته علق أنّ "كلمة رئيس الحكومة كانت خالية من كل بعد سياسي وفاقدة لكل ما من شأنه أن يعتبر بوادر حلول. بإختصار ضعف في الأداء وفي التواصل".
المحامية الحقوقية والمستشارة السابقة للرئيس الباجي قايد السبسي، سعيدة قراش وصفت الخطاب بـ"البارد والمفتقر لمضامين حقيقة.

رئيس حزب تونس للأمام عبيد البيركي علق في مداخلة في ميدي شو - موزاييك "خطاب المشيشي أمس كان مليئا بالأخطاء اللغوية وغير مقنع... كان عليه أن يدعو إلى إطلاق سراح الشباب الذي تم إيقافه حتى لو كان مخطئين ليعطي أملا للبقية لكنه دعا إلى منتدى للحوار...خطابه يشبه خطاب الرئيس السابق زين العابدين بن علي خلال أحداث الثورة سنة 2011، " مععلقا "بن علي قال فهمتكم واليوم المشيشي يقول تفهمتكم".
حسونة الناصفي رئيس كتلة الاصلاح الوطني علق " لست راضيا على خطاب المشيشي شكلا ومضمونا".
الأمين العام المساعد لإتحاد الشغل سامي الطاهري، وصف الخطاب بأنه ديماغوجيا معلقا "قرار عاجل كان يجب أن يتضمنه الخطاب إياه: اطلاق سراح المعتقلين الذين لم ترتبط بهم جرائم حرق أو نهب في الاحتجاجات الأخيرة.."

العديد من المنظمات والقوى المدنية مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الجمعية التونسية للمحامين الشبان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أصدروا بيانا أكدوا فيهم دعمهم للقوى الشبابية والمواطنية الحية لمواصلة نضالاتها، منددين بالتعامل الأمني العنيف مع الاحتجاجات الأخيرة والايقافات العشوائية وتلك التي كانت على خلفية تدوينات على الشبكات الاجتماعية حول الوضع الاجتماعي التي لن تؤدي إلا إلى تغذية الغضب تجاه المؤسسة الامنية والى تعميق الأزمة بين المواطنين والدولة وتعد خرقا صارخا لحرية التعبير وتتعارض كليا مع ركائز الدولة الديمقراطية؛ وفق نص البيان.
وأكدت الجمعيات الممضية أنها تعبر عن إستغرابها للمضمون المتهافت لكلمة رئيس الحكومة الذي لم يستوعب جيدا رسالة الشباب المحتج.

المشيشي تخلّف عن حضور جلسة الحوار مع الحكومة المنعقدة اليوم رغم دعوته للمساءلة بشأن الأحداث الأخيرة.
رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي أكدت خلال الجلسة عن استغرابها تغيّب رئيس الحكومة للإجابة على تساؤلات الشعب التونسي واكتفائه بخطاب. زياد غنّاي عن الكتلة الديمقراطية بين أن غياب المشيشي يؤشر إلى "غياب سياسة عامة للدولة لمعالجة الواقع الاجتماعي". وفق ما أوردته وات، انتقد العديد من النواب مضمون كلمة رئيس الحكومة، معتبرين أن هذا الخطاب خلا من أي إجراءات عملية وأنه كان إنشائيا وفضفاضا ولم يرتق إلى مستوى خطاب لرئيس حكومة.

عبير قاسمي