alexametrics
الأولى

راشد الغنوشي.. عصفور حركة النهضة النادر!

مدّة القراءة : 4 دقيقة
راشد الغنوشي.. عصفور حركة النهضة النادر!

 

أشهر قليلة تفصلنا عن الاستحقاقات الانتخابية ويبدو أن الحملات الانتخابية للرئاسية والتشريعية قد انطلقت قبل أوانها وبدأت الساحة السياسية تتشكل شيئا فشيئا وانطلق الاستقطاب المحلي بين الأطراف المشاركة في السباق الانتخابي.

 

انطلقت يوم السبت 22 جوان 2019 فعاليات الندوة السنوية الوطنية الثالثة لإطارات حركة النهضة تحت عنوان "لا مواطنة دون عدالة اجتماعية"، بمشاركة أكثر من 1000 من إطارات الحزب المحلية والجهوية والمركزية والتي تواصلت إلى غاية يوم أمس الأحد. الندوة السنوية هي محطة تقام سنويا للخروج بجملة من التوصيات المتصلة بإدارة الملف السياسي والاقتصادي والاجتماعي وذلك بعد التداول في الوضع العام بالبلاد وخيارات حركة النهضة وسياساتها وبرامجها.

 

وتأتي هذه الندوات مرّة كل سنة عملا بمقتضيات الفصل 36 من النظام الأساسي للحركة المصادق عليه في المؤتمر العاشر حيث تم إقرار ندوة سنوية بصفتها هيئة استشارية تجمع القيادات التنفيذية والشورية، المركزية والجهوية والمحلية وأعضاء الحكومة والبرلمان ورؤساء الكتل البلدية في سياق تعزيز الديمقراطية الداخلية وتكريس المنهج التشاركي في أخذ القرارات وتقييم الأداء وتدقيق المسارات.

  

يوم أمس الأحد اختتمت الندوة السنوية لحركة النهضة بخطاب لرئيس الحركة راشد الغنوشي، وللمتمعّن جيّدا أن يدرك أن هذا الخطاب ليس إلا حملة انتخابية مبكرة استطاع من خلاله أن يعطي صورة عن حزبه ذي المرجعية الإسلامية، الذي لا طالما اعتبر عبر التاريخ بأنه "متطرف" وداعم "للإرهاب" ويساهم في "خونجة" المجتمع والدولة ويتحمّل جزء كبيرا من المسؤولية السياسية في اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

بدا راشد الغنوشي متحمّسا في خطابه مدافعا بشراسة عن البلاد بمختلف جهاتها والفئات المفقرة، وصرّح بأن الحركة ترفض أي اتفاق دولي يصادر الصناعة التونسية والفلاحة الوطنية في إشارة منه إلى اتفاق "الأليكا، وبيّن أن الحركة ستنتقل إلى مرحلة الدفاع عن المستضعفين والمناطق الداخلية المهمشة تنمويا، ومقاومة الفقر والعدالة الاجتماعية منتقدا التفاوت التنموي بين الجهات.

 

وتوجّه إلى الجهات الداخلية التي مازالت تعاني الخصاصة والتي لم يتحسّن وضعها منذ الثورة قائلا "لبّيك سنظل نناضل من أجلك حتى تتحقق العدالة الاجتماعية...  فلا ديمقراطية دون عدالة اجتماعية".

 

وشدّد على أهمية إعادة الاعتبار للعمل والإنتاجية مقرّا بأن "الأجور ضعيفة مقابل ارتفاع الأسعار"، مطالبا بضرورة إعادة الاعتبار للتعليم لأنه هو الرافعة وهو في تدهور وللقيمة المضافة للطب والنقل والخدمات وهذا رهين التخلص من البيروقراطية لأن تونس "عملاق مكتّف".

 

ودعا في نفس السياق، كتلة النهضة في البرلمان والمشرعين والكتلة القادمة إلى تولي تحرير تونس من القيود الإدارية والاعتماد على الرقمنة.

وطالب التونسيين بالاقتداء بـ "الصفاقسية والجرابة" لأنهم يعطون قيمة للعمل والمبادرة الخاصة مشدّدا على ضرورة أن تكون تونس كلها "صفاقسية وجرابة" لأنهم مثال في ثقافة العمل الذي هو الحل الوحيد لتحقيق التنمية والنهوض بالاقتصاد.

 

دعوة يبدو أنها تدخل في إطار حملة راشد الغنوشي الانتخابية لاستقطاب هاتين الولايتين اللتين عرفتا بجزء كبير منها بانتمائهما وتصويتهما لحركة النهضة.

 

دفاع، فئات مستضعفة، مناطق داخلية مهمشة، تنمية مقاومة الفقر والعدالة الاجتماعية... مفردات أثثت خطاب دام أكثر من نصف ساعة نجح اتصاليا وبدا حاسما وصارما حاول فيه راشد الغنوشي المراهنة على الشعبوية المؤقتة التي تستبطن استخفافا بالناخبين، علّها تكون طريقة مضمونة النتائج.

في الواقع فإن القانون الأساسي الانتخابي نظّم الحملات الانتخابية وعرّف الفصل 3 من القانون الأساسي الانتخابي الاشهار السياسي على أنه "كل عملية اشهار أو دعاية بمقابل مادي أو مجانا تعتمد أساليب وتقنيات التسويق التجاري موجهة للعموم وتهدف إلى الترويج لشخص أو لموقف أو لبرنامج أو لحزب سياسي بغرض استمالة الناخبين أو التأثير في سلوكهم واختياراتهم عبر وسائل الاعلام السمعية أو البصرية أو المكتوبة أو الالكترونية أو عبر وسائط اشهارية ثابتة أو متنقلة مركزة بالأماكن أو الوسائل العمومية أو الخاصة.

 

أمّا الفصل 50 فقد نظّم الحملة الانتخابية على أنها تكون "قبل يوم الاقتراع بـ 22 يوما وتسبقها مرحلة ما قبل الحملة الانتخابية وتمتد لـ 3 أشهر"، وتنتهي في كل الحالات 24 ساعة قبل الاقتراع.

وقد أخضع الفصل 52 الحملة الانتخابية إلى مبادئ أساسية منها "احترام الحرمة الجسدية للمترشحين والناخبين وأعراضهم وكرامتهم وعدم المساس بحرمة الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للمترشحين وعدم الدعوة إلى الكراهية والعنف والتعصب والتمييز".

لكن بالرغم من الفصول المنظمة للحملات الانتخابية لعدم توجيه رأي الناخبين فإن السلطة الحاكمة في تونس لا تتوفر فيها الإرادة لإطلاق صيحات فزع والحدّ من تداعيات هذه الحملات، الكل" معني بالانتخابات ولا أحد يهتم لقداسة الفعل الديمقراطي والتصويت الحرّ الخالي من أي تأثيرات تحت ضغط الأخبار الزائفة.

 

فبعد خطاب الغنوشي بات من الواضح أن حلبة التنافس في السباق الانتخابي ستشهد نزالا قويا فالظاهر أن رئيس حركة النهضة سيكون عصفورها النادر في الرئاسية بعد أن أكد في أكثر من مناسبة أنه لا ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية وأنه لا يطمح إلى الرئاسة.

 

مازالت مسألة اختيار مرشح حركة النهضة لم تحسم بعد لكن على ما يبدو  أنها سترشح رئيسها خاصة بعد أن أصبحت "الظاهرة العابرة"، كما يراها هو، عبير موسي في الصعود رفقة صاحب قناة نسمة الخاصة نبيل القروي اللذان أصبحا يتصدرا نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية في آخر استطلاعات للرأي، الأمر الذي، على ما يبدو جعل الحركة تعيد ترتيب حساباتها وتنظيم أوراقها الداخلية.

وقد عبرت الحركة عن رفضها القطعي في وقت سابق لكل ضروب التحيل على الرأي العام وعموم الناخبين من خلال توظيف بعض الأطراف العمل المجتمعي أو الديني أو الجمعياتي أو الإعلامي في العمل السياسي بدل الالتزام بمقتضيات الدستور وبناء المجتمعات الحديثة القائمة على الفصل بين المجالات، وأكّدت على منع توظيف بعضها لبعض كما نص عليه قانون الأحزاب وقانون الجمعيات.

 

 ودعت الحركة إلى ضرورة حماية المسار الديمقراطي وعدم السماح بأي تلاعب بالتجربة الوليدة والتفاعل الإيجابي مع كل المقترحات التي تحقق هذا الغرض واتخاذ كل التدابير القانونية لمنع التحيل على الناخبين وحماية الديمقراطية.

 

بدأ هاجس الانتخابات يؤكد حضوره لدى السياسيين في سلوكياتهم وحركاتهم وخطاباتهم المعلنة والمستبطنة التي تمثل ضربا من ضروب الشعبوية التي ستنتهي بانتهاء الانتخابات والاعلان عن النتائج.

 

شيئا فشيئا يخيّم رهان الرئاسيات على الأجواء ويوما بعد يوم يبدأ الضغط على الحسابات بالرغم من اختيار بعض المرشحين المحتملين، إلى الآن، الالتزام بنوع من "الغموض" ومن المتوقع أن تزداد الأوضاع شدّة وتعقيدا مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية المقرّر اجراؤها في شهر نوفمبر القادم.

مروى يوسف

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter