alexametrics
آراء

على يوسف الشاهد المغادرة ، إذا أراد العودة

مدّة القراءة : 4 دقيقة
على يوسف الشاهد المغادرة ، إذا أراد العودة

 

تداهمنا الإنتخبات التشريعية والرئاسية بخطى حثيثة، حتى أن الفترة الإنتخابية للتشريعية تنطلق رسميا بعد أقل من شهر وبالتحديد يوم 16 جويلية 2019 في حين سيفتح باب إيداع الترشحات يوم 22 جويلية وذلك بالنسبة إلى الإنتخابات التشريعية التي ستجرى بين 4 و6 أكتوبر المقبل.

 

أما بالنسبة إلى الفترة الإنتخابية الخاصة بالرئاسية فستنطلق يوم 27 أوت 2019، على أن تفتتح عملية إيداع الترشحات ابتداء من يوم 3 سبتمبر وذلك استعدادا للتصويت في إطار الدورة الأولى من 15 إلى 17 نوفمبر ليتم اللجوء بعد أسبوعين من ذلك إلى دورة ثانية في صورة عدم حصول أي مترشح على الأغلبية المطلقة للأصوات في الجولة الأولى، قبل أن يتم الإعلان يوم 25 ديسمبر عن النتائج النهائية.

 

وبحكم اقتراب هذه المحطات الإنتخابية الهامة فإن الساحة السياسية تشهد حالة من الغيلان لتتحوّل الأحزاب والحركات السياسية إلى خلية نحل لا تهدأ وهو أمر طبيعي في كل الديمقراطيات المحترمة .. غير أننا في تونس ما زلنا لم نبلغ بعد هذه المكانة فنحن نعيش "ديمقراطية ناشئة" وهو مفهوم ندين بصياغته للزعيم الحبيب بورقيبة وقد أعاد استخدامها بعده زين العابدين بن علي في عديد المناسبات ليطنب جماعة الترويكا في استعمالها بعد ذلك .. كانوا يلجؤون لهذه العبارات لتبرير ممارسات لا ديمقراطية حتى يحاولون إقناعنا بأن الطبقة السياسية أذكى بكثير من بقية الشعب.. لا نعلم إن كان القصد من وراء استعمال هذا المفهوم سليما أو خبيثا (ربما الإثنين، حسب الفترة) لكن الأكيد أن لا أحد اقتنع بها .. فكل واحد من هؤلاء الحكام شهدوا يوما قيل لهم فيه "توقفوا عن استخدام هذا المفهوم الهجين وكفاكم استهزاء واستخفافا بعقولنا.   

 

فكل الأنظمة التي حكمت تونس مرت حتما ولو مرة واحدة عبر تجربة صندوق الإقتراع وتكون انتخابات حقيقية وشفافة ونزيهة حتى وإن أنكر خصومهم ومن خلفهم في الحكم .. كل واحد منهم يقول ويعيد بإنه وصل إلى السلطة عبر صناديق الإقتراع ليتهمه خلفه بأنه وصل عن طريق الغش .. كلهم دون استثناء، فبورقيبة نظّم انتخابات حقيقية في بداية عهده ثم لجأ للغش في ما بعد ليمنح لنفسه الرئاسة مدى الحياة .. بن علي بدوره نظّم انتخابات حقيقية في 1989 قبل أن يغش هو الآخر في الإنتخابات الموالية .. الترويكا تم انتخابها لسنة واحدة في أواخر 2011 إلا أنها بقيت تحكم طيلة ثلاث سنوات .. وها هو الفريق الحكومي الحالي (ثمرة علاقة غير مشروعة بين راشد الغنوشي والباجي قايد السبسي الذي تم انتخابه بطريقة قانونية وشرعية لا لبس فيها سنة 2014)، يحاولون اتباع أسلوب الغش من خلال العمل على تنقيح القانون الإنتخابي قبل شهر من انطلاق الفترة الإنتخابية، فضلا عن القبول بأن يكون رئيس الحكومة يوسف الشاهد هو الخصم والحكم فهو رئيس الجهاز التنفيذي ومترشح (محتمل) للإنتخابات الرئاسية المقبلة. وقد أسالت مسألة تعديل القانون الإنتخابي كثيرا من الحبر وخضنا فيها عديد المرات على أعمدتنا وفي موقعنا هذا .. فإذا ذهب التنقيح في اتجاه غير ديمقراطي فإن ذلك سيلقي بظلال الشك والريبة على الإنتخابات القادمة وعلى السنوات الخمس التي ستليها .. خمس سنين سيتم طوالها تذكير الحكومة الجديدة بأنها تتكون من غشاشين وصلوا إلى الحكم بعد إقصاء منافسيهم عبر قانون صيغ على المقاس.

 

بخصوص مسألة رئيس الحكومة وترشحه للإنتخابات، هذه ممارسة غير ديمقراطية ولا يمكن اعتبارها كذلك .. بإمكان رئيس الجمهورية فعل ذلك لأنه بعيد عن الحسابات والصراعات (ومع ذلك فإن المسألة قابلة للنقاش) لكن هذا غير ممكن إطلاقا بالنسبة إلى وزير أول أو رئيس للحكومة ففرص الغش تصبح كثيرة جدا ويتنافى معها مبدأ تكافؤ الفرص .. وهنا نتذكّر جميعا كيف أن منصف المرزوقي لجأ للغش في 2014 حين استغل وسائل وإمكانيات الدولة ومؤسسة رئاسة الجمهورية في حملته الإنتخابية ...

 

أنصار وأوفياء يوسف الشاهد الجدد يقولون لك إن هذا معمول به في كل أرجاء العالم وأن القانون لا يمنع رئيس الحكومة من التقدم للإنتخابات .. هذا صحيح لكل في هذه الحال عليهم أن يكفوا من الحديث عن "ديمقراطية ناشئة" لأن ترشح رئيس الجهاز التنفيذي للإنتخابات ظاهرة تعرفها الديمقراطية الراسخة والمتجذرة والتي لها في رصيدها قرون من الممارسة الفعلية .. أما التعلل بالناحية القانونية فهذا مرفوض من أناس يرغبون في تغيير القانون الجاري به العمل .. ثم إنه يوجد مفهوم أعلى من القانون يسمّى "الأخلاق" فليس كل ما لا يمنعه القانون، يعد أمرا مقبولا.

 

لذلك فإنه من الناحية النظرية ومن أجل ممارسة سليمة للديمقراطية وضمانا للإبتعاد عن كل شبهة مهما كان شكلها، فإن الوزير أو رئيس الحكومة أو الوزير الأول، لا يمكنه الترشح للإنتخابات مهما كان إسمه وفي وضعيتنا نحن هو يوسف الشاهد.. إذا عدنا إلى مختلف كلماته وخطاباته وتصريحاته وحربه على الفساد فإن من واجب الشاهد أن يحترم تعهداته.

 

إذا كان يوسف الشاهد يعتزم الترشح للإنتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة، فإن من واجبه أخلاقيا مغادرة منصبه في القصبة، أما إذا كان لا ينوي الترشح فما عليه إلا أن يعلن ذلك رسميا من الآن وكذلك الأمر إذا قرر التقدم إلى الإنتخابات.            

 

كلنا نذكر كيف أن حركة النهضة ساندت يوسف الشاهد، حين طالبه الباجي قايد السبسي بالرحيل بمناسبة المفاوضات في إطار وثيقة قرطاج 2 وكيف أن الحركة قالت إنه لا يمكن التلاعب بمصالح البلاد بتركه يغادر في ذلك الظرف.  إلا أن تلك المساندة كانت مشروطة ومرتبطة بإعلان النوايا في علاقة بالإنتخابات .. وقتها لم يعط يوسف الشاهد موقفه سواء بالقبول أو بالرفض، لكن الأوساط القريبة منه كانت على علم بأنه كان يرغب في البقاء إلى موفى 2018 قبل ترك منصبه .. حلّ يوم 31 ديسمبر 2018 ولم يغادر الشاهد منصبه بعد .. وها نحن في منتصف جوان 2019 وما زال على رأس الحكومة الحالية، فهل يغني ذلك أن رئيس الحكومة لا يعتزم الإستقالة من منصبه وفي الوقت ذاته سيترشح للإنتخابات المقبلة أم أنه سيكون ديمقراطيا محترما لمبادئه وقيمه وسيبقى في القصبة دون الترشح للإنتخابات ؟ .. مثلما فعل قبله مهدي جمعة ؟ .. يبدو (للأسف) أن هذا السيناريو هو الأقرب للواقع.

 

ولمزيد توضيح الرؤية قبيل إجراء الإنتخابات، فإنه في صورة تحقق هذا السيناريو ونجحت مخططات يوسف الشاهد وحزبه تحيا تونس، سيكون لنا رئيس حكومة هو الخصم والحكم في الوقت ذاته وسيشارك في الإنتخابات وهو على رأس الجهاز التنفيذي .. أكيد أن هذا ظلم وليس من العدل في شيء، حسب بقية المترشحين، لأنه بذلك سيستفيد من 5 بالمائة على الأقل من الأصوات. فوفق كل الدراسات المنجزة في هذا الشأن فإن 5 بالمائة على الأقل من الناخبين يمنحون ثقتهم ويصوتون آليا لفائدة من هو في الحكم، مهما كانت النتائج التي حققها.

 

  (ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0