alexametrics
الأولى

مشاركة قيس سعيد في قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية تفتح الباب أمام الدبلوماسية التونسية

مدّة القراءة : 5 دقيقة
مشاركة قيس سعيد في قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية تفتح الباب أمام الدبلوماسية التونسية

أكثر من سنة ونصف على انتخابه رئيسا للجمهورية التونسية، شهدت الدبلوماسية التونسية تغيرات راديكالية على السياسات الخارجية لتونس إذ أنّ قيس سعيد لم يهتم بالشأن الخارجي ولم يُكلّف نفسه عناء الإهتمام بالسياسات الخارجية وإحياء الدبلوماسية الخارجية وكانت أوّل رحلة سفر قام بها في اتجاه سلطنة عمان ليؤدي واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس سعيد سلطان دولة عمان وكانت ثاني  سفرة له إلى الجزائر في إطار تلبية دعوة الرئيس عبد المجيد تبون.

 

اهتمّ رئيس الجمهورية قيس سعيد بالجانب الداخلي ودخل في صراعات سياسية مع رئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان من أجل المحكمة الدستورية والتحوير الوزاري واختصّ في توجيه التهم إلى الطبقة السياسية دون تقديم الأدلة والبراهين أو حتى إيقاف الفاسدين. أسلوب قيس سعيد في التعامل مع تونس وكلّ مؤسساتها السيادية كان مختلف وبشكل لم تعيشه تونس من قبل وكان إصراره على التمسّك بقراراته وآرائه قد أدخل البلاد في أزمة ولم تكتمل مؤسسات الدولة. 

الدبلوماسية التونسية والسياسات الخارجية من الممكن أن تشهد تحسنا وازدهارا، خاصّة أنّ قيس سعيد لم يُكلّف نفسه السفر للقاء نظرائه رؤساء الدول في حين أنّه وجدهم في باريس. رئيس الجمهورية قيس سعيد بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وصل يوم أمس الإثنين 17 ماي إلى العاصمة باريس وذلك في إطار المشاركة في قمة تمويل الاقتصاديات الأفريقية والتي ستضمّ حوالي 30 رئيس دولة ورئيس حكومة من أفريقيا وأوروبا إلى جانب مشاركة مؤسسات دولية مالية.

خلال هذه الزيارة قام قيس سعيد بسلسلة من اللقاءات مع قادة إفريقيا المشاركين في هذه القمة والبداية كانت مع الرئيس الحسن واتارا، رئيس الكوت ديفوار حيث جمعهما لقاء تناول الوضع الصحي بالأساس عبّر خلاله رئيس الكوت ديفوار على رغبة بلاده في مزيد الاستفادة من التجربة والخبرات التونسية في عدة مجالات وخاصة في القطاع الصحي عبر تطوير التعاون الطبي وتكوين الطلبة الايفواريين في الجامعات التونسية في الجانب الاقتصادي شدد الرئيس الحسن واتارا على أهمية تعزيز تواجد المؤسسات الخاصة التونسية في الكوت ديفوار ومزيد استكشاف فرص الاستثمار والشراكة بين البلدين ومن جهته أكد رئيس الجمهورية  استعداد تونس التام لمزيد تدعيم تعاونها مع الكوت ديفوار في مجال الصحة لا سيما في أفق إحداث مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان، ووجه دعوة رسمية لزيارة تونس للرئيس الإيفواري الذي رحب بها ووعد بتلبيتها قريبا.

واجتمع أيضا رئيس الجمهورية قيس سعيد مع الرئيس Félix Tshisekedi ، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي وكان لقاء اقتصاديا بالأساس شدد خلاله رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة حسن استثمار ما تتوفر عليه افريقيا من ثروات بشرية وطبيعية هامة، ومعالجة الأسباب العميقة للأزمات في القارة ومحاربة الإرهاب حتى تتفرغ الشعوب الافريقية لجهود الإعمار والتنمية ، وجدد رئيس الجمهورية  تمسك تونس ببعدها الإفريقي وعلى ما يحدوها من عزم على مزيد تطوير علاقات الأخوة والتعاون التي تجمعها بجمهورية الكونغو الديمقراطية في المجالات ذات الاهتمام المشترك. وعبّر رئيس جمهورية الكونغو عن تطلع بلاده إلى الاستفادة من التجربة التونسية في مجالات البنية التحتية والطاقة والفلاحة، وتطوير التعاون الثنائي في قطاعات النقل والتعليم العالي والصحة ، واتفق الرئيسان على ضرورة التسريع بعقد الاستحقاقات الثنائية، وفي مقدّمتها اللجنة المشتركة بين البلدين، أيضا وجه رئيس الجمهورية  إلى  الرئيس Félix Tshisekedi دعوة لزيارة تونس والذي رحب بها ووعد بتلبيتها قريبا. 

وفي مقرّ سفارة تونس بباريس التقى رئيس الجمهورية قيس سعيد، مساء اليوم الاثنين ، Louise Mushikiwabo، الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية ، و كان اللقاء مناسبة للحديث حول الاستعدادات الجارية  لتنظيم قمة الفرنكوفونية والتنسيق بين تونس وهذه المنظمة لحسن الإعداد لهذا الاستحقاق الهام أكد خلاله رئيس الجمهورية التزام تونس بعقد القمة في موعدها في هذا السياق اكدت الامينة العامة للمنظمة الدولية للفرنكوفونية حرص المنظمة على معاضدة  تونس في جهودها  لتنظيم هذا الحدث. كما التقى قيس سعيد، اليوم الثلاثاء، بالرئيس ماكي سال رئيس جمهورية السنغال، وأعرب سعيد عن استعداد تونس لمواصلة تعزيز علاقات تعاونها الراسخ مع السنغال وتنويعها ودعا إلى تنسيق المواقف بخصوص التوزيع العادل للقاحات ضد كوفيد-19 خاصة بالنسبة للدول الافريقية، ومعالجة مسألة الديون الافريقية بالتعاون والتشاور مع شركاء القارة والمؤسسات الدولية المعنية من أجل تحقيق تطلعات شعوبها للتنمية والاستقرار. وأكد على التزام تونس بتنظيم قمة الفرنكوفونية في موعدها.  أما الرئيس ماكي سال قد عبّر عن ارتياحه لمستوى التعاون الثنائي بين البلدين وتطلعه إلى مزيد تحفيز الاستثمارات التونسية في السنغال وتطوير التبادل في مجالات الصحة والتعليم العالي، وشدد على مواصلة التنسيق بخصوص الملفات الافريقية الراهنة، ووجه له قيس سعيد دعوة لزيارة تونس  ورحّب بها ووعد بتلبيتها قريبا.

في هذه القمة، التقى قيس سعيد، رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية، أكينويمي أديسينا، وأشاد بالعلاقات المتينة التي تجمع تونس بمجموعة البنك الافريقي للتنمية وبدور هذه المؤسسة في تمويل مشاريع في تونس وفي افريقيا. وأشار إلى ما تتوفر عليه تونس من فرص مهمة للاستثمار والتعاون مع البنك في قطاعات مختلفة. من جانبه، توجه أكينويمي أديسينا بالشكر لتونس على احتضانها للبنك الافريقي للتنمية في فترة مهمة من تاريخه، وأعرب عن استعداد هذه المؤسسة لمواصلة تعاونها مع تونس ودعم مشاريع وبرامج في قطاعات متنوعة  لا سيما منها تشغيل الشباب وتعزيز مكانة المرأة وتمويل القطاع الخاص. كما التقى قيس سعيد، بالوزير الأول البرتغالي  أنطونيو كوستا الذي تترأس بلاده حاليا الاتحاد الأوروبي، وأكد على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة لعلاقات التعاون والتبادل الثنائي لا سيما في ظل ما يجمع تونس بالبرتغال من علاقات متميزة وشدد على ضرورة أن يكون البعد الإنساني محورا أساسيا في العلاقات بين الدول. وأكد على ضرورة تكاتف جهود المجموعة الدولية لمكافحة جائحة كوفيد وتأثيراتها على الاقتصاديات والشعوب، واعتماد مقاربات جماعية متكاملة وفق آليات وأفكار مجددة. كما شدد قيس سعيد على أهمية التعاون بين تونس والاتحاد الأوروبي لإسترجاع الأموال المنهوبة بالخارج حتى يستعيد الشعب التونسي ممتلكاته ويستثمرها في تونس. من جانبه، نوه الوزير الأول البرتغالي بالعلاقات بين البلدين، مضيفا بأن تونس تمثل نموذجا ناجحا للانتقال الديمقراطي في المنطقة، وأكد أنطونيو كوستا على ضرورة استخلاص العبر من الجائحة الوبائية العالمية وطريقة إدارتها وجدد الإعراب عن استعداد البرتغال لمواصلة دعم تونس ومساندتها في إطار مختلف هياكل الاتحاد الأوروبي.

استقبل أيضا قيس سعيد في هذه القمة،  Odile Renaud-Basso، رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وتعرض رئيس الدولة إلى الصعوبات التي تشهدها اقتصاديات العالم عموما، والاقتصاديات الافريقية بالأخص، جراء تواصل تفشي جائحة كوفيد ودعا إلى تجديد صيغ وسياسات إعادة الإعمار وسد الفجوة بين الشمال والجنوب ومعالجة الأسباب العميقة للأزمات في العالم. من جانبها، أكدت Odile Renaud-Basso على أن أولويات عمل البنك في الفترة القادمة تتمحور حول التغير المناخي والطاقة والإسكان والرقمنة، وأضافت بأن هذه القطاعات توفر لتونس والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية فرصا واعدة للتعاون والشراكة.

قمة الاقتصاديات الافريقية حرّكت الدبلوماسية في اتجاه إيجابي، وهي تسعى الى إيجاد حلول للازمة الاقتصادية التي تعيشها القارة السمراء والتي تفاقمت بسبب الازمة الصحية والاغلاق الذي فرضه انتشار فيروس كورونا، خاصّة أنّ  صندوق النقد الدولي  رجّح حصول  فجوة مالية قد تصل الى حدود 290 مليار دولار سنة  2023 بالنظر الى المؤشرات المالية الحالية، و للإشارة لا تتجاوز مشاركة القارة أفريقيا في التجارة العالمية ال 2 بالمائة ، وتبلغ الصادرات الأفريقية 17 بالمائة فقط من الحركة التجارية داخل القارة، في المقابل تصل نسبة الصادرات في آسيا 59 بالمائة  و68 بالمائة في أوروبا في الوقت الذي تمثل فيه القارة الافريقية 40 بالمائة من موارد العالم الطبيعية.


قمة الاقتصاديات الافريقية مثّلت فرصة كبيرة ومناسبة كي يُعيد قيس سعيد إحياء الدبلوماسية التونسية ويُفعّل السياسات الخارجية. الرأي العام التونسي والمتابعين للشأن التونسي من الخارج على أمل أن تدرّ هذه القمة بالفائدة على تونس وأن يستغل قيس سعيد هذه المناسبة لخلق حركية في اتجاه إيجابي فعّال في الدبلوماسية التونسية. 


يسرى رياحي

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter