alexametrics
الأولى

ميم – وجه النهضة المكشوف الذي يقف وراء حملة تشويه الحوار التونسي!

مدّة القراءة : 4 دقيقة
ميم – وجه النهضة المكشوف الذي يقف وراء حملة تشويه الحوار التونسي!

لا أحد يدري ما يدور في ذهن راشد الخريجي (الغنوشي)، القيادة التاريخية للحركة الاسلامية النهضة ومؤسس التيار الاسلامي الذي رمى بعبد الفتاح مورو الى معركة خاسرة، وشاهده يتذيل النتائج ويغادر السياسة من باب العار الصغير، برأس مدنكسة. لكن يبدو أن الذكاء السياسي صفة غير متوارثة في عائلة الغنوشي، ولا يتطلب الأمر سوى تصفح سريع لمجلة "ميم" التي ترأس تحريرها سمية الغنوشي للكشف عن "ماورائيات حملة التشويه التي طالت زملائنا بقناة الحوار التونسي. عودتنا الحركة الاسلامية على أداء اعلامي أفضل من هذا، لا تكشف خيوطه /تفضح نواياه، أو لنقل ليس بهذه السرعة على الأقل !

 

المجلة "النسوية" (لا ندري وفق أي تعريف) ذات الخط التحريري الاسلاموي، كانت أحد الأطراف الأساسية في صناعة خطاب الكراهية الذي استهدف اعلاميين بقناة الحوار التونسي. في الاعلام، ليس من الضروري أن تكون الرسالة حرفية وأن تحمل دعوة واضحة للعنف والتشويه، صناعة الرأي العام وتأليبه يمكن أن تمر عبر التلاعب بزوايا الأحداث واعادة تشكيل المشهديات بحيث لا تكذب- ولكنك تقول نصف الحقيقة، نصفها المؤذي. 24 ساعة بعد الاعتداء على صحفيي الحوار التونسي بشارع الحبيب بورقيبة من قبل بعض قياديي حركة شباب النهضة بالجامعة وبمباركة من أنصار قيس سعيد، قررت "ميم"  أن تنتج نسختها الخاصة عما حدث.

 

14 أكتوبر 2019، تنشر المجلة مقطع فيديو مفاده "بينما وسائل الاعلام الخارجية تحتفل مع تونس وتهنئها بانتصار قيس سعيد، وسائل الاعلام التونسية تنشر خطاب الكراهية والتحريض" عنوان المنتج الاعلامي، صياغته، محتواه، الصور والشعارات التي مررت فيه هي وصفة سهلة نجزم أن تركيبها لم يتجاوز ساعتين كأقصى تقدير، معدة لتمرير رسالة واحدة لمتابعي الموقع، هؤلاء هم أعدائكم، خدمة الفساد والمفسدين، وهذا رأي الشارع فيهم !

تم تمرير شعارات مهينة ضد كل من محمد بوغلاب ومية القصوري دون صنصرة أو حذف العبارات الخادشة، مع تغييب تام للجزء الذي تعرض فيه الصحفيون للتعنيف. الفيديو بني على أطروحة بجزئين، الأول عرض توتر معلقي قناة الحوار مع التنصيص على لفظات للمقارنة "بينما الحوار التونسي تلطم " (واللطم هو ضرب النساء على وجوههن في الجنائز وعند موت قريب) والثاني عرض حماس أنصار قيس سعيد، والنشيد الوطني والأغنيات التي تنشد في الأفراح التونسية مع التنصيص على "تونس تحتفل من شمالها الى جنوبها.. ليلة تذكرنا بليلة 14 جانفي" والمراد من ذلك هو ابراز التضاد بين ردود الأفعال وتصوير معلقي الحوار على أنهم ليسوا جزءا من الجمهور وبالتالي هم أعداء الجمهور (سيكولوجيا الجماهير). تم استغلال خطاب قيس سعيد، مع اضفاء موسيقى حماسية لتصوير/ الايهام  بأنه يخاطب الجمهور الذي نزل للاحتفال، وفي المقابل تمرير تعليق اعلاميي الحوار مع التنصيص على تأويلات لمحتوى التعليق أسفل الفيديو، لمحاكمة النوايا، اختصاص الاسلاميين المفضل ''اتهامات بالارهاب.. محاولات لعزل الشعب عن قضايا أمته'' مع استعمال معجم ديني عروبي، لمخاطبة عاطفة المشاهد في بدائيتها، القائمة على ثنائية الدين والهوية.

 

 

قد تظن أن ذلك أقصى مايمكن للموقع النهضاوي أن يحيك ضد كل رأي مخالف له، لكنك لم تصب. ذهبت مخيلة "ميم"  الى ربط تعاليق وأراء اعلاميي برنامج تونس اليوم بالخطابات التي كانت تبث قبيل المجزرة الروندية. صوت المؤامرة في رأس الغنوشي أوحى لها أن بروباغندا الاذاعة الرونيدية RTLM التي أدت لمقتل مليون انسان في مائة يوم مشابهة لخطابات رباعي الحوار التونسي، مع تمرير مشاهد مع المجزرة وصور من بلاتو الحوار، في محاولة لخداع أذهان المشاهدين وربط الصور مع تنصيص على خطورة تعاليق اعلاميي الحوار والاحالة الى أنها قد تسبب حروبا أهلية.

ربط صور الاعلاميين مع مشاهد صادمة من مذبحة رواندا، هي تقنية "السبب والنتيجة" التي تنشأ في لاوعي المشاهد رابطا منطقيا بتشابه الحدثين مع التنصيص على كلمات خطر، مذبحة، كراهية، باللون الاحمر والبنط العريض، وايقاف متعمد لثوان على ملامح المعلقين في حالة غضب او حالة تعجب، في تصاعد مستمر لنسق الموسيقى وطبعا باشهار مدفوع على الفايسبوك لأسابيع. مقاربة نظرية المؤامرة لها معجبون أخرون، مثل القيادي في ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي الذي يشاطر "مجلة ميم" نفس المقارنة، بين الاعلام التونسي واعلام ماقبل المجزرة في رواندا، واصفا الحوار التونسي بصريح العبارة بممارسة الارهاب الاعلامي، ونشر خطاب التفرقة والكراهية الذي أدى في 1994 الى قتل 800 ألف روندي في الشوراع. معلقا "هذه القناة تمارس العنف على التونسيين وتهدد السلم الاجتماعية،انها جريمة ضد الانسانية.." وذلك في حوار على القناة الوطنية بتاريخ 19 أكتوبر.

الذراع الاعلامي للحركة الاسلامية، ورئيسة تحريره سمية الغنوشي، يسعى الى التحريض المفضوح على الاعلاميين وجر المجتمع التونسي الى مربع التقاتل على الهوية. مذكر أن المجلة خاضت حملة تشويه كبرى في 2017 ضد الباجي قائد السبسي، بشرى بالحاج حميدة، سامية عبو وغيرهم من مساندي مشروع المساواة في الميراث باستعمال الطريقة المفضوحة ضدها التي تقوم على تشويه الخصم واستغلال حالات التشنج وبثها باستمرار للسخرية والتهكم وتصويرهم كأعداء الدين والهوية الذين لا يشبهون الشعب. ميم، الرأي العام، قناة الزيتونة، اذاعة الزيتونة  وغيرها هي الغرف الخلفية الاعلامية للاسلام السياسي التي لا تقدم محتوى صحفيا موضوعيا ومحترما، مهمتها الوحيدة، تبييض الاحزاب الاسلامية من تهم التطرف والسحل في الشوارع والاجهزة السرية والرش والتكفير وتحريم الولادة في المستشفيات. من غير المنطقي، أن تتهم منابر رجعية ومأجورة  وسائل اعلام أخرى، بنفس التهم المنسوبة لها.

 

في قراءة أولية، استراتيجية الأوجه الاعلامية للأحزاب الاسلامية تقوم على الاحتفاظ والتجاوز(المحافظة على الجوهر وتغيير الوسائل) ، وهو مفهوم يساري الأصل، تحدث عنه راشد الغنوشي في مؤلفه الذي يكشف الحركة من الداخل "مقالات الفكر " الصادر بباريس والموجود كذلك في بيان تأسيس الحركة : "تعمل الحركة على تشجيع حركة التأليف والنشر ودعم الإعلام الملتزم حتى يكون بديلا عن إعلام الميوعة والنفاق". الشيخ، يعتبر بذلك الاعلام "الاخر" اعلام ميوعة ونفاق بكل مباشرة وصراحة ويعلن عليه الحرب. يقوم الاعلام الاسلاموي على الدفاع عن مواقف الاسلام السياسي، في وعاء تقدمي، مثل مجلة نسوية أغلب كتابها من الليبراليين والنسويات.

 

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter