alexametrics
أفكار

نحن جيل ينحاز للتفاصيل والهامش و كل الوطن

مدّة القراءة : 2 دقيقة
نحن جيل ينحاز للتفاصيل والهامش و كل الوطن

 

بقلم سيماء المزوغي


لو كنت مكان نيروز لا أعرف ما الذي كنت سأفعله؟ ربما سأخرج لأتظاهر مع جيلينا الجديد، على كل شاهدتموني أحتجّ مع أختي ندى في المظاهرات، وحقيقة، لا أعرف  إن كنت أؤمن بهذا النظام أم لا؟ بهذه الدولة أم لا؟ ربما أؤمن بنظام آخر نحن من يصنعه من ركام فوضاهم..  وقطعا لن أؤمن بالنظام لأنه احتضن جريمة اغتيال أبي.. ربما سأؤمن بالوطن ذلك الذي ضحّى من أجله أبي..

 

لن نكون ذلك الجيل التائه المتشتّت المشرّد، الحامل لأمراض إيديولوجية أو ذكورية، الحامل لثقوب إرث مجتمعي لم يُصفّ بعد، إرث يحاصر نموذج الاجتهاد والتحديث والانفتاح.. إرث يحارب الذكاء، يريد سحبنا لمربع أسود يحكمه التيوقراطيون الماضويون، ممن اغتالوا أبي.. ممن لم يجدوا  من سبيل لفرض فتوحاتهم  إلا بالغدر والرصاص، خذلهم تاريخهم فأردوا صنع تاريخا آخر، لم يستوعبوا أنّ عقارب الزمن لا تعود إلى الوراء أبدا..

 

الوطن لا يقتلنا لكنّ المجهول يتهددنا وسوادهم يتوعّدنا..الوطن لا يقتلنا لكنّ الحرية فيه استوت مع الفوضى، ودنيتنا فيه استوت مع آخرتهم، مع نظرتهم الضيّقة للكون والحياة.. فكيف يكون جيلي حرّا ومستقبلنا استوى ومخيّلة شيوخهم؟ الوطن لا يقتلنا لكن من يدري فحبّه قد يفتكّ منا حقّ الحياة، كما فعلوا مع أبي.. وأيّ حق بعده يمكن أن يبقى؟

 

اخترنا المقاومة لأجل غد هو ملكنا، فهذه أرضنا وشمسنا وبرّنا وبحرنا وذكريات الذاكرة، اخترنا الحياة مهما أرعبتنا الكوابيس، وتعلّمنا القتال من أجل أحلامنا..وأنا كبنات جيلي أؤمن أنه عندما ينهمر ماء عذب بين الصخور العقيمة، وعندما ينير نجم في رحم سماء مظلمة بلا أفق، وعندما تتمرّد حرّة على قيود الرجعية والتخلّف، إلاّ وحاولوا إخماد صوتها، إلا وعقروها وعقروا فرصتهم لولوج الحضارة.. لذلك  ترفض بنات جيلي أن يعشن َموْءُودَات في هذا الوطن ..

 

تعلّم جيلي أنّ الحرية تفتكّ، وأنّ الكرامة تُعاش، وأنّ نظرتنا للحياة لا تهمّنا إلا نحن.. فهذه القيم لا تهدى ولن يهديها أيّ كان إلا لنفسه.. حتى نتحدّث بعد ذلك عن دولة مدنية، وقيم كونية.. وعهدا على هذا الجيل أن يحمل لواء الفعل، والنبش والحفر والنقد والهدم والبناء.. لواء الحرية ولا شيء غيرها..

 

 نريد أن نمتلئ بالحرية والحياة، من الأعماق، نمتلئ حتى الوريد.. نريد أن نصارع الموت واليأس،  فالحياة تستحق العناء .. نريد أن نلملم شتات وطننا ونخرج من تحت ركامه.. فالخوف يتلاشي بمجرّد الوقوف على أقدامنا..

 

نريد أن نتحرّر من  الخوف، من الكراهية، وننحاز للتفاصيل والهامش وكل الوطن.. نريد أن نثور على الوحش العالق في وطننا ونخرجه حتى بأنيابنا فقد نبتت لي أنياب ومخالب حادّة يوم اغتالوا أبي..

 

نحن لا ننام أمام حقوقنا الإنسانية الكونية… لن نهدأ حتى ُتحترم إنسانية الإنسان وكرامته .. لن نهدأ حتى نصنع حاضرنا ومستقبلنا بعيوننا لا بعيون شيوخ  تتحكّم في مصيرنا، نحن جيل يريد أن يقرّر مصيره بنفسه..مازالت المعركة مستمرة.. وعهدا أبدا لن ننسى..

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter