alexametrics
الأولى

هشام المشيشي: وزير الداخلية المكلف بتشكيل الحكومة أم وزير أول لدى قيس سعيد

مدّة القراءة : 4 دقيقة
هشام المشيشي:
وزير الداخلية المكلف بتشكيل الحكومة أم وزير أول لدى قيس سعيد

 

دخلت مشاورات رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، أسبوعها الثالث، حيث قطع المكلف بتشكيل الحكومة نصف المسافة التي تفصله دستوريا على عرض حكومته أمام مجلس نواب الشعب لنيل الثقة دون أن تتضح الرؤية و لو نسبيا حول طبيعة الحكومة و تركيبتها و برنامجها و أهدافها و هو ما سبب قلقا كبيرا في أوساط الأحزاب الممثلة في البرلمان رغم لقاء المشيشي بالعديد من الشخصيات السياسية والأحزاب والمنظمات الوطنية.

فلقاءات المشيشي بهذه الأحزاب لم ترفع الضبابية عن المشروع الذي هو بصدد إعداده حيث اكتفى بالاستماع إلى تصورات ضيوفه و برامجهم و أهدافهم دون أن يتحدث عن تصوراته مكتفيا بالقول أنها حكومة كل التونسيين و أنها ستكون حكومة أهداف و هي عبارات هلامية واسعة الآفاق و غير قادرة على إدخال الاطمئنان في نفس المتلقي فالأحزاب إلى حد كتابة هذه الأسطر لا تعرف ما يخبأه المشيشي و لا تعرف إن كان بصدد إعداد حكومة الرئيس ليكون وزيرا أولا عليها أو حكومة حزبية تشارك الأحزاب في رسم ملامحها و تكون طرفا في تركيبتها.

  • مختلف عن سابقيه

دون شك، التمشي الذي يتبعه المشيشي في حكومته لم يتبعه أي مكلف بتشكيل الحكومة من سابقيه خلال السنوات العشرة التي عقبت الثورة، فالمشيشي أحاط نفسه بهالة من الغموض و السرية لم نراها عند أي مكلف قبله، فللوهلة الأولى يمنحك انطباعا انه شخصية جامعة يرغب في الاستفادة من خبرات كل من سبقه حيث استدعى كل رؤساء الحكومة الذين سبقوه باستثناء المهدي جمعة ( أكدت مصادرنا أنه تلقى دعوة لكن تعذر عليه الحضور لأسباب خاصة) و رئيسي الجمهورية محمد الناصر و فؤاد المبزع و كل ممثلي الأحزاب الممثلة برلمانيا و المنظمات الوطنية و حاول أن يفتح مكتبه أمام كل التيارات الفكرية على اختلافها، لكنه في المقابل استهلك نصف المدة الدستورية تقريبا دون أن يكشف عن الخطوط العريضة لحكومته.

لا أحد تقريبا باستثناء المقربين جدا من المشيشي يعرف إن كانت الحكومة ستكون سياسية أو حكومة كفاءات، و لا أحد يعلم ماذا سيكون برنامجها في العمل باستثناء تصريحات فضفاضة أكد فيها المشيشي أنها ستكون حكومة إيقاف نزيف ( كيف لا أحد يعلم) و على غير العادة أيضا كانت التسريبات القادمة من كواليس قصر الضيافة شحيحة للغاية حول أسماء بعض الوزراء فلا أحد أيضا يعلم من سيتم توزيره و من سيتم تجديد الثقة فيه و هو ما فتح الباب أم الإشاعات غير المؤكدة.

هذا الغموض و إن كان غير محمود في العمل السياسي، له ما يفسره، فالمشيشي رجل قانون بالأساس ولم يعرف عنه أنه سياسي أو على دراية بفنون السياسة و دواليبها و شغل خطة مدير ديوان بعدة وزارات و شغل أيضا خطة مستشار قانوني للرئيس قيس سعيد و  يستمد قوة سياسية منه فهو الذي قام بتعيينه و بإمكانه الذهاب في اتجاه حكومة الرئيس 2  و بإمكانه أيضا استغلال الاضطراب السياسي الغير مسبوق و التشتت الذي يعيشه مجلس نواب الشعب و تسببه في فشل حكومتي الحبيب الجملي و الياس الفخفاخ ليشكل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب و يضع الجميع أمام الأمر الواقع فإما القبول به و بحكومته أو الذهاب نحو انتخابات تشريعية سابقة لأوانه قد تغير المشهد السياسي برمته و قد يخسر بسببها الكثير من الأحزاب وجودهم في البرلمان.

غموض المشيشي أيضا يفسره صعوبة الحصول على أغلبية برلمانية مريحة تسمح للحكومة بالعمل في أريحية فالتيار الديمقراطي و حركة الشعب و الدستوري الحر يريدون حكومة دون النهضة، و النهضة ترفض تماما إقصائها بحكم أنها الحزب الفائز بالانتخابات و تفضل إعادة الانتخابات على أن تبقى في المعارضة و لو أراد المشيشي جمع هذه المتضادات في حكومة واحدة سيجد نفسه في نفس وضعية الفخفاخ أمام تحالفين واحد حكومي و الأخر برلماني و قد أثبتت هذه المقاربة فشلها الذريع و بالتالي فمن الطبيعي ان يحاول رئيس الحكومة أخذ وقته كاملا للتفكير و تقرير مصيره.

  • حكومة سياسية بامتياز

أكدت حركة النهضة الإسلامية خلال مجلس الشورى الذي انعقد أمس السبت 08 أوت 2020، تمسكها بحكومة وحدة وطنية ذات حزام سياسي واسع، وبمشاركة أكثر ما يمكن من الكتل والقوى السياسية، باستثناء تلك التي عبّرت عن رغبتها في إقصاء النهضة أو قلب تونس ( في إشارة لحركة الشعب و الدستوري الحر) و تحاول قدر الإمكان إقناع رئيس الحكومة المكلف، بتشكيل "حكومة وحدة وطنية سياسية" تستجيب لتطلعات التونسيين، وعدم الانسياق وراء الداعين لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة غير حزبية تستبعد الأحزاب ذات الأغلبية في البرلمان.

التيار الديمقراطي أيضا يريد حكومة سياسية حسب تصريحات كل قيادييه تقريبا، و يرى أيضا أن تشكيل حكومة متكونة من التكنوقراط فقط سيكون خطأ تاريخيا يرتكبه المكلف بتشكيل الحكومة فهو يرى أن حكومة التكنوقراط لن يكون لها سند حزبي و برلماني و لن تكون قادرة على اتخاذ قرارات شجاعة و ستكون بمثابة حكومة تصريف أعمال، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أخطر أزمة اقتصادية و اجتماعية في تاريخها الحديث، وتحتاج إلى الكثير من الشجاعة و الإرادة للحد مم آثارها و إنقاذ ما يمكن إنقاذه.

و يرى هشام العجبوني أن المنطق يقتضي أن يشكّل هشام المشيشي حكومة يختار هو أعضائها (و لا تفرض عليه الأحزاب تسميتهم) و يحافظ فيها على الوزراء الذين كان مردودهم جيّدا (بعد تقييم موضوعي و علمي) و ذلك لضمان استمرارية الإصلاحات و لا نرجع إلى النقطة الصفر، من ناحية، و لتحميل الأحزاب مسؤولياتها أمام ناخبيها و أمام كل التونسيين، من ناحية أخرى.

وتسعى الكتل البرلمانية لكل من حركة النهضة (54) وحزب قلب تونس (27) وائتلاف الكرامة (19) - لإقناع هشام المشيشي بتشكيل حكومة سياسية موسعة تضمن أكبر حزام سياسي لها في البرلمان، وتقطع مع رغبة البعض تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبية.

*  حكومة تكنوقراط

في مقابل ذلك، تسعى بعض الأحزاب والأطراف السياسية إلى دفع هشام المشيشي لتشكيل حكومة تكنوقراط تستمد شرعيتها من الرئيس قيس سعيد، كلف ذلك ما كلف، فالبعض يعتقد أن الرئيس قيس سعيد و مديرة ديوانه نادية عكاشة يسعون إلى فرض تصورهم الخاص في الحكومة و هم من يقومون فعلا بالتفاوض و المشيشي لن يتجاوز دوره أن يكون وزيرا أولا مكلفا بتسيير الحكومة .

هذا التصور يقوم على ان رئيس الجمهورية يدفع دفعا في اتجاه حل البرلمان و ذلك عبر فرض حكومة تقصي حركة النهضة و لا تلقى قبولا في البرلمان و من ثم الترشح للاستحقاق الانتخابي القادم و فرض توازن جديد في البرلمان قادر على تحسين ظروف العمل و تنفيذ برامج رئيس الجمهورية التي عبر عنها خلال حملته الانتخابية و على رأسها تغيير نظام الحكم.

و هو ما يعني أن المشيشي المكلف من قبل سعيد سيشكل حكومة الرئيس الثانية، و هو اعتقاد راسخ في ذهن العديد و منهم عياض اللومي القيادي بقلب تونس الذي يرى أن تركيبة الحكومة جاهزة في قصر قرطاج، و أن قيس سعيد يواصل خرقه للدستور وتنكره للأحزاب السياسية خاصة الفائزة بأغلبية مقاعد البرلمان.

هذه الفرضية ان سلمنا بصحتها تقودونا إلى إن الحكومة القادمة ستكون حكومة كفاءات و مختصين كل في مجاله و ستحاول فعلا الانطلاق في مرحلة إنقاذ ما يمكن إنقاذه ان نالت ثقة المجلس و ستعمل على تحميل المسؤولية السياسية في فشلها ان فشلت لمجلس نواب الشعب فسمعة هذا الأخير سيئة للغاية و سيتحمل بتجاذبه مسؤولية أي فشل يحصل و بالتالي سيكون الرابح الأكبر في كل الأحوال هو قيس سعيد، فان نجحت الحكومة سيكون هو من يقطف ثمار النجاح و إن فشلت سيحمل المسؤولية للمجلس و سيعمل على حله و سيكون الرابح في هذه الحالة أيضا.

هذا الغموض الذي يلقى بضلاله على المشهد السياسي يتحمل مسؤوليته رئيس الحكومة المكلف فهو خير أن يلتزم الصمت و يخفي أوراقه على ممثلي الأحزاب و حاول أن يكون وزير الداخلية المكلف بتشكيل الحكومة، فأهم ما يميز حقيبة الداخلية هو واجب التحفظ و السرية في العمل و عدم كشف الأوراق إلى أخر وقت و هو ما يقوم به المشيشي في تشكيل الحكومة إلى حد كتابة هذه الأسطر، ربما يغير أسلوبه خلال الأسبوعين المتبقين لكن الثابت إلى حد الآن هو أن لا شيء واضح و لا احد يعلم ما الذي سيحصل خلال الساعات القليلة القادمة.

حسام بن احمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter