alexametrics
آراء

هل يكون الحل بين يدي الفاضل عبد الكافي ؟

مدّة القراءة : 4 دقيقة
هل يكون الحل بين يدي الفاضل عبد الكافي ؟

 

الأسبوع الماضي من شهر ديسمبر، يمكن نعته بكل الأوصاف السلبية وقد يرى البعض في ذلك أمرا بديهيا .. البداية كانت مع الزيارة التي أداها رئيس الحكومة إلى باريس وقد كانت مخجلة ومخيبة للآمال بكل المقاييس .. فالرجل ذهب إلى نظيره الفرنسي دون أن يعدّ جيدا ملفاته (حتى تلك المدرجة في جدول الأعمال) ثم يدلي بحوار للقناة الحكومية (فرانس 24) يصرّح فيه بأن الهجرة غير النظامية هي إحدى أشكال الإرهاب .. لا يمكن وصف هذه الزيارة إلا بكونها كانت مُخجلة ومُحرجة.

 

الأسبوع انتهى بفشل جديد تجسّد في إعفاء وزير الشؤون المحلية الذي تم إيقافه في وقت لاحق من مساء الأحد .. تونس التي يقال إنها أصبحت بلدا ديمقراطيا، لا يرى رئيس حكومتها بُدا من توضيح سبب إقالته لأحد وزرائه .. كما أنه لا يرى ما يستدعي الإعلان عن إيقاف هذا الوزير ولا عن أسبابه .. في دول أخرى يُحترم فيها المواطن، تتصدّر مثل هذه المعلومات عناوين ونشرات كل الصحف ووسائل الإعلام .. في تونس المواطن مُهان ومهضوم حقه في الحصول على المعلومة .. هكذا تكون عاقبة من لا يكون متشبعا بالثقافة الديمقراطية والممارسة السياسية الفعلية.

 

في قصر قرطاج يواصل رئيس الجمهورية عزفه المنفرد .. هو الذي اعتذر عن التحوّل إلى سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر نظرا لالتزامات طارئة .. لكن ما هي هذه الاتزامات ؟ لا أحد يعلم بها. رئاسة الجمهورية لا ترى داعيا لنشر روزنامة أنشطة رئيس الدولة مثلما هو الحال في كل الدول التي تحترم مواطنيها.

 

هذه العقلية السائدة في القصبة وقرطاج تنم عن ازدرائهما للمواطن .. فكلاهما ينظّر ويتحدث ليلا نهارا عن الديمقراطية لكنهما يتغافلان عن أن يكونا ديمقراطيين في تصرفاتهما .. هما يجهلان أن الديمقراطية هي ممارسة يومية وليست مجرد كلام وشعارات تطلق كل يوم.

 

في هذه الأجواء الشتوية القارسة، خبران سياسيان مرا مرور الكرام دون إحداث ضجة .. الإعلان عن مبادرة سياسية من قبل مبروك كورشيد لتجميع القوى القومية العربية .. وانتخاب الفاضل عبد الكافي على رأس حزب آفاق تونس .. فما هو ثقل الرجلين سياسيا؟

 

بخصوص القوميين وبالنظر إلى شعبيتهم في الإنتخابات التشريعية الأخيرة فإن أصواتهم الإنتخابية تحوم حول ما قدره 150 ألف شخص .. التشكيلة الحزبية الأكبر هي حركة الشعب التي حصدت ما يناهز 130 ألف صوت أي ما يعادل 4،53 بالمائة من نسبة الناخبين و15 مقعدا في البرلمان.

 

في ما يتعلق بآفاق تونس، لم يتجاوز عدد الأصوات التي تحصل عليها هذا الحزب في الإنتخابات 45 ألف صوت أي ما يعادل نسبة 1،53 بالمائة من الناخبين ومقعدين فقط في البرلمان.

فهل يمكن الحديث هنا عن مكانة وثقل هامين في المشهد السياسي لهذا الحزب ؟

 

بشأن مبروك كورشيد ومن معه من الهواة، فالجواب واضح: لا يتعدى عدد ناخبي القومية العربية الطوباوية 150 ألف شخص .. حُلمهم بتحقيق وطن عربي موحّد ومتضامن، صار خارج سياق العصر .. التونسيون في غالبيتهم يعتبرون أنهم تونسيون .. وعرب أيضا، لكن لا يشعرون بأنهم عرب فقط.

 

أما في ما يخص آفاق تونس فهي مسألة أخرى .. فهذا الحزب يمثل اليمين الليبيرالي، تونس النخبة، تونس الحداثة، تونس التقدمية التي تتطلّع إلى المستقبل بلا عُقد .. تونس التي طوت صفحة الماضي .. مشكل آفاق ليس في الإيديولوجيا التي يقوم عليها، بل في كثرة الروافد والأكشاك التي تمثل نفس الإيديولوجيات أو جزءا منها.

 

إذا طرحنا السؤال التالي: ما الفرق بين ما يقترحه آفاق تونس وما تقترحه أحزاب المشروع والبديل وبني وطني وحتى التيار وقلب تونس والنداء ؟ .. قلة هم القادرون على الإجابة بكل دقة .. لأن الفوراق في حقيقة الأمر ضئيلة جدا. والحقيقة أيضا أن كل هذه الأكشاك تخدم الأنا المتضخمة لمؤسسيها .. لذلك تراهم يزاحمون بعضهم البعض ليخرح الجميع خاسرا في نهاية المطاف.

 

انتخاب الفاضل عبد الكافي على رأس آفاق تونس قد يعني تغيرا راديكاليا وجذريا بالنظر إلى أن الرجل يعد صديقا لكل هذه التشكيلات والروافد الحزبية .. يجدر بنا التذكير في هذا الصدد بأن عبد الكافي كان أكثر الأسماء تداولا لترشيحه في منصب رئيس للحكومة .. لو أن الرئيس قيس سعيّد اتّبع مقترحات وتوصيات الأحزاب لما آلت تونس لما هي عليه اليوم.

 

لم يتم اختياره رئيسا للحكومة لكنه اختير على رأس آفاق تونس، لذلك بإمكان الفاضل عبد الكافي أن يحقق من خارج منظومة الحكم ما به يفرض نفسه في الساحة السياسية الوطنية .. شريطة أن يكون عنصرا مجمّعا (وهو بالفعل كذلك) وعلى الأحزاب الأخرى أن تتخلص من غرورها وأناها المتضخمة (وهذا ليس مضمونا).

 

من حيث الأرقام، فإن الفاضل عبد الكافي قادر على إحراز ما مجموعه 752 ألف صوت مفصلة كالتالي: آفاق تونس (43892 صوتا) وقلب تونس (416 ألف صوت) وتحيا تونس (116 ألف صوت) وعيش تونس (46400 صوت) والبديل (46 ألف صوت) ونداء تونس (43 ألف صوت) والمشروع (40800 صوت).

 

لنكن متفائلين وحالمين وطوباويين .. بمقدور الفاضل عبد الكافي إقناع جماعة التيار (183 ألف صوت) والدستوري الحر (189 ألف صوت) أي ما مجموعه مليون و125 ألف صوت تقريبا. وإذا واصلنا في طوباويتنا يمكنا إضافة أصوات اليسار التي يمثلها التيار الشعبي ب32 ألف صوت. في المقابل هناك الإسلاميون الذين تمثلهم النهضة ب 561 ألف صوت وائتلاف الكرامة ب 169 ألف صوت أي 730 ألف صوت في الجملة.

 

بتجميعه تحت راية واحدة كل الأصوات المعادية للإسلاميين فإن الفاضل عبد الكافي قادر بلا أدنى شك على إعادة التوازن للمشهد السياسي في تونس.

 

لكن كل هذا يبقى نظريا ومثاليا وأقرب منه للخيال .. أعلم ذلك لكن يبقى هذا السبيل الوحيد لمواجهة الإسلاميين الذين نجحوا في أن يكونوا كتلة واحدة منذ 2011.

 

منذ عشر سنوات وتونس تعيش هزات ونكسات ممتالية ولم نر سوى طرفين في المشهد السياسي: الإسلاميون من جهة والمعادون لهم من جهة ثانية .. حتى المحاولات الرامية إلى وضع اليد في اليد مع الإسلاميين (النداء في 2014 وقلب تونس في 2019) كلها باءت بالفشل ..

 

الفاضل عبد الكافي كان إسم الشخصية الأكثر تداولا من قبل الأحزاب السياسية التي رشحته لمنصب رئيس الحكومة .. بإمكان هذه الأحزاب أن تختاره ليكون ممثلا لا تحت راية واحدة في المرحلة القادمة .. شرط واحد للنجاح هو التغاضي عن الأنا المتضخمة .. أعلم أن هذا صعب التحقق للأسف .. لكن وجب الإصداح به للتاريخ ..

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0