عايدة حمدي كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلفة بالتعاون الدولي في حكومة نجلاء بودن، غير موجودة ولا أثر لها. 

هذه ليست مزحة، لا أحد يعرف مكان هذه السيّدة. 

 بزنس نيوز، اتصلت مساء أمس الأربعاء 2 مارس 2022،  بوزارة الخارجية وكان الرد رسميا وواضحا للغاية "مكتبها في القصبة وليس في وزارة الخارجية ولا نملك أيّ معلومة عن مكان تواجدها ''.

في حين أنّ منصب عايدة حمدي من المفترض أن يكون بمقر وزارة الخارجية نظرا إلى أنّها كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية المكلفة بالتعاون الدولي. 

كما قُمنا بالإتّصال برئاسة الحكومة في القصبة التي باتت حصنا منيعا لنفاذ أي معلومة رسمية منذ تولي نجلاء بودن رئاسة الحكومة. أحد المصادر في القصبة أعلمنا أنّ مكتب عايدة حمدي مغلق منذ أكثر من أسبوع ولا يعلم أسباب غيابها أو مكان تواجدها. 

 ماذا حدث اذن؟ وفقا للمعلومات التي حصلت عليها بيزنس نيوز ، فإنّ عايدة حمدي قد عادت  إلى باريس حيث تدرس في  احدى الجامعات. وكانت قد قدمت استقالتها قبل شهر، وغادرت بعد أن لم يتمّ الردّ على استقالتها في الآجال المعقولة. 

على غير المعتاد،  فإنّ تخلي عايدة حمدي عن مهامها ومغادرتها  لتونس لم يتمّ تداولها والحديث عنها بكثرة.  دبلوماسي تونسي ، أفادنا أنّ هذه السيّدة لم يكن مرحّبا بها منذ البداية. 

وفق مصادرنا فانّ الحمدي كانت محلّ رفض من وزيري الخارجية والاقتصاد. بينما رفض عثمان  الجرندي تواجدها في الوزارة، لم يرد وزير الاقتصاد التخلي عن مهام 'التعاون الدولي'، إضافة إلى عدم وجود نصوص تشريعية، تنظم توزيع المهام والصلاحيات في هذه الخطة المُستحدثة.

 لم يقبل وزير الخارجية  بها في ذلك المنصب الذي يخوّل لها التعامل معه مباشرة ودعاها إلى إيجاد مكتب آخر لها بعيدا عن وزارته. 

ما السبب ؟ أفادنا الدبلوماسي قائلا  "لأنها تلقي بظلالها عليه ، فهو لا يريد شخصًا أفضل منه".

عندما نقارن السيرة الذاتية لـ عايدة حمدي بالسيرة الذاتية لوزير الخارجية الجرندي،  تتبيّن لنا أسباب مخاوف الجرندي من هذه السيّدة. 

تخرجت عايدة حمدي من المدرسة الوطنية للإدارة في فرنسا سنة 2013 و نالت شهادة الماجستير من جامعة " باريس دوفين " سنة 2020 ، تخصصت  في مجال ادارة و توجيه المشاريع في القطاع العام لتتحول بذلك الى عالم التعاون الدولي من خلال برامج ومشاريع خاصة بالاصلاح الإداري و ايضا بالمرأة.

كما عملت عايدة حمدي في منظمة اليونسكو واختصت في البرامج التي تعنى بتمكين المرأة والذي حمل عنوان " المرأة و العلوم " و ذلك بالاضافة الى عملها كمستشارة  في الحوكمة لدى البنك الدولي.

السيرة الذاتية لوزير الخارجية عثمان الجرندي ضعيفة جدا مقارنة بالسيرة الذاتية لعايدة حمدي. 

الجرندي متحصل فقط على شهادة في  مجال الإتصال، ثمّ تعدّدت تجاربه في الخطط الديبلوماسية خارج تونس و داخلها، و انطلق في مشواره الدبلوماسي منذ الثمانينات، وشغل منصب وزير الخارجية في إحدى أسوأ الحكومات التي مرّت على  تاريخ تونس ، وهي حكومة الإسلامي علي العريض سنة 2013.

وهنا نستنتج أنّ خوفه من المنافسة من طرف طرف أكثر منه كفاءة هي نظرية معقولة.

وفي الواقع، إنّ عايدة حمدي "مُنعت" من استغلال مكتبها في مقر وزارة الخارجية ،على الرغم من  أنها عُينت في الحكومة.

وأمام هذا الرفض وسعيًا منها إلى تفادي أي مشكل أو ترك أيّ أثر يعلم به العموم، قامت نجلاء بودن باستقبال عايدة حمدي في القصبة.  ولكن لم يكن لهذه السيّدة أيّ أثر أو اختصاص في منصبها ولم تتمّ حتى استشارتها في أيّ شيء.

ومن الواضح، يبدو أنّها  كانت وزيرة مكلفة بمهمة دون صلاحيات. ولقد حاولت بالفعل لفت انتباه رئيسة حكومتها ، لكن دون نتيجة.

وبعد خمسة  أشهر من "المماطلة" وتلقيها لراتب وهمي دون أن تقدّم أي عمل يُذكر ،  قرّرت عايدة حمدي الخروج من الباب الصغير دون أن تترك أيّ أثر وراءها.

ي.ر