alexametrics
الأولى

السترات الحمراء : تزييف سيئ يخفي أهدافا أسوأ

مدّة القراءة : 3 دقيقة
السترات الحمراء : تزييف سيئ يخفي أهدافا أسوأ

بعد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن الاضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية يوم 17 جانفي المقبل، أصبحت الدعوات الى تحركات احتجاجية وعصيان مدني أكثر تواترا.

من غير المستغرب أن تحرص بعض الأحزاب السياسية التي دعت أنصارها إلى النزول للشوارع و الاحتجاج على استغلال الصعوبات الحالية التي تمر بها البلاد على أمل جني الثمار خلال هذه السنة الانتخابية التي تحمل العديد من التحديات .

في هذا السياق دعت الجبهة الشعبية كافة مؤيديها و أنصارها، وجميع الحساسيات السياسية إلى التعبئة العامة و ذكرت في بيان لها تم نشره الأسبوع الماضي: " أنّ الحكومة بدأت بفرض خيارات لا وطنية معادية للجماهير الشعبية و تكرس سيطرة السماسرة و بارونات الفساد، و التي بلغت ذروتها بتمرير قانون المالية لسنة 2019 والذي تمت المصادقة عليه في مجلس نواب الشعب يوم الاثنين 10 ديسمبر 2018 ".

بعد الجبهة الشعبية، استفاقت بعض الأحزاب السياسية الأخرى، على الأقل المعروفة منها، بالتوازي مع الدعوة إلى الاحتجاج من قبل بعض المهن الحرة (الهيئة الوطنية للمحامين، هيئة الخبراء المحاسبين...) . ضدّ بعض فصول قانون المالية لسنة 2019

في الأثناء، تخرج  لنا حركة من العدم وتعتبر نفسها غير سياسية متكونة من" شباب غاضبين" تطالب بالنزول للشارع وتنظيم مسيرات "سلمية" والاستعداد للاعتصام الكبير تحت عنوان "القصبة 3" وهي حركة مستوحاة من حركة السترات الصفراء في فرنسا التي انطلقت بعد دعوة على شبكات التواصل الاجتماعي في 17 نوفمبر الماضي.

يدعو المنظمون للحركة الى الاحتجاج "سلميا" تحت عنوان "السترات الحمراء" ضد "الفساد ، والمعيشة الباهضة، والبطالة ، وسوء الإدارة ...". ستنطلق الاحتجاجات وفق تعبيرهم بداية من يوم الاثنين 17 ديسمبر 2018 من خلال التحركات المقررة في مناطق عديدة من تونس.
هذا التاريخ من الواضح أنه لم يتم اختياره عشوائياً ، لأنه سيتزامن مع الذكرى الثامنة لاندلاع "الثورة" التونسية ، اذ يمكن أن يكون احدى الطرق لتشجيع التونسيين على الاحتجاج وهو موعد لإحياء شعار عزيز على الشعب: "الشعب يريد ثورة من جديد ".

يقولون "إنقاذ تونس" لكن ممن ؟ و من ماذا ؟
عندما ينظر المرء عن كثب إلى ادعاءات ما يسمّى بمجموعة "السترات الحمراء" ، فإنها تبدوا سخيفة مثل الدعوات والأعمال التي ينوون تنظيمها ، والتي تهدد بإعادة البلاد إلى منطقة تتسم بالاضطرابات الشديدة.
إن ظهور هذه الحركة أمر مثير للدهشة، اذ بقدر ما هو مثير للشك والتي من دون تفكير أعلنت نفسها "صوت الطبقات المهمشة والمحرومة"! فمن المؤكد ان هذه الحركة تدعي ان مطالبها هي التنمية والتشغيل و إصلاح التعليم وتطوير منظمومة الصحة العمومية وتحسين ظروف المعيشة للتونسيين مثل أي حزب سياسي أو أي منظمة من المجتمع المدني تحترم نفسها.
لكن المشكلة هنا هي أن هذه الحركة تطاب أيضا بالعودة إلى النظام الرئاسي! إن كانت حركة ضد المنظومة كما تدعي فهي بالضرورة ضد جميع الأحزاب السياسية سواء كانوا في السلطة أو في المعارضة وبالتالي تناقض نفسها بنفسها.

من المؤكد ان تونس تعاني من ضائقة اجتماعية، لكن في الحقيقة بعض الأطراف تسعى إلى الاستفادة منها ، لتغذية التوتر و استغلال الرأي العام.
إن "السترات الحمراء" من بين هذه الأطراف ، لذلك لن ينخدع التونسيون لأنهم ﻳﻌﺮفون أن هذه الحركات الاحتجاجية ليست الحل لمشاكلهم.
من ناحية أخرى يمكن لهذه الاحتجاجات أن تضر باقتصاد البلاد و نخسر نسب النمو الهزيلة التي تمكنا من تحقيقها.

منظمو حركة "السترات الحمراء" يدعون أنهم غير مدعومين من قبل أي شخص و خاصة الأحزاب السياسية و لا يتوقفون عن إدانة حملات التشهير ضدهم و التشكيك في عفويتهم الا انه عندما تبين أن وحدات الأمن في صفاقس تمكنت يوم 13 ديسمبر من حجز أكثر من 50 ألف من السترات الصفراء والحمراء في مستودع و هي سترات من المرجح أن الهدف منها هو توزيعها على المتظاهرين ، وحركة "السترات الحمراء" ، وحتى لو تم الإفراج عن مالك الشركة بعد أن استحوذ على هذه الكمية الهائلة من السترات و الذي أشار خلال التحقيق أنه قام باستيراد هذه السترات لبيعها إلى الشركات العاملة في قطاع المعادن ، لا يزال الشك قائما علما و أن أحد أعضاء تنسيقية حركة "السترات الحمراء" هو نجيب الدزيري المعروف بقربه من شخصيات سياسية معينة هدفها الوحيد هو الاطاحة بيوسف الشاهد رئيس الحكومة و لعل أكبر دليل على ذلك، الصورة التي تم تسريبها على شبكات التواصل الاجتماعي أثناء اجتماعه بالمنسق العام لنداء تونس رضا بلحاج و هو ما يضرب مصداقية هذه الحركة التي تدعي انها غير سياسية  الأمر الذي يقودنا إلى الاعتقاد بأن هذه الحركة هي محاولة لجلد يوسف الشاهد و زعزعة استقرار الحكومة.

علاوة على ذلك، يُعرف نجيب دزيري بأنه "ناشط سياسي" على مقربة من رجل الأعمال المثير للجدل شفيق الجراية الموجود حالياً في السجن بسبب "الفساد" و"لتآمر على أمن الدولة" و "الخيانة" و "وضع النفس على ذمة جيش أجنبي زمن السلم ".

إن الاضطرابات التي تغذيها قوى خفية تخاطر بوضع البلاد لتضعه في مواقف ذات نتائج كارثية مع العلم أن تونس لا تستطيع في السياق الحالي و على بعد عام من الانتخابات التشريعية والرئاسية أن تتحمل أي هزة ستؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد و سيعاني الشعب من التكاليف.
إن "السترات الحمراء" التونسية لا تجسد "السترات الصفراء" في فرنسا بل تسعى لإذكاء فوضى سبق أن أنشأها البعض بحثاً عن حسابات سياسية بحتة، متناسيةً كيف كانت الحناجر تهتف "الوطن قبل الأحزاب".

أحمد زرقي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter