alexametrics
الأولى

كيف فتح سعيد طريق العودة للمرزوقي؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
كيف فتح سعيد طريق العودة للمرزوقي؟

"عندما لا تكون لديك حجج ضد معارضيك ، ضعهم في السجن".

 


أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس أمس الإربعاء 22 ديسمبر 2021، حكما ابتدائيا غيابيا في حق الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي، يقضي بسجنه "مدة 4 سنوات مع الإذن بالنفاذ العاجل"، وذلك بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي". عاد فجأة المرزوقي الى واجهة الأحداث وتسارعت ردود أفعال التعاطف معه إثر هذه الحُكم المفاجئ الذي وصفهُ العديد من الحقوقيين والمراقبين ، بالمخزي.


بينما تمنعنا أخلاقُ المهنة من التعليق على القرارات القضائية تظل الحقيقة أننا لا نستطيع إلا أن نلاحظ السرعة القصوى للعدالة التونسية في هذه القضية بينما لا تزالُ الاف القضايا على الرفوف تجمع الأغبرة.بعد مرور شهرين بالكاد، على تصريح المرزوقي أنه سعى لافشال القمة الفرنكوفونيّة صدر الحكم الابتدائيّ، في حين أن الأمر عادة ما يستغرق سنوات في قضايا أخرى.
في أكتوبر الماضي ودعا الرئيس الأسبق خلال مظاهرة في باريس فرنسا إلى التدخل في الشؤون الداخلية التونسية من خلال دعم المعارضة ولحق ذلك تصريح في 12 أكتوبر على شاشة فرانس 24، قال خلالهُ إنه فخور بالعمل على منع انعقاد قمة الفرانكوفونية في تونس. وكرر نفس التصريحات على عدة قنوات عربية.

أثارت تصريحات منصف المرزوقي ضجة حقيقية في تونس ولا نبالغ ان قُلنا أنه تم تخوينهُ من الجميع، ولم تتسامح وسائل الإعلام معه على الإطلاق وانتقدت بشدة دعواته للتدخل الأجنبي ومحاولته القبيحة تخريب قمة الفرانكوفونية في وطنه.
محكمة الاستئناف بتونس فتحت بتاريخ 15 أكتوبر تحقيقاً ضده.


كانت الهجمات عنيفة لدرجة أن المنصف المرزوقي اضطر إلى إغلاق التعليقات على صفحته على فايسبوك ونفى صتريحه المثير للجدل على شاشة قناته المفضلة، الجزيرة.


لم تمض أيّام حتّى تمّ بإصدار بطاقة جلب دولية بحق منصف المرزوقي. بعد الجدل الذي أحدثه هذا القرار المضحك (بما أن الإنتربول لا يتابع الشؤون السياسية التونسية) ، كان الجميع يأملون أن يهدأ قيس سعيد ويتراجع عن قراراته الشعبوية غير المنطقية.

لكن لا، في 22 ديسمبر  علمت وسائل الاعلام عبر برقية من وكالة تونس افريقيا للأنباء (كالعادة، لأن الرئيس وأجهزته  لا يتواصلون مع الأجسام الوسيطة كالاعلام) الرسمية أن القضاء قرر سجن المعارض 4 سنوات تهمة التامر على أمن الدولة.

لم يكن منصف المرزوقي يأمل هدية أفضل من هذه. بعد أن كان، قبل شهرين فقط يدعى الخائن أصبح اليوم ضحية في عيون نفس الأشخاص الذين شوهوه ووصفوه بالكاذب. وضعية الضحية هذه مثالية لمنصف المرزوقي. إنها الوضعية التي يشعر فيها براحة أكبر متمنيا أن تكون فرصة ذهبية للعودة للساحة السياسية ومنها لقصر قرطاج.

في نظر المواطن التونسي العادي ، تعليقات المنصف المرزوقي على فرانس 24 وفي باريس مخزية ، لكنها مجرد تصريحات، ولا تستحق السجن ... بالنسبة للرئيس السابق ، من الضروري ركوب هذه الموجة وذرف بعض الدموع لتناسب الدور. طبعا بعد انتشار الخبر بدقائق سخر المرزوقي من ذلك وذكّر الرأي العام أنه حُكم عليه في عهد بورقيبة وفي عهد بن علي.

قرار كهذا جعل المرزوقي في مقع قوة وتظلّم ليقنع التونسيين بقساوة القوى الاستبدادية ضد سياسي مخلص للوطن، ليقدم نفسه للتونسيين كبديل لهؤلاء الطغاة... رغم أنه نفسه، كان دعا للتصويت لهذا الرئيس.
من الجيد أن نتذكر أن المنصف المرزوقي دعا للتصويت لـ زين العابدين بن علي سنة 1989 والتصويت لقيس سعيد سنة 2019.


لم تكن تونس أفضل في عهد المرزوقي لكن هذه هي الكذبة التي سيسعى للترويج لها في الساعات القادمة، العهد الذي تم فيه اغراق الوظيفة العمومية بآلاف "ضحايا" النظام القديم ، و استنفاد الاحتياطيات التي تركها بن علي واغراق تونس في ديون الى اليوم لم تسددها.

إذا كانت تونس في خضم أزمة اقتصادية اليوم فان ذلك يعود للإدارة الكارثية للدولة في عهد المرزوقي.
بنسبة لا تتجاوز 22 بالمائة في نوايا التصويت و استطلاعات الرأي ، يعلم منصف المرزوقي أنه لم يعد لديه أي أفضلية لدى التونسيين. حتى لو شكك في أرقام الاستطلاع ، فهو يعلم في أعماقه أن الأمر يتطلب معجزة للعودة إلى الساحة ، حيث حصل فقط على مائة ألف صوت (2.97٪) في الانتخابات الأخيرة. إنه يعلم أيضًا أنه لا يستطيع التأثير في التونسيين أثناء وجوده في باريس وأن وعده الذي قطعه في 20 نوفمبر بالعودة إلى تونس كان مجرد كذبة أخرى.

نعم، إن عودة المنصف المرزوقي تتطلبُ معجزة وقد حدثت هذه المعجزة مع رد الفعل المندفع لقيس سعيد الذي حوّله إلى ضحية للآلة القمعية.

الآن في نظر التونسيين المنصف المرزوقي هو بالفعل ضحية لاستبداد قيس سعيد. وأنه من الضروري أن يخاطبهم من باريس لأنه اذا عاد الى تونس سيتم سجنه.

لم يعد منصف المرزوقي مضطر للكذب بعد الآن ، فخصمه يقوم بالمهمة نيابة عنه. بسبب غبائه ويفتح له الطريق نحو قرطاج.

رغم سيّئات المرزوقي التي تراكمت فان خطوة سحب جواز السفر الديبلوماسي منه ثم اصدار بطاقة جلب دولية، ثم الحكم القضائي السريع ضده ستزيدُ شعبيته التي انهارت.
انّ مثل هذا الحكم، السالب للحرية من أجل تصريح اعلاميّ أيّــا كان محتواه، ليس حكما ضدّه، بل لصالحه...


ترجمة عبير قاسمي 

نص أصلي لـنزار بهلول

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter