alexametrics
آراء

هشام المشيشي .. هل هي بداية النهاية ؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
هشام المشيشي .. هل هي بداية النهاية ؟

 

لم تمض سوى ثلاثة أشهر على توليه منصب رئاسة الحكومة وها أن البعض يتحدّث من الآن عن بداية النهاية بالنسبة إليه .. هل في هذا مبالغة ؟ ربّما يكون الأمر كذلك، لكن ما أبداه هشام المشيشي من عدم قدرة حقيقية وانعدام الكفاءة في تسيير الأمور، فضلا عن تصرفاته التي تنم عن قلة احترام وعنجهية تجاه الآخرين، كلها عوامل تحيلنا إلى مثل هذا التوقع بخصوص مستقبله في رئاسة الحكومة.

 

اليوم الإثنين 7 ديسمبر 2020 يدخل القضاة أسبوعهم الرابع من الإضراب العام .. ولئن كانت بعض مطالبهم غير جدية، فإن معظم تلك المطالب مشروعة.

 

فهل يتحمّل المشيشي المسؤولية ؟ تجاهله لاحتجاجات القضاة مما أدى إلى تدهور الوضع وعدم إيلائه الأمر الأهمية اللازمة لسلك لا يمكن من دونه إرساء الديمقراطية المنشودة ولا حتى أسس الدولة .. هذا ما أعتبره عنجهية.

 

على هشام المشيشي ووزيره للعدل أن يدركا أن الديمقراطية تقوم على أربعة ركائز هي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية والسلطة الرابعة أي الصحافة. فحين يقول وزير العدل إن القضاة الذين يطالبون بالزيادة في رواتبهم، لا يقدرون خطورة الوضع في البلاد، فهذا يعتبر عنجهية وانعدام كفاءة وعدم إدراك للواقع .. هذا يعني أيضا أن الوزير غير ملم بأوضاع القضاة .. فالقاضي في بداية مسيرته المهنية يتقاضى اليوم مرتبا في حدود 1600 دينار ليصل في وسط هذه المسيرة إلى 2500 دينار، لكي لا يتجاوز أجره في نهايتها 3500 دينار. وهذا قليل بل قليل جدا باعتباره يجعلهم في وضعية مادية هشة ويفتح أمامهم باب الفساد المالي.

 

السلطة الرابعة بدورها تعاني وهذا ليس جديدا على القطاع .. ولذلك تم إصدار برقيات إضراب للغرض .. الصحفي المبتدئ يتقاضى اليوم حوالي 400 دينار وما يناهز 2000 دينار في نهاية مسيرته المهنية .. ولا داعي هنا للتذكير بالمؤسسات الإعلامية العديدة التي أعلنت إفلاسها خلال العشرية الأخيرة وغيرها من المؤسسات العاجزة عن دفع أداءاتها الضريبية ومعاليم الصناديق الإجتماعية .. هشام المشيشي كان تعهّد باتخاذ الإجراءات اللازمة بعد الإستماع إلى مطالب ومشاغل ممثل المهنة الصحفية، لكنه في نهاية الأمر أعلن في 20 نوفمبر عن إجراءات بسيطة لا تنفع كثيرا المؤسسات الإعلامية المحتاجة أكثر من أي وقت مضى إلى المساعدة.

 

يوم الأحد 6 ديسمبر كانت القطرة التي أفاضت الكأس .. في حدود الساعة الخامسة والنصف مساء، صدر بلاغ مقتضب عن وزارة الصحة معلنا عن التمديد في حظر الجولان والإجراءات لمكافحة الكوفيد .. هذه الإجراءات والتقيد بحظر الجولان كان يفترض أن ينتهي العمل بهما أمس لكن هذه الحكومة انتظرت إلى آخر يوم وفي المساء للإعلان عن قرار التمديد .. وهذا أيضا يعتبر عنجهية. فكل من أعد برامجه ليوم الغد، رأى خططه تسقط في الماء، بسبب سوء تصرف الحكومة.

 

لكن متى كان لوزير الصحة أن يتخذ القرار بخصوص حظر الجولان ؟

 

من الناحية الشكلية أيضا، في كل أصقاع العالم، فإن الإجراءات المتعلقة بمكافحة الكوفيد يتولى الإعلان عنها رؤساء الدول أو الوزراء الأول .. في تونس وفي عهد المشيشي، يتم التوجه إلى الشعب عبر البلاغات .. وهذا كذلك يعتبر عنجهية.

 

لكن لنتحدّث عن المضمون وهنا لدينا كثيرا مما نستطيع قوله حول عدم كفاءة الحكومة وانعدام الانسجام صلبها.

 

في كل أنحاء الكون تكون الإجراءات المتعلقة بمكافحة الكوفيد، مشفوعة بإجراءات مساندة للمؤسسات والأشخاص المتضررين من الوباء .. لكن لا شيء من هذا في عهد المشيشي وكأن لا تأثير لهذه الإجراءات على وضعنا الإقتصادي.

 

في كل العالم أيضا تخضع تلك الإجراءات إلى منطق معيّن، إذ يوجد ارتباط وثيق بين الوضع الصحي في البلاد والإجراءات الصعبة المعلنة .. لكن في تونس تاه دليلنا بخصوص ما يحصل .. فمن جهة تأمر الحكومة موظفيها باستئناف نشاطهم العادي بالتوقيت العادي للعمل ومن جهة ثانية تبقي هذه الحكومة على حظر الجولان إلى غاية الثامنة ليلا. كما تسمح للمطاعم والحانات بفتح أبوابها إلى غاية السابعة مساء لكنها تأمر المقاهي برفع الكراسي والطاولات منذ الرابعة زوالا.

 

خلاصة القول، حكومتنا تأتي الشيء ونقيضه وذلك في انعدام تام لكل انسجام .. فهشام المشيشي لم يكلف نفسه حتى عناء التوجه بكلمة إلى الشعب أي المواطنين ليفسّر لنا هذه القرارات ودواعي اتخاذها.

 

عدم الإنسجام والعنجهية التي يتحلى بها هشام المشيشي، لهما كلفتهما التي سيدفعها في نهاية المطاف، إذا ما استمر في سياسته هذه.

 

فهل من مصلحتنا أن تنتهي الآن تجربة هشام المشيشي ؟ بالطبع لا نرى بدا من رفع شعارات من قبيل "إرحل" أو (ديقاج) في وجهه .. فالكلفة ستكون باهضة جدا إذا تعلق الأمر بحالة أخرى من عدم الإستقرار السياسي والبحث من جديد عن رئيس آخر للحكومة .. لا أحد من مصلحته اليوم أن يكون هشام المشيشي هشا ومزعزعا .. لا أحد.

 

المشكل يكمن في أن هشام المشيشي، بتصرفاته العنجهية، هو بصدد إضعاف نفسه بنفسه، دون مساعدة من أحد. كان بإمكانه أن يتوجه البارحة بكلمة من 30 دقيقة ليفسر لنا سياسته ويعرض عليها حلوله .. لكنه اختار طريقا مغايرا.

 

اليوم لدينا القضاة والصحفيون والمهندسون والعديد من الجهات في حالة غضب واحتجاج. غدا ستتبعها شرائح وفئات أخرى من المجتمع .. نحن في شهر ديسمبر ومقبلون على شهر جانفي وهي أشهر كل المخاطر والمصاعب .. ما على المشيشي إلا أن يتذكّر تواريخ 17 ديسمبر و3 جانفي و14 جانفي و26 جانفي ..

 

بأسلوبه العنجهي يثير هشام المشيشي عدم فهم الآخرين له ويغذي حالة الاحتقان والغضب لديهم ..

 

عليه أن يتدارك الأمور ويفسّر للشعب ما هو بصدد التحضير له من إجراءات وقرارات .. كما أن من واجبه أن يقول ما يفعل وأن يفعل  ما يقول .. هذا ضروري إن كان يرغب في مواصلة تجربته مع الحكم في مناخ هادئ .. ليس من حقه أن يكون عنجهيا ولا متناقضا في كلامه وتصرفاته وقراراته.

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0