alexametrics
فيروس كورونا

ماذا بعد التفويض للفخفاخ: هل سنكون أزاء مشهد سياسي جديد؟

مدّة القراءة : 4 دقيقة
ماذا بعد التفويض للفخفاخ: هل سنكون أزاء مشهد سياسي جديد؟

وافق مجلس نواب الشعب أمس السبت 4 أفريل 2020 على مشروع قانون التفويض لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، بإصدار مراسيم في مجال التشريع، بأغلبية 178 ورفض 17 نائباً، وامتناع 2 عن التصويت، ليفوض بذلك البرلمان سلطة إصدار التشريعات للفخفاخ في المجالات المتعلقة بوباء فيروس كورونا الجديد. الفخفاخ في كلمته التي ألقاها بالمناسبة أكد أن تونس تعيش مرحلة غير مسبوقة تتطلب تكاثف كل الجهود لتجاوز مخلفاتها على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و أضاف أن الحكومة أعدت مجموعة من النصوص القانونية وتنتظر المصادقة على التفويض حتى تصدرها.

 

قبل الحديث عن ما ينتظر حكومة الفخفاخ بعد التفويض و قبل الحديث عن المراسيم و النصوص القانونية التي أعدتها وجب الحديث عن بعض النقاط حول الجلسة نفسها، فعلى عكس العادة لم نشاهد مداخلات نارية، وخلافاً للجلسات السابقة، لم ينقسم البرلمان إلى مؤيد بقوة ورافض بقوة. دامت الجلسة ما يناهز الست ساعات من النقاش، اتجهت خلالها الكتل النيابية إلى النصح والتوجيه والتأكيد على أهمية الوحدة الوطنية، وأن يكون للمعركة ضد الوباء “قائد وحيد، بل التقت أغلب الكتل البرلمانية، ائتلافاً ومعارضة، حول الفخفاخ، و حكومته لقيادة المرحلة و أكدت أغلب الكتل على ضرورة التفويض للحكومة حتى تباشر عملها في أحسن الظروف ومن ثم محاسبتها، عبير موسي وكتلة الحزب الدستوري الحر دافعوا عن حق رئيس الحكومة في الحصول على تفويض، بل شددت موسي على أنّ حزبها ، كان أكثر من سهل حصول الحكومة على التفويض و دعت رئيس الحكومة إلى الاستماع  لمقترحات الخبراء والمعارضة، وعلى أن يتم التفكير فيما بعد التفويض، وكذلك ما بعد كورونا.

عبير موسي في كلمتها، تحدثت عن  تمرد عدد من رؤساء البلديات على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بحجة أنهم منتخبون ودعت، إلى “توحيد السلط وأجهزة الدولة”، في إشارة بالخصوص إلى المعتمدين ورؤساء البلديات.

و بعد المداخلة ، نشرت موسي  فيديو على صفحتها فسرت  فيه هذا الموقف سياسي الجديد و بررته بان الأوضاع التي تعيشها البلاد حتمته و أن مؤسسات الدولة مهددة، وهو ما جعلها تقدّم مقترحات تخص عملية إدارة الأزمة الحالية الناجمة عن تفشي وباء “كورونا” في البلاد.

 

جلسة أمس كشفت تحولا جديدا في المشهد السياسي و وحدة أغلب الكتل و توحدها وراء الفخفاخ لقيادة المرحلة بعد تمكينه من الآليات السياسية للعمل و تفويضها له بإصدار القوانين و المراسيم ، وبناء على القانون الجديد ستتوسع صلاحيات رئيس الحكومة و سيمكنه فور دخول القانون حيز التنفيذ من أكثر حرية في عديد الميادين و اتخاذ قرارات مباشرة في أربع مجالات حيوية.

ففي الميدان المالي والجبائي والاجتماعي منح التفويض للفخفاخ الحق في اتخاذ التدابير التي يراها صالحة في الإحاطة والدعم والمساعدة المباشرة والغير مباشرة للأفراد والمؤسّسات المتضرّرين من فيروس كورونا، كما منحه أكثر حرية لتعبئة الموارد لفائدة ميزانيّة الدّولة لتغطية التكاليف المترتّبة عن مواجهة تداعيات فيروس كورونا، كما يمكنه تعديل إجراءات وصيغ التغطية الصحيّة والاجتماعية للمكفولين الاجتماعيين المتضررين من هذا الوباء.

و هو ما سيسمح للفخفاخ بأكثر مرونة في اتخاذ قرارات و إصدار قوانين و مراسم تعديلية خصوصا بما يسمح له توفير الموارد المالية سواء من السوق المالية الخارجية أو من الداخل و التصرف فيها لمساعدة المواطنين و التدخل بالزيادة و النقصان في المنح و إلحاق بعض الفئات المتضررة جراء الفيروس بمنظومات الضمان الاجتماعي.

 

أما بخصوص الحقوق والحرّيات يسمح التفويض للفخفاخ بضبط الجنايات والجنح والعقوبات والإجراءات أمام المحاكم ويشمل و دلك بما يمكنه من اقرار أحكام استثنائية في الآجال والإجراءات في الدعاوى والطعون أمام مختلف أصناف المحاكم وبصفة عامّة في كلّ الإجراءات والآجال المتعلّقة بالالتزامات المدنيّة والتجاريّة كما يتضمّن تنظيم الحقوق والحرّيات بما يتلاءم مع التدابير الوقائيّة المستوجبة لمقاومة تفشي فيروس كورونا وانتقال العدوى به وبما يتماشى مع مقتضيات الفصل 49 من الدستور أي أن القانون سيسمح للفخفاخ بأن يكون أكثر تشددا بخصوص تجريم الأفعال التي من شأنها أن تتسبّب في انتشار العدوى بفيروس كورونا أو تعطيل الإجراءات المتّخذة لمكافحة هذا الوباء ولمواجهة التداعيات المترتّبة عنه وضبط العقوبات المستوجبة لردع تلك الأفعال.  

هده النقطة أثارت مخاوف المجتمع المدني و بعض السياسيين من أن يتمكن الفخفاخ من آليات تسمح له بالاستبداد و الحد من الحريات الخاصة و العامة بحجة مقاومة فيروس كورونا وهو ما حاول الفخفاخ تفنيده في كلمته التي ألقاها أمس حين أكد أن لا وجود لسلطة دائمة أو لا محدودة و إن لمجلس النواب الحق في سحب التفويض في حال رأى وجود ما يمكن أن يؤثر على المسار الديمقراطي الذي تعيشه البلاد و كذلك فعلت وزيرة العدل حين أكدت أن هناك ضمانات قضائية، يمكن عبرها إبطال مفعول أي مرسوم يصدر عن الحكومة ولا يتقيد بمضمون قانون التفويض، معتبرة أن مشروع هذا القانون محدد من حيث المضمون والغرض و أن الضوابط القانونية تفرض عرض المراسيم على مجلس نواب الشعب، إثر انتهاء العمل بها.

 

التفويض الذي منحه مجلس نواب الشعب للفخفاخ يمكنه أيضا من اتخاذ قرارات و قوانين دون العودة للمجلس في المجال الصحّي والبيئي والتعليمي والثقافي و ضبط الإجراءات التنظيميّة فيها في المجالات ذات العلاقة بمواجهة فيروس كورونا وتداعياته بما يضمن عدم تفشّي العدوى به، أيضا مراجعة تنظيم السنة الدراسيّة والامتحانات وحماية البيئة وهي مجالات مهمة بالنسبة للتونسيين حيث تتعلق بجوانب لهما علاقة مباشرة بالمواطن، مثل العمل البلدي و النظافة و الامتحانات الوطنية و خاصة امتحان الباكالوريا.

كما سيكون للفخفاخ أكثر حرية في ما يخص تسيير المرافق العموميّة والقطاع الخاصّ بإقرار القواعد المنظّمة لسير عمل المرافق العموميّة والقطاع الخاصّ بما يتلاءم مع مقتضيات مواجهة فيروس كورونا، وإقرار إجراءات متعلّقة بالقواعد المنظّمة للالتزامات المحمولة على الأعوان العموميّين وعلى العمّال الخاضعين لمجلّة الشغل بالإضافة إلى إقرار إجراءات خصوصيّة استثنائية للشراءات العموميّة بما يتماشى مع متطلّبات مواجهة الوباء و هي مجالات واسعة و تسمح لرئيس الحكومة أن يكون القائد الفعلي للمعركة و بإمكانه فعلا تحمل المسؤولية و يمكن أيضا تحميله المسؤولية في حال الفشل لا قدر الله فقبل التفويض لم يكن هناك طرف واضح يمكن تحميله نتائج عمله سواء في النجاح أو في عدمه.

و يدخل القانون المتعلق بالتفويض إلى رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في إصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات كورونا حيز التطبيق بعد نشره في الرائد الرسمي حسب ما نص عليه القانون نفسه و حسب الدستور فان رئيس الجمهورية قيس سعيد سيختم القانون المصادق عليه بعد انقضاء الأجل الأقصى للطعن المقدر بسبعة أيام، أي من المتوقع أن يتم ختم قانون التفويض يوم السبت القادم 11 أفريل الجاري ليدخل حيز التنفيذ.

 

و وفقا لآخر تحيّين من قبل وزارة الصحّة، فإنّ تونس سجّلت  بتاريخ 4 أفريل 2020، 58 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا من مجموع  749  تحليلا مخبريا  ليصبح العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس 553   حالة مؤكدة من بين  6485  تحليلا جمليا، وتمّ تسجيل 19 حالة وفاة.

 حسام بن أحمد 

كل مقالاتنا عن فيروس كورونا على هذا الرابط 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter