سعيد في خطاب منتصف الليل: 'الى العمل، تلوح في الأفق أنوار ستشع علينا'
رئيس الجمهورية: نصادق اليوم على ثلاثة مراسيم تاريخية !
في ساعة متأخرة تجاوزت منتصف ليلة 20 مارس 2022، قدم رئيس الجمهورية قيس سعيد خطابا بمناسبة الذكرى السادسة والستين للاستقلال، حيث أكد أن كلمته كانت من المفترض أن تكون صبيحة اليوم الاّ أنّ أشغال مجلس الوزراء تواصلت الى مساء اليوم، معلنا المصادقة على مرسوم تجريم الاحتكار، بعث الشركات الأهلية والصلح الجزائي.
"حين توليت هذه المسؤولية تحملت الأمانة مخلصا وحاولت بكل جهدي أن أقرب بين وجهات النظر وأغلب المصلحة الوطنية وحرية الشعب وسيادته، لكنني للأسف لم أجد سوى المناورات، تحول اللص الفاسد المطلوب للعدالة للصديق الحميم والحليف، وتحول البرلمان لساحة سالت فيها الدماء، وجاء الى القصر نواب يطالبون بحل البرلمان وكانت مطالب بحله ترتفع في كل مكان، وجاء يوم 25 جويلية بعد أن زرت مستشفى الرديف حيث لا ماء ولا كهرباء ولا أكسجين... صارت تونس أول دولة في افريقيا والوطن العربي في عدد الوفيات، فاتخذت مساء اليوم ذاته اللجوء للفصل 80، كنت جالسا كئيبا، وتساءلت بأي وجه سألاقي ربي، وخرج التونسيون في تلك الليلة المشهودة محتفلين، وكان البعض يتصور أن الوقت قد حان لتوزيع المناصب من جديد فلما يئس صار يدعوه انقلابا..."
وشدد الرئيس على أن الاستقلال الحقيقي ليس اتفاقية توقع أو راية ترفع، معلقا أنّ الاستقلال هو أن تكون سيدا في وطنك حرا اخذا بزمام وطنك ومصيره، مؤكدا أنّ المحافظة على الاستقلال ليست اقل شأنا من الحصول عليه. كما تحدث الرئيس عن تخفيض الترتيب السيادي لتونس مؤكدا أن هذه الوكالات تحتكر التصنيف وتعمل لغايات معروفة.
"بدأنا الطريق بهذه الاستشارة التي تمثل أول طريق الحوار الوطني وهي ناجحة رغم محاولات الافشال وحملات التشويه والتحريض والعقبات التي وضعوها حتى لا يعبر الشعب عن ارادته، تم قطع الموقع لكن الشباب تحداهم بامكانياته، تم حتى مهاجمة بعض الشباب الذين روجوا للاستشارة والاعتداء عليهم وطعن أحدهم، كيف يزدرون هذا الجهد التاريخي غير المسبوق؟" تساءل سعيد.
وأكد رئيس الدولة أنّ بعض من خرجوا للاحتجاج ضده اليوم 20 مارس كانوا يريدون بعد 25 جويلية تنصيبهم باحدى الوزرات، مطمئنا التونسيين أنه سيعمل على حمايتهم وتأمين حياتهم اليومية وتطبيق القانون، متابعا أنّه لا يسع أي مواطن الا أن يقف اجلالا للقوات المسلحة لتأمين السلم الاجتماعية.
"لقد مررنا بساعات عصيبة، وكان الظلام حالكا والليلُ طويلا ولكن بدأت تلوح في الأفق أنوار ستشع علينا وعلى أبنائنا وأحفادنا بعد أن نكون قد عبدنا لهم الطريق."
وأعلن أن العمل متواصل لتنظيم الاستفتاء يوم 25 جويلية بعد أن يتم تشريك الجميع في اختيارالنظام السياسي الجديد لتتولى لجنة التأليف بين الاختيارات وتجسيدها في نص قانوني يقطع مع الماضي ويحفظ الحقوق والحريات، قبل تنظيم الانتخابات مشددا على أن الشعب يواصل طريقه بكل ثبات نحو تونس الجديدة.
وختم رئيس الدولة خطابهُ بـ "الى العمل، والى الأمام، ولا مجال للعودة الى الماضي" .
وكان سعيد في بداية كلمته قد قدم ملخصا عن مختلف المراحل التاريخية التي تلت الاسقلال:
"ظل الاستعمار جاثما على صدورنا ستة عقود، ومن المفيد في هذه المناسبة التذكير بأنّ مقاومة الاحتلال انطلقت حتى قبل توقيع معاهدة الحماية واستمرت الى يوم الاعلان عن الاستقلال التام، سقط شهداء أبرار من أجل الحرية في المدن والأرياف وجاب عديد الزعماء العالم بحثا عن دعم حق الشعب التونسي في السيادة الكاملة والاستقلال التام (...) الاعلان عن الاستقلال تلته بعد خمس أيام انتخابات المجلس القومي ومرت الأيام وتتالت العقود نحو تشييد الدولة واعلان الجمهورية واصدار مجلة الأحوال الشخصية واصلاح التعليم وارساء المرافق العمومية ولا أحد يشك في الأثر البالغ لذلك على المجتمع، الذي بدأت تتشكل ملامحه اخر الستينات."
واستدرك رئيس الدولة أن النجاح الذي أحرزته الدولة الوطنية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي لم يكون مرفوقا بنفس درجة التطور في المجال السياسي، لأنه منذ الاستقلال عرفت تونس اقتتالا داخليا، ثم جاءت محاولة انقلابية سنة 1962، وتم حظر الحزب الشيوعي وتحولت الدولة الى دولة الحزب الواحد، عبر نصوص قوانين عدّة منها قانون مجلس الجمهورية الذي يتركب من أعضاءالهيئة السياسية للحزب الاشتراكي الدستوري، كما قضى العديد من السياسيون سنوات في السجون والمنافي، مما دفع الى نداءات لاصلاحات سياسية.
وتابع أن التونسيين كسروا حاجز الخوف يوم 17 ديسمبر واصفا الثورة بـالانفجار الثوري، مؤكدا أن المنظومة احتوت المدّ الثوري الذي يقوم على شعار الشعب يريد شغل،حرية وكرامة وطنية وهو شعار يختزل معاني سيادة الدولة واستقلالها.
ع.ق
تعليقك
Commentaires