سعيد للشعب:الأمر يتعلّق بتنظيم مؤقّت للسلط ريثما يزول هذا الخطر الداهم
قيس سعيد يعفي رئيس الحكومة هشام المشيشي ويجمّد البرلمان
اتحاد الشغل يدعو لمرافقة قرارات الرئيس بضمانات دستوريــّة
مكتب المجلس يدعو الجيش لتأمين عمل البرلمان ويطلب من النواب مواصلة عملهم
إلتقى رئيس الجمهورية قيس سعيد ، اليوم الاثنين 26 جويلية 2021 ، كل من نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، وسمير ماجول، رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وإبراهيم بودربالة، رئيس الهيئة الوطنية للمحامين، وعبد المجيد الزار، رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، و راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، و نائلة الزغلامي، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات.
في مستهلّ الإجتماع، وصف قيس سعيد اللحظات التي تعيشها تونس بـ ''اللحظات التاريخية'' مُدركا انّها لحظات صعبة تقتضي الكثير من المسؤولية مُذكّرا أنّه نبه في العديد من المناسبات أنّه سيتحمّل المسؤولية كاملة وذلك إرضاء منه لله وللشعب التونسي.
''نفذ الصبر بالرّغم من التحذير تلو التحذير وبلغ السيلُ الزُبى، كنت أستطيع في عديد المناسبات أن أختار أيّ شخص لتشكيل حكومة وأعرف مسبقا أنّه لن يحظى بثقة الأغلبية وكانت الإمكانية متاحة على الأقل في مناسبتين ولكنّني احترمت المؤسسات واحترمت المقامات واحترمت كلّ الأشخاص ودائما بنية صادقة وبنية تقوم على الصدق وعلى الوفاء بالعهود''.
وأضاف رئيس الجمهورية قائلا ''صبرت كثيرا ووجهت التحذيرات تلو التحذيرات ولكن للأسف هناك من في آذانهم وقرا لا يسمعون، اعتقد البعض أنّ الأخلاق ضعف وأنّ الإحترام ضعف والتعطّف نوع من الخوف وتواصلت الأوضاع إلى حد لم يعُد مقبولا في كل مؤسسات الدولة كأنّ هناك من يسعى إلى تفجير الدولة من الداخل، استشرى الفساد ، صارت اللقاءات تتمّ مع من هم مطالبون للعدالة ومع من نهب ثروات الشعب التونسي، بأيّ حقّ وبأي مقياس ؟ ''
وأكّد رئيس الجمهورية أنّ كان يعلم الكثير ولازم الصمت وتابع قائلا ''وكنت أعلم الكثير وأنا ملازم للصمت لأنني أثرت أن أحترم المؤسسات كما جاء بها الدستور ومازلت إلى حد اليوم متمسّك بالنصّ الدستوري''.
ودعا رئيس الجمهورية الشعب التونسي إلى إلتزام الهدوء وعدم الردّ على الإستفزازات وعدم إيلاء أيّ أهمية للتصريحات والشائعات التي احترفها البعض، وأكد قائلا
''لا أريد أن تسيل قطرة دمٍ واحدة، هناك القانون ويُطبق على الجميع ودعوتهم في الكثير من الأحيان إلى تطبيق القانون ولكن للأسف بعض القضايا مازالت أمام القضاء جارية بالنسبة إلى عدد من القضايا بقيت لسنوات ويتمّ التحيل في بعض الاحيان حتى تتأخر المحاكمة''.
''هناك لصوص ويحتمون بالنصوص التي وضعوها على مقاسهم مع ذلك آثرت الصبر واحترمت المقامات ووجّهت التنبيهات حينما بدأ ينفذ الصبر، لقد حوّروا الثورة أو الإنفجار الثوري غير المسبوق في تونس إلى غنيمة وتمّ السطو على إرادة الشعب وتمّ السطو على إرادته بنصوص قانونية وضعوها على المقاس كما أرادوا لإقتسام السلطة ونكّلوا بالشعب التونسي تنكيلا مستمرّا متواصلا ، نكّلوا به في حياته اليومية في معاشه ، في تعليمه ، في الصحة ، في الحدّ الأدنى من حقوق الإنسان واعتقدوا أنّ الدولة لقمة ساهلة والفقير المُتقع ليس إنسانا ليس له أبسط الحقوق المشروعة لتحفظ كرامته الإنسانية''.
وأشار قيس سعيد أنّ البعض تحدّث يوم أمس الأحد عن ''انقلاب'' وتوجّه لهم قائلا '' كيف يكون انقلابا بناءً على الدستور؟''. وأكّد أنّ قراراته جاءت تطبيقا لنصّ الدستور مشيرا أنّ الفصل 80 من الدستور منح رئيس الجمهورية الحقّ في اتخاذ التدابير التي يراها لازمة في صورة وجود خطر داهم، ''الخطر داهم بل الخطر واقع اليوم''.
وأضاف أنّه بالنسبة للوضع الإقتصادي والإجتماعي وبالنسبة للمرافق العمومية وبالنسبة للعديد من الملفات في كلّ القطاعات، فقد تمّ التسيّير على أساس الولاء للأحزاب وللوبيات ''يتصرّفون بهذه المرافق كما يشاؤون والدولة غائبة في بعض المرافق ويتقاسمون الدولة ومقدّراتها كأنها ملك لهم''.
وأكّد قائلا ''الدولة هي دولة كلّ التونسيّين''، وأشار انّ تونس أصبحت رقم واحد من بين الدول التي تُعاني من جائحة كورونا مُبيّنا أنّه قام بعمل كبير على المُستوى الدبلوماسي وعمل على أن تتدخّل الصحة العسكرية والعمومية بعديد المناطق التي لم يصلها التلقيح. واستنكر نسب الوفيات المرتفعة وتابع قائلا '' أليس الموت خطرا داهما ؟ أليس تحلُل الدولة خطرا داهم؟''.
وأضاف قائلا ''اتخذت قراري بناءً على ما يخوّله الدستور، وبناء على الفصل 80 وأتعجّب كيف يتحدث البعض عن انقلاب، والإنقلاب هو خروج عن الشرعية، طبّقت الدستور وتوفّرت الشروط ومن بين الشروط هناك شروط إجرائية وتمّ احترامها ''.
وأكّد قيس سعيد أنّ دعا رئيس الحكومة هشام المشيشي وأعلمه بالقرارات التي قرّر اتخاذها وكشف أنّه اتّصل هاتفيا برئيس البرلمان راشد الغنوشي وأعلمه انّه سيفعّل الفصل 80 من الدستور. واستنكر عدم تمكّن البرلمان المجمّد من انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وتركيزها ''تذكّروها فقط في 2021 لتصفية الحسابات ليس لضمان علوية الدستور''.
وأضاف أنّه اتّخذ التدابير الإستثنائية التي تقتضيها المسؤولية ''امام الله وأمام الشعب وأمام التاريخ''. وأشار أنّ البعض يقول أنّ البرلمان يجب أن يكون في حالة انعقاد دائم استنادا للفصل 80، موضّحا أنّه لم يحلّ البرلمان ولكنّه قام بتجميد العمل التشريعي، وتجميد كلّ الإختصاصات التي يتولاها النواب.
''ورأيتم إلى أيّ وضع مُهين للتونسيّين تحوّلت المؤسسة النيابية، دعوت إلى التعقل، التهجّم على رئيس الدولة، التهجّم على الإتحاد العام التونسي للشغل ، التهجم على منظمة الأعراف، وسب وشتم مخجل'' صرّح رئيس الجمهورية منتقدا العمل البرلماني للنواب. وأضاف أنّ الحصانة التي يتمتّع بها النواب تمكّن من ممارسة الإختصاصات بكلّ استقلالية وبكلّ حريّة وليس لسب وشتم الناس.
وأفاد أنّ هناك أطراف تسعى إلى تجميع الأموال على حساب الشعب التونسي وأشار قائلا ''أنا لا أريد المليارات ولا آخذ أيّ مليم من أيّ شخص كان''. وتوجّه إلى الشعب التونسي قائلا :
''اطمّنكم الدولة قائمة ولا مجال لأن يتمّ التعدي على الحقوق والحريات ولا مجال أيضا للمساس بمبدأ المساواة بين المواطنين، والذي سرق سيُحاسب، والمصالحة لا يُمكن أن تتمّ إلاّ مع الشعب، أطلب منكم عدم التواجه في الشارع، فإنّ أخطر ما تواجهه الدول والمجتمعات هو الإنفجار والإقتتال الداخلي ''.
وأضاف أنّ هناك أشخاص تصطاد في المياه العكرة وتوجّه لهم قائلا '' اليوم تحمّلت المسؤولية واتحمّل المسؤولية التاريخية ومن يدّعي أنّ الأمر يتعلّق بإنقلاب فليُراجع دروسه في القانون ولن تترك الدولة التونسية لُقمة سائغة''.
وأشار أنّ الحوارات متواصلة مع اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف واتحاد الفلاحين ومع النساء الديمقراطيات واتحاد المرأة التونسية مؤكّدا أنّ مؤسسات الدولة مستمرة ولكن لا يُمكن أن تستمرّ بالشكل الذي وصلت إليه.
''نحن لسنا دعاة فوضى ولا خروج عن القانون ولا للمسّ بحرمة أيّ كان والجميع سواء أمام القانون وليس هناك مساس بالحريات ولا مساس بأيّ حق وجد في نصّ الدستور وإنّما الأمر يتعلّق بتنظيم مؤقّت للسلط ريثما يزول هذا الخطر الداهم وندعو التونسيّين والتونسيّيات إلى التعقّل وإلى التعبير عن رأيهم بكل حريّة ولكن كلّ شخص مسؤول أمام القانون''.
واختتم رئيس الجمهورية اجتماعه مؤكّدا أنّ لا مجال للتسامح مع من نهبوا أموال الدولة وتابع قائلا ''الشرعية يجب أن تكون متناغمة مع إرادة الشعب والمسؤولية اقتضت أنني الجأ إلى هذا الفصل 80 من الدستور بناءً على توفّر الشروط التي نصّ عليها الدستور''.
للتذكير، أعلنت رئاسة الجمهورية مساء أمس الأحد، أنّه وبعد استشارة كلّ من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب، وعملا بالفصل 80 من الدستور، اتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيّد، القرارات التالية حفظا لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها وضمان السير العادي لدواليب الدولة:
- إعفاء رئيس الحكومة السيد هشام المشيشي،
- تجميد عمل واختصاصات المجلس النيابي لمدّة 30 يوما،
- رفع الحصانة البرلمانية عن كلّ أعضاء مجلس نواب الشعب،
- تولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة ويعيّنه رئيس الجمهورية،
أيضا، أصدر رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم الإثنين 26 جويلية 2021، أمرا رئاسيا قرّر من خلاله إعفاء:
• هشام مشيشي، رئيس الحكومة والمكلف بإدارة شؤون وزارة الداخلية،
• إبراهيم البرتاجي، وزير الدفاع الوطني،
• حسناء بن سليمان، الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة.
وذلك ابتداء من يوم الأحد 25 جويلية 2021.
كما تقرّر، بمقتضى ذات الأمر، أن يتولى الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد وأعضاء جدد فيها.
كما أصدر في ذات اليوم، أمرا رئاسيا يقضي بـ تعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين بداية من يوم الثلاثاء 27 جويلية 2021، مع إمكانية التمديد في مدة تعطيل العمل ببلاغ يصدر عن رئاسة الجمهورية.
ويُتيح هذا الأمر الرئاسي لكل وزير معني أو رئيس جماعة محلية اتخاذ قرار في تكليف عدد من الأعوان بحصص حضورية أو عن بُعد. كما يُلزم الهياكل الإدارية التي تُسدي خدمات إدارية على الخط بتأمين استمرارية تلك الخدمات مع تمكين الرئيس المباشر بكلّ هيكل إداري أن يُرخّص في بعض الخدمات الإدارية الأخرى أو القيام ببعض إجراءاتها عن بُعد ولا سيّما عبر التراسل الإلكتروني.
ويُستثنى من هذا الأمر الرئاسي أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريين وأعوان الديوانة والأعوان العاملين بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والأعوان العاملين بمؤسسات التربية والطفولة والتكوين والتعليم العالي الذين يخضعون لتراتيب خاصة.
ي.ر
تعليقك
Commentaires