الصغير الزكراوي : الدستور الجديد كتب بلغة ركيكة و فيه شحنة ايديلوجية
مشروع الدستور الجديد يستغني عن دين الدولة و يغيب مبدأ الفصل بين السلط
بودربالة : الوثيقة المسربة حول النسخة الأولية لمشروع دستور الجمهورية الجديدة هي مجرّد عمل أوّلي
انتقد أستاذ القانون الصغير الزكراوي في مداخلة هاتفية في اذاعة اكسبراس اف ام ، النسخة المسربة من مشروع الدستور الجديد الذي سيعرض على الاستفتاء . واعتبر الزكراوي أن من كتب هذه النصوص التي وردت في مشروع الدستور غير متمكن من آليات صياغة القوانين " هي فقط بعض الأفكار العامة و النصوص كتبت بلغة ركيكة وفيها نوع من الانشاء " . وقال أستاذ القانون في تصريحه الإذاعي اليوم الجمعة 17 جوان 2022 ، أن مسألة دسترة الاقتصاد ليست أولوية " الدستور متحرك و متغير لكن الدستورجامد يوفر الاستقرار ل 30 او 40 سنة يمكن التنصيص على المبادئ العامة و الحقوق الحريات لكن أن نقوم بدسترة الاقتصاد التضامني و المنوال التنموي فهذا غير مقبول " .
واعتبر أستاذ القانون أن النسخة المسربة من مشروع الدستور فيها شحنة ايديولوجية و تحيل الى البناء القاعدي الذي يريد رئيس الجمهورية قيس سعيد تطبيقه ، و المطلوب من الدستور هو تقنين المبادئ الكبرى وفق تعبيره . و أضاف في ذات السياق بأن هذه النسخة من المشروع أدخلت التونسيين في جدل عقيم " هل سيغير الدستور واقع التونسيين ؟ هذه المرحلة ليست مرحلة تدخل الدولة " .
نشرت جريدة المغرب صباح اليوم الاربعاء 15 جوان 2022 ، نسخة أولية لمشروع دستور الجمهورية الجديدة الذي قد يتكون من 27 أو 28 فصلا . نسخة تبرز بوضوح توجه رئيس الجمهورية قيس سعيد في مشروعه السياسي القاعدي الى تكريس سلطة أكبر لرئيس الدولة وينص على الهيئات الحكمية مقابل تغييب مبدأ الفصل بين السلط و دور رئيس الحكومة كسلطة تنفيذية ، مستغنيا عن الفصل الاول من دستور 2014 المتعلق بدين و هوية الدولة.
و للتذكير نص الفصل الاول من دستور 2014 : تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها. لا يجوز تعديل هذا الفصل.
في المقابل خير مشروع الدستور الانطلاق من الاقتصاد و التنمية. و قد لا يبدو المشروع مفاجأة فقد سبق و ان تحدث منسق الهيئة الاستشارية للجمهورية الجديدة الصادق بلعيد عن هذا التوجه و سبق و أن صرح بان مبدأ التفريق بين السلط مبدأ تجاوزه الزمن.
نص الدستور الجديد على الحقوق و الحريات لكنه حرص في نفس الوقت على التنصيص على حدود القانون " وفق ما يضبطه القانون " الفصل 18 الحق في الملكية ، أو " في حدود القانون " الفصل 19 الحق في التنقل . حتى ان الدولة تدعم مبدأ اللامركزية " طبقا لأحكام يضبطها القانون " .
ويبدو من نسخة مشروع الدستور أنه وقع الاستغناء عن الفصل 49 من دستور سنة 2014 ، هذا الفصل الذي ينص على “أن القانون يحدد الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها، ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أوالصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها، وتتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك، ولا يجوز لأي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور.” من يحدد هذه الضوابط في هذه الحالة ؟ .
و يحمل الباب الأول عنوان : أسس السياسة التنموية الاقتصادية والاجتماعية "لتونس الغد ".
و جاء في الفصل الأول على أن " النهوض بالاقتصاد الوطني و تحديثه و العمل على ملاءمته و تطلعات الشعب التونسي في الازدهار و التقدم و مع متطلبات المحيط الاقتصادي الجهوي والعالمي يمثل الركيزة الاساسية للسياسة التنموية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية للبلاد.
وينص الفصل الثاني على أنه :" تشرف الدولة على تعبئة كل الموارد و القدرات الوطنية في سبيل إرساء ديمقراطية اقتصادية و اجتماعية تمكن البلاد من الخروج من الازمة العميقة الحالية و تمكنها من النهوض التنموي الدؤوب لفائدة الشعب التونسي بمختلف طبقاته و فئاته.
و ينص الفصل الثالث أنه " ترسم الحكومة بالتشاور مع رئيس الدولة معالم السياسة رؤية تطلعية على المدى البعيد و مركزة على استراتيجية تضمن تحقيق أهدافها على مراحل و طبق تخطيط للسياسة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية تكون معززة بمخططات للإصلاحات المالية الجبائية و الديوانية و التشريعات التجارية و النقدية ، و تدون هذه السياسات بعد حوار معمق مع الأطراف الوطنية الفاعلة و مع مؤسسات المجتمع المدني المعنية فيما سيسمى رسميا " العقد الاجتماعي التونسي للتنمية الشاملة للفترة 20 … 20 ".
و ينص الفصل الرابع : " تقدم الحكومة هذا البرنامج التنموي و الإصلاحي بعد التشاور مع رئيس الدولة و موافقته الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي ثم الى مجلس النواب للتصويت عليه ، و يعتبر ذلك المخطط بمثابة " العقد الاجتماعي الوطني الملزم لكل السلط والهياكل الحكمية في البلاد ولكل الأطراف الفاعلة في مجال الاقتصاد الوطني".
ومنع مشروع الدستور حق الإضراب للقوات الحاملة للسلاح ، وفق ما جاء في الفصل 20 منه :" الحق النقابي و كذلك حرية العمل النقابي و اختيار المهنة و الحرية المهنية مضمونة في حدود القانون و لا ينطبق هذا الحق على الجيش الوطني … و ليس لقوات الامن الداخلي والديوانة الحق في الإضراب .
دستور جديد يسعى رئيس الجمهورية قيس سعيد لفرضه وسط معارضة شديدة من المنظمات و الاحزاب السياسية التي اقصيت من حوار الإعداد لهذا الدستور ، و يقول مناصرو الرئيس انه دستور توافقي في الوقت الذي لم يشارك فيه سوى من يدعم اجراءات يوم 25 جويلية 2021 .
ر.ع
تعليقك
Commentaires