alexametrics
فيديو

الجولة الحاسمة بين الاتحاد و الحكومة

مدّة القراءة : 4 دقيقة
الجولة الحاسمة بين الاتحاد و الحكومة
 
 
نفّذ الاتحاد العام التونسي للشغل منذ نشأته في 20 جانفي 1946 إلى اليوم إضرابات عامة، منها ما إتصل بالدفاع عن السيادة الوطنية إبان الاستعمار الفرنسي لتونس ومنها ما تعلق بالاحتجاج على أوضاع اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية في فترة ما بعد الاستقلال مرورا بثورة 14 جانفي 2011 و وصولا إلى الاضراب الذي تم تنفيذه اليوم الخميس 17 جانفي 2019 عقب فشل التفاوض مع الحكومة حول الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية.
 
تعيش البلاد منذ أشهر على وقع الأزمة القائمة بين اتحاد الشغل والحكومة حول المفاوضات الاجتماعية في الوظيفة العمومية والتي أدت إلى تنفيذ اضراب عام في الوظيفة العمومية لأول مرة في التاريخ يوم 22 نوفمبر الماضي. أزمة ألقت بظلالها على الشأن العام وتهدد بإرباك العمل الإداري حيث لم يقع التوصّل الى حلول بين الحكومة واتحاد الشغل حول الزيادة في أجور الوظيفة العمومية وهو ما أدى الى تنفيذ الاضراب العام في الوظيفة العمومية والقطاع العام اليوم.
 
انطلقت الازمة بعدما أعلنت ‏الحكومة أنها غير قادرة على تنفيذ الطلبات المالية للموظفين العموميين بحكم صعوبة وضعية المالية العمومية وضغوطات صندوق النقد الدولي التي تفرض التخفيض من كتلة نفقات الأجور في تونس، بينما يرى الاتحاد العام التونسي للشغل أن المقدرة الشرائية للموظفين العموميين العمود الفقري للطبقة الوسطى في تونس لم تعد قادرة على تحمل تجميد الاجور.
وفي ظل هذه الوضعية المعقّدة لم يبق أمام الحكومة غير حلّ التعبئة المالية الإضافية لتوفير مبالغ الزيادات في الأجور وتفادي التقلبات الاجتماعية التي قد تصل حدّ الاضراب العام الوطني في جميع القطاعات وحد تعدد الاضرابات في الإدارات باستمرار وايضا تفادي تراجع مردودية وانتاجية الموظفين وما يمكن أن يمثله ذلك من مخاطر على الاقتصاد وعلى صورة تونس في الخارج.
 
 
إضراب 17 جانفي 2019 هو المرحلة الختامية لمفاوضات ماراطونية بين الطرف الحكومي والمركزية النقابية و اختتمت بجلسة 5 زائد 5 لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة التي طالت أكثر مما يجب والتوصل إلى إلغاء الإضراب، لكنها لم تكلل بالنجاح في ظل تشبث الإتحاد العام التونسي للشغل بمواقفه والذي يعتبر أن التنازلات التي قامت بها الحكومة لا تفي بالغرض وغير جدية، رافضا الزيادة في شكل إعتماد جبائي و هي خصم حجم الزيادة من الضريبة التي تقتطعها الدولة من الأجر الخام و متمسكا بإدراجها ضمن عناصر التأجير و كذلك تم رفض اجال صرف الزيادة 
المقترحة من الحكومة عبر قسط اول ب 70 دينار يصرف بداية من ديسمبر 2018 و قسط ثاني ب110د يصرف بداية من جانفي 2020 و هو ما تم اعتباره مقترحا يستثني المتقاعدين كي لا تتأثر كتلة الأجور التي وضعها صندوق النقد الدولي .
 
 توقفت اليوم الدروس بكافة المدارس الابتدائية والاعدادية والمعاهد الثانوية والجامعات العمومية. وتوقفت عملية اسداء الخدمات الطبية في المستشفيات العمومية مع الالتزام فقط بتأمين الأقسام الاستعجالية وضمان الحد الادنى باقسام الايواء الطبي. 
كما توقفت كل خدمات النقل العمومي البري منها والبحري والجوي والحديدي بالاضافة الى فنيي الملاحة الجوية ومختلف العاملين في المطارات التابعين لديوان المطارات والموانئ الجوية. 
وأمنت مصالح الشركة الوطنية للكهرباء والغاز والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه حدا ادنى من الخدمات تتعلق بالخصوص باصلاح الاعطاب الطارئة.
و كلف هذا الاضراب الدولة  400 مليون دينار وفق وزير المالية السابق حسين الديماسي و 300 مليون دينار وفق الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، أما بالنسبة لحسن الزرقوني مدير مؤسسة سيغما كونساي لسبر الاراء، فقد اعتبر ان الاضراب كلف الدولة حوالي 90 مليون دينار و هو ما أيده الخبير الاقتصادي منذر خنفير،فيما قال عضو مجلس شورى حركة النهضة حاتم بولبيار، إن تكلفة الاضراب العام تتراوح بين 22 و45 مليون دينار، وهو رقم أقل بكثير من الحقيقة ومن توقعات الخبراء. 
 
لكن الاضراب كان مربحا من زاوية أخرى لأن ميزانية الدولة ستنتعش باقتطاع يوم عمل من أجور الموظفين في القطاع العام و الوظيفة العمومية بالاضافة الى توفير المواد الطاقية من كرهباء و غاز و وقود لن يتم استعمالها في الادارات المعنية بالاضراب و في أساطيل النقل الى غير ذلك، فالمتضرر الوحيد من عدم تغليب المصلحة الوطنية بين الطرفين هو المواطن البسيط .
 
يثير تصعيد الاتحاد العام التونسي للشغل، مزيدا من الانقسام بين فئات الشعب، إذ يرى البعض أنه يدافع عن حقوق طائفة كبيرة من التونسيين، خاصة الطبقة العاملة منهم، وأنه عبر تنفيذه للإضراب، يعطي إنذارا للحكومة كي تعجل بالبحث عن حلول، وتتخلى عن أسلوبها الذي يتجاهل الأزمة.
بينما يعتبر البعض أن الاتحاد يسعى عبر دعواته للإضراب إلى طرح نفسه كبديل سياسي و هو الداعي الى رحيل الحكومة برمتها خلال نقاشات وثيقة قرطاج الثانية، أمام إشادة الرئيس الباجي قايد السبسي بالاتحاد و دوره الريادي، إضافة إلى حزب نداء تونس الذي دعا عدة قيادات منه إلى إنجاح الإضراب، مما يطرح علامات استفهام كبيرة خاصة بعد تأكيد اغلب أعضاء المركزية النقابية أن الاتحاد لن يكون محايدا في انتخابات 2019.
 
لا توجد بوادر من الطرفين تحيل على انهاء الأزمة رغم تأكيد رئيس الحكومة على استئناف المفاوضات بعد الاضراب العام و اعتبار الاتحاد شريكا ،اذ تواصلت المشاحنات ساعات قبل الاضراب بعدما قرر يوسف الشاهد تسخير بعض الأعوان التابعين لبعض الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية للعمل يوم الاضراب مهددا بتتبع كل مخالف لهذا القرار و هو ما اعتبره الاتحاد بالغير قانوني داعيا منظوريه الى التمسك بالاضراب.
 
من جانبه أكد نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن الهيئة الإدارية الوطنية ستجتمع يوم السبت القادم و ستتخذ قرارات نضالية تصعيدية و من المتوقع أن يكون الاضراب العام الوطني في كل القطاعات من بين الخطوات التصعيدية التي ستقررها الهيئة الادراية و هو التصعيد الأقصى في السلم النقابي للمنظمة الشغيلة مما يحيلنا على الذهاب الى الجولة الحاسمة في مسلسل المواجهة بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل.
 
أحمد زرقي



تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter