alexametrics
فيروس كورونا

الحكومة تشكر الصحة و الأمن ثم تقتطع من أجورهم

مدّة القراءة : 4 دقيقة
الحكومة تشكر الصحة و الأمن ثم تقتطع من أجورهم


أثار قرار رئاسة الحكومة المتعلق باقتطاع أجرة يوم عمل لفائدة ميزانية الدولة، من الجراية الشهرية الخاصة بشهر أفريل لكل موظفي القاطع العمومي و الخاص موجة من الاستياء لدى بعض القطاعات الحساسة التي مثلت الجناح الأمامي للدولة خلال حربها ضد فيروس كورونا المستجد، وكانت تنتظر تكريما من الحكومة لجهودها، و لسنا نتحدث عن التكريم المادي، فأطباء تونس و ممرضوها و أمنيوها و عمال النظافة فيها لم يكونوا ينتظرون أكثر من الشكر و التقدير، و كان الرد الحكومي اقتطاع يوم عمل من أجورهم في إطار المساهمة في ميزانية الدولة.

 

رد فعل الأطباء بعد ان تم اقتطاع يوم من أجورهم كان قويا حيث أكد جاد الهنشيري رئيس منظمة أطباء شبان   خلال تدوينة نشرها أمس الأول الثلاثاء 21 أفريل 2020 أن الأطباء الشبان تم اقتطاع مبلغ تراوح بين 60 و 180 دينار من أجورهم حيث أعتبر أن ما أنفقه الأطباء من مالهم الخاص لتوفير أبسط ضروريات السلامة من قفازات و كمامات يتجاوز ما دفعته وزارة الصحة زيادة على أن الأطباء هم جنود الخطوط الأولى، حيث أكد أن عملية الاقتطاع لم تكن مستغربة من وزارة الصحة التي لم تدفع أجور الأطباء الشبان لشهرين السنة الماضية و دكر في نفس السياق بالظروف التي يعمل فيها الأطباء مثل تأخر خلاص أجور حصص الاستمرار و صعوبة الحصول على دفتر العلاج و فرض طبيبن في الاستمرار مع خلاص طبيب واحد و غيرها من المشاكل.

 

 و في تدوينة أخرى أكد الهيشري أن النقود التي تم جمعها لن يتم استغلالها في القطاع الصحي بل سيتم توجيهها الى عناوين أخرى كإنقاذ قطاع السياحة و إنقاذ الشركات و إنعاش الاقتصاد و سيتم صرفها و ضخها لمن مولهم و مول حملاتهم الاستعراضية مضيفا أن الأموال التي تم جمعها عن طريق صندوق 18 18 في عملية وصفها بأكبر عملية ابتزاز حيث يوهمون الناس بالتبرع للقطاع الصحي و تجهيز المستشفيات و شراء الكمامات الطبية و القفزات و الجال المطهر في حين يتم ضخ الأموال في جيوب السماسرة حيث أن أغلب المستشفيات وفرت وسائل الحماية و و الطعام  من أموال الاطباء و الممرضين و العملة و التقنيين و كافة منتسبي القطاع ومن مساهمات المجتمع المدني في حين أن المليارات التي جمعتها الحكومة لم يصل منها شيء للقطاع الطبي.

القطاع الطبي و الشبه الطبي و العملة و التقنيين و القوابل و الإداريون بقطاع الصحة أكدوا أنهم فعلا صمام الأمام خلال معركة تونس ضد الفيروس رغم ما اعتبروه تشفيا من الحكومة باقتطاع يوم من أجورهم.

 

وزير الصحة عبد اللطيف المكي أكد  إن الوزارة بصدد التفاوض مع وزارة الوظيفة العمومية بخصوص السبل الكفيلة لإعادة الأموال التي يتم اقتطاعها من أجور أعوان الصحة في إطار المساهمة في مجابهة فيروس كورونا، وذلك بعد تخطي هذه الأزمة الوبائية، و هو ما قابله الأطباء بموجة من السخرية و التهكم حيث اعتبروها تصريحات لامتصاص غضب القطاع بل أكد مجدي الجوادي أحد الأطباء الشبان في تدوينة أنه عند انتهاء هذه الجائحة سيكرم المسؤولون أصحاب المكاتب و السيارات الفاخرة و سيتم نسيان الأطباء و الممرضين و العملة  كأنهم لم يكونوا فعلا جنود الصف الأول بل قد يلقون عليهم باللوم في أشياء كان يفعلها هؤلاء المسؤولون و كان الأطباء  يقفون لهم بالمرصاد و لولا ذلك لسقطنا في الهاوية منذ مدة.

محمد الدوعاجي رئيس قسم إنعاش الولدان بالمستشفى العسكري استشهد خلال تدوينة نشرها أمس الأول الثلاثاء بحالة من الواقع المعاش للأطباء و الممرضين حيث أكد أن ممرضة بررت تأخرها في القدوم الى العمل بطول المسافة التي تقطعها للوصول من منزلها الى المستشفى و بارتفاع المبلغ الذي تدفعه يوميا للتنقل عبر التاكسي و عدم قدرتها على توفيره الشيء الذي يجبرها على انتظار الحافلة لأكثر من ساعتين ثم قطع مسافة طويلة سيرا على الأقدام و هو ما دفعه الى شكر رئيس الحكومة و وزير الوظيفة العمومية على  احترامهم لموظفي التمريض الذين لا يواصلون العمل وإنقاذ المرضى و بدلاً من مكافأتهم بأجرة يوم عمل يتم اقتطاعها من مرتباتهم .

 

و أضاف الدوعاجي أنه أيضا يشكر الحكومة على تفكيرهم في الأطباء المقيمين و الداخليين باقتطاع يوم من أجرتهم الشهرية قدرته الدولة بما يقارب 180 دينارا لليوم الواحد في حين تتراوح أجرتهم بين 800 دينار و 1200 دينار في حين يجب أن لا يتجاوز قيمة الاقتطاع 16 دينار للأطباء الداخليين و 32 دينار للأطباء المقيمين مؤكدا أن مواصلة الأطباء العمل في مثل هده الظروف جاءت إيمانا منهم بدورهم الإنساني و احتراما منهم لليمين التي أقسموها.

 

قطاع الصحة ليس المكون الوحيد رغم أنه الأهم نسبيا في حزام الأمان الأول للدولة في حربها ضد الفيروس، هناك أيضا القطاع البلدي و تحديدا عمال النظافة، رغم مشاكلهم المتعددة و مطالبهم المتكررة و احتجاجاتهم ضد الظروف التي يعملون فيها و خاصة غياب المرافق الأساسية كمستودعات بلدية يتوفر فيها الحد الأدنى من شروط الصحة و السلامة كدورات المياه و القفازات و أماكن لغسل الأيدي بعد إنهاء العمل.

و رغم التذمر من ضعف المرتبات و المطالب المتكررة بالزيادة فيها خاصة مع ما تعيشه البلاد من صعوبات في التحكم بالارتفاع المتواصل للأسعار و غلاء المعيشة فقد وجد عمال النظافة أنفسهم مطالبين بالتبرع بيوم عمل رغم أنهم فعلا يتبرعون بأكثر منه على ارض الواقع فهم عرضة للعدوى و عرضة للاصا بات المتعددة بالفيروس و بغيره من الأمراض من الأمراض المعدية جراء احتكاكهم المباشر و اليومي بالفضلات على مختلف أنواعها.

أيضا قطاع الأمن من القطاعات الحساسة التي تعمل في ظروف أقل ما يمكن القول عنها أنها صعبة لتطبيق الحجر الصحي العام و شهدناهم يدفعون ضريبة استهتار بعض المواطنين بالتعليمات و تعمدهم الخروج نهار و حتى ليلا مما زاد من متاعب الأمنيين و أجبرهم على الدخول في مواجهات لتفريق التجمعات و المسيرات الليلة دون الحديث عن غياب ابسط متطلبات السلامة.

 

كان من الممكن أن يكون قرار الاقتطاع مهما بل موجبا للاحترام لو تم إعفاء القطاعات المذكورة منه وكان يمكن أن نشكر الدولة على مجهودها في محاربة الفيروس لو تعاملت بنوع من الاعتراف بالجميل لجنودها و تكريمهم و عملت العقل و المنطق قبل تعميم إجراء الاقتطاع وقرنت بين القول العمل فقد كبر عند الله و عند عباده مقتا أن تقول الدولة ما لا تفعل، و كبر مقتا  أن تشكر الأطباء و تطلق عليهم لقب الجيش الأبيض و تشكر الأمنيين و تطلق عليهم لقب عين البلاد الساهرة و تشكر عمال النظافة و تطلق عليهم لقب رئة البلاد ثم تكافئهم باقتطاع يوم من أجورهم.

حسام بن احمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter