ما نعرفه، وما لا يمكننا نشرهُ عن قضية الـ 25 شخصية
هناك صراعات ظاهرة للعيان في رأس السلطة ; حرب شقوق حقيقية في قصر قرطاج، أدت إلى ملف قضائي مثير للريبة، حيث تم استدعاء شخصيات سياسية جيدة للمثول أمام قاضي التحقيق. تتصدر قضية الـ 25 شخصية عناوين الأخبار، لكن هناك فرصة جيدة أن تكون الهاء آخر أطلقته الحكومة لصرف الانتباه.
كانت قضية الـ 25 على ألسن الجميع منذ الأسبوع الماضي. الفُرجة مضمونة، لأن هناك شخصيات عامة بارزة تم استدعاؤها للمثول أمام القضاء بتهم قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.
نجد ضمن القائمة فاضل عبد الكافي وزير التعاون الدولي الأسبق والرئيس الحالي لافاق تونس، حكيم بن حمودة وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي الكبير في عدة هيئات دولية، مفدي مسدي المستشار السابق المسؤول عن الاتصال لثلاثة رؤساء حكومات ورئيس مجلس النواب، مايا قصوري ، محامية واعلاميّة مشهورة ، سوسن معالج ، الممثلة الشهيرة ، نادية عكاشة ، رئيسة ديوان رئيس الجمهورية السابقة ، شهرزاد عكاشة، ملاك بكاري، صحفيون والعديد من رجال الأعمال.
يتعلّق التحقيق بجرائم " تكوين وفاق بغاية الاعتداء على الأملاك والأشخاص والتآمر على أمن الدولة الداخلي، وربط اتصالات مع أعوان دولة أجنبية، الغرض منها الإضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية الدبلوماسية، والتدليس ومسك واستعمال مدلس وارتكاب فعل موحش في حق رئيس الدولة".
اتصلت بيزنس نيوز بعدة أشخاص تم التحقيق معهم في هذه القضية وتمكنت من جمع كل التفاصيل المتعلقة بهذا الملف، وكذلك المعلومات المتعلقة بالمشتبه بهم الآخرين.
لنبدأ من النهاية، من المحتمل جدا أن تنتهي القضية كغيرها، الى النسيان. من الممكن أن يتم اغلاقُ الملف نهائيا أو أسوأ، أن يُحكم بعدم سماع الدعوى. ستار من الدخان، يهدف إلى تشتيت نظر الجمهور عن المواضيع التي تهمهم، كالأزمة الاقتصادية والتضخم والنقص في المواد الغذائية وغيرها. ومن المرجح أيضا أنها حرب مُعسكرات في القصر الرئاسي، حيث لا يمكننا العثور على تفسير منطقي لسبب إدراج بعض الأشخاص في قائمة المشتبه بهم دون غيرهم في حين أن البعض الاخر قربهم من المشتبه به الرئيسي لا غُبار عليه.
يبقى الآن الإجابة على السؤال الرئيسي، ما الذي يمكننا الكشف عنه لكم من بين كل التفاصيل الهامة التي نعرفها عن قضية الـ 25؟
المناخ القضائيّ والإعلامي الحالي متوتّر للغاية . لقد مُنعت وسائل الإعلام من القيام بعملها في ظل الظروف العادية. إن إبلاغ قرائنا عن خصوصيات وعموميات قضية الـ25 شخصية سيكون "انتهاكًا لسرية التحقيقات" وسوف يعرضنا لمسائلة قانونية. لنذكر في هذا السياق أنّ صحيفتنا تحت تأثير تحقيق قضائي تعسفي أطلقته وزيرة العدل شخصيًا. لنذكر أيضا أنه تم الحكم على صحفيّ من إذاعة موزاييك، أمس الثلاثاء، 29 نوفمبر، بالسجن لمدة سنة بسبب تقرير صحفي، و فقد القضاة كل استقلالهم بعد حل المجلس الأعلى القضاء .
ما لا يمكننا نشره هو، الأسماء المتضمنة في القضية والتي استشهد بها المشتبه به الرئيسي دون الاستماع لها من قبل النيابة.
ولا يمكننا أن ننشر ردود الشخصيات التي تم الاستماع لها وما هي درجة 'مشاركتهم'. دعنا نقول فقط أن الأسباب مُضحكة للغاية.
وجدت إحدى الشخصيات التي تم استدعاؤها نفسها متورطة في هذه القضية لمجرد أنها تلقت رسالة هاتفية واحدة من المشتبه به الرئيسي. لم يكن هناك حتى رد على هذه الرسالة!
تورط شخص آخر في هذا الملف، لمجرد أنه كان على علاقة حميمة (أو رومانسية) مع المشتبه به الرئيسي. تم الاستشهاد بآخرين لأنهم التقوا بالمشتبه به الرئيسي في حفلة وتبادلوا معه محادثات عادية بعد ذلك.
من ناحية أخرى، غابت الشخصيات السياسية (بما في ذلك وزير حالي مقرب من قيس سعيد) التي تعمل بشكل مباشر مع المشتبه به الرئيسي و تربطها به اتصالات منتظمة ، عن قائمة الـ 25.
إن السيف المسلط على رقابنا بالمرسوم 54 ، والقانون المتعلق بانتهاك سرية التحقيقات وهامش الاجتهاد والمناورة الضيق المتروك للقضاة يمنعنا بالتالي من اخبار قرائنا بالتفاصيل الكاملة والمضحكة (نعدكم بذلك) عن هذه القضية.
ومع ذلك ، وبما أننا يجب أن نتحرك في الهامش الضيق جدا المتروك لنا، فلا يزال لدينا بعض التفاصيل التي يمكننا تقديمها دون انتهاك قوانين قتل حرية التعبير.
المتهم الرئيسي في القضية هو وليد بلطي، وهو عضو سابق في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والذي غادر قارب الرئيس السابق منصف المرزوقي في الوقت المناسب لركوب سفينة التيار الديمقراطي بقيادة محمد عبو ، ثم فيما بعد ، سفينة الرئيس الحالي قيس سعيد. رسميًا ، لم يكن موجودًا في أي وظيفة في الدولة ولم يظهر اسمه مطلقًا في التعيينات بالرائد الرسمي.
ومع ذلك ، فإن الرجل معروف بهوسه بالكذب. لكل من يقابله، يقدم نفسه كرجل قريب من الرئيس. في الحقيقة، كان مقربا من رئيسة الديوان السابقة نادية عكاشة، التي ذكر اسمها في قضية الـ 25.
من خلال هذا القرب الحقيقي أو الوهمي بالقصر، تمكن من التقرب من العديد من الشخصيات العامة الأخرى الذين وعدهم بخدمات مختلفة. هذا لا يعني أنه قدم لهم فعليا أي معروف. العديد من الشخصيات لم تقع في فخه ولم يتابعوا رسائله. كانت اجاباتهم مقتصرة على "الشكر" المهذب أو عدم الرد على الإطلاق.
أسس وليد بلطي شركة رهان رياضي مسجلة في السجل التجاري. من الناحية الفنية ، يعترف السجل الوطني للمؤسسات وادارة الضرائب بأنها شركة رهان رياضي بناءً على قانون حديث لسنة 2019.
هذا القانون الجديد يتناقض تماما مع قانون تونسي آخر يمنح الشركة العامة "بروموسبور" حق احتكار المراهنات الرياضية في البلاد.
بعد عدة أشهر من النشاط ، وبعد انقلاب 25 جويلية ، تغير الوضع بالنسبة لعشرات شركات الرهان الرياضي التي أُجبرت على الإغلاق. بما في ذلك شركة البلطي بالطبع.
مع قائمة معارف نافذة ومؤثرة تضم العديد من الشخصيات البارزة، يبذل البلطي كل ما في وسعه لتغيير التيار لصالحه والفوز بقضيته. ومن هنا، تبدأ قصة الصراعات في القصر... تتطلب سرية التحقيقات أن لا نذكر أن تفاصيل أخرى، يجب علينا مراقبة أنفسنا والحذر، واللجوء للصنصرة الذاتية. أهلاً بكم في دكتاتورية تونس ، قرّائنا الأعزّاء !
.
تعليقك
Commentaires