مرسوم المجلس الأعلى المؤقت للقضاء يُثير ردود أفعال القضاة والسياسيين
تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء ومهامه
قيس سعيد يختم مرسوما يتعلّق بإحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء يحلّ محلّ المجلس الذي كان قائما
ختم رئيس الجمهورية قيس سعيد مساء يوم السبت 12 فيفري 2022، مرسوم يتعلّق بإحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء يحلّ محلّ المجلس الذي كان قائما.
تمّ نشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي عدد 16 الصادر اليوم الأحد 13 فيفري 2022، وتكوّن هذا المرسوم من أربعة أبواب نصّت على تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء وعلى مهامه وطرق تعيّين أعضاء المجلس.
هذا المرسوم شكّل محلّ نقاش ورفض قاطع من قبل العديد من القضاة والسياسيين الذين ندّدوا بالتجاوزات التي جاءت في هذا المرسوم من خلال تدوينات تمّ نشرها على موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك.
القاضية بمحكمة المحاسبات عائشة بن بلحسن، وصفت هذا المرسوم بالكارثي وتطرّقت في تدوينة لها إلى '' عينات أولية من كوارث مرسوم المجلس الأعلى للقضاء المؤقت'' وهم تسع، وأشارت إلى أنّ '' حل المجلس القديم المنتخب المشكل طبق الدستور والغير قابل للحل قانونا...وذلك من قبل رئيس الجمهورية خارج اختصاصه.
كما ذكرت أنّ هذا المرسوم نزع الشرعية الانتخابية وتمثيلية القضاة والمهن القضائية عن أعضاء المجلس: كل مجلس متكون من 7 أعضاء من القضاة وهم غير منتخبين
'' العدلي: 4 قضاة بالصفة + 3 قضاة متقاعدين يعينهم الرئيس من الترشحات أو من خارجها''.
وأضافت أنّ هذا المرسوم في فصله 9 '' يحجر على القضاة من مختلف الأصناف الإضراب وكلّ عمل جماعي منظم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم'' خالف الفصل 36 من الدستور الذي يقر الحق النقابي بما في ذلك الإضراب للجميع عدا الجيش والأمن والديوانة.
كما كشفت القاضية أنّ إعطاء الرئيس حق طلب إعفاء أي قاض من قبل المجلس المؤقت بناء على تقرير وزير العدل أو رئيس الحكومة، وعلى المجلس الاستجابة في ظرف شهر وإن لم يفعل يتعهد الوزير بالبحث ثم يتولى الرئيس اتخاذ قرار الإعفاء، فيه مخالفة صريحة للفصل 107 من الدستور الذي يمنع إعفاء القضاة إلا من المجلس الأعلى للقضاء وفي الحالات وطبق الضمانات القانونية.
الأستاذ المحامي حمادي مرزوق أكّد في تدوينة له أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيد حاضر بقوة وبدرجة أولى في تركيبة هذا المجلس المؤقت ودوّن قائلا '' لم يتضمن مرسوم المجلس الأعلى للقضاء المؤقت أن رئيس الجمهورية يترأس المجلس لكن بالاطلاع على المرسوم المذكور يتبين أن رئيس الدولة شديد الحضور قبل وبعد وأثناء أعمال المجلس.. أول ملاحظة تم ذكر رئيس الدولة على الأقل 14 مرة في المرسوم ''.
وأشار أنّ قيس سعيد تولى إسناد العديد من الصلاحيات المباشرة لنفسه على غرار تعيين الأعضاء من غير القضاة ولو ممن لم يترشح لذلك ، التوصل بتقرير المجلس مرة كل 3 أشهر ، طلب مراجعة التعيينات، طلب إجراء حركة جزئية ، طلب النظر في مطالب التظلم ، إمضاء الحركة القضائية، الاعتراض على التسمية في الحركة القضائية …
النائب بالتيار الديمقراطي نبيل حجي انتقد هذا المرسوم وندّد بالصمت الذي خيّم على القضاة الذين لم يتصدّوا لحلّ المجلس الأعلى للقضاء. ودوّن حجي في حسابه على الفيسبوك اليوم الأحد قائلا ''الحمد لله، اليوم أصبح القضاء مستقلا جدا. مجلس أعلى للقضاء يعين نصفه رئيس الجمهورية، شخص واحد عندو سلطة تنفيذية + سلطة تشريعية + سلطة قضائية، أما راهو موش استبداد هو تصحيح مسار. و قالو اش فرعنك يا فرعون، قالو ما لقيتش شكون يردني''.
بدوره ، النائب الراديكالي سيف الدين مخلوف ، نشر على صفحته الرسمية بالفيسبوك المرسوم المتعلق بالمجلس المؤقت للقضاء مشيرا إلى التجاوزات التي تضمّنته ودوّن ''المجلس الأعلى " لتزقفين " القضاء ''.
وانتقد مخلوف عدّة نقاط في هذا المرسوم على غرار الفصل 9 من هذا المرسوم المتعلق بتحجير الإضراب على القضاة، كما انتقد الفصل 20 أيضا والمتعلق بالحق لرئيس الدولة في طلب إعفاء كل قاض يخلّ بواجباته المهنية بناء على تقرير معلّل من رئيس الحكومة أو وزير العدل.
النائبة السابقة عن نداء تونس في البرلمان صابرين قوبنطيني في تدوينة لها على حسابها بالفيسبوك اليوم الأحد ، انتقدت الفصل 20 من هذا المرسوم ، الذي ينصّ في فقرته الأولى على أنّه لرئيس الجمهورية الحق في طلب إعفاء كل قاض يخلّ بواجباته المهنية بناء على تقرير معلّل من رئيس الحكومة أو وزير العدل. وأشارت أنّ هذا الفصل يُهدد القضاة موضحة أنّ أنصار الرئيس قيس سعيد بمجرّد تشويههم لأحد القضاة على الفيسبوك فإنّ ذلك يساهم في إيقافهم عن العمل.
النائب المستقيل من حركة النهضة الإسلامية سمير ديلو انتقد هذا المرسوم الذي جمع فيه قيس سعيد كلّ سلط بيده وصرّح للديوان أف أم اليوم الأحد قائلا ''بهذا المرسوم الرئاسي لم يعد بإمكاننا الحديث عن قضاء مستقل أو قضاء وظيفة ، الرئيس أصبح يُعيّن ويعزل القضاة ، يُعيّن بشكل مباشر وبشكل غير مباشر وبعد أن وضع يده على السلطة التشريعية وعلى كامل السلطة التنفيذية، الآن وضع يده بشكل كامل على السلطة القضائية ".
الصحفي زياد الهاني توجّه برسالة إلى القاضي منصف الكشو الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وعنوانها '' ارفضْ الخيانة المعروضة عليك ولا تلطخ اسمك بعار يلاحقه أبد الدهر''.
زياد الهاني دعا الكشو بصفته وفقا لهذا المرسوم سيُصبح هو رئيسا للمجلس المؤقت للقضاء، وتوجّه له قائلا ''ارفض قبول منصب الخيانة المعروض عليك'' وبيّن الهاني أنّه برفض الكشو لهذا المنصب سيتمّ إفشال '' محاولة السطو الخبيث على السلطة القضائية وتجنب القضاء والمتقاضين أزمة كبرى''.
وكان الفصل 7 من هذا المرسوم قد نصّ على ما يلي '' يترأس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وله نائبان أولهما الرئيس الأول للمحكمة الإدارية وثانيهما رئيس محكمة المحاسبات''.
لنذكّر أنّه قد تمّت تسمية منصف الكشو في خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، وتمّ نشرها بالرائد الرسمي في عدده الصادر يوم الثلاثاء 26 أكتوبر 2021، وذلك بمقتضى أمر رئاسي عدد 155 لسنة 2021 مؤرخ في 22 أكتوبر 2021. و يخلف الكشو ، الطيب راشد الرئيس الأول السابق لمحكمة التعقيب ، والذي تم إيقافه عن العمل يوم 20 أوت 2021 بقرار من مجلس التأديب الخاص بالمجلس الاعلى للقضاء العدلي والذي قرر اثر ذلك تمرير ملفه الى النيابة العمومية عملا بأحكام الفصل 63 فقرة ثانية من قانون المجلس الأعلى للقضاء.
ي.ر
تعليقك
Commentaires