انضمت كلّ من بنزرت وجندوبة والقصرين في الاربع عشرين ساعة الأخيرة الى قائمة الولايات التي تشهد حجرا شاملا، ليصل العدد الجملي الى 13 ولاية، أي أن اكثر من نصف البلاد مغلق والنصف الاخر يشهد حجرا موجها.

الا أنّ الأسواق منتصبة والمساحات التجارية الكبرى ممتلئة، والشواطئ لا تخلو من المصطافين، والنزل لا تخلو من السياح، والشواطئ "الخاصة" تنظم حفلات وتجمعات بلا رقيب لأن لها 'رخصا'، الحياة تستمر، والعرسان يستقبلون الضيوف، والبلديات تنظم عقود القران، والناجحون في البكالوريا يحتفلون في الحانات والملاهي التابعة للنزل والتي لم تغلق لساعة واحدة، ودور الضيافة تنشر صور حفلاتها الخاصة وزوّارها المستمعين بصيفهم على حافّة المسابح، المطاعم السياحيّة تستقبل المغنين والفرق الموسيقيّة، واتحاد الشغل ينظّم "مؤتمرا" في خضم أكبر موجة وبائية عرفتها البلاد...

وضع مأساويّ تماما، لا يكاد يخلو كلّ منزل من مصاب بالفيروس اللعين. تحتل تونس المرتبة الخامسة عالميا في عدد الوفيات والاصابات لكل مليون ساكن، وتحتل المرتبة الأولى افريقيا. الوضع الوبائي في ولاية تونس خطير حيث يتم تسجيل 400 إصابة جديدة من جملة 1200 تحليل و12 وفاة جراء فيروس كورونا بصفة يومية. بلغت نسبة استيعاب أسرة الإنعاش 100 بالمائة وأن نسبة امتلاء أسرة الاكسجين بلغت 85 بالمائة.
وبعد اعلان ولاية تونس الحجر الشامل نهايات الأسبوع، من المنتظر أن تخطو ولايات تونس الكبرى على ذات المنوال لأن القرار لن يكون مُجديا الا اذا تم توحيده نظرا للقرب الجغرافي بين الولايات وامكانية مغادرة ولاية لى أخرى ونشر العدوى خارجها. الوضع الوبائي في أريانة وبن عروس دقيق جدا بينما يعد خطيرا في ولاية منوبة التي تهد أغلب معتمدياتها اغلاقا كليّا.

تشهد ولاية القيروان بوادر انفراج حسب الجهوي للصحة محمد رويس الذي أكد أن الوضع الوبائي في القيروان يشهد شبه استقرار، وسط تسجيل منحى تراجعي للاصابات متابعا أن الحالات الايجابية تراجعت بنحو 30 بالمائة كما ان حالات الوفاة تراجعت، اذ سجلت الولاية صفر حالة وفاة بكورونا في الليلة الفاصلة بين الأحد والاثنين 5 جويلية 2021.
بالنسبة للولايات ذات نسبة الاختطار المرتفعة، قرر والي القصرين، عادل المبروك، إستعمال القوة العامة، واللجوء إلى وحدات الجيش الوطني لفرض تراتيب الحجر الصحي الشامل بسبب تأزم الوضع الوبائي في عدد من المعتمديات و تجاوز معدل انتشار العدوى بهم الـ400 إصابة على كل مائة ألف ساكن، وتسجيل 657 إصابة لكل مائة ألف ساكن خلال الأسبوعين الفارطين.

في ولاية باجة ، 14 حالة وفاة بالفيروس في الـ48 ساعة الأخيرة و 201 إصابة جديدة بفيروس كورونا بتاريخ 05 جويلية من بين 611 تحليل تم اجراؤه أي بنسبة 32.89 بالمائة. وبلغ عدد حالات الإيواء بالمؤسسات الصحية العمومية والخاصة 186 حالة، فيما بلغت نسبة استغلال أسرة الإنعاش 120 بالمائة بالقطاع العام و93 بالمائة بالقطاع الخاص، ونسبة استغلال أسرة الاوكسيجين 85 بالمائة بالقطاع العام و118 بالمائة بالقطاع الخاص.

ولئن كانت سوسة ولاية نمودجية في مدى احترام الحججر الصحي الشامل والحرص على تطبيق القانون، سجلت الولاية خلال الـ24 ساعة الأخيرة 6 حالات وفاة و558 إصابة جديدة بفيروس كورونا ولا تزال عدد حالات الإيواء بالأقسام الاستشفائية العمومية والخاصة المعنية باستقبال مرضى الكوفيد في تصاعد مستمر بعد ان ارتفع العدد الى 311 حالة إيواء ويتوزع عدد مرضى الكوفيد المقيمين بالمستشفيات الى 226 شخصا بأسرة الاكسيجين، و63 شخصا في حالة انعاش و22 حالة تحت التنفس الاصطناعي.

رئيس الجمهورية قيس سعيد لا يكاد يُطلّ للتعليق على مستجدات الحالة الصحية الا وفي يده قرارات لا قيمة حقيقة لها، ومعلومات نصفها عام وغير دقيق والثاني خاطئ تماما.

رئيس الدولة الذي مازال رافضا لتلقي التلقيح أكد أنّ عديد الإجراءات التي تم اتخاذها لمجابهة وباء كورونا لم تكن لها الآثار المطلوبة، معلقا "لا يمكن أن نواصل هكذا والأرقام تتضاعف وصيحات الفزع من ولاية الى أخرى نتيجة لانعدام الوسائل المادية واللقاح". ورغم أنّ الإجتماع الذي دعا له الرئيس وحضره كلّ من رئيس الحكومة هشام مشيشي ووزراء الدفاع الوطني والشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والصحة والشؤون المحلية ومحافظ البنك المركزي وإطارات عسكرية وأمنية عليا ومدير معهد باستور، الرئيس إستمرّ لساعات طويلة الا أنّه لم تكن الاجراءات التي تلتهُ جديرة بالاهتمام...

واستغل الرئيس هذا الاجتماع للتذكير بمواقفه السياسية والقاء المسؤولية واللوم على الاحزاب والحكومة، حتّى أنه ألقى اللوم على اللجنة العلمية ال مساء معلقا إن بعض الإجراءات التي تُعلن عنها الهيئات العلمية غير علمية وأنه يوج عدة خروقات قانونية تم ارتكابها عند الإعلان عن الإجراءات الحكومية، وأنّ تفشي فيروس كورونا والذي كان نتيجة لعدد من الاختيارات السياسية التي يقف وراءها لوبيات. اثر هذا ''الاجتماع الحاسم'' المتزامن مع دعوة حركة النهضة لتشكيل حكومة سياسية مما يحيل الى تخليها المحتمل عن هشام مشيشي سارع هذا الاخير الى تنظيم مجلس وزاري مضيق أقرّ مجموعة من الاجراءات العاجلة لمافحة كورونا أهمها اقتناء ألف مكثف اوكسيجين ورصد 300 مليون دينار لتمويل القطاع الصحي العمومي والتوقيع على صفقة اقتناء تلقيح Jhonson&jhonson الامريكي ذي الجرعة الواحدة (3 ملايين و581 الف جرعة).

ولا تتشابه هذه القرارات مع مادعا له رئيس الجمهورية الذي قرر تقسيم البلاد إلى أقاليم يضم كل إقليم ولايتين أو أكثر حسب حدوث حالات العدوى لكل 100 ألف ساكن في 14 يوما الفارطة مع الشروع في تركيز فرق عمل ميدانية في الأقاليم ذات الأولوية من حيث انتشار العدوى لتتولى عمليات التلقيح، ودعوة الإطارات الطبية وشبه الطبية، بما في ذلك الاختصاصات البيوطبية التي تخرجت في السنوات الثلاث الأخيرة، للقيام بالخدمة الوطنية.

كما قرر سعيد، الذي يصر على أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة إحداث فرق عمل متكونة من القوات المسلحة العسكرية والأمنية والإطارات الصحية تكون تحت قيادة موحدة بإشراف المدير العام للصحة العسكرية لتكثيف عمليات التلقيح حسب توصيات اللجنة العلمية للتلاقيح.

تخلو ادارة الأزمة الصحية حاليا من أيّ منطق وطني مسؤول من قبل الرئاسات التي تتخذ القرارات لمجرد اتخاذها أو لتسجيل مزايدات حول من يمتلك السلطة الحقيقية، دون ايلاء أيّ أهمية للاراء العلمية والطبية ذات الصبغة الاستشارية الضعيفة التي تقدّم الحلول وتُرفض مرارا وتكرارا لأنها "ذات كلفة اقتصادية مرتفعة".

 في اخر تحيين تمّ تسجيل 3530 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا  ليبلغ العدد الجملي للحالات المسجلة منذ شهر فيفري 2020 وإلى حدود يوم أمس 474161 حالة إصابة و بلغت نسبة التحاليل الإيجابية اليومية 31  فاصل 46  بالمائة. كما تمّ تسجيل 105 حالة وفاة جديدة يوم أمس الأحد ليرتفع العدد الجملي لحالات الوفاة منذ  شهر فيفري 2020 إلى 15482   حالة وفاة وبلغ عدد المتعافين 364538.

مقالاتنا حول كوفيد 19 على هذا الرابط.