محكمة التعقيب: فقدان العذرية ليس مبررا للطلاق
تقدّم زوج بشكاية ضدّ زوجته بعدما تبيّن له أنه فاقدة للعذرية وطلب على أساس ذلك الطلاق للضرر، وهو ما ذهبت اليه محكمة الدرجة الأولى ومحكمة الاستئناف، التي اعتبرت أنّ فقدان المعقبة لعذريتها قبل الزواج يعدّ إخلالا بواجب المصارحة.
محكمة التعقيب، وهي الدجة الأعلى، وأحكامها تدخل باب فقه القضاء كان لها رأي آخر، اعتبره أهل الاختصاص تقدّميا وثوريا.
اذ أصدرت قرارا تعقيبي تحت عدد 46537 ورد بتقرير محكمة التعقيب، اعتبرت بأن الضرر المؤسس لطلب الطلاق لابد أن يكون ناتجا عن إخلال بالواجبات الزوجية أي أن يكون ناتجا عن خطاأ ينسب للزوج أو للزوجة اللذين لا يكتسبان تلك الصفة إلا بعد إبرام عقد الزواج.
وبناء على ذلك فإن عذرية الزوجة لا بدأن تكون موثقة كشرط قبل إتمام الزواج وفقا لأحكام الفصل 11من مجلة الأحوال الشخصية حتى تُشكّل في صورة فقدانها ضررا يتيح الطلاق، وفيما عدا ذلك فانه لا يمكن اعتبارها من قبيل السلوك المخطئ الذي طرأ بعد الزواج والذي قد تحاسب عليه الزوجة لان العبرة هي بسلوك القرين نحو قرينة منذ تاريخ الزواج وليس قبله.
ورأت محكمة التعقيب أيضا أن تبرير محكمة الاستئناف لفقدان الزوجة لعذريتها قبل الزواج على أنه إخلال بواجب المصارحة فهو تبرير لا يمكن أن ينطبق على وقائع القضيّة لتعلق الأمر بـمسألة تختلف باختلاف البيئة والوسط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وهي من الأمور النسبية المتصلة بـحياة البشر، إذ أن ما يراه طرف على أنّه إخلال وإخفاء لأمر خطير قد يعتبره الطرف الآخر أمرا غير أهمية، لذلك يمكن القول إنه كلما تعلقت الـمسألة بـحياة البشر فإنها تكون نسبية وذلك على خلاف إخفاء حقيقة مرض معدي على القرين أو مرض يـحول دون الاتصال الـجنسي أو عيب من شأنه أن يؤثر على رضا القرين لو علم به والتي تكون الـمصارحة واجبة بخصوصه.
ورأت محكمة التعقيب أنّ السلوك السابق للزواج لا يمكن أن يمثل أي خرق لواجبات الزوجية التي تنطلق من إبرام عقد الزواج لا قبله وهو ما لا يـجيز قانونا الحديث عن إمكانية الطلاق للضرر إلا في صورة توفر سلوك مـخطئ طرأ بعد الزواج.
وقرّرت محكمة التعقيب أنه تأسيسا على ما سبق فإن اعتبار محكمة الحكم المطعون فيه فقدان العذرية ضررا يؤسس للحكم بالطلاق على معنى الفقرة 2 من الفصل 31مــــــن مجلة الأحوال الشخصية يعد مخالفا للقانون طالما أن ما نسب للزوجة لم يكن مرده أفعالا لعقد الزواج الذي لا ينتج آثاره إلا من تاريخ إبرامه.
واعتبرت محكمة التعقيب أنّ الحكم المطعون فيه قد حاد عن ذلك وأنه بَنَى قضاءه على استنتاجات ذاتية لا ترتقي إلى مستوى التعليل القانوني لذلك قرّرت نقضه.
تعليقك
Commentaires