alexametrics
فيروس كورونا

في ظل انتشار الاشاعات حول قرارات الحكومة: ما الصواب و ما الخطأ

مدّة القراءة : 4 دقيقة
في ظل انتشار الاشاعات حول قرارات الحكومة: ما الصواب و ما الخطأ

 

أكد وزير الصحة عبد اللطيف المكي خلال تصريح اعلامي تم بثه خلال نشرة أخبار الثامنة  على التلفزة الوطنية أمس الأحد 12 أفريل 2020،ان الضغط على الحكومة لرفع الحظر الصحي العام قد يجعل تونس تخسر ما ربحته خلال الأسابيع الماضية، مؤكدا أن الجهة الوحيدة المخولة بإصدار قرار الرفع هي رئاسة الحكومة بعد الاستئناس برأي الأطباء و الخبراء. و أكد المكي أيضا أن احتمال التمديد في الحظر الصحي الشامل يبقى واردا، و هو ما زاد في مخاوف خبراء الاقتصاد من تفاقم التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا.

 

هذه المخاوف تزامنت مع تصريح الخبير الاقتصادي و وزير المالية السابق حكيم بن حمودة الذي دون على حسابه الرسمي توقعه بتراجع الاقتصاد التونسي ليحقق نسبة نمو سلبية و تراجع ب3.8 خلال سنة 2020، وهو انكماش لم تشهده تونس منذ الاستقلال و هو ما يحتم صياغة برنامج اقتصادي شجاع و جريء، و تزامنت أيضا مع توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد التونسي بنسبة 4.3٪ في 2020 نتيجة فيروس كوفيد 19 مؤكدا أنه سيكون أخطر ركود منذ استقلال البلاد عام 1956.

كل هذه المعطيات جعلت من الطبيعي أن تتزايد الإشاعات و تتداخل مع المعطيات الصحيحة حول بعض السيناريوهات التي يمكن أن تتخذها الدولة في إطار سياسة التقشف و الضغط على المصاريف خاصة بعد تصريح غازي الشواشي وزير أملاك الدولة أن الحكومة التونسية بعد أن يتم نشر قانون التفويض بالرائد الرسمي ستتخذ إجراءات موجعة لكن ضرورية.

 

طارق الشريف رئيس كونفدرالية المؤسسات المواطنة كونكت عبر عن استنكاره من وجود قرابة 800 ألف موظّف في الإدارة التونسيّة ملازمين لمنازلهم بسبب الحجر الصحّي وفي الإثناء يتمتّعون بأجورهم كاملة معتبرا ان هذا أمر غير عادي.

 

موقف طارق الشريف فتح الباب أمام  البعض للحديث عن موقف لتقليص في أجور الموظفين العموميين الذين يباشرون أعمالهم من المنزل ، وهو ما نفاه وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد حيث أكد في حوار مع برنامج يوم سعيد  أنّه من غير الممكن التخفيض في أجور الموظفين الآن لأنّهم يشتغلون من المنزل، قائلا أن الدولة هي من فرضت عليهم مباشرة العمل من المنزل لسلامتهم ولهذا السبب لا داعي لاتخاذ مثل هذا الإجراء من الناحية القانونية.
أما بخصوص مسألة سحب الإمتيازات، أكد عبو خلال تدخله مع الياس الغربي في برنامج ميدي شو اليوم الاثنين، أن رئيس الحكومة قرر التقليص من وصولات البنزين لغير المباشرين لعملهم خلال هذه الفترة، وكذلك الأمر بالنسبة لوصولات الأكل حيث سيصدر اليوم منشور سيعمّم لكل الإدارات بعدم توزيع وصولات الأكل لموظفيها لأنهم غير مباشرين لعملهم  إلى جانب إغلاق المطاعم.

وتابع عبّو حيث اعتبر أن أي امتياز له غاية وان انتفت الغاية فلا فائدة منه مضيفا أن الحكومة ستعتمد التدرّج في القرارات بما يتماشى والوضع الراهن لأنّ تقاسم الأعباء يجب أن يكون على الجميع و تونس  في بداية الازمة ولا احد يعرف إلى متى ستتواصل لهذا سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب.

 

الاتحاد العام التونسي للشغل أكد من خلال تصريح أمينه العام المساعد، سامي الطاهري، إن إسناد وصولات الأكل لأعوان الوظيفة العمومية يخضع إلى اتفاقيات بين الطرف الإداري والنقابي ولا يمكن إلغاؤها بأمر حكومي خلافا لوصولات البنزين التي يمكن إيقافها بأمر دون التشاور مع الطرف النقابي. و أضاف الطاهري وفق ما أكدته الصفحة الرسمية للاتحاد العام التونسي للشغل  ان الطرف النقابي معني بالتشاور مع الحكومة بشان أي قرار يهم وصولات الأكل التي يتم إسنادها لفائدة الأعوان العموميين تطبيقا لاتفاقيات مبرمة بين النقابات وإدارات المنشآت والمؤسسات العمومية مركزيا وقطاعيا.

وأكد الطاهري، أن الاتحاد سيتحادث مع وزير الدولة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد محمد عبو للاستيضاح حول القرار المتعلق بإصدار نص قانوني ينص على إيقاف إسناد وصولات الأكل للموظفين خلال فترة الحجر الصحي.

وأشار الى أن المنظمة الشغيلة ستطلب توضيحات بشأن تبعات القرار وما إذا كان يمكن تعديل تطبيقه لأن الظرف الحالي لا يسمح بإيقاف إسناد وصولات الأكل في ظل تقهقر المقدرة الشرائية لعموم الأجراء بالوظيفة العمومية والقطاع العام.

 

في نفس سياق عدم خلاص الأجور أجرى اتحاد الأعراف الأسبوع الماضي استطلاعا، مع اتحاد الفنادق التونسي والمعهد العربي لرؤساء المؤسسات واتحاد شركات التأمين ومركز القيادات الشابة وغرف نقابية أخرى حيث تم سبر آراء 213 من المسؤولين عن مؤسسات تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية و خلص الى أن 7 بالمائة من العينة لم يتمكنوا من إيفاء جميع الأجور لشهر مارس و 22.5  بالمائة منهم  دفعوا رواتب شهر مارس ولكن لا يمكن لميزانيتهم أن تتجاوزه، أي أن 29.5 بالمائة من الشركات المستجوبة لا تستطيع دفع رواتب موظفيها في نهاية هذا الشهر. 

من ناحية أخرى ستكون 33.8 بالمائة  من المؤسسات قادرة على الدفع لشهر أفريل، و 18.8 بالمائة ستكون قادرة على الدفع لشهر ماي و 17.8 بالمائة من الشركات التي شملتها الدراسة لديها القدرة على تجاوز شهر ماي.

وترى 15 بالمائة من العينة أن وباء كوفيد – 19 سيكون له انعكاسات لكنها محدودة وأن النسيج الاقتصادي سينتعش بعد الأزمة في حين يعتبر13.1 بالمائة من المستجوبين ان النسيج الاقتصادي سيواجه نسبة كبيرة من فقدان الشركات.

 

من العادي جدا أن الطبيعة تأبى الفراغ، و أن غياب المعطيات الرسمية يفتح المجال أمام الإشاعات و أمام التأويلات المتعددة و هو ما يحتم على الحكومة مزيد الوضوح في التعامل مع ما يخص فيروس كوفيد و تبعاته و قطع المجال أمام من يبحث عن المياه العكرة ليصطاد فيها خاصة أمام تباين بعض التصريحات الوزارية فحين يتحدث وزير الصحة عن ضغط على الحكومة لإنهاء الحظر الصحي الشامل من الطبيعي أن يفتح الباب أمام التأويل و استنباط سيناريوهات قد تكون بعيدة عن الواقع لكن المواطن قد يتفاعل معها و يصدقها فقط لأنه لم يجد المعلومة الصحية من الحكومة الوحيدة المخول لها الفصل في جدل إنهاء الحظر الصحي من عدمه.

ومن المنتظر أن يصدر رئيس الحكومة اليوم مجموعة المراسيم التي سيتم نشرها بعد نشر التفويض في الرائد الرسمي وهو ما قد يحسم الأمر بخصوص تكذيب بعض الإشاعات التي تم تداولها في هذا الخصوص.

 كل مقالاتنا عن فيروس كورونا على هذا الرابط.

حسام بن احمد

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter