alexametrics
فيروس كورونا

هل الإجراءات الجديدة التي اتّخذتها الحكومة كافية لمواجهة تفشي فيروس كورونا؟

مدّة القراءة : 9 دقيقة
هل الإجراءات الجديدة التي اتّخذتها الحكومة كافية لمواجهة تفشي فيروس كورونا؟


بعد أن سجّلت تونس 20 إصابة مؤكّدة بفيروس كورونا المستجدّ، بطلب من وزير الصحّة عبد اللطيف المكّي، أصدر رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ  أمرا حكوميا جديد بتاريخ 13 مارس 2020، بموجبه تمّ إضافة "فيروس كورونا " الى لائحة الأمراض السارية،  ووفق القانون عدد قانون عدد 71 لسنة 1992  المتعلق بالأمراض السارية، فإنّ كل مخالفة للتحجيرات الصحية والتدابير الوقائية والمراقبة تعرض مرتكبيها الى خطايا مالية وعقوبات سجنية.


تعيش تونس اليوم في حالة تشنّج وقلق وخوف من تفشي فيروس كورونا، خاصّة بعد تسجيل عدد كبير من عدم الإلتزام بقرارات رئاسة الحكومة ووزارة الصحّة المتعلّقة بإغلاق المقاهي والمطاعم والملاهي على الساعة الرابعة مساء وأيضا تعمّد المواطنين التواجد في أماكن مكتضّة وعدم إستعمالهم للوسائل الوقائيّة على غرار الجيل المعقّم والكمامات. بالإضافة إلى عدم إلتزام البعض الآخر بالحجر الصحّي الذي له دور كبير في نشر العدوى وتفشي الفيروس ونشير إلى أنّ والي بنزرت محمد قويدر  أفادنا مصالح الولاية تقدمت بقضية عدلية لوكالة الجمهورية ببنزرت في حق أربعة مواطنين من رأس الجبل لم يمتثلوا للحجر الصحي رغم التنبيه عليهم من طرف السلط المحلية بالمنطقة.


فيروس كورونا كما صنّفته منظّمة الصحّة العالميّة هو ''وباء عالمي'' وسريع الإنتشار، وأصبحت تونس في الدرجة الثالثة من تفشّي هذا الفيروس بعد أن سجّلت حالات قادمة من دول أجنبيّة على غرار إيطاليا وفرنسا وحالات عدوى محليّة. نادى أغلبيّة المواطنين السلطات إلى أن تقوم بغلق المنافذ الحدودية برا وبحرا وجوا وهذا أمر ضروري لإحتواء الفيروس والسيطرة عليه، ووفقا لمدير عام الطيران المدني الحبيب المكي، فإنّ تونس قادرة على إغلاق مجالها الجوي تماما في ظرف 12 ساعة إذا استلزم الأمر. الوضع أصبح قابل للتفاقم ودرجة الخطر لا يُمكن التكهّن بحدّتها ولكنها موجودة أمام ضعف إمكانيات وزارة الصحّة في إستيعاب المصابين إذا فات عددهم 200 حالة، لذلك تمّ بعث صندوق لمقاومة فيروس كورونا ووضعت  وزارة المالية  على ذمّة المواطنين والمؤسسات الراغبين في التبرع حسابا بريديا برقم 1818 أو ارسال رسالة قصيرة على الرقم 1818 ويمكن إيداع التبرع بمختلف مكاتب البريد على كافة تراب الجمهورية، وستخصّص موارد هذا الصندوق لدعم جهود الدولة في التوقي من انتشار هذا الوباء  والحد من تداعياته على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والصحي.


 شكري بن حمودة مدير الصحة العامة بوزارة الصحة لم ينفي خطورة الوضع في تصريحه اليوم لموزاييك أف أم، وبيّن أنّ فيروس كورونا سيستمرّ لمدّة طويلة ولن يتمّ القضاء عليه في تونس إلاّ إذا تمّت السيطرة عليه في الدول الأوروبيّة على غرار فرنسا وإيطاليا. بن حمودة أشار أنّ فيروس كورونا سيُخلّف أضرار في تونس ولكنّه أوضح أنّ طريقة التعامل مع الإجراءات المتّخذة لمقاومة هذا الفيروس تساعد على الخروج بأقلّ الأضرار. وزير الصحّة عبد اللطيف المكّي بدوره بيّن أنّ مقاومة هذا الفيروس ليس من دور وزارة الصحّة والحكومة فقط بل إنّ للمجتمع المدني دور هام وذلك بتطبيقهم إجراءات الوقاية ورفقهم ببعضهم البعض وأشار المكّي في رسم بياني أنّ تونس قادرة على التغلّب على كورونا بأقل أضرار ودون تسجيل تفاقم عددي كبير في المصابين إذا إلتزم الشعب بكلّ التوصيات والتدابير وخاصّة تطبيق الحجر الصحّي الذاتي. أمام هذا الوضع الصعب، أصبح الرأي العام يُنادي بغلق المقاهي والمطاعم والأماكن المكتظّة نهائيا ونادى أيضا بغلق الحدود البحريّة والجويّة، وقد لاحظنا ظهر اليوم نزول الجيش الوطني بشوارع بعض الولايات على غرار أريانة تحديدا العوينة وولاية نابل ووفقا لأراء رواد مواقع التواصل الإجتماعي فإنّهم استحسنوا هذا الإجراء ونادوا بفرض حظر التجوّل للحدّ من تجمّع الناس والحدّ من انتشار فيروس كورونا. كما أنّ  النائب عن الكتلة الديمقراطية زهير المغزاوي، أكّد أنّ رؤساء الكتل في اجتماعهم اليوم برئيس البرلمان راشد الغنوشي نادوا بضرورة فرض حظر التجوّل  وغلق الحدود التونسيّة كليّا. 



''نحن في حالة حرب مع عدوّ يُواجه البشريّة كلّها ويُواجه دولا أقوى منا بكثير ومع ذلك أُصيبت بشلل مثل إيطاليا لذلك من المطلوب مستوى عالي من الإنضباط والوعي للتوجيهات التي تقدّمها وزارة الصّحة والحكومة ويجب أن نتصرّف كرجل واحد أو إمرأة واحدة''، هذا كان تصريح راشد الغنوشي بعد  اجتماع عاجل لرؤساء الكتل البرلمانية  للتباحث حول التطورات المتعلقة بفيروس كورونا. الغنوشي وصف الفيروس بالخطر الحقيقي الذي يواجه العالم وصنّفه بالعدو الذي تحاربه تونس وباقي الدول، وأكّد أنّه خرج من هذا الإجتماع بمجموعة من الإجراءات والمقترحات الفعّالة والتي سيقدّمها لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ ''لمحاصرة هذا الدّاء ومواجهته بطرق أكثر فعاليّة'' على غرار غلق المنافذ البريّة والبحريّة والجويّة '' وفق تصريحه في ندوة صحفيّة. دعا الغنوشي إلى الحدّ من التنقّل نظرا إلى الحالات الموبوءة التي قدمت من الدول الأجنبيّة قائلا ''يجب قطع دابر هذا الفيروس من خلال التقليل من التنقل''، وشدّد على ضرورة التضامن الوطني وتوفير الرعاية للضعفاء والمناطق الضعيفة ''لا يمكن أن نواجه هذا العدو والتحدّي إلاّ بمستوى عالي من التضامن الوطن وتوفير المواد الغذائيّة لكلّ المواطنين''. وحثّ النواب على العمل بكلّ تضامن حتى ولو عن بعد باستعمال الرقمنة قائلا ''يجب أن ننسى التجاذبات وأن نتخلّى عن كلّ منزع ذاتي وأناني وأن نثبت أنّ وطننا وطن واحد وأننا قادرون على مواجهة هذا العدو بعزم وتضامن وعقلانيّة وبمستوى عالي من الإنضباط ''. 


مجلس نواب الشعب أصدر مجموعة من الإجراءات الناتجة عن اجتماع رؤساء الكتل بالغنوشي، من بينها تواصل تأمين العمل التشريعي وإقرار العمل عن بعد لهياكل مجلس نواب الشعب كآلية بديلة عند الاقتضاء مع استعداد البرلمان  للتفاعل مع الحكومة وتلبية الحاجيات التشريعيّة العاجلة. ودعا مكتب المجلس إلى غلق الحدود البحرية والجوية والبرية وتكليف وزارة الدفاع الوطني بإجلاء التونسيين العالقين بالخارج أو تتولى الجهات القنصلية تأمين الإحاطة بهم، بالإضافة إلى إجراءات حازمة لمنع الاجتماعات وكافة التجمعات غير الضرورية. ودعا الحكومة إلى التفاوض بشأن إعادة جدولة الديون من أجل اعادة استثمارها وضخها في شكل استثمارات للحد من آثار الأزمة. كما دعا مكتب المجلس إلى إعلان القطاع الصحي أولوية مطلقة وإعلان حالة الطوارئ الصحية وتثمين كل الموارد البشرية والمادية المتوفرة والضرورية لمواجهة الحالة الوبائية (المتخرجون الجدد، المتطوعون، المنشآت الاستشفائية المغلقة، القطاع الطبي والصحي الخاص...)، مع رصد خط تمويل إضافي لفائدة وزارة الصحة ودعم الإجراءات الاجتماعية. أيضا،اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التموين وتوفير المواد الأساسية في جميع الوضعيات وخاصة رفع حصص مصنعي العجين والمخابز من الحبوب والدقيق، والضرب بقوة على أيدي المحتكرين والمضاربين. وشدّد مكتب المجلس على تعبئة الموارد المالية عبر التبرع الداخلي والخارجي وحشد دعم أصدقاء تونس مع إقرار إجراءات مالية واقتصادية واجتماعية لكافة مسدي الخدمات والعمال الأكثر تضررا من إجراءات الغلق والتدابير الاحترازية. ودعا البرلمان إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية للحدّ من الاكتظاظ في وسائل النقل العمومي مع فرض التطبيق الصارم للقانون والانضباط المجتمعي والأهلي للإجراءات الوقائية. بالإضافة إلى الاستعداد كما يجب لتفادي الاكتظاظ بمكاتب البريد مع اقتراب موعد صرف الأجور والمنح عبر توزيع مباشر للمستحقات في ظل ضمانات كافية (منح العائلات المعوزة، جرايات المتقاعدين..) وإضفاء المزيد من النجاعة والفاعليّة على التعاملات المالية عن بعد ومنها سحب الأموال عبر الموزّعات، ودعا مجلس نواب الشعب إلى الحد من الموظفين المداومين وإعادة تهيئة الزمن الإداري وتشجيع العمل عن بعد وتحسين المقاربة الاتصالية لإدارة الأزمة من أجل وضوح أكثر واستباق ونشر الوعي لدى المواطنين.

على الصعيد البرلماني، إتّفق مكتب مجلس نواب الشعب على تكوين خلية أزمة تبقى في حالة انعقاد دائم وتضمّ مكتب مجلس نواب الشعب ورؤساء الكتل النيابيّة لمتابعة الوضع العام بالبلاد ومساهمة البرلمان في مجابهة تداعياته مع إمكانيّة انعقاد اجتماعات مكتب مجلس نواب الشعب ورؤساء الكتل واللجان البرلمانيّة باستعمال تطبيقة إعلاميّة تسمح بتأمين اجتماعات بالفيديو عن بعد. وتمّ الإتّفاق على تفعيل الدبلوماسية البرلمانية لحشد الدعم للمجهود الوطني خاصة على مستوى حشد الدعم الدولي المالي والفني واستعداد المجلس للتفاعل مع الحكومة ضمانا لاستمرار العمل التشريعي وتلبية الحاجيات التشريعيّة العاجلة. وأكّد أعضاء مكتب مجلس نواب الشعب على أهميّة التحلي بالانضباط المجتمعي وبروح التضامن والتآزر الوطنيين وتوفير الرعاية الضرورية للفئات الهشة والمتضررة، ودعوا للمرور إلى أقصى درجات الحيطة والحذر وتلافي التأخير الحاصل في اتخاذ بعض الإجراءات الضرورية.

بالإضافة إلى مجموعة القرارات والإجراءات التي اتّخذتها الحكومة يوم الجمعة الفارط 13 مارس توقيا من فيروس كورونا على غرار إلغاء كلّ التظاهرات والعروض الثقافيّة والمؤتمرات العلميّة  والتجمعات والمعارض، وإغلاق المقاهي والمطاعم والملاهي ابتداء من الساعة الرابعة مساء، وتعليق أداء صلاة الجماعة بما في ذلك صلاة الجمعة والصلوات الخمس بالمسجد، كما أنّ كلّ البطولات الوطنية والتظاهرات الرياضيّة ستقام دون جمهور، أيضا إغلاق رياض الأطفال والمحاضن والمدارس الخاصة والأجنبيّة إلى غاية 28 مارس. قام رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ اليوم بسلسلة من الإجتماعات واللّقاءات وجلسات عمل وزارية لدراسة جملة من القرارات الإضافية لمكافحة الانتشار الوبائي لفيروس "كورونا" وتداعياته، كما إلتقى برئيس الجمهورية قيس سعيّد وتناول اللقاء الإجراءات التي تمّ اتخاذها في مجال مكافحة فيروس كورونا، وتقيّيم نجاعتها ومدى وعي المواطنين بدقة الموقف، كما تمّ بحث ما يجب اتّخاذه من إجراءات أخرى اليوم، وتم التأكيد خلال اللقاء على ضرورة تكامل عمل مؤسسات الدولة لخدمة المواطنين واحترام كل سلطة لاختصاصاتها دون تداخل أو تضارب أو مضاربات سياسية.

وفي ندوة صحفيّة عقدها هذه الليلة الإثنين 16 مارس، أفاد الفخفاخ أنّ الوضع الداخلي  تحت السيطرة وتونس سجّلت 24 حالة إصابة بفيروس كورونا حسب آخر تحيّين لديه، ولذلك تمّ اتخاذ إجراءات وقائيّة وحمائيّة أخرى على غرار غلق الحدود الجويّة والبريّة لكل الرحلات التجاريّة باستثناء البضائع والسّلع وبعض الرحلات الجويّة، بالإضافة إلى منع التجمّعات على غرار الأسواق والحمّامات والحفلات وغيرها من فضاءات التجمهر والتي ستحدّدها السلط المعنيّة لاحقا. وتمّ إقرار العمل بنظام الحصّة الواحدة طيلة خمس ساعات يوميا وبزمنين مختلفين وذلك لتقليص الضغط في وسائل النقل العمومي والخاصّ. وأشار الفخفاخ أنّ هذه الإجراءات يتمّ تنفيذها يوم الأربعاء 18 مارس، وأفاد أنّه تقرّر تأجيل كلّ التظاهرات والأنشطة الرياضيّة والبطولات الوطنيّة ابتداء من اليوم، وبيّن أنّ الحكومة قرّرت إحكام مخطط حمائي للتّعامل مع ذروة انتشار الفيروس وذلك بتوفير مصحّات ومساحات للعلاج وتوفير الموارد البشريّة اللاّزمة والأدويّة وتحديد المسالك الصحيّة والمنصّات الرقميّة بالتعاون مع كلّ القطاعات المعنيّة بما في ذلك التعاون الدوّلي. وثمّن رئيس الحكومة الوحدة الوطنيّة التي تحلّى بها الشعب التونسي وأشار أنّ الحكومة بادرت بفتح رصيد بنكي لدعم الصحّة العموميّة وتمويل مخطّط مجابهة تفشي فيروس وطالب كلّ التونسيين المساهمة في هذا الحساب وكلّ حسب مقدرته لمواجهة هذا الظرف الصعب واصفا كورونا ''بالعدو الغير مرئي''. 


إلياس الفخفاخ أكّد انّ مجابهة فيروس كورونا هي مسؤوليّة الجميع وتقتضي بالخصوص احترام الإجراءات السالف ذكرها في كنف الثقة والهدوء وخاصّة في علاقة بالحجر الذاتي مشيرا إلى العديد من الإنفلاتات لهذا الإجراء معتبرا أنّ عدم احترامه سيؤدّي إلى تسجيل آلاف الإصابات بفيروس كورونا. ودعا المواطنين إلى ملازمة منازلهم وأن يحترموا الحجر الذاتي الصحي وتوجّه بتحيّة للقوات الأمنية والقطاع الصحّي على المجهودات التي يقومون بها للسيطرة على هذا الوباء.


خطاب مطمئن من رئيس الحكومة لا يُخفي خطورة الوضع ويُشير إلى إمكانيّة تفشّي فيروس كورونا وارتفاع عدد الإصابات وعلى الرّغم من هذه الإجراءات إلاّ أنّ الرأي العام يجد أنّ الحلّ في الحدّ من انتشار هذا الوباء هو فرض حظر التجوّل. 

يسرى رياحي



تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter