قيس سعيد في الذكرى 65 لإنبعاث الجيش الوطني: سيادتنا في أرضنا وفي مياهنا وفي أجوائنا لا تقبل المساومة أبدا
تحتفل تونس اليوم الخميس 24 جوان 2021، بالذكرى 65 لإنبعاث الجيش الوطني الذي ظل منذ تاريخ انبعاثه في 24 جوان 1956 منسجما مع مبادئ ومقوّمات الدّولة المدنية، حاميا للنظام الجهوري ومؤسساته مدافعا عن حرمة الوطن وسلامة ترابه.
وأشرف رئيس الجمهورية قيس سعيد صبيحة اليوم الخميس على موكب الاحتفال بعيد الجيش الوطني رفقة رئيس الحكومة هشام المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي وتوجّه لهم بكلمة في هذه المناسبة مؤكّدا من خلالها أنّه لا يُمكن لأيّ أحد انكار الخدمات التي قدّمتها القوات العسكرية المسلّحة في مجالات مختلفة.
''أيها الضباط وضباط الصف ورجال الجيش يا أبطال تونس هذا اليوم هو يوم الذكرى 65 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي وكلما مرّ عام إلا وازداد هذا الصرح العظيم قدرات بشرية ومادية من أجل مناعة هذا الوطن ومواطنيه وبالرغم من شح الموارد أحيانا والإمكانيات المحدودة أحيانا أخرى، انبث جيشنا الوطني كمدرسة يتعلّم فيها العسكريون وكافة المواطنين قيم التضحية والقيام بالواجب وتحدي كلّ أنواع العقبات وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا''
''لا أحد يمكنه أن ينكر أنّ الخدمات التي قدمتها القوات المسلحة العسكرية في مجالات مختلفة كثيرة ومتواصلة مستمرة دون انقطاع، لقد قدّم خيرة أبنائه في الساحات أرواحهم فداءا لهذا الوطن العزيز ولا يزال أبناء جيشنا الوطني يواجهون بكل اقتدار الأعداء الذين يزرعون الألغام ويتخفون أو يقومون بعمليات ارهابية لا يجنون منها إلا سفك الدماء ولكن أنّ لهم أن يحققوا أهدافهم الدنيئة أحبطت قواتنا العسكرية الكثير من العمليات ولاتزال تعمل مع قواتنا المسلحة الأمنية بعزيمة لا تلين على مواجهة كل العمليات الغادرة''.
'لن ننسى أبدا شهدائنا ولن ننسى جرحانا هم وذويهم، ذكر الأعمال التي تدخل في طبيعتها في صميم العمل العسكري في تونس، لقد قدّم جيشنا من المدد الكثير لحركات التحرير في العالم ، قدمت قواتنا المسلحة الكثير لنصرة الحق ولنصرة من هم في حاجة إلى المدد''.
''لقد تنقلت أيضا العديد من الوحدات العسكرية إلى مناطق مختلفة في الخارج لفرض السلم والأمن وعلى سبيل الذكر لا الحصر مشاركة الوحدة العسكرية للنقل الجوي في جمهورية مالي والإستعداد للمشاركة في مهمة جديدة لجمهورية إفريقيا الوسطى استجابة لدعوة من الأمم المتحدة ولا توجه مثل هذه الدعوات إلا للجيوش التي أبرزت كفاءات عالية في كل مجالات التدخل''
''أعطى جيشنا الوطني من قدراته بسخاء غير محدود وواجه الصعاب بالدم والألم ولكن واجه بنفس العزيمة وبنفس الثبات وبنفس القدرات في زمن المعارك وفي زمن السلم والأمن في عدد من الدول الأخرى ولكن في زمن السلم في تونس وأدام الله علينا السلم وعلى الإنسانية كلها، فلتلتحم الملاحم بالملاحم فكلما دعيت قواتنا المسلحة العسكرية للقيام بمهام داخل الدولة إلا وكانت الإستجابة بسرعة قصوى''
''سرعة التدخل ونجاعة العمل وفي هذه الظروف التي يعيشها العالم اليوم نتيجة لهذه الجائحة غير المسبوقة في تاريخ الإنسانية، قطعت قواتنا المسلحة العسكرية الجوية ما يقارب 60 ألف كلم في الجو في كل أنحاء العالم للعودة بالعالقين والعالقات في أماكن مختلفة أو لنقل المعدات والأدوية وغيرها إلى تونس وإلى خارج تونس ومن قبيل الإعتزاز ذكر السرعة القصوى لتركيز المستشفيات الميدانية فقد كان العسكريون والعسكريات يصلون النهار بالليل حتى يهيّؤوا الفضاءات وركزوا الآلات والمعدات ولايمكن أن تغطي هذه البطولات في المجال الصحي ما قامت به قواتنا المسلحة في عديد الميادين الأخرى كالمحافظة على الأملاك وعلى المؤسسات العمومية أم تأمين الإمتحانات أو الإنتخابات بشعور ثابت وعميق مثقل بالواجب وبالمسؤولية الوطنية ''
''قد ينقصنا أحيانا بعض العتاد المطلوب ولكن هناك برامج يتمّ إعدادها واستراتيجيات يتمّ وضعها لتلبية حاجيات قواتنا المسلحة سواء في الداخل أو بالتعاون مع الدول التي يستمر التعاون معها في مجال تجديد آلياتنا العسكرية وتبادل التجارب، آن الأوان لتوفير الحدّ الأدنى المطلوب من العدّة ومن العتاد''
'' نحن لم نكن أبدا دعاة حرب بل نحن دعاة أمن وسلام ولكن سيادتنا في أرضنا وفي مياهنا وفي اجوائنا لا تقبل المساومة أبدا بل لا يمكن أن تطرح حتى في مجرد نقاش ولا مجال لأن تكون نقطة لأي جدول لأعمال لجان أو غيرها .. لن يكون لأي قوات أجنبية ممرّ ولن تكون لها قواعد أم مستقرّ بيض صنائعنا سود وقائعنا خضر مرابعنا حمر مواضينا''
ووفق ما جاء في وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع بالمناسبة يقوم الجيش الوطني بمهام معاضدة مجهود الدولة في المجال التنموي والمساهمة في مجابهة الكوارث، وتلبية نداء المجتمع الدولي لنشر السلم في عدة مناطق من العالم وتأمين أمن شعوبها وتقديم المساعدات الإنسانية لها.
وفي ظلّ التهديدات غير التقليديّة، تمّ تعزيز القدرات العملياتية لجيش البر، باقتناء تجهيزات لحماية العسكريين وعربات قتال مصفحة ضد الألغام. كما تم تدعيم المنظومة العملياتيّة من خلال مواصلة تعزيز هياكل تكوين القوات الخاصة للتدخل وإحداث كتائب تدخل للتصدي للعمليات الإرهابية ومركز الإمتياز في مجال نزع الألغام والتعامل مع الأجسام المشبوهة وتأمين الحدود البريّة ودعم وكالة الإستخبارات والامن للدفاع بالموارد البشرية المختصة والاجهزة التقنية الخصوصية.
كما تدعّم جيش البحر بزوارق سريعة وخافرات أعالي البحار مع مواصلة تجربة التصنيع العسكري من خلال صنع وحدات بحريّة جديدة، وذلك في إطار مزيد تطوير القدرات العمليّاتيّة للدّفاع عن المصالح البحرية الوطنية بالمياه الخاضعة للسيادة التونسية والمحافظة على الثروات البحريّة الحية وغير الحية بالمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري عبر المراقبة البحرية والاعتراض بالبحر والتدخل أثناء المهام العملياتية أو النجدة والإغاثة ومقاومة الهجرة غير الشرعيّة.
ويشهد جيش الطيران تطورا في قدراته العملياتية بفضل دعم الأسطول الجوّي باقتناءات جديدة من مروحيّات نقل جوّي تكتيكي متقدّم ومروحيّات هجوميّة للدّعم الناري القريب والبعيد. كما يعود تطوّر القدرات العمليّاتيّة إلى التكوين والتدريب المستمرّ المواكب لأحداث التطوّرات التكنولوجيّة والمتلائم مع متغيّرات نوعيّة التهديدات.
وقد ساهم دعم الجيوش الثلاثة بالمعدات والتجهيزات وتطوير منظومة الاستعلام والاستطلاع والتكثيف من التدريبات العامة والخصوصيّة، في جعل القوات المسلحة على أتمّ الجاهزية لتعقب الإرهابيين والتصدي لهم في عمليات استباقية بالسرعة والفاعلية المطلوبة.
كما رفّعت المؤسسة العسكرية من نسق تعاونها العسكري في شكله الثنائي مع البلدان الشقيقة والصديقة في مجالات مكافحة الإرهاب والتكوين والتدريب وتبادل الخبرات.
أمّا على مستوى التعاون متعدّد الأطراف، فتمثّل مبادرة 5 زائد 5 دفاع، إطارا مناسبا لتعزيز هذا التعاون في مجالات التكوين والبحوث والتجهيز واللوجستيك والتمارين المشتركة في مجال مراقبة المجال الجوّي ومواجهة الكوارث الطبيعية ومجابهة كوفيد 19، كما تسعى تونس إلى دعم التعاون مع مجموعة 7 زائد 7. باعتباره يمثل برنامجا خصوصيا ويوفر آلية عمل بتقديم الدّعم في مجال أمن الحدود، فضلا عن التعاون مع منظمة حلف الشمال الأطلسي في مجالات مكافحة الإرهاب والتصدي للجريمة المنظمة ومراقبة الحدود والدفاع السّيبرني.
وعلى صعيد آخر، أثبت الجيش الوطني في كلّ مرّة قدرة عالية على مجابهة الكوارث الطبيعيّة والتدخّل في عمليّات الإغاثة والإنقاذ والتصدّي للجوائح وآخرها جائحة كوفيد 19، كما تنوّعت مظاهر الإسناد والدعم الصحي العسكري للمنظومة الصحيّة الوطنيّة من خلال تركيز مخبر عسكري متنقّل للأمن البيولوجي ومستشفى عسكري ميداني في أكثر من ولاية كلّما إستوجب الأمر ذلك .
وفي إطار الاستشراف والاستباق وعلى ضوء ما ستفرضه الأوضاع الأمنية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي في العشرية القادمة
تم وضع مخطط إستراتيجي لوزارة الدفاع الوطني يتطلّع إلى جيش وطني في أفق 2030 على درجة عالية من الجاهزيّة بما يمكّنه من إستباق التهديدات وإدارة الأزمات وتضمن له النجاعة في إستعمال مختلف الموارد لإنجاز المهام المناطة بعهدته .
وفق ما ورد في نفس الوثيقة فان القوات المسلحة التونسية تستعد قريبا للمشاركة في مهمّة أمميّة جديدة بجمهوريّة إفريقيا الوسطى، تلبية لنداء المجتمع الدولي لنشر السلم في عدة مناطق من العالم وتأمين أمن شعوبها وتقديم المساعدات الإنسانية لها.
وفي جانب آخر، وفي الإطار الإحتفال بالذكرى 65 لإنبعاث الجيش الوطني تنظم وزارة الدفاع الوطني تظاهرة الأيام المفتوحة للمتاحف العسكرية وذلك أيام 24 ـ 25 ـ 26 جوان الجاري.
وسيحظى المواطنون بالاطلاع على جوانب من تاريخ تونس العسكري الذي تعود جذوره إلى الحضارة القرطاجية، وذلك من خلال زيارة المتاحف الثلاثة الراجعة بالنظر إلى وزارة الدفاع الوطني والتي تشرف عليها إدارة التراث والإعلام والثقافة بالوزارة، وهي المتحف العسكري الوطني “قصر الوردة” بمنوبة والمتحف العسكري لخط مارث الدفاعي ومتحف الذاكرة المشتركة التونسية الجزائرية.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires