ونحن على مشارف نهاية الفترة الأولى من الحجر الصحي الموجه مع انتقال استراتيجي الى رفع الحجر كُليا بحلول 24 جوان 2020، تُسجل تونس تحسنا في الوضع الوبائي جعلها في مُقدمة دول الجوار في مكافحة كوفيد 19، اذ تقود الدول العربية – الى جانب الأردن- محققة أقل الاصابات والوفايات.

رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ أطل عبر خطاب مسجل ليلخص الوضع الصحي واستراتيجية الدولة للأشهر القادمة. في بداية كلمته شكر الفخفاخ التونسيين على إلتزامهم مؤكدا أن الجائحة أطاحت بالنظم الصحية والاقتصادية لأكبر دول العالم، وستكون  مخلفاتها من أكبر الأزمات التي تعيشها الانسانية.

"واجهت تونس الأزمة بحكومة عمرها أقلّ من أسبوع، اعتمدنا مقاربة استباقية لادراة الأزمة وأخذنا قرارات جريئة، ووثقنا في وعي شعبنا وقدرته على خوض المعارك الكبرى واضعين صحته كأولوية."

رئيس الحكومة اشاد بأنّ الأزمة بنت ثقة بين الحكومة والشعب، ثمارها كانت النتائج الايجابية التي حقتتها تونس التي لم تسجل طيلة شهرين أكثر من ألف حالة، شفي 80 بالمائة منهم. وافتخر الفخفاخ بالكفائات الطبية والصحية التي أثبتت في فترة الأزمة قدرتها على انقاذ البلد الذي كان مهددا بانهيار نظامه الصحي، ونجح في تفادي ذلك.

"نجحت تونس ونجحت مقاربتنا نجاحا جماعيا شاركت فيه السلط المركزية والمحلية. شعب كامل نجح في تجاوز الأزمة وهذا ليس غريبا عنا لأننا منذ 10 سنوات ونحن نعيش على وقع أحداث تاريخية نجحنا خلالها في اجتثاث الارهاب من عروقه. هذا الشعب أهل للثقة ومصدر فخر واعتزاز."

الفخفاخ كان متفائلا خلال خطابه على عكس الخطابات السابقة التي بدا خلالها متخوفا، اذ كان معجمهُ في مجمله شكرا لجهود التونسيين وتحملهم المسؤولية أثناء أصعب فترة تمر بها البلاد من سنوات مستبشرا بتجاهل الأمور الصغيرة والمعارك الجانبية ومعاضدة الدولة في ادراة الأزمة مؤكدا أننا خرجنا منها بتلاحم وتضامن.

في الجزء الثاني من الخطاب، وجه رئيس الحكومة الاهتمام الى ضرورة المحافظة على المكاسب الصحية التي سجلناها، خلال الفترة الثانية من رفع الحجر  مباشرة بعد العيد.

"سنواصل التعايش مع الفيروس عبر الالتزام باجراءات السلامة الصحية في كل مكان الى غاية اكتشاف تلقيح أو دواء. الرهان هو التوازن بين التعايش مع كورونا والعودة الى حياة اقتصادية واجتماعية عادية. الجائحة كشفت مشاكلنا العميقة مثل الفقر واهتراء المرفق العمومي والصعوبات المالية. العالم بعد كورونا سيتغير وأمامنا فرصة تاريخية للصعود. تنتظرنا معارك كبرى نحن جاهزون لخوضها."

وبيّن الفخفاخ أنه خلال الفترة القصيرة تحققت اصلاحات كبرى بفضل النوايا الصادقة والارادة، من اجراءات لفائدة المؤسسات ولفائدة البطالة الفنية والقطع الأكثر تضررا. وأعلن أنّ الفريق الحكومي يصب جهده الان لتعديل ميزانية  2021 للانعاش الاقتصادي من أزمة كوفيد 19.

وأعلن رئيس الحكومة عن أولويات برنامج الانعاش الاقتصادي وهي :

-  تعزيز السيادة الوطنية والأمن

-  الحفاظ على النسيج الاقتصادي والمؤسسات الصغرى والمتوسطة

-   العمل على الانعاش القطاعي للقطاعات الأكثر تضررا

-   التقليص من البيرو قراطية ورقمنة الادارة

-  المحافظة على مواطن الشغل وتنمية الموارد البشرية ومقاومة التشغيل الهش

-  حل المشاكل العاقة للمشاريع الكبرى في الحوض المنجمي وحقول النفط

-   مكافحة الفساد والقطع مع الافلات من العقاب.

بعد استعراضه لخارطة الطريق القادمة، أكد الفخفاخ أن مكافحة الفساد ليست مجرد شعار  وتم تكريها خلال الحجر عبر ضرب المحتكرين وتسجيل اضعاف نتائج ما تم حجزه خلال 2019 من مواد مدعمة. وواصل، أن الفريق الحكومي سيواصل على هذا النهج.

الخطوة القادمة وفق الفخفاخ هي العمل على المخطط الخماسي الاستراتيجي القادم، في أجل أقصاه 2021 مما سيمثل منعرج في منوال التنمية وبناء عقد اجتماعي جديد لتونس القادر ة وفق تعبيره على  أن تكون بلدا رائدا في افريقيا وأرضا للمبادرة والابتكار. الياس الفخفاخ، أكد أن الفريق الحكومي سيقود المعارك الفادة بنفس روح التضامن والعمل الصادق مع شركائه الاجتماعيين والسياسيين.

مفادُ خطاب رئاسة الحكومة، أنّ تونس ربحت معركتها الأولى لكن الحرب مستمرة والرهانات القادمة هي المعارك الحقيقية لأن التكلفة الصحية ليست خطيرة والتهديد هو التكلفة الاقتصادية لهذه الأزمة التي انعزلت فيها تونس على العالم لمدة 3 أشهر، منذ اغلاق حدودها في 16 مارس. رئيس الحكومة لم يولي اهتماما في كلمته  للصراعات السياسية داخل السلطة وخارجها من جهة والأصوات المنادية بجمهورية ثالثة من جهة ولخص هذا في ليس وقت المناكفات الجانبية" في احالة الى هامشية هذه الصراعات مقابل رهانات حاسمة في المنعرج.

كل مقالاتنا حول كوفيد-19 على هذا الرابط.

 

عبير ڨاسمي